نظام البحرين … غباء القوة وجنون السلطة !؟ – نصار إبراهيم
31 يناير,2017
تقاريـــر
989 زيارة
البحرين… هنا شعب أدمن التمرد والمقاومة على دروب الحرية والكرامة منذ عقود طويلة.. شعب صغير لم يصمت يوما.. ولم يتوقف عن التضحية… لقد جعلوا منه حقلا لتجارب أجهزة الاستخبارات المحلية وغيرها بهدف قهره وإرضاخه وإجباره على الصمت… لكنه لم ينكسر.
ما أقدم عليه نظام البحرين بالأمس حين قام بصلب ثلاثة شبان بحرانيين وإعدامهم وبدم بارد رميا بالرصاص بذريعة مهاجمتهم لقوى الأمن والشرطة… عمل يقترب من الغباء، بل ويتجاوز نحو جنون السلطة ووهم العظمة وغباء القوة.
يعرف النظام جيدا تاريخ الشعب البحريني في المقاومة… ويعرف جيدا كم هو صبور وعنيد وذكي هذا الشعب … فمنذ أكثر من خمس سنوات وهو يلازم حقوقه لا يكل ولا يمل… شعب متمرس وبارع في الصبر.. فتجاوز بمهارة كل المصائد التي نصبها النظام وحلفاؤه له.. فلم يسقط في الاستفزاز ولم يذهب إلى حيث تريد أدوات القمع له أن يذهب … دائرة الانتحار الذاتي…
النظام يعرف كل هذا… ولكنه رغم ذلك يواصل التصعيد والاستفزاز وكأنه يريد تدمير الهيكل على رأس من فيه…
لقد أثبت هذا النظام وللمرة الألف أنه يفتقد لحس المسؤولية الوطنية وأخلاقها… ولهذا فهو يغامر بالبحرين.. ليس من منطلق الثقة بقوته وجبروته الذاتي المفترض أو بجبروت حلفائه.. إنه على ما يبدو يغامر ويذهب لدائرة الجنون لأنه في العمق يراهن على حكمة شعب البحرين… إنه حتى وهو يقتل ويعدم ويتجاوز يقوم بذلك لأنه يراهن على ضبط النفس من قبل الشعب الذي يقوم بقهره.. وليس على قوته الذاتية..
لو أن النظام يملك عقلا سياسيا متوازنا ورصينا لتأمل قليلا… أو لقام بطرح السؤال البديهي التالي: ماذا لو أن شعب البحرين خرج عن نطاق السيطرة!؟
سيدفع بعض “الساسة والمثقفين والإعلاميين” بالنقاش والمقاربات نحو زوايا الطائفية المقيتة، وكأن الصراع هو بين مكونات الشعب البحراني الطبيعية، وبهذا يتجاوزون أصول النقاش وأصول الحوار وبديهيات الانتماء… يتجاوزون مفهوم الشعب ليبرروا ثقافة التمزيق والتقسيم والقهر والقتل… مثل هؤلاء ينسون أن الأصل هو المواطنة… وأن الشعب تكوين شامل لكل أطيافه… وأي عبث في ركائز وحدته وهويته يعني تدمير المفهوم من جذوره…
معادلات السياسة الذكية وحكمة التاريخ تعلمنا أنه حين يصل الوضع في مجتمع إلى حالة غليان واحتدام ومواجهة.. حين يحاول الشعب بكل طاقته أن يضبط نفسه وردود فعله… فإن ذلك يفرض على النظام أن يملك قدرا عاليا من الحكمة والخيال السياسي .. فلا يدفع بالتناقضات نحو نهاياتها القصوى المروعة بممارسات أقرب للرعونة والغطرسة والاستفزاز.
فما الذي سيفعله النظام إذا انفلت الأمر… وأصبح البحرين ساحة مواجهات تغرق في الدماء والفوضى والانتقام!؟.
ما يثير القلق في هذه اللحظة أن العقل الذي يخطط ويدير المواجهة… لا يقيم وزنا لمعادلات التاريخ ومعادلات الشعوب.. بل إنه لا يأبه أصلا بمصير شعب اليحرين ولا بمصير النظام ذاته حين تنفلت الشياطين من قيودها.
لا نتمنى لشعب البحرين سوى العزة والحرية والكرامة.. لا نريد له ولا نتمنى أن يغرق في دوامة الدم والفعل ورد الفعل… نتمنى أن يتجاوز اللحظة… ولكن لكي تكون الأمنيات منطقية.. فإنها مشروطة بأن يعي طرف المعادلة الآخر في البحرين خطورة المرحلة وخطورة الخيارات وخطورة المعادلات التي وصلت الحالة إليها في البحرين…
حتى اللحظة… وبالرغم من القمع والقهر والدماء والدموع والتضحيات الغالية… فلا يزال شعب البحرين منضبطا و”عاقلا”.
حتى اللحظة وبكل آلامها أثبت شعب البحرين أنه إله الصبر والانتظار والعناد…
حتى االلحظة بكل جنونها يبرهن شعب البحرين أنه يملك عقلا جمعيا وطنيا وازنا.. وبأنه شعب يعي بالممارسة معنى المسؤولية الوطنية وأخلاقها الناظمة والمحددة.
حتى اللحظة بكل أبعادها أثبت شعب البحرين أنه أم الطفل ووالده… فيما نظام العائلة الحاكمة يلقي بالطفل وأمه في أتون المحرقة…
ولكن إلى متى… ستبقى المعادلات ضمن هذا السقف!؟.
2017-01-31