الرئيسية / من / طرائف الحكم / الكبائر من الذنوب

الكبائر من الذنوب

(19) شرب الخمر ولشدة إثمه قرنه الله بعبادة الأوثان، كما جاء في قوله تعالى:
(يا أيها الذين آمنوا إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون * إنما يريد الشيطان أن يوقع بينكم العداوة والبغضاء في الخمر والميسر ويصدكم عن ذكر الله وعن الصلاة فهل أنتم منتهون) (1).
ولشدة حرمته وخباثته خص سبحانه الخمر والميسر بالرجس وقرنها بالأصنام والأزلام وجعلها من عمل الشيطان، وأمر باجتنابها وجعل الاجتناب سبب الفلاح، ثم بين مفاسدها في الدين والدنيا، ثم أنهى سبحانه وتعالى هذا الكلام الذي يعتبر من أشد عبارات التحريم، أنهاه بأسلوب التهديد بقوله: (فهل أنتم منتهون)، وعبارة:
(فاجتنبوه) تدل على أكثر من التحريم، ومن هنا ورد


(1) المائدة / 90 – 91.

(٥١)

عن بيت العصمة (عليهم السلام) النهي عن الجلوس إلى مائدة فيها خمر أو في مكان يلعب فيه القمار.
وهناك آيات وروايات كثيرة نذكر منها على سبيل المثال ما روي عن الصادق (عليه السلام) قوله: ” كل مسكر حرام، فما أسكر كثيره فقليله حرام “.
وقد جاء في الوسائل للحر العاملي (قدس سره) أنه ورد عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أنه قال: ” لا ينال شفاعتي من استخف بصلاته فلا يرد علي الحوض لا والله، ولا ينال شفاعتي من شرب المسكر لا يرد علي الحوض لا والله “.
وفي حديث آخر عنه (صلى الله عليه وآله وسلم): ” إن الخمر رأس كل إثم، يلقى الله يوم يلقاه كافرا “.
وقد ورد عن الأئمة الأطهار (عليهم السلام): ” ما عصي الله بشئ أشد من شرب المسكرات، ا حدهم يدع الصلاة الفريضة ويثب على أمه أو ابنته أو أخته وهو لا يعقل “.
وروي عن الإمام الباقر (عليه السلام): ” لعن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) في الخمر عشرة: غارسها، وحارسها، وعاصرها، وشاربها، وساقيها، وحاملها، والمحمولة إليه، وبائعها، ومشتريها،

(٥٢)

وآكل ثمنها “.
وروي عن الإمام الصادق (عليه السلام): ” من شرب جرعة من خمر لعنه الله عز وجل وملائكته ورسله والمؤمنون، فإن شربها حتى يسكر منها نزع روح الإيمان من جسده “.
وعنه (عليه السلام): ” مدمن الخمر يلقى الله يوم القيامة كعابد وثن “.
وأما حد شارب الخمر، فإنه لو شربها العاقل البالغ عالما متعمدا مختارا – ولو قطرة واحدة – وثبت عليه بالإقرار أو الشهود العدول، وجب إجراء الحد عليه وهو ثمانون جلدة، وإذا تكرر منه ذلك يتكرر عليه الحد ثلاث مرات، وفي المرة الرابعة يكون حده القتل إذا لم يتب، قبل أن تقوم عليه البينة، وهذا يشمل سائر المسكرات.
وهنا لا بد لي أن أتوقف قليلا لأذكر نفسي ومن سمع مقالتي بالحديث المشهور عن الرسول الأمين (صلى الله عليه وآله وسلم): ” من رأى منكم منكرا فليغيره بيده فإن لم يستطيع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان “.

(٥٣)

واذكر أولادي والشباب الذين يعيشون في البلدان غير الإسلامية التي تكثر فيها جلسات شرب الخمر في المطاعم والنوادي والمتنزهات والأماكن العامة، وتكثر فيها مناظر الفسق والفجور والخلاعة بأجلى صورها وأفضعها، فإذا تعذر عليهم تحصيل الدرجتين الأوليين من إنكار المنكر فلا أقل يجب عليهم أن يحافظوا على الدرجة الثالثة، وهو الإنكار القلبي، الذي يعني التألم والتأثر النفسي على ذلك المنكر الذي يواجهون به الله عز وجل، وحذار ثم حذار من فقدان هذه الدرجة الضعيفة من الإيمان بأن تكون هذه المناظر طبيعية ومألوفة عندكم، لا تحرك قلوبكم ولا تحزن نفوسكم، وبالتالي النزول إلى الحضيض والانقلاب عن حقيقة الإنسانية وهذا ما تدلنا عليه الروايات، فقد روي عن أمير المؤمنين (عليه السلام) في الجزء الأخير من نهج البلاغة، الحكمة رقم 375 – 380 قوله:
” إن أول ما تغلبون عليه من الجهاد الجهاد بأيديكم، ثم بألسنتكم، ثم بقلوبكم، فمن لم يعرف بقلبه معروفا ولم ينكر منكرا، قلب فجعل أعلاه أسفله، وأسفله أعلاه “.

(٥٤)

(20) ترك الصلاة أو ترك شئ مما فرضه الله تعالى. يأمر سبحانه المؤمنين بالصلاة وينهى عن تركها بقوله تعالى: (منيبين إليه واتقوه وأقيموا الصلاة ولا تكونوا من المشركين) (1).
فقد قرن سبحانه تاركي الصلاة بالمشركين، وقال أيضا:
(في جنات يتسائلون عن المجرمين * ما سلككم في سقر * قالوا لم نك من المصلين * ولم نك نطعم المسكين * وكنا نخوض مع الخائضين * وكنا نكذب بيوم الدين * حتى أتانا اليقين) (2).
وقوله تعالى في موضع آخر: (فلا صدق ولا صلى * ولكن كذب وتولى) (3).
وروي عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): ” من ترك الصلاة متعمدا فقد كفر “.


(1) الروم / 31.
(2) المدثر / 40 – 47.
(3) القيامة / 31 – 32.

(٥٥)

شاهد أيضاً

الاحتلال الإسرائيلي على حافة الإنهاك.. عجز عسكري وتآكل داخلي يكشفان هشاشة الجبهة

الوقت- في ظل اتساع رقعة الصراعات التي تخوضها دولة الاحتلال الإسرائيلي منذ أكثر من عام ونصف، ...