رفعت لواء الجهاد قبل ان يجب عليك، وحملت البندقية قبل ان يشتد عودك، لكن روحك قد سبقت جسمك، تلك الروح الكبيرة التي تصاغر أمامها الأبطال، وانحنت عندها كل معاني الشموخ؛ لقد بلغت الحلم في ساحات الوغى، لكنك بلغت مبلغ الرجال قبل هذا بسنين، لم تكن البندقية تناسب قامتك فحاولوا منعك وصدك عن الجهاد، لكنك أمام أعينهم تناولت البندقية — نص أخمس— وعلقتها بكتفك فأسكت الجميع، وضربت مثلًا في الإصرار على سلوك طريق ذات الشوكة.
ولد في القطاع السادس والسبعين في مدينة الثورة ببغداد عام 1970م وسط أسرة محافظة من أتباع أهل البيت عليهمالسلام ربته على الطيبة وحبهم عليهالسلام.
لم يمهله النظام البعثي الحاقد بالعيش مع أصدقائه من أبناء تلك المحلة الفقيرة التي عانت الأمرّين على أيدي عصابات البعث، لالشيء سوى التزامها بمنهج أهل البيت عليهمالسلام، فيوم كان عمره أحد عشر عامًا، استيقظت أسرته صباحًا على طرقات الباب المتتالية وصيحات أوباش أمن صدام، ففتحوا الباب لينهال عليهم المجرمون بالسباب والشتائم وقائلين «خمينيون! شملكم قرار الحزب والثورة بالتسفير إلى إيران»، ولم يعيروا أي إهتمام لكلمات والده المسكين الذي حاول ان يبرز لهم الوثائق العراقية الكاملة، ومنعوا والدته التي حاولت جمع ما يحتاجونه، فكل ما في البيت كان يحسب ملك للحزب وللقائد الضرورة، وياليتهم أعدوهم كاليهود الذين استطاعوا بيع ممتلكاتهم ومغادرة العراق.
أرسلوا إلى أحد مراكز التسفير ثم أركبوا مع أسر أخرى، وألقي بهم على الحدود الإيرانية.
في تلك الحالة المأساوية وصلوا إيران واستقبلوا هناك، ثم أرسلوا إلى أحد مخيمات اللاجئين، ومنها أختاروا السكن في مدينة الأهواز.
التحق بمجاهدي بدر بتاريخ 01/07/1985م وكانت أولى مشاركاته مع الفوج الثاني فبعد أن استقر في النقطة الثالثة الواقعة في تقاطع الكسر مع البرمائية في هور الحويزة، قصف موقعهم من قبل إحدى طائرات العدو الشراعية وسقط أحد الشهداء( ) في الماء، فنزل أبوجواد ووضع إحدى يديه تحت الشهيد، ورفع اليد الأخرى مكبرا الله أكبر، فأسرع المجاهدون وساعدوه لإخراج الشهيد من الماء، ثم حاولوا إبعاده لئلا يتأثر أبو جواد لصغر سنه ولعدم رؤيته شهيدا قبل ذلك لكنه أخذ يصيح «توقعتم أنني أخاف، وكأنه قد جيء بي مجبرا الى هنا… كلّا كلّا»؛ فعل كل ذلك في وقت لازالت طائرات العدو في سماء المنطقة.
اشترك مع فوج الشهيد الصدر في معظم العمليات الجهادية التي نفذت في هور الحويزة، ففي عمليات عاشوراء الرابعة وبعد ان تمت السيطرة على جميع الأهداف، كان أخوه أبويوسف( ) ضمن مجموعة الغواصين التي نفذت الضربة الأولى ضد أكبر نقاط العدو المواجهة للفوج، فاستشهد وعندما سمع كاظم الخبر حمد الله ونزلت قطرات من دموعه على وجنتيه.
لقد تعلم أبوجواد من مدرسة أبيعبدالله الحسين عليهالسلام دروسا في الصبر والصمود الذي لايعرف للانكسار والهون معنى، فهي تعتقد ان كل ما تقدمه من قرابين للإسلام فهو قليل.
انتقل إلى فوج الإمام موسى الكاظم وشارك في العمليات البطولية التي نفذها الفوج على مشارف مدينة البصرة، وكان يتنقل من موضع إلى آخر، يقاتل البعثيين، وبعد ان أبلى بلاءً حسنًا أصيب فهوى جسده على ثرى وطنه وعرجت روحه إلى أعلى عليين مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقًا.
بقي جسده في أرض المعركة ليحشر يوم القيامة شاهدًا على جرائم البعثيين، ولم يعثر عليه لحين كتابة هذه الأسطر.
سلام عليك أبا جواد يوم ولدت ويوم استشهدت ويوم تبعث حيًّا
وسلام على أخيك أبييوسف وعلى جميع شهداء الإسلام.