الإمام المهدي عجل الله فرجه الشريف 8
20 يناير,2017
طرائف الحكم
1,949 زيارة
التمهيد
فالانتظار الإيجابي يعني التمهيد لخروج حبيب قلوبنا وقائدنا المهدي، فقد ورد العديد من الروايات التي يفهم منها ضرورة وجود أنصار وأتباع يقومون بدور التوطئة والتمهيد للمهمة الكبرى التي سيقوم بها الإمام عجل الله تعالى فرجه.
فمثلاً ورد عن رسول الله صلى الله عليه وآله: “يخرج أناس من المشرق فيوطئون للمهدي”2.
2-سنن ابن ماجه، في باب خروج المهدي، من كتاب الفتن، ج2، ص8631.
وعنه صلى الله عليه وآله: “إذا رأيتم الرايات السود قد أقبلت من خراسان، فأتوها ولو حبواً على الثلج، فإن فيها خليفة الله المهدي عجل الله تعالى فرجه”3.
وعن الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام: “يخرج رجل قبل المهدي من أهل بيته بالمشرق يحمل السيف4 على عاتقه ثمانية أشهر، يقتل… ويتوجّه إلى بيت المقدس فلا يبلغه حتى يموت”5.
إلى غير ذلك من الأحاديث الكثيرة التي تشير إلى رايات حق ترفع قبل ظهور المهدي عجل الله تعالى فرجه.
فإذن علينا أن نساعد في تعجيل خروج المهدي عجل الله تعالى فرجه وذلك بتهيئة الظروف المناسبة لخروجه، يقول القائد دام ظله: “… واجبكم اليوم هو أن تمهِّدوا له الأمور لكي يأتي وينطلق من تلك القاعدة المهيّئة، لا يمكن الانطلاق من نقطة الصفر. المجتمع الذي يمكنه أن يتقبّل حكومة المهدي الموعود أرواحنا فداه هو المجتمع المستعد المتوفر على القابلية لذلك، وإلا فسينتهي إلى نفس المصير الذي انتهى إليه الأنبياء على امتداد التاريخ.
ما هو السبب الذي لم يتمكن معه الكثير من أنبياء أولي العزم من تطهير العالم من الفساد والرذيلة؟ السبب هو أن الظروف لم تكن مهيئة.
3-المستدرك للحافظ، في كتاب الملاحم والفتن، ج4، ص205.
4- السيف لا يعني أنه يحارب بالسيف، ولكن ذلك كناية عن الحرب والجهاد.
5- المستدرك للحافظ، في باب خروج المهدي من مكة إلى بيت المقدس، الفتن، ص69.
ولماذا لم يتمكن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام من اجتثاث جذور الفساد في عهده رغم ما كان يتصف به من قوّة ربّانية، ومع ما له من علم متصل بمعدن الحكمة الإلهية، ومع تلك الإرادة الراسخة، ومع كل تلك المناقب، ومع كثرة توصيات الرسول صلى الله عليه وآله به؟ بل وقع العكس، وأزيح هو عن الطريق! فقتل في محرابه لشدّة عدله، وذلك لأن الظروف والأجواء لم تكن مهيئة، فعكَّروا الأجواء عليه، واختطوا حب الدنيا وتحقيق المطامع نهجاً في وجهه، فالذين اصطفوا في مواجهة أمير المؤمنين عليه السلام في أواخر عهده أو في أواسطه لم تكن لديهم أرضية راسخة من التدين والورع. فإذا لم تكن الظروف مهيئة تنتهي إلى وقوع أمثال هذه النكبات، فإذا ظهر إمام الزمان عجل الله تعالى فرجه في ظروف غير مهيئة سينتهي إلى نفس تلك النهاية، إذن فلا بد من التمهيد له…”.
“… إننا لا يمكننا أن نعتبر أنفسنا من المنتظرين دون التمهيد للظهور، ظهور المهدي الموعود أرواحنا فداه، والتمهيد يتم بالالتزام بالأحكام الإسلامية والقرآنية، فكما ذكرت، جاء في الروايات “والله لتمحّصُن، والله لتغربلن”، هذا التمحيص وهذا الامتحان الكبير الذي يواجهه مريدو ولي العصر عجل الله تعالى فرجه وشيعته هو نفسه السعي لتطبيق الأحكام الإسلامية، وعليهم أن يسعوا لذلك…”.
كيفية التمهيد أنصار المهدي عجل الله تعالى فرجه
لقد ورد الكثير من الروايات التي تناولت مواصفات أصحاب وأنصار المهدي عجل الله تعالى فرجه، فكلّما كان هؤلاء الأصحاب مهيئين كلما كان خروج المهدي
أرواحنا فداه قريباً. فمن مواصفاتهم:
أولاً: الإيمان ومعرفة الله
روى ابن أكتم الكوفي في كتاب الفتوح عن أمير المؤمنين علي عليه السلام أنه قال: ويحاً للطالقان فإن لله عزَّ وجلَّ بها كنوزاً ليست من ذهب ولا فضة ولكن رجال مؤمنون عرفوا الله حق معرفته وهم أنصار المهدي في آخر الزمان6.
