الرئيسية / تقاريـــر / الحشد الشعبي في العراق يلعب دوراً مصيرياً في محاربة الإرهاب- الوقت

الحشد الشعبي في العراق يلعب دوراً مصيرياً في محاربة الإرهاب- الوقت

حظيت زيارة وزير الخارجية العراقي “إبراهيم الجعفري” إلى مصر بأهمية خاصة نظراً للظروف المعقدة والمتشابكة في الشرق الأوسط في ظل التطورات السياسية والعسكرية المتسارعة التي تشهدها المنطقة. ومنذ إنطلاق عمليات تحرير مدينة الفلوجة في العراق قبل نحو أسبوعين حاولت بعض الأبواق الإعلامية العربية والعالمية العزف على وتر الطائفية للتقليل من أهمية الإنتصارات التي تحققها القوات العراقية وقوات الحشد الشعبي في هذه العمليات، وذلك من أجل خدمة أجندة أجنبية تهدف إلى إضعاف العراق وقوى المقاومة في عموم المنطقة. حول هذه المحاور أجرى موقع الوقت التحليلي -الاخباري مقابلة خاصة مع المحلل السياسي العراقي الدكتور “جاسم الموسوي” إليكم نصّها.

الوقت: ما هي دلالات زيارة وزير الخارجية العراقي الدكتور “إبراهيم الجعفري” الأخيرة إلى القاهرة ولقائه مع الرئيس المصري “عبد الفتاح السيسي”، وما هي الأهداف التي تكمن وراء هذه الزيارة في هذا الوقت بالذات؟

الدكتور الموسوي: بكل تأكيد لا زال العراق يشعر بأن المحيط العربي لم يكن متفاعلاً بشكل إيجابي مع حاجته لمحاربة الإرهاب. وزيارة الدكتور “الجعفري” إلى القاهرة تشير إلى أن العراق يعوّل على مصر في أن تلعب دوراً مهماً في تقريب وجهات النظر في العالم العربي حول ما يجري في العراق لمواجهة الارهاب، خصوصاً وأن هناك تسويقات خطيرة تحاول تصعيد الموقف، ومنها تصريحات الأزهر الأخيرة التي أخذت في الحقيقة مساحة أكثر من مساحتها العقلائية. فالعراق يرى في مصر باعتبارها دولة عربية كبيرة وقادرة على التأثير على باقي الدول العربية، و أن بإمكانها أن تلعب دوراً مهماً في الـتأثير على القرار السياسي في الدول العربية بشأن علاقتها مع العراق وتهيئة الأجواء لتشكيل تحالف عربي لمساعدة العراق على وقف تدفق الإرهابيين من بعض الدول العربية وبالتالي الحد من مخاطر الإرهاب على العراق.

الوقت: برأيكم ما هي الدول العربية التي لا تقف إلى جانب العراق في حربه ضد الإرهاب وتسعى في الوقت نفسه لإطالة الأزمة في العراق بدلاً من حلّها في أسرع وقت ممكن؟

الموسوي: يمكنني القول بأن 90 بالمئة من أنظمة الدول العربية لم تتعامل بجديّة مع العراق ولم تقف إلى جانبه من أجل التصدي للإرهاب، وأعطت مساحة لتدفق الإرهابيين عبر أراضيها إلى العراق. وهذه الدول لازالت تعيش صدمة سقوط نظام صدام الدكتاتوري ولهذا إتخذت مواقف طائفية سياسية. والحكومة العراقية تعرف أن هذه المواقف تهدف إلى تغيير النظام السياسي الحالي في العراق وإستبداله بنظام آخر ينسجم مع الأجواء السياسية والتوجهات الطائفية التي تحكم تلك الأنظمة. ولذلك يحرص العراق على تغيير هذه المواقف وإحتوائها أو تحييدها على أقل تقدير. وفي الوقت الحاضر لايعوّل العراق على أيّ من هذه الأنظمة لمساعدته في التصدي للإرهاب ولهذا إستعان بدول أخرى غير غربية وفي مقدمتها الجمهورية الإسلامية في إيران.

وأضاف الموسوي إن الكثير من الأنظمة العربية لازالت تتوهم بأن الحكم في العراق لايمثل كافة أطياف الشعب العراقي، وهذا خلاف الحقيقة لأن نظام الحكم في العراق هو نظام برلماني ويتم توزيع السلطات فيه بشكل عادل ومتوازن على ضوء نتائج الإنتخابات.

