الرئيسية / تقاريـــر / ما بعد الربيع العربي – د. فاطمة الحمروش

ما بعد الربيع العربي – د. فاطمة الحمروش

الدولة المارقة: خاطفي الدبلوماسيين المصريين ,في مداخلة هاتفية لقناة العربية، مثالٌ ودليل إثبات. هل يستطيع أحد، بعد الإنصات إلى الحوار الذي جاء في هذا التسجيل، أن يعطينا تفسيرا منطقيا واحداً يوضح لنا من خلاله بأي منطق كان، كيف يمكن لهذا الحوار أن يُصنّف بغير الإجرامي؟ وهل أثبتنا بعد ثلاث سنوات من “الثورة” أننا اليوم فعلا جديرين بوصفنا بالدولة المارق.
إن التهديد الوارد في هذا التسجيل، موثّق وعلى الهواء مباشرة، وموجّه بكل ثقة إلى الحكومة المصريّة، وإلى الجسم الليبي الموجود حاليا (والذي لا اجد له تسمية ولكنه خليط مما يسمّى بالمؤتمر وبالحكومة)، وبالفعل فقد أثبت رد فعل الجانبين بإن ثقة المتحدّث لم تكن من فراغ، بل كانت في محلّها، إذ رضخت الحكومتان ونفّذتا الطلب تحاشيا لما قد يجري إذا ما تم تنفيذ التهديد.

 

 

ومن خلال التعريف اللفظي لتعبير «الدولة المارقة»، وبدون الدخول في متاهات التصنيفات السياسية حسب أهواء القوى الدولية، نجد أن هذه التسمية تنطبق على الدول التي تخرج عن القانون الدولي والعلاقات الدولية المعهودة، وتشكل تهديداً لجيرانها وللعالم بأسره، أي أنها “الدول الخارجة عن القانون”.

 

 

وليس هذا التصنيف بجديد على ليبيا، فقد سبق أن صُنِّفت من ضمن الدول المارقة عام 2004 وذلك لعدم توافقها مع الكثير من قواعد وقوانين برنامج “النظام العالمي الجديد”، فتبعت ذلك التصنيف محاولات شتى لتأهيل السياسات الليبية وترويضها لكي تخرج عن هذه القائمة، وفي البداية تم إتباع برامجاً لإدماج القذافي في المجتمع الدولي بعد عزلته التي دامت قرابة العقدين، ثم تبع ذلك تسويق “برنامج ليبيا الغد” الذي قاده إبنه سيف. ولكن الإثنين إرتكبا “أخطاءً متتالية” حالت دون نجاح البرنامجين، فتم اللجوء إلى الحل الثالث، وهو دعم التغيير بواسطة إدماج ليبيا في برنامج “الربيع العربي”.

 

 

وبطبيعة الحال فإن ما تلا السابع عشر من فبراير 2011 لم يكن بالإمكان التنبؤ به، وها نحن اليوم، ثلاث سنوات بعد ذلك التاريخ، نصل إلى هذا الوضع الذي لم يعد خافيا على أحد، حيث يتقاتل الجميع تحت مسميات وانتماءات مختلفة وتنتهك الحريات والحقوق، مع انفلاتٍ تامٍ في الأمنِ وانعدام شبه كاملٍ لأيِّ سيطرة للهيئة التنفيذية للدولة على مجريات الأحداث أو على ما يتم تمريره من خلال الحدود والمنافذ، وأخيرا، وكأن هذا لا يكفي، تطور الأمر إلى أن أصبح البعض لا يجد حرجا في أن يختطف ممثلي البعثات الدبلوماسية، ويعلن عن نفسه كجسم يجب الإنصات له والتفاوض معه، فيهدد ويتوعّد الدول من خلال المنابر الإعلامية بدون خوفٍ أو وجلٍ من أن يتم اعتقاله أو محاسبته.

 

 

نجد أنفسنا، تملؤنا الدهشة الممزوجة بالمرارة، إذ نشاهد فصول هذه المسرحية، ونُقِرُّ من خلالها، بهذا الواقع الذي نعايشه والتعريف للدولة المارقة، بأننا فعلا اليوم، واكثر من أي وقتٍ مضى، ينطبق علينا تعبير “الدولة المارقة” بمعناه اللفظي الكامل، وبامتياز، هذا لو اعتبرنا أن ما ننتمي له اليوم لم يصبح بعد في تصنيف “اللادولة”!

شاهد أيضاً

6 قتلى في غارة مجهولة استهدفت إرهابيين في ليبيا

لقي ستة إرهابيين، كانوا يرافقون قياديا في تنظيم “القاعدة”، الأربعاء 16 نوفمبر/تشرين الثاني مصرعهم في ...