لهذه الاسباب حرموا الاحتفال بالمولد النبوي الشريف- جميل ظاهري
17 ديسمبر,2016
صوتي ومرئي متنوع
925 زيارة
أن اختياري لمحمداً ، ليكون الأول بين أهم وأعظم رجال التأريخ ، قد يدهش القراء ، ولكنه الرجل الوحيد في التأريخ كله الذي نجح أعلى نجاح على المستويين : الديني والدنيوي .
ولأنه أقام الى جانب دولة جديدة ، فإنه في هذا المجال الدنيوي أيضاً ، وحد القبائل في شعب ، والشعوب في أمة ، ووضع لها كلَ أسس حياتها ، ورسم أمور دنياها ، ووضعها في موضع الانطلاق الى العالم . أيضاً في حياته ، فهو الذي بدأ الرسالة الدينية والدنيوية ، وأتمهما” – المؤرخ الأميركي الشهير “مايكل هارت” في كتابه ” أعظم مائة شخص في التاريخ ” .
كانت البشرية تعيش قبل ولادة محمد بن عبد الله (ص) فترة عصيبة من تاريخها، ضلَّتْ فيها طريق الْهدى والرشاد، وانحرفَت عنِ الفطرة الالهية والمنهجِ الربانِي، وجاء مولده الشريف ليكون الرحمةَ المهداةَ والسراج المنير للبشرية قاطبة، ليجعل الله سبحانه وتعالى علَى يديه سعادة وخروج البشرية من الظلمات الَى النورِ، ونشر الخير والفضيلة، فكان مولد الرسول الأكرم (ص) إيذاناً باندحار الباطلِ والشر، وإعلاماً بظهور الحق والخيرِ والحدث الذِي سيُغَيِّرُ مَجْرَى التاريخِ الذي عاد اليه أصحاب وهواة الضلالة والشرك والوثنية ما أن فارقت روحه الطاهرة (ص) هذه الدنيا الفانية وبدأت مصائب الأمة خاصة شيعته وأنصاره وأعوانه تدب منذ “رزية الخميس” وحتى يومنا هذا. كان لمولده المبارك صلى الله عليه وآله وسلم نذيرا بزوال دولة الشرك، ونشر الحق والخير والعدل بين الناس، ورفع الظلم والبغي والعدوان.
بعد أن كانت الدنيا تموج بألوان الشرك والوثنية وتمتلئ بطواغيت الكفر والطغيان والقبلية الجاهلية التي لا تزال متوارثة في عالمنا الاسلامي حتى يومنا هذا بسبب انقلاب أبناء الطلقاء على الحق والحقيقة، وتكاتفهم وتحالفهم مع “أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا” – المائدة:82، حلف الأحزاب القائم حتى ساعتنا هذه يريقون بها دماء الأبرياء هنا وهناك زيفاً وزوراً وبهتاناً للشريعة السماوية السمحاء وما جاء به الصادق الأمين “وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ” – الأنبياء:107 .
