الرئيسية / الاسلام والحياة / الزواج الناجح – المشاكل الزوجية

الزواج الناجح – المشاكل الزوجية

09الدرس السادس: المشاكل الزوجية

 أهداف الدرس:

  1. أن يتعرّف الطالب إلى آثار الزواج الفاشل
  2. أن يدرك أسباب الخلافات الزوجية
  3. أن يتعرّف إلى كيفيّة توقّي فشل الزواج

 

تمهيد

تؤثّر النزاعات بشكلٍ عامّ على حالة المودّة والإلفة الّتي تسود الأسرة، وباستمرارها تقلب الأجواء الأُسريَّة الحميمة إلى أجواء الضغينة وإلى العداوة في بعض الأحيان.

هذا على صعيد الزوجين، أمّا على صعيد الأطفال فإنّ الآثار تتّخذ أشكالاً تهدّد تربيتهم وتنشئتهم في الطريق المستقيم؛ فالنزاع يسمّم جوّ الأسرة، كما وإنّ دخان المعارك لا بدّ من أن يحرق عيونهم إن لم نقل إنّه سيخنقهم ويقضي على مستقبلهم.

لكن ينبغي أن لا يقتصر نظرنا إلى الأمر من الجهة السلبية فقط ، فإنّ في وجود بعض المشاكل جهة إيجابية أيضاً، حيث من خلال بروزها، وإصلاحها، يصل الطرفان إلى تفاهماتٍ يمكنُ أن تكون أرضيَّةً لراحةٍ طويلة الأمد.

 

آثار الزواج الفاشل

كما أنّ للزواج الناجح آثاره الإيجابية، فإنّ للزواج الفاشل آثاره السلبية، وقد تكون في بعض الأحيان خطيرة ومدمّرة، ومن آثار الزواج الفاشل:

 

1- الطلاق:

إنّ مسألة الطلاق هي من أخطر وأكبر المشاكل الناتجة عن فشل العلاقة الزوجية. والطلاق من الأمور المكروهة في الشرع المقدّس؛ ففي الرواية عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: “ما من شيء أبغض إلى الله عزَّ وجلَّ من بيت يخرب في الإسلام بالفرقة”1.

 

وعن الإمام عليّ عليه السلام: “تزوّجوا ولا تطلّقوا فإنّ الطلاق يهتزّ منه العرش”2.

 

وللطلاق مفاسد كثيرة ومنها تضييع الأولاد، فإنّ الولد في حاجة دائمة إلى حنان الأمّ ولا يمكن لأيّ امرأة أخرى أن تحلَّ محلَّ الأمّ في تربية الأطفال، وبحاجة كذلك لظلّ الأب الّذي لا يمكن لأحد أن يعوّضه بسهولة، هذا فضلاً عن الآثار النفسية الّتي تطال روح الطفل مما يعانيه من بُعْدِ أمّه وأبيه والشعور بعدم الطمأنينة الّتي تبعثها في نفسه الأجواء الهادئة في الأسرة المستقرّة.

 

2- العنف الأسريّ :

والزواج الفاشل يسبّب حالات العنف الأسريّ الّتي تظهر من خلال العنف والاعتداء بالضرب خصوصاً على الزوجة من قبل الزوج، وقد يصل الأمر في بعض الأحيان ليطال الأطفال من قِبَل الزوج أو الزوجة، إذ إنّ بعض الأزواج ينفّس توتّره من شريكه في أطفاله من خلال الضرب، والتعامل السيّئ.

وحالات العنف الأسريّ هذه من المشاكل الّتي تهدّد مستقبل المجتمع، نظراً لما تحمله من الخطورة المتمثّلة في نشوء جيل عنيف متوتّر يتوصّل إلى إثبات مآربه بالعنف والصدام.

1- الكافي، ج 5، ص 328.

2- وسائل الشيعة، ج 15، ص 268.

 

إنّ الإسلام لم يجز العنف في الأسرة، وفي الرواية عن الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم: “إنّي لأتعجّب ممّن يضرب امرأته وهو بالضرب أولى منها”3. وعن الإمام عليّ عليه السلام فيما أوصى ابنه الحسن عليه السلام: “لا يكن أهلُك أشقى الخلق بك”4.

 

3- المشاكل الاجتماعية:

وهي تنشأ من عدم الاستقرار النفسيّ لكلا الزوجين بحيث يعيشان في دوّامة من التوتّر النفسيّ، والّذي يعبّر عنه بالغضب من الوضع القائم، أو الغضب من الطرف الآخر، وهذا ما يسبّب لهما المتاعب من خلال الاصطدام مع الآخرين. ومن المشاكل الّتي تنبثق عن حالة عدم الاستقرار انعدام الفاعلية في العمل والحياة، وهذا ما يفتح الباب على مشاكل أخرى.

ولا بدّ من الإشارة هنا إلى سلبية حالة الغضب، وآثاره التدميرية، ففي الحديث عن الإمام عليّ عليه السلام: “الغضب شرّ إنْ أطعته دمّر”5.

وفي رواية أخرى عنه عليه السلام: “سبب العطب طاعة الغضب”6.

 

ما هي أسباب الخلاف؟

هناك أسباب كثيرة لوقوع النزاعات بين الأزواج، ولكن يمكن أن نجمعها في أربعة عناوين رئيسة:

1- عدم الالتزام بالشرع المقدّس: لقد وضع الله تعالى القوانين لتنظيم العلاقة الزوجية وجعلها على أفضل وجه بشكل يؤمّن الحياة الزوجية السعيدة والموفّقة. وعندما يتخلّى الإنسان عن هذه الحدود الشرعية

3- مستدرك الوسائل، ج 14، ص 250.

