الرئيسية / صوتي ومرئي متنوع / مكيال المكارم في فوائد الدعاء للقائم ( عليه السلام )38

مكيال المكارم في فوائد الدعاء للقائم ( عليه السلام )38

– وفي البحار ( 1 ) عن النعماني بإسناده عن جعفر بن محمد الصادق ( عليه السلام ) عن أبيه ، عن
جده ، عن الحسين بن علي ( عليه السلام ) قال : جاء رجل إلى أمير المؤمنين ( عليه السلام ) ، فقال له : يا أمير
المؤمنين نبئنا بمهديكم هذا ؟ فقال ( عليه السلام ) : إذا درج الدارجون وقل المؤمنون ، وذهب
المجلبون ، فهناك .
فقال : يا أمير المؤمنين عليك السلام ، ممن الرجل ؟ فقال : من بني هاشم ، من ذروة طود
العرب وبحر مغيضها إذا وردت ، ومجفو أهلها إذا أتت ، ومعدن صفوتها إذا اكتدرت ، لا
يجبن إذا المنايا هلعت ، ولا يجوز إذا المؤمنون اكتنفت ، ولا ينكل إذا الكماة اصطرعت ،
مشمر مغلولب ، ظفر ضرغامة حصد ، مخدش ذكر ، سيف من سيوف الله ، رأس قثم ، نشق
رأسه في باذخ السؤدد ، وغارز مجده في أكرم المحتد ، فلا يصرفنك عن تبعته ( 2 ) صارف
عارض ، ينوص إلى الفتنة كل مناص ، إن قال فشر قائل ، وإن سكت فذو دعائر .
ثم رجع إلى صفة المهدي ، فقال : أوسعكم كهفا ( 3 ) وأكثركم علما وأوصلكم رحما ، اللهم
فاجعل بيعته خروجا من الغمة ، واجمع به شمل الأمة . فإن جاز لك فاعزم ولا تنثن عنه إن
وفقت له ، ولا تجيزن عنه إن هديت إليه هاه – وأومى بيده إلى صدره – شوقا إلى رؤيته .
توضيح
قال الفيروزآبادي : درج دروجا ودرجانا : مشى ، والقوم انقرضوا وفلانا لم يخلف نسلا أو
مضى لسبيله . إنتهى .
والغرض انقراض قرون كثيرة ، قوله ( عليه السلام ) : ذهب المجلبون أي المجتمعون على الحق ،
والمعينون للدين أو الأعم .
قال الجزري ، أجلبوا عليه إذا تجمعوا وتألبوا ، وأجلبه أي أعانه ، وأجلب عليه إذا صاح به
واستحثه ، والطود بالفتح : الجبل العظيم ، وفي بعض النسخ بالراء وهو بالضم أيضا الجبل ،
والأول أصوب ، والمغيض : الموضع الذي يدخل فيه الماء فيغيب ولعل المعنى أنه بحر
العلوم والخيرات فهي كامنة فيه ، أو شبهه ببحر في أطرافه مغائض فإن شيعتهم مغائض
علومهم .
قوله ( عليه السلام ) : ومجفو أهلها أي إذا أتاه أهله يجفونه ، ولا يطيعونه ، قوله : هلعت أي صارت
حريصة على إهلاك الناس ، قوله : ولا يجوز ، في بعض النسخ : ولا يخور إذا المنون أكسفت
والخور : الجبن ، والمنون : الموت ، والكماة بالضم ، جمع الكمي وهو الشجاع ، أو لابس
السلاح ، ويقال ظفر بعدوه ، فهو ظفر والضرغامة بالكسر : الأسد ، قوله : حصد أي يحصد
الناس بالقتل ، قوله : مخدش أي يخدش الكفار ويجرحهم والذكر من الرجال بالكسرة القوي
الشجاع الأبي ، ذكره الفيروزآبادي .
وقال : الرأس أعلى كل شئ وسيد القوم ، والقثم ، كزفر : الكثير العطاء .
وقال الجزري : رجل نشق إذا كان يدخل في أمور لا يكاد يخلص منها ، وفي بعض النسخ
باللام والباء يقال : رجل لبق ككتف أي حاذق بما عمل ، وفي بعضها شق رأسه أي جانبه
والبازخ العالي المرتفع .
قوله : وغارز مجده ، أي مجده الغارز الثابت ، من غرز الشئ ، أي أدخله وأثبته ، والمحتد
بكسر التاء : الأصل . وقوله : ينوص صفة للصارف ، وقال الفيروزآبادي : المناص الملجأ ،
وناص مناصا تحرك ، وعنه تنحى وإليه نهض .
قوله : فذو دعائر ، من الدعارة ، وهو الخبث والفساد ، ولا يبعد أن يكون تصحيف
الدغائل ، جمع الدغيلة وهي الدغل والحقد . أو بالمهملة ، من الدعل ، بمعنى الختل ، قوله
عليه السلام : فإن جاز لك . أي تيسر لك مجازا ، ويقال : انثنى ، أي انعطف .
قوله ( عليه السلام ) : ولا تجيزن عنه أي إن أدركته في زمان غيبته ، وفي بعض النسخ : ولا تحيزن
بالحاء المهملة والزاي المعجمة ، أي لا تتحيزن من التحيز عن الشئ بمعنى التنحي عنه ،
ذكر كل ذلك المجلسي ( ره ) في البحار ثم قال : وكانت النسخ مصحفة محرفة في أكثر ألفاظها .