كانت أم القرى والعالم بأسره على موعد مع حدث عظيم له تأثيره في مسيرة البشرية جمعاء وحياتها، وسيظل نوره يشرق على الكون، ويرشد بهداه الحائرين، حتى قيام الساعة.. حيث مهد الله سبحانه وتعالى وأعد الأسباب والعلامات والمعجزات الباهرات لميلاد محمد الأمين (ص) النور المشرق تسهيلاً لمهمته الجليلة ورسالته العظيمة، منذ اللحظة الأولى في حياته، بل إنها كانت قبل تجلي ذلك بعقود، من أسمه المبارك وحتى مسيرة نموه وتربيته وحياته ورعايته ومن قبل كل ذلك الدلائل والبراهين الواضحة لمولده الميمون . ففي 17 من ربيع الأول من عام الفيل (571) تشرف الكون بميلاد سيد الخلق وخاتم المرسلين محمد (ص)، ذلك العام الذي كتب بالتأريخ بلون ذهبي مشرق بعدما اندحر “أبرهة” وجيشه الجرار الذي جاء به لمكة بغية هدم الكعبة وكانت تلك أول علامة وخصيصة خصها البارئ المتعال لميلاد الصادق الأمين (ص)؛ ثم إرتجاس أيوان كسرى وسقوط أربعة عشرة شرفة منه، وخمدت “نار فارس” بعد عمر أكثر من ألف عام، كما وغاضت بحيرة “ساوة” – جاء في كتاب “هواتف الجان” حيث قال الحافظ أبو بكر محمد بن جعفر بن سهل الخرائطي: حدثنا علي بن حرب، حدثنا أبو أيوب يعلى بن عمران – من آل جرير بن عبد الله البجلي – حدثني مخزوم بن هاني المخزومي، عن أبيه (ج/ص: 2/ 328) . الاحتفال بمولد الجبيب محمد المصطفى (ص) نبي الرحمة والمودة والرأفة الألهية والسراج المنير للبشرية ليس “بدعة محرفة دخلت الاسلام، كما يدعي أصحاب الزيف والإنحراف أحفاد وشيعة الطلقاء وذوات الرايات خوفاً من وقوف الأمة على الحقائق الملوثة بزيف فتاواهم فينقلب السحر على الساحر وتشرق شمس الحرية في ربوع بلداننا؛ بل الاحتفال لالمولد النبوي الشريف هو تذكير بقيم الخير والفضيلة وتعظيم وإظهار الحب والود لخاتم الرسل (ص)، ومن أبرز مصاديق “ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب”؛ وتذكير بقيم الخير والفضيلة وسنة حسنة كما قالها الشهيد السعيد الدكتور الشيخ محمد سعيد رمضان البوطي، وتأكيد على أهمية الوحدة ونبذ التفرقة والاهتمام بتربية النشء والحفاظ عليهم في أجواء الفتنة والإغراءات العاصفة في الأمة الاسلامية . يقول المفكر الفيلسوف الفرنسي “ألفونس دو لامارتن”.. النبي محمد (ص) هو النبي الفيلسوف المحارب الخطيب المشرع قاهر الاهواء وبالنظر الى كل مقاييس العظمة البشرية أود أن أتساءل: هل هناك من هو أعظم من النبي محمد (ص)؟؟؛ كما يرى الأديب البريطاني الشهير “هربرت جورج ويلز”.. في النبي محمد (ص) أعظم من أقام دولة للعدل والتسامح، ولضيق المقال لا يسعنا التطرق لكل ما قيل في هذه الشخصية العبقرية الكبيرة ولكن نتساءل هنا ماذا فعل الصحابة مع الرسول الأعظم (ص) في حياته وبعد مماته وكيف أنهم نكثوا كل ما قال وأوصى به وماذا فعلوا بريحانته الوحيدة سلام الله عليها وبذريته عليهم السلام ووصيه الأوحد بلا فصل الامام علي بن أبي طالب أمير المؤمنين عليه السلام، من بعده. کما يصادف يوم 17 ربيع الأول ذکرى ولادة الامام جعفر بن محمد الصادق عليه السلام المبارك السادس من أئمة أنوار الهدى والتقى في المدينة المنورة من سنة 83 من الهجرة، حيث شكل مع آبائه الطاهرين الميامين حلقات متواصلة مترابطة متفاعلة تتصل برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، يشکلون مدرسة وتجربة حية تجسد الاسلام الاصيل وتطبق فيها احکامه وتحفظ مبادءه . الائمة من أهل البيت عليهم السلام ورثوا العلم إبناً عن أب عن جد حتى ينتهوا الى أمير المؤمنين الامام علي بن أبي طالب عليه السلام الذي قال رسول الله (ص) فيه: “أنا مدينة العلم وعلي بابها”، وهو بذلك ينتهي الى النبي الأكرم (ص) وهو الوارث لعلومه ومعارفه وحكومته
2016-12-17