ترسل مصر إشارات من شأنها أن تصعّب المهمة السعودية للتقريب بين القاهرة وأنقرة اللتين شهدت علاقتهما توتراً متصاعداً منذ إطاحة الرئيس محمد مرسي، ورفض حكم «العدالة والتنمية» في تركيا التسليم بشرعية الرئيس عبد الفتاح السيسي، واستمراره بدعم «الإخوان» في مصر. فقد استضافت القاهرة يوم الأول من أمس الخميس ندوة حول «مستقبل عملية السلام والقضية الكردية في تركيا»، غاب عنها الرسميون الأتراك، وحضرها ممثل عن حركة فتح الله غولن (الكيان الموازي) وآخر عن «حزب الاتحاد الوطني الكردستاني»، هاجما الحزب التركي الحاكم وموقفه من المسألة الكردية.
ورغم أن الحلقة النقاشية المذكورة التي عُقدت في وسط القاهرة كانت من تنظيم «مركز القاهرة للدراسات الكردية» غير الحكومي، كان من الصعب ألا يرى المراقبون في الحدث إشارة سياسية أو أكثر من جانب الدولة المصرية. وبعد قول الباحث التركي سنان يورلماز، الذي وُصف بممثل حركة غولن، إنه «لا علاقة» لحركته بالشأن السياسي، وإن نشاطها يقتصر على العمل التربوي والخيري، اضاف أن «ارودغان والحكومة التركية لا يريدان حل مشكلة الأكراد»، وأنهم «يستخدمون الأكراد أداةً» وينتهجون سياسات خاطئة. والتقى يورلماز في كلامه هذا مع ملا ياسين رؤوف، ممثل حزب الاتحاد الوطني الكردستاني في القاهرة، الذي وصف الدولة التركية بالـ«عنصرية»، حيث قال إن الأكراد كانوا «محاصرين»، وإنهم عندما كانوا يقومون بثورة، تتفق «الدولة العراقية العنصرية مع الدولة التركية العنصرية». وأضاف رؤوف: «نحن حملنا السلاح للدفاع عن أنفسنا وعن قوميتنا وكيانينا وماهيتنا، ونلقي السلاح حينما نحصل علي حقوقنا الإنسانية»، و«أرودغان و(حزب) العدالة والتنمية لا يريدان حل المشكلة جذرياً، بل يريدان احتواء المشكلة الكردية».
من جهتها، رأت الباحثة العراقية الكردية وزدان نور الدين أن أردوغان يستغل الدين لكسب أصوات الأكراد، متحدثة عن «الأبعاد التاريخية والقسرية والتهجيرية التي تعامل بها الأتراك قديماً مع المناطق الكردية، فضلاً عن خلو الدساتير التركية من أي اتجاه أو آفاق للقضية الكردية».
في المقابل، انتقد رجائي فايد، أحد مؤسسي المركز المصري للدراسات الكردية، «خلط السياسة بالأمور بحيث نراها من منظور سياسي أو بمنظور علاقتنا بتلك الدولة، فتصبح المسألة فيها الكثير من الخطأ». ورأى فايد أن ثمة «تطوراً هائلاً» قد حصل في النظرة التركية للأكراد، منذ عهد أتاتورك وحتى الآن، حوّل «نفي الواقع والثقافة والوجود إلى إذاعة وتلفزيون وصحف ومدارس باللغة الكردية». وبالنسبة إلى الأكراد خارج تركيا، ثمن فايد التحول من «ثلاث لاءات غليظة تخص كركوك والتركمان ورفض أي تطور سياسي لأكراد العراق، إلى تصريحات إيجابية من المسؤولين الاتراك الحاليين… واستضافة زعامات كردية وخطاب تركي في وسط الأكراد». ورأى فايد أن تصريحات الرئيس التركي الأخيرة بشأن الاكراد تشير إلى محاولة جادة لاستمالتهم. وعن الطموحات الكردية، قال فايد إن الأكراد جميعاً يريدون «تجميع المجزأ» وإقامة دولة كردية، وإن الخلاف يقتصر على التوقيت فقط!