الرئيسية / تقاريـــر / إحراج وفشل النظام السعودي في مفاوضات مسقط

إحراج وفشل النظام السعودي في مفاوضات مسقط

انتهت في العاصمة العمانية مسقط جولة المحادثات غير المباشرة بين الولايات المتحدة (ممثلة النظام السعودي وأطراف تحالف العدوان على اليمن) ووفد «أنصار الله» برعاية سلطات مسقط ووساطتها. ويستعد وفد «أنصار الله» لمغادرة مسقط إلى موسكو تلبية لدعوة من القيادة الروسية.وقال مصدر واسع الاطلاع لـ»الأخبار» إن المحادثات أتاحت التواصل المباشر بين أبرز الأطراف، وكشفت للجانب الأميركي أمراً مهماً، هو أن «أنصار الله» ليسوا خاضعين لوصاية إيرانية، وأن النقاط التي جرى التفاهم عليها تتيح فتح الباب أمام حوار سياسي بين الأطراف اليمنية، وأن المرحلة الثانية ستكون برعاية الأمم المتحدة حصراً.

ودعا المصدر إلى عدم بناء الآمال أو الرهان على نتائج قريبة، حتى لو توجه الجميع إلى جنيف، لافتاً إلى أن الجميع لا يزال يركز على الواقع الميداني، متوقعاً حصول تطورات كبيرة الأسبوع المقبل، من شأنها إحراج النظام السعودي أكثر من ذي قبل.

قصة المفاوضات

مع بدء سريان الهدنة الإنسانية في اليمن قبل أسابيع، التي لم تستقر مطلقاً، بادرت الولايات المتحدة إلى إجراء اتصالات مع الأطراف المعنية بالأزمة اليمنية بحثاً عن مخرج، خصوصاً بعدما صدرت تقارير دبلوماسية أميركية في دول الخليج تشير إلى فشل العدوان الذي يقوده النظام السعودي في تحقيق أي نتائج، وأن الكارثة الإنسانية في اليمن ستتحول إلى عنصر ضغط على الجميع في العالم.

وكلفت الإدارة الأميركية نائبة وزير الخارجية الأميركي لشؤون الشرق الأدنى آن باترسون، الانتقال إلى الجزيرة العربية ومباشرة اتصالات مع القيادة السعودية على وجه التحديد، قبل أن يتم التفاهم بين الأميركيين والإيرانيين على أن سلطنة عمان تعتبر الدولة الأفضل والأكثر مقبولية لاستضافة أي اتصالات مباشرة أو غير مباشرة. وهو ما وافقت عليه الرياض بعد فشل مؤتمر الحوار اليمني فيها، الذي اقتصر على أنصارها، وليس هناك من إمكانية لتثميره على الأرض، وبعدما رفضت الرياض الذهاب إلى جنيف لأن في ذلك ذروة الفشل السياسي بعد الفشل العسكري.
إلى مسقط، وصل بادئ الأمر وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف في زيارة عاجلة، ترافقت مع وصول وفد من «أنصار الله» بطريقة أمنية أشرفت عليها السلطات العمانية التي أرسلت طائرة خاصة إلى صنعاء أقلت الوفد الذي ضم مسؤولين سياسيين برئاسة المسؤول السياسي محمد عبد السلام.

وبعد جولة من المحادثات المباشرة بين ظريف والمسؤولين العمانيين، أبلغت طهران الجميع أنها ستكون «في الجوار» لتقديم كل دعم من أجل الوصول إلى نتائج إيجابية، بينما تبلغ الجانب الأميركي أن وفد «أنصار الله» هو الذي سيتولى المفاوضات من دون أي مشاركة إيرانية. علماً أن الأميركيين يعرفون الهامش
بين «أنصار لله» وإيران
في هذا الوقت، كان الفريق الأميركي يجري مشاورات مع عواصم غربية أخرى، ولا سيما بريطانيا وألمانيا، وتولى دبلوماسيون من هذين البلدين عقد اجتماعات مع عدد من القيادات اليمنية في كل من الرياض والقاهرة ومسقط، قبل أن ينتقل هؤلاء إلى المشاركة في المحادثات مع أنصار الله بصفة استشارية.
ولدى اكتمال وصول الوفود المعنية، تولت السلطات العمانية تخصيص فندق استضاف الوفد الأميركي والمستشارين الأجانب ووفد «أنصار الله» وقيادات يمنية أخرى. وتولى الجانب العماني دور الوسيط والناقل بين غرفتي الأميركيين و»أنصار الله». ولم تنجح مسقط في انتزاع تفويض سعودي لها بتولي التفاوض المباشر مع الوفد اليمني.

