المظاهرات الحالية تذكرني بمظاهرات 2011 والتي دفع فيها الشباب دماءهم من أجل اسقاط الظلم والتسلط والفساد. ولكن ومع الأسف الشديد آلت الأمور إلي مفاوضات سياسية كان أبرز نتائجها: منح الحصانة للرئيس السابق ، وتقاسم السلطة بين المكونات السياسية مع الحزب الحاكم أنداك (المؤتمر الشعبي العام)، وصعود علي محسن الأحمرالي منصب مستشار لرئيس الجمهورية
وتم تشكيل حكومة الوفاق الوطني مناصفة بين حزب المؤتمر وأحزاب اللقاء المشترك ..واستحوذ فيها حزب الإصلاح على النصيب الأكبر من حصة أحزاب اللقاء المشترك ..ودخلت البلاد بعد ذلك في فساد مستفحل طال مختلف المرافق الحكومية وأجهزة الدولة الإدارية.. وهذا مالم يسعى إليه الثوار الأحرار ولم يكن من ضمن أهداف ثوره فبراير… التي اشترك فيها جميع المكونات الفاعلة في الساحة الوطنية ومن ضمنها مكون الحوثيين (انصار الله) والحراك الجنوبي الذين وجدوا أنفسهم وحيدين منبوذين بعد أن خذلتهم قيادات أحزاب اللقاء المشترك الذين صعد البعض منهم الى السلطة وتركوا شىركاءهم في الساحات بدون طعام.
ان ما نشاهده الان من مظاهرات ومظاهرات مضادة يعكس مدى الأزمة في الوعي الشعبي .. حيث أن من كان بالأمس رافضا لنتائج المبادرة الخليجية واستئثار الاصلاح بحصة كبيرة من الحكومة ..نراهم اليوم ينخرطون في مظاهرات احتجاجية ضد أنصار الله غير مدركين أنهم بفعلهم هذا (وبدون وعي) ينفذون مخططا أعده الإصلاح وعلي محسن للإنتقام من أنصار الله .
واذا ما كتب نجاحا لهذه التحركات في إسقاط أنصار الله فان الأفواه الإصلاحية مفتوحة لإلتهام السلطة إما لوحدها او في هذه المرة مع حليف جديد وهو الرئيس السابق “صالح” والذي لا يزال هو الآخر فاتحا فمه بصورة اكبر من الاصلاح.
إن الذين يتشبثون بمقولة “حماية الدولة” اظنهم لم يدركوا بعد بأنه لم يكن هناك دولة أصلا حتى يتباكوا عليها. ولم يدركوا أن حكومة الوفاق المنبثقة من المبادرة الخليجية خانت اليمن أرضا وإنسانا.
وعليه فإني أدعوا الجميع الى التعقل والنظر للمستقبل والتحاور الجاد مع أنصار الله وألا يخرجوا مع التيار الإصلاحي أو التيارات الحزبية الأخرى ذات المصلحة الشخصية لأن ذلك فيه مؤامرة جديدة على الشعب أكبر من المؤامرة التي صورها لهم الإعلام السياسي المشبوه.
إن خذلانهم لمشروع انصار الله هو انتصار للمشروع الإصلاحي الإقصائي والبرغماتي والذي لم ولن يخجل من مد يده إلى علي صالح راميا عرض الحائط بكل تلك الدماء التي سالت من أجل التخلص من علي صالح وزبانيته الفاسدين.
ان أنصار الله يملكون الإرادة القوية لتصحيح مسار ثورة فبراير(وإن اختلفنا معهم في بعض الامورالاجرائية) كما انهم بحاجة الى كل القوى والشخصيات الوطنية الشريفة لمد العون لهم ومشاركتهم في استكمال الثورة والخروج بالبلد من حالة الفساد الذي نعيشه.
أسئلة لأولي الألباب لعلهم يبصرون:
– هل كانت الفرقة جيش يتبع الدولة ؟ واذا كانت كذلك فلماذا تمردت على دولة صالح؟ واذا لم تكن تابعة للدولة فهل كانت جناح عسكري لحزب معين؟
لماذا نشطت القاعدة ضد أنصار الله بعد سقوط علي محسن الاحمر؟ هل كانت تنتقم له وللسنة؟
– هل نسي الجميع أن حزبا دينيا قد دفع بأنصاره الى الشارع للمطالبة بمحاكمة الرئيس هادي ووزير دفاعه بتهمة الخيانة للوطن وللقشيبي؟
إذا كان ما حصل اليوم هو انقلاب ضد الشرعية , أليست حكومة الوفاق انقلابا على الارادة والشرعية الشعبية وخنوعا لمبادرة صاغتها اطراف دولية نحن نعلم بمقدار حبها لليمن؟ وشارك في صياغتها حاكم ثار عليه شعبه؟ ألا تعني هذه المظاهرات اليوم دعوة مبطنة لعودة تلك الحكومة وذلك الحاكم؟
أو لم يكن الرئيس هادي ضمن منظومة حكم الرئيس السابق التي قامت ضدها ثورة فبراير؟ ألم يكن حارسه الأمين في شارع الستين والشيخ الثائر في الحصبة يؤثران في اتخاذ القرار السياسي وقد أسهما بشكل فعال في فشله هو وحكومته؟
وفي الأخير ألم تكن المسرحية عبارة عن تحول النائب الى رئيس وتحول الرئيس الى زعيم وتحول المتمرد الى مستشار وتحول الثورة الى صراع على المناصب بين القوى السياسية ثم تحول الشارع إلى باحث عن المواطير وعن الخبز؟