ثانياً: الشجاعة
ينقل صاحب كتاب عقد الدرر حديثاً طويلاً يقول فيه: “ويلقي الله محبته في صدور الناس، فيسير مع قوم أُسد النهار، ورهبان الليل”7.
وينقل صاحب كتاب البرهان عن تهذيب الآثار لابن جرير حديث يذكر فيه صفات أصحاب المهدي عجل الله تعالى فرجه فيقول: “يخرج إليه الأبدال من الشام، وعصب أهل المشرق، وإن قلوبهم زير الحديد، رهبان الليل، ليوث النهار”8.
ثالثاً: الإخلاص
عن الباقر عليه السلام في حديث طويل يقول: “… كيف أنتم لو رأيتم صاحبكم؟ فيقولون: والله لو ناوى الجبال لناويناها معه”9.
6- كنز العمال، ج7، ص262.
7-الفتن والملاحم، ج1، ص345.
8-الحاوي، ج2، ص66.
9- احقاق الحق، التستري، ج9، ص604.
رابعاً: العبادة والدعاء
كما مرّ في الحديث: “… فيسير معه مع قوم أُسد بالنهار، رهبان بالليل”.
خامساً: الزهد
عن رسول الله صلى الله عليه وآله يتحدث عن آخر الزمان فيقول: “راحلة في ذلك الزمان بقتبها ينجو عليها المؤمن له خير من دسكرة تغِل مائة ألف…”10.
سادساً: الثبات
ففي رواية: “لا تزال عصابة من أمتي يقاتلون على أبواب دمشق وما حولها وعلى أبواب بيت المقدس وما حولها لا يضرهم خذلان من خذلهم ظاهرين على الحق إلى أن تقوم الساعة”11.
إلى غير ذلك من الروايات الكثيرة التي تعطي مواصفات محدّدة لأنصار المهدي الحبيب.
يقول القائد دام ظله: “… ومن الدروس الأخرى المستقاة من الإيمان بالمهدي ومن احتفالات النصف من شعبان بالنسبة لي ولكم هو أنه بالرغم من أن الإيمان بالمهدي
10- السنن الواردة في الفتن، أبي عمرو المقرئ، ص969.
11- صحيح مسلم، مسلم النيسابوري، ج6، ص54.
أرواحنا فداه يمثل غاية سامية لا يتطرق إليها الشك، ولكن يجب أن لا تنتهي القضية عند حدود التمنّي أي تبقى طموحاً قلبياً أو تتخذ طابعاً احتفالياً أو تتردد على اللسان على أحسن تقدير كلا، فهي أمنية لا بد أن يردفها العمل، فالانتظار الذي تحدثوا عنه ليس الجلوس وذرف الدموع، بل الانتظار إنما يعني وجوب إعداد أنفسنا جنوداً لإمام الزمان، فالجندية عند إمام الزمان ليس بالأمر الهيِّن، بل الجندية عند منقذ عظيم يصبو لمقارعة دوائر الهيمنة والفساد الدوليين كافة تحتاج إلى بناء ذات ووعي وبصيرة… فينبغي أن لا يراودنا التصور أنه بما أن إمام الزمان سيأتي ويملأ الدنيا عدلاً وقسطاً فلا تكليف علينا الآن. كلا، بل العكس، إذ أننا مكلفون الآن بالتحرك باتجاه الاستعداد لظهوره عجل الله تعالى فرجه.
… إن الإيمان بإمام الزمان لا يعني الإنزواء، وقبل انتصار الثورة كانت التيارات الضّالة وما زالت تروّج الآن هنا وهناك إلى أن إمام الزمان سيأتي ويصلح الأمور فما عسانا صانعين الآن! وما الداعي لأن نتحرك! مثل ذلك كامتناع المرء عن ايقاد السراج في الليل المظلم بحجة أن الشمس ستشرق في غد… فإذا ما شاهدنا الظلم والإجحاف والتمييز والعنجهية تسود أرجاء الدنيا في الوقت الحاضر فتلك مما يظهر إمام الزمان لمكافحتها، وإذا كنا جنوداً لصاحب الزمان فعلينا الاستعداد لمكافحتها، وإن أعظم واجب يتحمّله المنتظرون لإمام الزمان هو الاستعداد من الناحية المعنوية والأخلاقية والعملية ومن حيث ترسيخهم للأواصر الدينية والعقائدية والعاطفية مع المؤمنين، وكذلك منابذة الجبابرة،… ومن كان على استعداد
للدفاع عن القيم وعن الوطن الإسلامي وعن راية الإسلام الخفاقة في حالة تعرض بلد الإسلام للخطر بوسعه الإدعاء بأنه سيقتحم سوح الخطر خلف إمام الزمان إذا ما ظهر، أما الذين ينهارون وترتعد فرائصهم في مواجهة الخطر والانحراف ومفاتن الدنيا وحلاوتها، والذين ليسوا على استعداد للقيام بأية حركة من شأنها تعريض مطامعهم للخطر فأنّى لهم أن يكونوا في عداد المنتظرين لصاحب الزمان عجل الله تعالى فرجه؟
فالمنتظر لذلك المصلح العظيم يتعيّن عليه إعداد مقوِّمات الصلاح في نفسه ويعمل ما يمكِّنه من الثبات لتحقق الصلاح”.
