الوقت – تقوم الإستراتيجية الأمنية للكيان الإسرائيلي على ثلاثة أسس رئيسية هي زيادة القدرات العسكرية لاسيّما في المجال الجويّ ورفع مستوى القابلية على الردع ومعالجة مشكلة فقدان العمق الجغرافي التي يعاني منها هذا الكيان.
لهذه الأسباب يحاول الكيان الإسرائيلي منع أيّ قوة من مهاجمته أو مباغتته من خلال إعتماد منظومة جويّة متطورة والقيام بخطوات إستباقية من قبيل شن هجوم مباغت على هذه القوة قبل أن تبدأ هي بمهاجمته كما حصل في 5 حزيران/يونيو عام 1967 عندما أغارت الطائرات الإسرائيلية على عدّة مطارات مصرية في سيناء والدلتا والقاهرة ووادي النيل ودمرت نحو 80% من طائرات مصر وهي جاثمة على الأرض.
ومن الأمثلة الأخرى قيام الطائرات الإسرائيلية من طراز (أف 15) و (أف 16) بمهاجمة مفاعل تموز العراقي في 7 حزيران/يونيو عام 1981 في إطار عملية حملت إسم (أوبرا). وكذلك مهاجمة مقر منظمة التحرير الفلسطينية في تونس بتاريخ 1 تشرين الأول/أكتوبر عام 1985 في إطار عملية حملت إسم (الساق الخشبية) والتي أدت إلى إستشهاد وجرح الكثير من أعضاء المنظمة، وغيرها من العمليات التي إستهدفت مناطق متعددة في سوريا والسودان وقطاع غزة في أوقات متفرقة.
وما نريد تسليط الضوء عليه في هذا المقال هو مدى إمكانية شن هجوم جويّ على إيران من قبل سلاح الجو الإسرائيلي في ظل التهديدات المتكررة التي يطلقها هذا الكيان بين الحين والآخر لاستهداف المنشآت النووية الإيرانية رغم توقيع طهران الإتفاق النووي مع مجموعة (5+1) في تموز/يوليو 2015 واعتراف العالم بسلمية النشاطات النووية الإيرانية.
وتجدر الإشارة إلى أن الكيان الإسرائيلي يتخذ الملف النووي ذريعة للتهديد بشن هجوم على إيران للتغطية على الأسباب الحقيقية للعداء بين الجانبين ومن أهمها عدم إعتراف الجمهورية الإسلامية في إيران بهذا الكيان ودعمها المتواصل للشعب الفلسطيني لإستعادة حقوقه المشروعة في الأرض والوطن، وكذلك وقوفها المبدئي إلى جانب قوى المقاومة التي تتصدى للمشروع الصهيوأمريكي في المنطقة.
وقبل الإجابة عن التساؤل السابق المتعلق بإمكانية مهاجمة الکيان الإسرائيلي لإيران لابد لنا من الإشارة أولاً إلى حجم ونوعية القوة الجويّة الإسرائيلية طبقاً للمعلومات المتوفرة في هذا المجال:
تأتي القوة الجويّة الإسرائيلية في المراتب المتقدمة بين نظيراتها في العالم بسبب الميزانيات الضخمة التي يخصصها الکيان الإسرائيلي في هذا المجال. فهذا الكيان يمتلك مجموعات كبيرة من الطائرات بينها 872 طائرة مقاتلة، منها 540 طائرة هجومية و315 طائرة من مختلف طائرات الإستطلاع، بالإضافة إلى أسراب من الطائرات المجهزة بالرادارات والمخصصة للحرب الإلكترونية وطائرات النقل والتدريب والتزود بالوقود، إلى جانب 390 طائرة من مختلف أنواع الطائرات العمودية.
وفيما يلي إشارة إلى بعض أنواع هذه الطائرات:
1- طائرة مقاتلة من طراز (أف 15) والتي تبلغ سرعتها القصوى 2650 كم في الساعة وتستخدم في المطاردة والإعتراض، والقصف التكتيكي والقتال الجويّ.
2- طائرة قاذفة من طراز (أف 16) أمريكية الصنع وتصل سرعتها إلى 2075 كم في الساعة وتستخدم في تنفيذ الضربات الجويّة الإستراتيجية وعمليات الهجوم على الأهداف الجويّة.
3- طائرة قاذفة من طراز (فانتوم) تصل سرعتها إلى 2300 كم في الساعة وهي متعددة المهام من بينها الإعتراض والقصف الجويّ، وهي مخصصة أيضاً لمهمات الإستطلاع الجويّ.
4- أسراب من طائرات الإنذار المبكر.
5- أسراب من الطائرات العمودية (الهليكوبتر) الهجومیة.
6- أسراب من طائرات الهليكوبتر المتعددة المهام.
7- أسراب من طائرات الهليكوبتر المخصصة للنقل.
