من مواليد محافظة بغداد- مدينة الكاظمية المقدسة عام 1960م، نشأ وسط أسرة محبة وموالية لأهل البيت عليهم السلام، مواظبة على زيارة باب الحوائج الإمام موسى الكاظمعليهالسلام، لتقتبس من فيض نوره، فكان محمد ملتزمًا منذ نعومة أظفاره، يتردد على المجالس الحسينية، ليأخذ منها الدروس والعبر الثورية، ولينهل من ذلك المعين الحسيني الذي لاينضب.
قضى شطرًا من حياته الدراسية، أنهى فيها اعدادية الصناعة، قسم الكهرباء، فعرف في تلك المرحلة بحركته الدؤوبة في الوسط الطلابي، وقد جبلت نفسه الأبية على بغض البعثيين…
نتيجة لالتزامه ونشاطه الإسلامي، كان موضع مراقبة زبانية الاتحاد الوطني، تتابعه عيونهم، وتلاحقه خطواتهم، حتى نأت نفسه بتحمل ذلك الوضع الذي لايطاق، فهاجر عام 1980م إلى الجمهورية الإسلامية عن طريق كردستان بواسطة أحد أبنائها، ليضع حدًّا لتلك المعاناة، ويطوى صفحتها، وليجد في الأرض مراغمًا كثيرة وسعة، ويعمل بفتوى القائد الصدر( ).
تطوع يوم 01/03/1986م في قوات بدر المجاهدة ليلتحق بالدورة الثامنةعشرة — دورة الشهيد أبيأيمن البغدادي( ) ، ضمن فوج الشهيد الصدر، فوجد فيه ضالته المنشودة، وأمنيته التي طالما راودته ان يكون جنديًّا من جنود الاسلام، يحمل سلاح بيد والقرآن بيد أخرى، ليملأ أرض المقدسات بكلمة لااله الا الله، وتعود البسمة التي فارقت الشفاه سنين طوال، وتعود الفرحة إلى القلوب الحرى.
في 01/09/1686م اشترك في عمليات حاج عمران، وكان مع مجاميع الصولة لفوج الشهيد الصدر التي اقتحمت حصون العدو، وحررت قمم كردمند وقد أبلى بلاءا حسنا فيها.
بتاريخ 21/01/1987م اشترك في ملحمة أخرى من ملاحم الجهاد والبطولة على مشارف مدينة البصرة، وكان أحد أصحاب الجسر الذين صور بطولاتهم كتاب الجسر( ) والذين ضربوا أروع الأمثلة في البطولة والتضحية وأذاقوا العدو البعثي ذلًّا وهوانا.
عرف بحسن المعاشرة، وبشاشة الوجه، كان يحب ان يدخل السرور إلى قلوب إخوانه، زاهدًا في الدنيا وزخرفها، لم تخدعه بزبرجها، بالرغم من انه كان يملك الكثير منها، ولو كان لغيره من عبيد الدنيا، لانكب عليه ولما فارقه… توجه إلى الجهاد في سبيل الله، ولنصرة الدين، يبتغي بذلك رضى الله سبحانه وتعالى لاغير.
كانت آخر محطات حياته في عمليات حلبچه، فبعد تحرير الأهداف لفوج الشهيد الصدر وباقي الأفواج، أخذ العدو بقصف المنطقة، فأصيب أبومصطفى بشظايا في رجليه، واختاره الله سبحانه شهيدا يوم 16/03/1988، ليلتحق بركب الشهداء والشهادة التي يتصدرها سيد الشهداء أبوعبدالله الحسين عليه السلام.
شيع ودفن في مقبة الشهداء في مدينة قم المقدسة.
من وصيته رحمة الله:
اما وصيتي لأخواني المؤمنين خاصة، والمسلمين عامة، فهي الايمان بالله ورسوله، والتمسك بحبله المتين، بوحدتكم وتكاتفكم، وأرجوا منكم وأتوسل اليكم بأحب من تحبون، ان تتركوا الفرقة لأنها رأس البلاء، ورأس كل مصيبة، وصدقوني ان النصر لم ينزل لحد الآن الا بسبب فرقتنا، فجميع من استشهد في سبيل الله كان يوصي بالوحدة، فأقسم عليكم بدمائهم الزكية، التي بذلوها من أجل وحدتكم واتحادكم، ان تتركوا الفرقة والعصبيات، وان يكون الميزان بينكم يا اخواني، التقوى والاخلاص لله عزوجل….
إخواني المؤمنين وخصوصًا المسؤولين منهم، أولا أقول أنكم تحملون أمانه عظيمة، عجزت السموات والجبال والارض عن حملها، وحملتموها انتم، فأرجو منكم ان تحافظوا عليها، لأنها أمانة الله ورسوله والشهداء، الذين صدقوا في سبيل هذه الامانة، وأودعوها اليكم، فحافظوا عليها، باخلاصكم وتقواكم، وعملكم الصالح ومساعدة المستضعفين والفقراء في كل مكان، وخصوصًا شعبي المظلوم في عراق الحسين عليه السلام….
سلام عليك يوم ولدت ويوم استشهدت ويوم تبعث حيا.
الشهيد أبومصطفى الكاظمي على يمين الصورة 1986م