الرئيسية / الاسلام والحياة / الكلمات القصار – السيد عبد الحسين شرف الدين

الكلمات القصار – السيد عبد الحسين شرف الدين

القرآن الكريم
* إنّ القرآن العظيم، والذكر الحكيم متواترٌ من طرقنا بجميع آياته وكلماته، وسائر حروفه وحركاته وسكناته، تواتراً قطعيّاً عن أئمّة الهدى من أهل البيت عليهم السلام، لا يرتاب في ذلك إلّا معتوه1.

* كان القرآن مجموعاً أيّام النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم على ما هو عليه الآن من الترتيب والتنسيق في آياته وسوره وسائر كلماته وحروفه بلا زيادة ولا نقصان، ولا تقديم ولا تأخير، ولا تبديل ولا تغيير2.

* لا تخلو كتب الشيعة وكتب السنّة من أحاديث ظاهرة بنقص القرآن، غير أنّها ممّا لا وزن لها عند الأعلام من علمائنا أجمع, لضعف سندها، ومعارضتها بما هو أقوى منها سنداً وأكثر عدداً وأوضح دلالةً3.
________________________________________
1- الموسوعة، ج4، أجوبة مسائل موسى جار الله ص 1622.
2- الموسوعة، ج4، أجوبة مسائل موسى جار الله، ص 1622.
3- الموسوعة، ج4، أجوبة مسائل موسى جار الله، ص 1623.

* إن واجهتم القرآن بالعاطفة القوميّة الأدبيّة وجدتم عنده جامعة قويّة، تلمّ أشتاتكم، وتجمع أوزاعكم، وتلائم أذواقكم، وتألفها طباعكم، وهي مع ذلك العنصر المقوّم الممسك حياة لغتنا العربيّة أن تندمج في لغات المستعمرين، وتذوب تحت أشعّة الحوادث، فلا يقوم لها ظلّ، ولا يشعّ منها ذبال4. 5

* ولولا هذا اللواء الأبيض المنشور في القرآن الحكيم خفّاق العذبات على لغة الضّاد لكانت لغة بائدة ملحودة إلى جنب أخواتها من اللغات المتقوّضة الّتي لا يُعنى بها إلّا الأثريّون، وإنّما يبحثون عنها ليضعوا نصوصها في المتاحف الأدبيّة كأثر قديم6.

* لكن القرآن العزيز بطبيعة قوّته القاهرة حفظ حياتها7، وكان منبعاً تستقي منه، وتمشي على ضفافه غير ملتوية عنه، برغم طغيان الخطوب، ومجاهدة العوادي الجامحة، الثائرة الحقودة في تمزيق شتات العرب ولغتها، وحلّ روابطها ووحدتها، وفرط نظامها، ونثر لآليها وغواليها8.
________________________________________
4- مفردها ذبالة: وهي الفتيلة الّتي تُسرج، لسان العرب 256:11.
5- الموسوعة، ج9، الخطب والرسائل، ص 521-522.
6- الموسوعة، ج9، الخطب والرسائل، ص 521-522.
7- أي اللغة العربيّة.
8- الموسوعة، ج9، الخطب والرسائل، ص 522.

* وأنتم لو ذهبتم إلى ما وراء ذلك من أسرار القرآن لرأيتم أنّ العرب إنّما قطعت تلك الأشواط البعيدة، واجتازت تلك العقبات الكؤودة، بقانون القرآن وروحه العالية، الّتي كانت ترافقهم في غزواتهم وفتوحاتهم، فتطوي بنود الأكاسرة وتثلّ عرش الرومان، وتطّرد فتمسّ أرواح جنودها العرب، فيجوبون الآفاق، ويعبرون البحار، وينتقلون من فوز إلى فوز، ومن فتح إلى فتح يمتلكون العالم، ويمصّرون الأمصار، وتتّسق نظمهم، وهناك تطمئنّ النفوس إلى العدل، وتتعرّف برأفة الحكّام، ويجد الناس من الحضارة ما لم يحلموا به من قبل، وإنّ مدنيّة كهذه لآية باهرة، ومعجزة قاهرة، فالحمد لله الّذي هدانا لهذا وما كنّا لنهتدي لولا أن هدانا الله9.

* أشربوا في قلوب الناشئة حبّ هذه المدنيّة، واطبعوهم على غرارها، واحفظوا نبيّكم العربيّ في كتاب ربّه، وفي عترته الطاهرة، فإنّهما الثقلان، لا تضلّ من تمسّك بهما، ولا يهتدي إلى الله من ضلّ عنهما، بثّوا هذه الروح ما استطعتم وأنتم مسؤولون عن ذلك ﴿يَوْمَ لَا يَنفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ * إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ﴾10. 11

________________________________________
9- الموسوعة، ج9، الخطب والرسائل، ص522.
10- سورة الشعراء، الآيتان: 88-89.
11- الموسوعة، ج9، الخطب والرسائل، ص 522 – 523.

* أجل, إنّ القرآن عندنا كان مجموعاً على عهد الوحي والنبوّة مؤلّفاً على ما هو عليه الآن, وقد عرضه الصحابة على النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم وتلوه عليه من أوّله إلى آخره, وكان جبرائيل عليه السلام يعارضه صلى الله عليه وآله وسلم بالقرآن في كلّ عام مرّة, وقد عارضه12 به عام وفاته مرّتين13.

* وكيف كان, فإنّ رأي المحقّقين من علمائنا أنّ القرآن العظيم إنّما هو ما بين الدفّتين الموجود في أيدي الناس, والباحثون من أهل السنّة يعلمون منّا ذلك, والمنصفون منهم يصرّحون به14.
________________________________________
12- أي قابله، لسان العرب، 7: 167.
13- الموسوعة،ج4، أجوبة مسائل موسى جار الله، ص 1623.
14- الموسوعة،ج4، أجوبة مسائل موسى جار الله ، ص 1624.

شاهد أيضاً

[ يا أَيُّها الصَّدْرُ الشَّهِيدُ الْبَطَلُ ] – قصيدةٌ من ديوان السّباعيّ الذّهبيّ في الشّعر العربيّ

[ يا أَيُّها الصَّدْرُ الشَّهِيدُ الْبَطَلُ ] – قصيدةٌ من ديوان السّباعيّ الذّهبيّ في الشّعر ...