إيران الإسلام والتمهيد للمهدي عجل الله تعالى فرجه
يقول القائد دام ظله: “… ولكن كيف يتحقق هذا التمهيد؟ يتحقق بنفس الصورة التي تشاهدون أمثلة لها في مجتمعكم. في إيران الإسلامية اليوم تألّق معنوي لا نظير له في أي موضع آخر من العالم، على حد علمنا وفي ضوء الأخبار والتقارير التي تتناهى إلينا، ولسنا غافلين عمّا يجري في العالم، في أي موضع من العالم تجد اليوم شباباً يسحقون شهواتهم المادّية ويتجهون نحو الآفاق المعنوية طبعاً هناك أيضاً بضعة شبّان يشذون عن هذه القاعدة، وهذه ظاهرة طبيعية في كل العالم بمثل هذا العدد الهائل على هذه الشاكلة ومن أبناء جيل واحد، لا نظير لهذا التوجه المعنوي وبهذا الزخم، في العالم كله إلا على هذه الأرض.
كان البعض يتصوّر أن هذه الظاهرة تختص بفترة الحرب! صحيح أن ظروف فترة الحرب كانت أكثر خصباً، وكانت افرازاتها في هذا الجانب أسمى وأبرز، لكن هذه الظاهرة غير مختصة بفترة الحرب، بل هي مشهودة اليوم أيضاً.
فالشبّان الخيرون المؤمنون من أبناء حزب الله قد سحقوا شهواتهم النفسية وتجاوزوا مطامع المال والثروة وإن وجد بعض آخر ممّن يلهث وراء هذه المغريات، ويلوِّثون الأجواء وساروا بكل ورع وهمَّة وبصيرة غير آبهين لأمثال هذه الزخارف وأمثال هؤلاء يقتصر وجودهم على هذا البلد، إذن يمكن التقدّم في ظل هذه الأوضاع نحو الصلاح خطوة بعد أخرى.
وهكذا الحال بالنسبة للنساء أيضاً، ولعله يمكن القول أن نساء بلدنا أفضل من نساء أي بلد آخر في العالم، فالمرأة في بلدنا لها سبق في العمل السياسي وفي النشاط الثقافي وفي الجوانب التشكيلية الأخرى، وعندما يحل وقت الجهاد ترسل الأمّهات في بلدنا أبناءهن إلى الجبهة بأنفسهن، وبها السبق في إدارة البيت والأعمال وتربية الأولاد…
فهذا البلد والحمد لله بلد مقتدر وعزيز، وحتى الأعداء يشهدون له بالرفعة ولشعبه بالعظمة، ولمسؤوليه بالإخلاص والإيمان والتمسك بالإسلام، وهذا كله من بركات الإسلام. إذن من الممكن تمهيد الأجواء.
وإذا اتسع بإذن الله وجود مثل هذه الأجواء تكون الأرضية قد وطئت أيضاً لظهور بقية الله أرواحنا فداه، وتتحقق عند ذاك الأمنية العريقة التي طالما راودت أذهان البشرية وأذهان المسلمين…”.
في الحقيقة إن كلام القائد حول دور إيران في التمهيد لظهور المهدي عجل الله تعالى فرجه ليس كلاماً خطابياً إنما هناك إشارات كثيرة من الروايات، تؤكد الدّور المهم للدولة الإيرانية الإسلامية.
من مثل ما ورد عن الحسن عليه السلام قال: “يخرج بالري (وهي منطقة في إيران) رجل… في أربعة آلاف، ثيابهم بيض، وراياتهم سود، يكون على مقدِّمة المهدي لا يلقاه أحد إلا فلّه”12.
وعن رسول الله صلى الله عليه وآله: “إذا رأيتم الرايات السود قد، أقبلت من خراسان، فأتوها ولو حبواً على الثلج، فإن فيها خليفة الله المهدي”13.
12- أخرجه الحافظ ابن حماد في كتاب الفتن.
13- أخرجه الحافظ أبو نعيم.
اللهم عجل لوليك الفرج 2017-01-20