تتجه الأنظار إلى كبرى المحافظات السوريّة حلب، مع استمرار الجيش السوري وحلفائه في الحشد والتجهيز لعملية تبدو غير مسبوقة. المجموعات المسلّحة كانت قد مُنيت بخسارات جسيمة من جرّاء الغارات الروسيّة الجويّة المتتالية، كما تعاني من جراء معارك الاستنزاف المستمرّة ضد «داعش»، ما يجعلُ حصولها على مزيد من الدعم شرطاً أساسيّاً لقدرتها على مواجهة «العاصفة»
الجيش السوري بالتعاون مع قوات الدفاع الوطني وتغطية جوية روسية اطلق معركة حلب الكبري وفتح أكثر من ۱۰ جبهات حيث سيطر على بلدات (حدادين الغربية و الكسارات و منطقة المداجن) في مزارع الزيتون ، كما استعاد السيطرة على قلعة نجم وقرية عبطين بريف حلب الجنوبي إضافة إلى قرى “السابقية وكدار”، وذلك في إطار العملية العسكرية التي بدأها الجيش السوري بالتعاون مع الحلفاء بريف حلب الجنوبي الغربي .
ليس جديداً أن تكونَ الأنظارُ موجّهة إلى المشهد العسكري في حلب، لكنّ حجم الاستعدادات التي ينهمكُ فيها معسكر الجيش السوري وحلفائه في «عاصمة الشمال» هو الجديد هذه المرّة. وبالتزامن مع عودة جبهات ريف حلب الشمالي إلى الاستعار على وقع المعارك بين تنظيم «الدولة الإسلاميّة» من جهة ومجموعات «الجبهة الشاميّة» وحلفائها من جهة أخرى، ومع بدء الجيش السوري عمليات جديدة تهدف إلى فك الحصار الذي يفرضه «داعش» على مطار كويرس العسكري في ريف حلب الشرقي، واصل الجيش وحلفاؤه استقدامَ حشود عسكريّة غير مسبوقة إلى مناطق سيطرة الدولة السورية في ريف حلب، ما يوحي بأنّ العملية الكُبرى باتت على وشك الانطلاق.
الأرتال الجديدة التي تدفّقت في الأيّام الأخيرة اشتملت على أسلحة ثقيلة (بعضُها يدخل حلب للمرّة الأولى) وعلى قوّات سوريّة وحليفة انضمّت إلى أخرى تتمركز على مسافة لا تزيد على 25 كيلومتراً جنوب شرق حلب، وفي نقطة يمكن استخدامها منطلقاً نحو غير جبهة: شرقاً باتجاه كويرس، وغرباً باتجاه الزربة، وجنوب غرب باتجاه أبو الضهور (ريف إدلب الشرقي).
وخلال اليومين الماضيين انتقل قسمٌ من القوّات والمعدّات إلى داخل مدينة حلب ليتمركز في ثكنة المهلّب المطلّة على حي بني زيد، أحد أبرز معاقل المسلحين في المدينة، ونقطة الانطلاق الدائمة لـ«مدافع جهنّم» التي دأبت على استهداف المناطق السكنيّة الواقعة تحت سيطرة الدولة السورية. وتواصل الطائرات الروسية شنّ غارات في محيط حلب، ألحق بعضُها خسائر فادحةً بالمجموعات المسلّحة. وهي خسائر لا يبدو تعويضها سهلاً في المدى المنظور، ومن أبرزها تقويض معسكر «الشيخ سليمان» على نحوٍ شبه كلي. ويُعتبر المعسكر المذكور أبرز معسكر أقامته الجماعات المسلّحة داخل الأراضي السوريّة على الإطلاق. وشهد «الشيخ سليمان» تدريب كوادر «جهاديّة» انخرطت في صفوف معظم المجموعات، من «داعش» مروراً بـ«جبهة النصرة» وليس انتهاءً بـ«جيش المهاجرين والأنصار». كذلك، دمّرت المقاتلاتُ الروسيّة مستودعاتٍ عامرةً بأسلحة وذخائر في منطقة المنصورة (ريف حلب الغربي) كان قائد «لواء الأنصار» حسام الأطرش قد عمل شهوراً على تجهيزها، مستفيداً من مبلغ الفدية الذي حصل عليه مقابل إطلاق الناشطتين الإيطاليتين (فانيسا مارزولو وغريتا راميلي) قبل أن تؤول ملكيّة المستودعات إلى «جيش المجاهدين» بقرار «لجنة تحكيم شرعيّة» («الأخبار»، العدد 2708). كذلك أدّت الغاراتُ إلى تقويض مجمّع «كارفور» في الليرمون (6 كلم شمال حلب)، الذي كان بمثابة غرفة عمليات وإمداد خلفيّة في معظم المعارك التي شنّتها المجموعات في تلك المنطقة.