وليس أمام الزوجة إزاء هذه الحالة إلاّ أحد خيارين ؛ إمّا الصبر على ذلك حفاظاً على كيان الاُسرة من التفكك ، وإمّا اللجوء إلى الحاكم الشرعي ، فإن رفعت خصومتها إليه أنظر الحاكم زوجها أربعة أشهر لمراجعة نفسه في ذلك ، فان أبى الرجوع والطلاق جميعاً حبسه الحاكم وضيّق عليه في المطعم والمشرب ، حتى يفيء إلى أمر الله تعالى بالرجوع إلى معاشرة زوجته أو طلاقها (1).
قال تعالى : ( لّلِّذينَ يُؤلُونَ مِن نِّسائِهم تَربُّصُ أربعةِ أشهُرٍ فإن فاءُوا فإنّ اللهَ غَفُورٌ رَّحيمٌ * وإن عَزمُوا الطَّلاقَ فإنّ اللهَ سميعٌ عليمٌ ) (2).
وقال الإمام جعفر الصادق عليه السلام : « إذا آلى الرجل أن لا يقرب امرأته ولايمسها ولا يجمع رأسه ورأسها ، فهو في سعة ما لم تمضِ الأربعة أشهر ، فإذا مضت الأربعة أشهر وقف ، فإمّا أن يفيء فيمسّها ، وإمّا أن يعزم على الطلاق فيخلّي عنها ، حتى إذا حاضت وتطهّرت من حيضها طلّقها تطليقة قبل أن يجامعها بشهادة عدلين ، ثمّ هو أحقّ برجعتها ما لم تمضِ الثلاثة أقراء » (3) .
اللعان :
إذا قذف الرجل زوجته الحرّة بالفجور ، وادّعى أنّه رأى معها رجلاً يطأها ، فان لم يأتِ بشهود أربعة ، لاعَنَ الزوجة (4).
____________
1) المقنعة : 523 .
2) سورة البقرة : 2 | 226 ـ 227 .
3) تهذيب الاحكام 8 : 3 .
4) المقنعة : 541 .
——————————————————————————–
( 86 )
والذي يوجب اللعان أن يقول : رأيتك تزنين ؛ ويضيف الفاحشة منها إلى مشاهدته ، أو ينفي ولداً أو حملاً (1).
أمّا إذا قال لها : يا زانية ؛ ولم يدّعِ المشاهدة ، فلا لعان بينهما ، وإنّما يكون الزوج قاذفاً (2).
قال الإمام الصادق عليه السلام : « لا يكون لعان حتى يزعم أنّه قد عاين »(3) .
وصيغة الملاعنة كما ورد في القرآن الكريم : ( والّذينَ يَرمُونَ أزواجَهُم ولم يَكُن لهم شُهداءَ إلاّ أنفُسُهُم فَشهادةُ أحدِهِم أربَعُ شَهاداتٍ باللهِ إنّهُ لَمنَ الصَّادِقينَ * والخَامِسةُ أنَّ لَعنتَ اللهِ عليه إن كان مِنَ الكاذِبينَ * وَيَدرَؤا عنها العذابَ أن تَشهدَ أربعَ شَهاداتٍ باللهِ إنَّهُ لمِنَ الكاذبينَ * والخامسةَ أنَّ غَضَبَ اللهِ عليها إن كانَ مِن الصَّادِقين ) (4).
فيقول له الحاكم قُل : (أشهدُ بالله إنّي لمن الصادقين فيمن ذكرته عن هذه المرأة من الفجور) .
ويكرر ذلك أربع مرّات ، فإن رجع عن قوله ، جلده حدّ المفتري ثمانين جلدة ، وردّ امرأته عليه .
وإن أصرّ على ما ادّعاه ، قال له قل : (إنّ لعنة الله عليَّ ان كنت من الكاذبين) .
____________
1) الانتصار : 330 .
2) المصدر السابق .
3) تهذيب الاحكام 8 : 186 .
4) سورة النور : 24 | 6 ـ 9 .
——————————————————————————–
( 87 )
ويقول الحاكم لزوجته قولي : (أشهدُ بالله إنّه لمن الكاذبين فيما رماني به) وتكرّر القول أربع مرات .
وتقول في الخامسة : (إنّ غضب الله عليَّ إن كان من الصادقين) .
فإذا قالت الزوجة ذلك ، فرَّق الحاكم بينهما ، ولم تحلّ له أبداً ، وقضت منه العدّة منذ تمام لعانها له (1).
أمّا إذا كانت الزوجة خرساء ، فرّق بينهما ، وأقيم عليه الحدّ ، ولا تحلّ له أبداً ، ولا لعان بينهما (2).
الطلاق :
الطلاق : من حيث الأحكام الشرعية على أربعة أنواع (3).
الأول : الطلاق الواجب ، وهو الطلاق الناتج عن الايلاء ـ كما تقدم ـ .
الثاني : الطلاق المستحبّ ، وهو طلاق الزوج زوجته حال الشقاق والحال بينهما غير عامرة ، ولا يقوم كلّ واحد منهما بحق صاحبه .
الثالث : الطلاق المحظور ، وهو طلاق الزوج زوجته في أحد موضعين:
1 ـ طلاق الحائض المدخول بها ، ولم يغب عنها زوجها .
2 ـ طلاق الخارجة من المحيض بعد مواقعة زوجها لها في ذلك الطهر ، قبل أن يستبين حملها .
____________
1) المقنعة : 541 .
2) الانتصار : 331 .
3) الوسيلة إلى نيل الفضيلة : 319 .
——————————————————————————–
( 88 )
الرابع : الطلاق المكروه ، وهو طلاق الزوج زوجته والحال عامرة بينهما، ويقوم كلّ منهما بحقّ صاحبه .
شروط الطلاق :
لا يقع الطلاق إلاّ باللفظ ، وهو قول الزوج : أنتِ طالق ، ولا يقع بقوله : فارقتك وسرّحتك ؛ أو بقوله : اعتدّي ، وحبلك على غاربك (1).
ولا يقع الطلاق في الحيض (2)وإنّما يقع في طُهر لم يجامعها فيه .
ولا يقع الطلاق إلاّ بشهادة مُسلمَين عدلين (3).
ومن كان غائباً عن زوجته ، فليس يحتاج في طلاقها إلى ما يحتاج إليه الحاضر من الاستبراء ، لكنّه لا بدّ له من الاشهاد ، فإذا أشهد رجلين من المسلمين على طلاقه لها ، وقع بها الطلاق سواء كانت طاهراً أو حائضاً ، ومن أراد أن يطلّق زوجته غير المدخول بها ، طلّقها في أيّ وقت شاء بمحضرٍ من رجلين مسلمين عدلين ، ولم ينتظر بها طهراً (4).
ولا يقع الطلاق إن كان مشروطاً (5)كأن يقول : أنتِ طالق إن دخلتِ الدار .
____________
1) الانتصار : 300 .
2) الانتصار : 306 .
3) المقنعة : 525 .
4) المقنعة : 526 ـ 527 .
5) الكافي في الفقه : 305 .
——————————————————————————–