الرئيسية / بحوث اسلامية / الانوار اللامعة في شرح زيارة الجامعة

الانوار اللامعة في شرح زيارة الجامعة

36- فعظمتم جلاله =
المعاندين لله ولرسوله من أن المراد باهل البيت الازواج بقرينة السياق فهو خرق للاجماع ورد على الله ورسوله فان الالتفات شايع في كلام الفصحاء ولو كان الخطاب للازواج لقال عنكن على النمط السابق واللاحق والتغليب انما يحسن لوقوع هذا ابتداء اما بعد ان يكون الكلام في خصوص الازواج فلا على أنهم رووا أنه صلى الله عليه وآله وسلم لما أخذ كسائه ووضعه عليه وعلى علي وفاطمة والحسنين عليهم السلام وقال اللهم هؤلاء أهل بيتي وخاصتي (فاذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا) وكان ذلك عند أم سلمة فادخلت رأسها في البيت وقالت أنا معكم يا رسول الله فقال صلى الله عليه وآله وسلم انك إلى خير وكأنهم ذهبوا إلى عصمة عائشة لما اتفق لها من الخروج على أمير المؤمنين الذي قال فيه النبي يا علي حربك حربي وقتل ستة عشر الف من أولادها واثارتها الفتنة ولعلهم زعموا أن ذلك جهاد في سبيل الله فلهذا فضلوها على فاطمة لجلوسها في بيتها حين غصبها حقها وظلمها تراثها وقد قال الله (وفضل الله المجاهدين على القاعدين (1)). (فعظمتم جلاله) جلال الله عظمته والجليل من أسمائه تعالى راجع إلى كمال الصفات كما أن الكبير راجع إلى كمال الذات والعظيم راجع إلى كمال الذات والصفات والمراد انكم عظمتم عظمة الله بمعرفتكم وقولكم وعملكم.
(1): سورة النساء آية 95
[129]
وأكبرتم شأنه ومجدتم كرمه وادمتم ذكره ووكدتم ميثاقه
(وأكبرتم شأنه) كما تقدم أي عظمتم أمره تعالى. (ومجدتم كرمه) أي عظمتم كرامته التي أكرمكم بها الدنيوية والاخروية فعرفتم قدرها وعظمتم مقدارها شكرا له تعالى والمعنى عظمتم ذاته الكريمة المشتملة على الصفات المجيدة. (وأدمتم) من الادمان وهو المداومة (ذكره) باللسان والجنان (عن الصادق عليه السلام) قال ما من شئ إلا وله حد ينتهى إليه إلا الذكر فليس له حد ينتهي إليه ثم قال وكان أبي كثير الذكر لقد كنت أمشي معه وانه ليذكر الله وآكل معه الطعام وانه ليذكر الله ولقد كان يحدث القوم ما يشغله ذلك عن ذكر الله عز وجل ولقد كنت أرى لسانه لازقا بحنكه يقول (لا إله إلا الله) وكان يجمعنا فيأمرنا بالذكر حتى تطلع الشمس ويأمر بالقراءة من كان يقرأ منا ومن كان لا يقرأ منا امره بالذكر. (ووكدتم ميثاقه) أي الميثاق الذي اخذه الله تعالى على الارواح على عالم الذر بقوله (ألست بربكم (1)) كما قال تعالى (وإذ اخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذريتهم (2)) ويحتمل ان يراد بالميثاق =
(1): سورة الاعراف آية 172 (2): سورة الاعراف آية 172
[130]
واحكمتم عقد طاعته ودعوتم الى سبيله بالحكمة والموعظة الحسنة وبذلتم انفسكم في مرضاته =
الميثاق المأخوذ عليهم من التبليغ واعلاء الكلمة كما قال تعالى (واذ أخذنا من النبيين ميثاقهم) (1) اي تبليغ الرسالة والدعاء الى التوحيد. (واحكمتم عقد طاعته) بالمواعظ الشافية والنصائح الكافية وباظهار الدين المبين واعلان شريعة سيد المرسلين والترغيب في ثوابه والتخويف والتهديد من عقابه. (ودعوتم) الخلق (الى سبيله) القويم وصراطه المستقيم. (بالحكمة) فكلمتم كلا على ما يوافق علقه وفهمه فانهم كانوا يكلمون الناس على قدر عقولهم. (والموعظة الحسنة) الجاذبة للقلوب المقربة للمطلوب كما قال تعالى (وجادلهم بالتي هي أحسن) وقال تعالى (ولا تجادلوا أهل الكتاب إلا بالتي هي أحسن (2)). (وبذلتم أنفسكم في مرضاته) بالمداومة على العبادات وباظهار الطاعات وابداء الشريعة الحقة وتعليم الفرقة المحقة واعلاء =
(1): سورة الاحزاب آية 7 (2): سورة العنكبوت آية 46
[131]
وصبرتم على ما اصابكم في جنبه واقمتم الصلاة وآتيتم الزكاة وامرتم بالمعروف ونهيتم عن المنكر وجاهدتم في الله حق جهاده =
كلمة الله وتشييد دين الله سرا وجهرا وان أصابهم ما أصابهم من القتل والاسر وغيرهما. (وصبرتم على ما أصابكم) من الاهانة والخوف والقتل. (في جنبه) أي في أمره أو رضاه أو طاعته أو حقه كما قيل في قوله تبارك وتعالى: (على ما فرطت في جنب الله) (1). (واقمتم الصلاة) اقامة الصلاة عبارة عن تهذيب اركانها وحفظها من ان يقع زيغ في أفعالها من أقام العود إذا قومه وقيل من قامت السوق إذا انفقت فمعنى أقمتها جعلتها نافقة فانها إذا حوفظ عليها كانت كالنافق الذي يرغب فيه وإذا ضيعت كانت كالكاسد المرغوب عنه وقيل اقامتها عبارة عن التشمير لا دائها من غير فتور ولا توان من قولهم قام بالامر إذا جد فيه وتجلد وضده قعد فيه تقاعد وعلى كل حال فالمراد انكم اقمتموها حق اقامتها من الخضوع والخشوع والاخلاص وحضور القلب وجميع ما هو شرط للقبول والكمال وكذا الكلام في قوله: (وآتيتم الزكاة وامرتم بالمعروف ونهيتم عن المنكر وجاهدتم في الله حق جهاده) لسانا وجنانا واركانا.
(1): سورة الزمر آية 56

شاهد أيضاً

مع اية الله العظمى الامام الخامنئي والاحكام الشرعية من وجهة نظره

رؤية الهلال س833: كما تعلمون فإن وضع الهلال في آخر الشهر (أو أوّله) لا يخلو ...