– منذ أواخر ثمانينيات القرن الماضي يمتلك الكيان الإسرائيلي 19 سرباً من الطائرات بينها 12 سرباً من الطائرات الإعتراضية، و 6 أسراب من الطائرات المقاتلة، وسرب واحد من طائرات الإستطلاع.
أبرز نقاط ضعف سلاح الجو الإسرائيلي:
– إمكانية تعرضه لمشاكل وعقبات فنية خصوصاً فيما يتعلق بالحرب الإلكترونية.
– فقدان الرؤية والسيطرة خصوصاً أثناء الظروف الجويّة السيئة.
– فقدان السيطرة والتحكم على طائرات الإستطلاع الخفيفة الوزن لاسيّما أثناء العواصف الترابية والرملية.
– مشاكل متعددة في الإقلاع والهبوط أثناء الظروف الجويّة السيئة.
– صعوبة إستمكان الأهداف المسقفة والمخفية تحت الأرض.
– إمكانية تعرض طائرات الإستطلاع للإستهداف بسبب الضجيج الذي تحدثه أثناء الطيران.
– إمكانية التشويش على الطائرات الإسرائيلية من خلال إيجاد مجالات مغناطيسية لإرباك عمل الأجهزة الإلكترونية المزودة بها هذه الطائرات.
السيناريوهات المحتملة للهجوم الجويّ الإسرائيلي على إيران
– عن طريق إختراق الأجواء الأردنية والعراقية.
– عن طريق إختراق الأجواء السورية والعراقية أو التركية.
– عن طريق إختراق الأجواء السعودية.
– عن طريق عبور البحر الأحمر والمحيط الهندي.
– عن طريق جمهوريتي أذربيجان وأرمينيا. وهذا الإحتمال يعد ضعيفاً بسبب عدم توفر قرائن وأدلة تشير إلى إمكانية إختياره من الناحية العملية، رغم وجود مؤشرات على إمكانية الإستفادة منه لأغراض التجسس.
القوة الجويّة والدفاع الجويّ الإيراني
تمتلك إيران أسراباً متعددة من مختلف أنواع الطائرات المقاتلة والقاذفة من بينها طائرات (قاهر 313) المصنعة محلياً والقادرة على إنجاز عمليات التحليق في مستويات منخفضة، وطائرات (صاعقة 2) التي تتمتع بميزات فريدة من نوعها وهي مزودة بمعدات متطورة مما يزيد من كفاءتها فنياً وقتالياً، وطائرات (آذرخش) المقاتلة، بالإضافة إلى تمكنها من تطوير طائرات (أف 4 وأف 5) و (أف 14 توم كات)، و(F-5A) و(F-5B التي تعرف باسم سيمرغ). كما قامت بتطوير طائرات (ميغ 29) الروسية الصنع التي تتميز بسرعة تبلغ 900 ميل/الساعة، وكذلك تطوير مروحيات (سي كوبرا AH-) التي تتميز بسرعة تصل إلى 219 ميل/الساعة.
كما تمتلك إيران طائرات إستطلاع متطورة من طراز (RQ170/آر كيو 170) و(شاهد) و(أبابيل) و(مهاجر) و(فطرس) و(شاهين) و(كرار) والأخيرة تعرف بقدرتها على الطيران بمسافة 620 ميل.
إلى جانب ذلك تمتلك إيران منظومات كثيرة من الصواريخ المضادة للطائرات بينها صواريخ (إس 300) التي نشرتها مؤخراً حول موقع فردو النووي قرب مدينة قم جنوب العاصمة طهران، إضافة إلى إمتلاكها صواريخ ذات قدرات تدميرية هائلة بينها صواريخ (شهاب) و(بدر) و(سجّیل) و(فجر) و(عقاب) و(قدر) و(صياد) و(ثاقب) و(ميثاق). كما تمكنت من تطوير قدرة إصابة هذه الصواريخ لأهدافها باستخدام الليزر لتصبح نسبة الخطأ في إصابة الهدف لا تتعدى 5 أمتار فقط.
وقامت إيران أيضاً بتصنيع وتطوير أنظمة محاكاة الطائرات والرادارات كرادار (حسيب) و(بصير 110)، بالإضافة إلى تطوير أنظمة المراقبة الكهروبصرية وأنظمة التصوير عن طريق الأقمار الصناعية، ومستشعرات الليزر.
من خلال هذه المعطيات يمكن القول بأن سلاح الجو الإسرائيلي ورغم إمتلاكه قدرات هائلة لا يمكنه إختراق المنظومات الإيرانية المتطورة من الأسلحة الدفاعية والهجومية، بالإضافة إلى عوامل الردع المهمة الأخرى التي تمتلكها إيران وتجعلها قوية جداً أمام أيّ تهديد إسرائيلي، ومن بينها إمتلاكها لرصيد هائل من الدعم الشعبي والجماهيري في دول كثيرة في المنطقة، بالإضافة إلى محور المقاومة والفصائل الفلسطينية المقاومة.