الوقت: هناك بعض الغموض حول عمليات تحرير الفلوجة. ففي الوقت الذي يؤكد فيه قادة الحشد الشعبي بأن دور الحشد يقتصر على تحرير أطراف ومحيط الفلوجة ولا ينوي الدخول إلى المدينة، كما ان أمريكا قد قالت منذ البداية بأنها لا تريد دخول الحشد الشعبي إلى مركز الفلوجة وتعارض ذلك بشدة، واشارت إلى أنه في حال دخول الحشد إلى هذه المدينة فإنها سوف لن تقدم أيّ دعم جوي لهذه العمليات. برأيكم ما هي العراقيل التي تضعها أمريكا امام الحشد الشعبي للحيلولة دون دخوله إلى مركز الفلوجة، وكيف تفسرون الغموض المحيط بهذا الموضوع حول تحرير الفلوجة؟

الموسوي: منذ تشكيل الحشد الشعبي كانت هناك هجمة كبيرة وشرسة جداً لإستهدافه من قبل دول كثيرة عربية وغير عربية وكذلك من قبل بعض الأطراف المشاركة بالعملية السياسية في العراق والتي تتعامل بنهج طائفي. ولهذه طلبت هذه الأطراف من الكثير من الدول والأنظمة العربية كي لا تتعامل مع الحشد. ولكن الحقيقة إن الحشد كان حريصاً منذ البداية على أن يكون تحت إمرة القائد العام للقوات المسلحة رئيس الوزراء “حيدر العبادي”. وفي معركة تحرير الفلوجة تم تعيين نقاط إنطلاق الحشد ونقاط توقفه بالتنسيق مع القائد العام للقوات المسلحة. ورغم الجهود الكبيرة التي يبذلها الحشد لإنقاذ المناطق العراقية المحتلة من قبل الجماعات الإرهابية لازالت الأطراف المغرضة تحاول إتهام الحشد بالطائفية لتحقيق مآربها، ولذلك قررت قيادة الحشد الشعبي وبالتنسيق مع القائد العام للقوات المسلحة بأن تقتصر مهمة الحشد على المناطق المحيطة بالفلوجة وعدم الدخول إلى مركزها كي لا يُتهم بالطائفية من قبل تلك الأطراف. ولابد من التأكيد هنا على أن الحشد الشعبي يحرص على الإلتزام بمعايير وقوانين الدولة العراقية وهو قد أدى دوراً كبيراً ومهماً في محاصرة عناصر تنظيم داعش الإرهابي في الفلوجة فيما تقوم قوات الجيش العراقي وأبناء العشائر السنيّة بتنفيذ بقية المهام المتعلقة بهذه العمليات كي يسقط جميع الذرائع التي يحاول اصحابها الصاق تهمة الطائفية بالحشد الشعبي.

الوقت: وهل يمكن بتقديركم أن يتم تحرير الفلوجة من يد الإرهابيين دون دخول قوات الحشد الشعبي إلى داخل المدينة؟

الموسوي: الدور الذي قامت به قوات الحشد الشعبي في بداية إنطلاق عمليات تحرير الفلوجة كان مؤثراً جداً حيث تمكنت هذه القوات من تطهير المناطق المحيطة بالمدينة بوقت سريع جداً فاق ما كان متوقعاً ضمن الخطة المرسومة. ولهذا أستطيع القول إن القوات المسلحة الأخرى المشاركة في هذه العمليات وأبناء العشائر السنيّة سيتمكنون من تحرير الفلوجة بالكامل. وفي حال تطلب الأمر لن يبق الحشد الشعبي مكتوف الايدي وعلى أمريكا أن تتفهم ان دور الحشد هو دور حاسم في هذه العمليات والعمليات الأخرى التي تستهدف تطهير المدن والمناطق العراقية المحتلة من تنظيم “داعش“.

الوقت: كيف تنظرون إلى التصريحات الإستفزازية التي أطلقها السفير السعودي في بغداد “ثامر السبهان” مؤخراً والتي إتهم فيها الحشد الشعبي في العراق بالطائفية في ملف تحرير الفلوجة؟ وكيف تنظر الشرائح المثقفة والنخبوية في العراق لهذه التصريحات.