واستُدعي عدد كبير من الشخصيات المعنية إلى مسقط، بينها قيادات جنوبية مثل الرئيس السابق علي ناصر محمد وحليفه الأبرز القيادي في الحراك الجنوبي، محمد علي أحمد، الذي قدم من القاهرة بعدما عقد هناك اجتماعات مع القيادة المصرية ومع دبلوماسيين أجانب، أبرزهم السفير البريطاني في صنعاء.

إطار للحوار

في الجولة الأولى من المفاوضات، نقلت المسؤولة الأميركية تصوراً سعودياً فيه أسقف عالية جداً غير قابلة للتطبيق، كأن يكون مجلس التعاون الخليجي هو المرجعية الراعية لأي تفاوض يمني – يمني، وكذلك طلب عودة جميع مقاتلي «أنصار الله» إلى شمال اليمن، والإصرار على إعادة الرئيس الفارّ عبد ربه منصور هادي إلى صنعاء أو عدن. وقد فهم الأميركيون مباشرة أن الأمور لن تسير على هذا المنوال، فعادت المسؤولة الأميركية إلى الرياض، ومن بعدها أُعدّ جدول أعمال جديد للمباحثات.
وقال مصدر مشارك في المفاوضات لـ»الأخبار» إن ساعات طويلة جداً تستهلكها الاتصالات بين المتحاورين، وإن البحث يتم على كل بند وعلى كل نقطة وكل كلمة. وإن الإطار العام شمل الأفكار الآتية:
ــــ توافق مبدئي على إيجاد وسيلة مناسبة لإخراج هادي من المشهد السياسي نهائياً.
ــــ البدء بإنشاء مجلس رئاسي ومرحلة انتقالية جديدة يجري التفاهم عليها خلال مفاوضات جنيف. ويصار إلى استبدال مشروع حكومة اتفاق السلم والشراكة بحكومة توافقية.
ــــ يتوافق الجميع على اعتماد «مخرجات الحوار» كمرجعية للمفاوضات اللاحقة، وهي سبق أن أقرت في صنعاء العام الماضي، وتشمل انتخابات رئاسية ونيابية ودستوراً جديداً، وصياغة وضع جديد لإدارة شؤون الجنوب. وكان تنظيم «أنصار الله» قد وافق عليها ما عدا البند الذي يدعو إلى تقسيم اليمن إلى 6 أقاليم. بالإضافة إلى اتفاق السلم والشراكة والقرارات الأممية ذات الصِّلة، ولا سيما القرار 2216، على أن يترك للأمم المتحدة رعاية المفاوضات حول آليات لتطبيق هذا القرار، والعودة إلى جنيف (موعد لم يحدد بعد) مع ما يعنيه ذلك من أنه لا وجود لأي دور سعودي مباشر في المفاوضات اليمنية – اليمنية.

وجرى الاتفاق خلال المحادثات في مسقط على أن تتم الدعوة إلى لقاء جنيف من قبل الأمم المتحدة، وأن تتولى هي رئاسة الجلسات ويجلس الطرفان إلى جانب طاولة بحيث يكون لكل طرف سبعة ممثلين وزعوا على النحو الآتي: ممثلان عن أنصار الله، وممثلان عن حزب المؤتمر الذي يرأسه علي عبد الله صالح وممثل عن حزب الحق وممثل عن حزب البعث وممثلة عن تنظيم المرأة. ومن الجانب الآخر، يحضر ممثلان عن حكومة البحاح، وممثلان عن حزب الإصلاح وممثل عن الحزب الاشتراكي وممثل عن الحزب الناصري وممثل عن حزب الرشاد السلفي.

شاهد أيضاً

السيد الحوثي : سنواصل مسيرتنا للتحرر التام من كل أشكال التبعية للغرب

أكّد قائد حركة أنصار الله، السيد عبد الملك الحوثي، أنّ “الشعب اليمني سيواصل مسيرته في ...