4- نهج البلاغة (ت صالح)، ص403.

5- مستدرك الوسائل، ج 12، ص11.

6- م. ن، ج 12، ص 13.

 

 ويتجاوزها فإنّه سيهدّد الحياة الزوجية برمّتها، من هنا كان لا بدّ من التعرّف إلى الحقوق الزوجية وآداب العلاقة مع الزوج حتّى تحصّل الحصانة الّتي تحمي بنيان الأسرة من التصدّع.

 

2- الأخطاء: إنّ سوء التقدير الناشئ عن الجهل بالطرف المقابل وخصوصيّاته وما يحبّ ويكره، أو عدم القدرة على الانسجام رغم المعرفة بالميول والخصوصيّات، قد يتسبّب أيضاً بالتشنّج والوقوع بالأخطاء، فيشكّل خطراً على الحياة الزوجية، لذلك فإنّ معرفة الطرف الآخر قد تساعد على تفهّم التصرّفات والمسلكية بشكل يساعد على الانسجام.

 

3- عدم الواقعية: إنّ التصوّرات الخاطئة أو الخيالية عن الحياة والمستقبل من المشاكل الّتي تعترض الأزواج، فإذا كان الشاب والفتاة يعيشان في عالم من الأحلام الوردية ويتصوّران أنّ المستقبل سيكون جنّة وارفة الظلال كما في القصص والروايات، فإنّهما بعد أن يلجان دنياهما الجديدة، ويبحثان عن تلك الجنّة الموعودة لا يعثران عليها، فيلقي كلّ منهما اللوم على الآخر محمّلاً إياه مسؤولية ذلك ، ويبدأ بذلك فصل النزاع المرير الّذي يُفقد الحياة طعمها ومعناها، فكلٌّ يتهّم الآخر بالخداع، وكلّ منهما يلقي بالتبعة على شريكه، في حين أنّ بعض الأماني والآمال هي من نسج الخيال بحيث لا يمكن أن تُحقّق على أرض الواقع.

4- رتابة الحياة: من الأمور الّتي تساعد على الخلاف رتابة الحياة، والّتي تحدث بعد فترة طويلة من البرنامج اليوميّ المتكرّر، مما يُشعِرُ الزوجين بالملل، فيتفرّغان لانتقاد أحدهما الآخر، وتظهر الخلافات، ولهذا ينبغي للزوجين التجدّد لبعضهما والظهور بصورة لافتة للنظر، وهذا ما يوصي به ديننا الحنيف، ومنه التجمّل من خلالِ اللباسِ والمظهرِ، وقد ورد في

 

 الرواية عن الإمام الصادق عليه السلام: “لا غنى بالزوج عن ثلاثة أشياء فيما بينه وبين زوجته، وهي الموافقة ليجتلب بها موافقتها ومحبّتها وهواها، وحسن خُلُقه معها، واستعماله استمالة قلبها بالهيئة الحسنة في عينها، وتوسعته عليها”7.

وعنه عليه السلام: “… وإظهار العشق له بالخلابة، والهيئة الحسنة لها في عينه”8.

 

كيف نتوقّى فشل الزواج؟

إنّ من أهمّ الأمور الّتي تجعل الرجل والمرأة يتفاديان الفشل في العلاقة الزوجية:

أ- حسن الاختيار، قبل الزواج من الشريك الآخر، واعتماد المعايير الّتي ذكرناها في ذلك.

ب- حسن عشرة الرجل للمرأة في الحياة الزوجية، وحسن تبعّل المرأة، واعتبار كلّ واحد منهما الآخر نعمة من الله تعالى عليه، فعن الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم: “ما استفاد المؤمن بعد تقوى الله عزَّ وجلَّ خيراً له من زوجة صالحة”9. والنعمة عادة محلّ ابتلاء واختبار إمّا أن يحسن الإنسان فيها وإمّا أن يسيء. والنعمة لا تنفع ولا تستمرّ نافعة إلّا إذا تعامل الإنسان معها بإيجابية وأدّى ما عليه من واجبات للآخر، وإلّا سيخسر كلا الطرفين إن أساءا المعاملة مع هذه النعمة الإلهية.

ج- أداء الحقوق الإلهيّة المتوجّبة على أحد الزوجين للآخر.

7- تحف العقول، ص 323.

8- م. ن.

9- كنز العمال، ح44410.

 

د- تحصين العلاقة من التدخّلات الخارجية، ومن التأثّر السلبيّ بالمحيط.

فبمراعاة هذه الأمور يمكن الحفاظ على العلاقة الزوجية وجعلها سكناً ومستراحاً ومحلّاً لتكامل الرجل والمرأة على حدّ سواء.

 

أسئلة

1- ما هي الأسباب المؤدّية إلى النزاع في الأسرة؟

2- ما هي الآثار السلبيّة للطلاق؟

3- ما هي آثار العنف الأسريّ؟

4- ما المراد برتابة الحياة؟ وكيف يتمّ تجاوزها؟

5- ما هو تأثير التدخّلات الخارجية على العلاقة بين الزوجين؟

شاهد أيضاً

ليلة القدر .. بين اصلاح الماضي و رسم المستقبل

أشار العالم الديني و استاذ الاخلاق الزاهد الفقيد الراحل سماحة آية الله مجتبي طهراني ، ...