الموسوي: بعد عام 2005 وتحديداً بعد إتفاقية مكة لم تتخذ السعودية موقفاً إيجابياً تجاه العراق ونظرت إلى الأمور بطائفية مقيتة بعد إعدام الدكتاتور صدام، والسفير السعودي في بغداد يعمل اليوم ضمن هذا الإطار لتدمير البنى التي حاول العراقيون تحقيقها من خلال تحسين قواهم وقدراتهم السياسية، ولهذا نحن نعتقد إن السفير السعودي في العراق يجب أن يُراقب وان تكون جميع تحركاته على أرض الواقع تحت نظر العراقيين لأنه يسعى في الحقيقة إلى إذكاء الفتنة الطائفية في العراق خصوصاً وإنه يعمل بنظرة طائفية متطرفة ولا يعمل برؤية سياسية، ولذلك يجب مراقبة تحركاته وتصريحاته بدقة لاسيّما وان هذا السفير كان يعمل في المجالات الإستخبارية والأمنية والتصريحات التي يطلقها بشأن العراق هي خارج سياق عمله الدبلوماسي الذي يفترض أن يراعي القوانين والأعراف السياسية المعتمدة بين الدول والتي حددها القانون الدولي.

الوقت: كيف تقيّمون المطالبات التي تقدم بها عدد من الكتل السياسية في البرلمان العراقي بطرد السفير السعودي من البلاد؟

الموسوي: في الحقيقة هذه المطالبات هي مطالبات قانونية طبقاً للقانون الدولي الذي ينص على إنه لايحق لأيّ سفير أن يتدخل بالأمن الوطني أو القومي للدولة التي يتواجد فيها، أو أن يتصرف بشكل يعرض أمن هذه الدولة إلى الخطر، والسفير السعودي تصرف خلافاً لهذا القانون ومن حق البرلمان والكتل السياسية البرلمانية أن يطالبوا بطرده من العراق وأن يتم تفعيل هذا الأمر بشكل جاد؟

الوقت: كيف تنظرون وتقيّمون ما يطرح في بعض وسائل الإعلام العربية والعالمية المعادية لمحور المقاومة والتي تحاول تجاهل خسائر “داعش” وباقي الجماعات الإرهابية في الفلوجة وتسعى إلى التركيز على أمور أخرى للتقليل من أهمية الإنتصارات التي يحققها الحشد الشعبي والقوات العراقية المسلحة؟ وبرأيكم ما هي الأسباب التي تقف وراء تبني هذه الوسائل لمثل هذا الخطاب الإعلامي؟

الموسوي: ينبغي القول هنا إن الكثير من وسائل الإعلام العربية تتبنى منذ سنين وتحديداً بعد عام 2004 إستراتيجية تهدف إلى تجميد الصراع (العربي – الصهيوني) و (الإسلامي – الصهيوني) وتأجيج الصراع الطائفي بين السنّة والشيعة، ولهذا يركز هذا الإعلام على الخلافات المذهبية للتصيد في الماء العكر والضرب في المناطق المظلمة والتي ربما تنجم عن أخطاء شخصية، وذلك من خلال تهويلها وتصويرها على انها تمثل صراعاً طائفياً. وبما إن تنظيم “داعش” هو إحدى الأدوات الصهيوأمريكية في المنطقة، يسعى هذا الإعلام للتعامل مع هذا التنظيم بطريقة تساعد على بقائه وبقاء الإرهاب. وللأسف الشديد هناك الكثير من وسائل الإعلام العربية التي لا تدرك أنها بهذه الطريقة تحفر قبور الأنظمة التي تروج لها وتدافع عنها، لأن الإرهاب والدول الداعمة له سينقض على هذه الأنظمة إذا ما تمكن من البقاء، ولذلك فإن هذا النوع من الإعلام هو إعلام مأجور ومدفوع الثمن لخدمة أجندات خارجية ويعمل في إطار “رؤية عمياء”، بل أكاد أجزم إنه ينظر بعين واحدة ويتصرف وفق رؤية مشوّهة ومعايير مزدوجة في إطار المشروع الصهيوأمريكي في المنطقة.

شاهد أيضاً

الزهراء الصديقة الكبرى المثل الأعلى للمرأة المعاصرة / سالم الصباغ‎

أتشرف بأن أقدم لكم نص المحاضرة التي تشرفت بإلقائها يوم 13 / 3 في ندوة ...