أقول : تقدم ما يدل على المقصود ويأتي ما يدل عليه في كشف العلوم إن شاء الله تعالى .
عزة الأولياء بظهوره ( عليه السلام )
في دعاء الندبة ( 1 ) : أين معز الأولياء ، ومذل الأعداء ؟
– وفي كمال الدين ( 2 ) عن أبي جعفر ( عليه السلام ) قال : كأني بأصحاب القائم ( عليه السلام ) قد أحاطوا ما
بين الخافقين ، ليس من شئ إلا وهو مطيع لهم حتى سباع الأرض وسباع الطير تطلب
رضاهم في كل شئ ، حتى تفخر الأرض على الأرض وتقول مر بي اليوم رجل من أصحاب
القائم ( عليه السلام ) .
عذاب الأعداء
– عن أبي عبد الله ( عليه السلام ) ( 3 ) في قوله تعالى : * ( ولئن أخرنا عنهم العذاب إلى أمة معدودة ) *
قال : العذاب خروج القائم ، والأمة المعدودة ، أهل بدر وأصحابه .
– وقال علي بن إبراهيم ( 4 ) في قوله تعالى : * ( سأل سائل بعذاب واقع ) * ( 5 ) سئل أبو
جعفر ( عليه السلام ) عن معنى هذا ؟ فقال : نار تخرج من المغرب . وملك يسوقها من خلفها ، حتى تأتي
دار بني سعد بن همام عند مسجدهم ، فلا تدع دارا لبني أمية إلا أحرقتها وأهلها ، ولا تدع
دارا فيها وتر لآل محمد إلا أحرقتها وذلك المهدي ( عليه السلام ) .
أقول : يأتي ما يدل على ذلك في حرف القاف .
عدله ( عليه السلام )
– أظهر صفاته الحسنة ، ولهذا لقب بالعدل كما في الدعاء المروي عنه ( 6 ) لليالي شهر
رمضان ( 7 ) : اللهم وصل على ولي أمرك القائم المؤمل ، والعدل المنتظر .
– وفي حديث أبي المروي في كمال الدين ، وغيره عن النبي ( صلى الله عليه وآله ) قال في وصفه ( عليه السلام ) :
أول العدل وآخره ( الخ ) ، يريد بذلك كمال عدله وقل ما يخلو حديث ذكر فيه عن ذكر عدله .
– فعن النبي ( صلى الله عليه وآله ) في كمال الدين ( 1 ) : إن خلفائي وأوصيائي وحجج الله على الخلق
بعدي الاثنا عشر ، أولهم أخي ، وآخرهم ولدي . قيل : يا رسول الله ، ومن أخوك ؟ قال :
علي بن أبي طالب . قيل فمن ولدك ؟ قال : المهدي الذي يملأها قسطا وعدلا ، كما ملئت
جورا وظلما ، والذي بعثني بالحق بشيرا ، لو لم يبق من الدنيا إلا يوم واحد ، لطول الله ذلك
اليوم ، حتى يخرج فيه ولدي المهدي ، فينزل روح الله عيسى ابن مريم ، فيصلي خلفه ،
وتشرق الأرض بنوره ، ويبلغ سلطانه المشرق والمغرب .
– وعن سيد الشهداء ( 2 ) قال : لو لم يبق من الدنيا إلا يوم واحد لطول الله ذلك اليوم ،
حتى يخرج رجل من ولدي ، فيملأها عدلا وقسطا ، كما ملئت جورا وظلما كذلك سمعت
رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) يقول .
أقول : الأخبار في هذا المعنى متواترة جدا ، ونذكر بعضها فيما يأتي إن شاء الله تعالى ،
والذي يظهر لي من تتبع موارد الاستعمال أن العدل أعم من القسط ، فإن القسط يستعمل في
مقام توفية حق الغير ، مثل مقام أداء الشهادة والقضاء والكيل والوزن ونحوها ، والعدل
يستعمل فيما يستعمل فيه القسط وفي غيره .
وبعبارة أخرى : القسط لا يستعمل إلا فيما يرجع إلى الغير . والعدل يستعمل في ما يرجع
إلى النفس والغير .
فالعدل موافقة الحق مطلقا والقسط موافقة الحق في مورد الخلائق ، وإن شئت تصديق ما
ذكرنا فارجع إلى الآيات الشريفة القرآنية المذكور فيها العدل والقسط ، والجور ضد القسط
والظلم ضد العدل ، فالظلم هو التجاوز عن الحق مطلقا ، والجور هو التجاوز عن الحق الراجع
إلى الغير .
والأحاديث الواردة بهذا المضمون تدل على أن الحكام والرؤساء والقضاة يجورون في
حكومتهم بين الناس في آخر الزمان ، وهم يظلمون أنفسهم وغيرهم أيضا ، وإذا ظهر
القائم ( عليه السلام ) ، رفع الجور وعدل في الحكومة بينهم ، واجتث أصل الظالمين وفرعهم ، بحيث
يشمل عدله جميع العالم فلا يظلم أحد أحدا .

شاهد أيضاً

ثلاث عمليات لقوات المسلحة اليمنية حققت أهدافها بنجاح

أعلنت القوات المسلحة اليمنية تنفيذ قواتها البحرية ثلاث عمليات عسكرية استهدفت سفينة ومدمرة أميركيتين في ...