1﴿وَوَصَّى بِهَا إِبْرَاهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ يَا بَنِيَّ إِنَّ اللّهَ اصْطَفَى لَكُمُ الدِّينَ فَلاَ تَمُوتُنَّ إَلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ﴾ .إنّ الوصيّة التي تحمل هذه الأهمية من رجال الله تتطلّب وجود حالةٍ لدى الموصَى إليه يُقابل بها ما أبرزه الموصِي من العطف والشفقة والحرص والمحبّة، وتُسمّى هذه الحالة – حسب تعبير الإمام الصادق عليه السلام: “يَا بُنَيَّ اقْبَلْ وَصِيَّتِي وَاحْفَظْ مَقَالَتِي” – قبولاً، وحفظاً.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آل بيته الطاهرين وبعد.
ذكر أرباب معاجم اللّغة أنّ لفظ (الوصيّة) مأخوذ من قولهم: أَوْصى النَّبْتُ، أي: كَثُرَ فاتّصل بعضه ببعض . ثمّ استُعير هذا اللّفظ لـ (الوصيّة) بحسب معناها المتعارف، قالوا : ذلك لأنّ الموصِي يُوصِل جلّ أمره إلى الموصَى إليه، فكأنّ الموصِي ـ ببركة الوصيّة ـ قد اتّصل بالموصَى إليه. معنى ذلك: أنّ الموصِي، وهو فاعل الوصيّة وصاحبها، يُودع خلاصة تجاربه أو مشاعره أو همومه أو رؤاه عند الموصَى إليه، وهو الشخص المتلقّي للوصيّة والمخاطَب بها، فكأنّ الوصيّة جاءت لتبني صلةً، وعلاقةً، وارتباطاً بين الطرفين.
ولقد دأب أنبياء الله تعالى وأولياؤه على الوصية بالخير إلى الناس عامة وخاصة، وهذا ما نرى أمثلة له في القرآن الكريم، يقول تعالى: ﴿وَوَصَّى بِهَا إِبْرَاهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ يَا بَنِيَّ إِنَّ اللّهَ اصْطَفَى لَكُمُ الدِّينَ فَلاَ تَمُوتُنَّ إَلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ﴾ .
وهكذا كان رسول الله محمد صلى الله عليه وآله وسلم والأئمة من أهل بيته عليهم السلام وكذلك درج على ذلك علماؤنا الأبرار، والمثال البارز في هذا المقام وصايا الإمام الخميني العامة
والخاصة، وإن ننسى لا ننسى وصايا الشهداء التي تهزّ مشاعر الإنسان هزّاً.