الدولة المدنية الحضارية الحديثة لايمكن أن تبنى وتتطور وتتخطى الصعاب من دون وجود رجال اعمال وطنيين ومخلصين يكون ولاؤهم وانتماؤهم للعراق وانهم مواطنون صالحون قبل كل شيء. رجال فاعلون وفي مقدمة المضحين والمتعاونين عند تعرض البلد للخطر والازمات.
في الدول المتقدمة يشكل رجال الاعمال والشركات والمؤسسات المالية الخاصة عصب الاقتصاد، وان هذه الدول تعتمد كليا على القطاع الخاص، حيث ان القطاع العام هو الراعي والمنظم والحامي لعمل القطاع الخاص من خلال التشريعات والقوانيين الجديدة والمتحضرة. ولايمكن تجاوز اصحاب “رؤوس الاموال” في حال اتخاذ القرارات السيادية الاقتصادية.
الدولة العراقية في نظامها السياسي الجديد في العراق لاتبتعد كثيرا عن منظور الدول المتقدمة بتعاملها مع القطاع الخاص؛ لكن الفرق اننا تحت حكم القوانين والتشريعات المتخلفة التي لاتزال سارية المفعول وهي تحد من عملية ان ياخذ رجال الاعمال دورهم الحقيقي بالمشاركة في الدولة لاطلاق المشاريع الحيوية والستراتيجية للنهوض بالبلاد والبنى التحتية.
القرارات التي صدرت عن خلية الازمة الحكومية برئاسة رئيس الوزراء د.حيدر العبادي وحضور وزراء المالية والنفط والتخطيط وعدد من المستشارين، تعبر عن تفهم واضح لأن تقوم الحكومة بواجباتها تجاه دعم وتطويرالقطاع الخاص، وان مايقوم به هو جزء من عملية البناء المستمر للبلاد.
الحكومة بقرارها اطلاق 2 ترليون دينار عراقي لدفع المستحقات للمقاولين يمثل مشروعا حيويا لتحريك سوق العمل وتشغيل الاف من الشباب من خلال خلق فرص العمل المختلفة في هذه المشاريع المتوقفة، فضلا عن السيولة النقدية التي ستساعد في تحريك السوق وادامة الانشطة الاقتصادية وضمان انجاز المشاريع.
الحكومة فتحت الباب على مصراعيه. حيث يمكن لرؤوس الاموال العراقية في الخارج ان تغير بوصلتها باتجاه الداخل العراقي وتنتهز فرصة قرار خلية الازمة الحكومية بتخويل وزارة التحطيط بالتنسيق مع وزارة المالية، لاعتماد طرق في الدفع فضلا عن المبلغ المذكور لاستكمال تسديد المستحقات من خلال ضمانات تقدمها المصارف للمقاولين، او الدفع بالاجل، او تحويل بعض المشاريع الى استثمارية ومنها امكانية ان تتملك الشركة او المؤسسة الاستثمارية الارض القائم عليها المشروع.
خبراء الاقتصاد يؤكدون ان العراق اليوم احد أكثر الأسواق جاذبية بالنسبة للعالم. فالطلب على البضائع والخدمات في تزايد مستمر. وان احتياجات العراق واسعة، وتشمل القطاعات كافة، بما في ذلك مشاريع بناء سكك الحديد والموانئ، والتنمية المدنية والإسكان، ومصانع الكهرباء، والمصافي، والفنادق، وتوسع البنى التحتية للاتصالات.. الخ من التسميات.
خطوة الحكومة العراقية وفي ظل الازمة المالية تعد انجازا يحسب لها، وتدخل ضمن دائرة الاصلاح الاقتصادي المدروس. هناك عمل متواصل لخلق بيئة اقتصادية جاذبة لرؤوس الاموال، خصوصا وان تسريبات من اللجنة المالية في البرلمان العراقي تؤكد ان البنك المركزي سيقرض البنوك 5 مليار دولار لدعم القطاع الخاص والمواطنين وتسهيل عملية الاقراض.
نامل ان الاشهر القليلة المقبلة ستتحرر جميع البلاد من قبضة عصابات داعش، الامر الذي سيجعل العراق بحاجة الى مساعدات مالية كبيرة لاعادة الاعمار، وفتح المجال لادخال كميات كبيرة من العملة الى العراق وبالتالي انخفاض اسعار الدولار. فضلا عن اعتماد آلية جديدة لدفع الضرائب والسيطرة على “غسيل الأموال” من خلال الدفع المقدم لدائرة الضرائب والكمارك للبضاعة الداخلة للعراق، الامر الذي يؤدي الى مضاعفة واردات الدولة.