بِسْم الله الرحمن الرحيم ( يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون) البقرة ١٨٣، صدق الله العلي العظيم . يقول الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم:( صوموا تصحوا) .
هذا الحديث الشريف الذي يمكن وصفه بالمثل المشهور:( خير الكلام ما قل ودل) قد يشمل معانٍ متعددة ، كما أننا عندما ندعو في السجدة الأخيرة من صلواتنا اليومية ونقول : ( يا ولي العافية أسألك العافية ، عافية الدنيا والآخرة) ، فلا شك أن المقصود بعافية الآخرة الفوز بدخول الجنة، فكذلك مصطلح ( الصحة ) قد يشمل الصحة الروحية أو الإيمانية ، كما ورد في الآية الكريمة التي ذكرت التقوى في معرض فرض الصيام، وكما جاء في خطبة النبي صلى الله عليه وآله في استقبال شهر رمضان المبارك : ( واذكروا بجوعكم وعطشكم فيه جوع يوم القيامة وعطشه).
وقد يشمل الحديث الصحة الإجتماعية، فقد ورد في نفس الخطبة ( وتصدقوا على فقرائكم ومساكينكم ووقروا كباركم وارحموا صغاركم وصلوا أرحامكم) وفي مقطع آخر ( يا أيها الناس من حسّن منكم في هذا الشهر خلقه كان له جوازعلى الصراط) .
وقد سئل الإمام الحسين عليه السلام : لِمَ افترض الله عز وجل على عبده الصوم فأجاب ( ليجد الغني مسَّ الجوع فيعود بالفضل على المسكين) أما بالنسبة للصحة النفسية، فإن الصوم يعتبر دورة تربوية في قوة الإرادة والصبر على الصعاب وتحمل المشاق ومخالفة الهوى وكبح جماح النفس .
وإذا انتقلنا إلى الصحة البدنية فإن شهر رمضان بلا شك يشكل فترة ترميمية لاستعادة النشاط والمحافظة على صحة الجهاز الهضمي بصورة خاصة والبدن بصورة عامة، باعتبار أن:( المعدة بيت الداء والحمية رأس كل دواء) كما قرر النبي الأكرم(ص) .
ولكن من المؤسف أن كثيراً من الصائمين يسرفون في المأكل والمشرب من المغرب حتى مطلع الفجر، ناسين أو متناسين قوله جل وعلا ( وكُلُوا واشربوا ولا تسرفوا إنه لا يحب المسرفين) الأعراف ٧ . وهذا المعنى تكرر كثيراً في العديد من الروايات المنقولة عن النبي والأئمة عليهم السلام،
مثل قول النبي:( نحن قوم لا نأكل حتى نجوع وإذا أكلنا لا نشبع)
وقوله : ( كل وأنت تشتهي وقم وأنت تشتهي)
وقوله:( ما ملأ ابن آدم وعاءً قط شراً من بطنه) ،
وكذلك قول الإمام علي عليه السلام ( لا صحة مع النهم)
وقوله:( لا تجلس على الطعام إلا وانت جائع ولا تقم عن الطعام إلا وأنت تشتهيه وجود المضغ)
وقول الإمام الصادق عليه السلام ( لو اقتصد الناس في المطعم لاستقامت أبدانهم ).
وجاء الطب الحديث يترسم خطى الإسلام ويؤكد على مخاطر التخمة أو البطنة التي تؤدي إلى السمنة أو البدانة بما فيها من أضرار خطيرة على صحة الإنسان .
حيث أن السمنة المفرطة مرتبطة بداء السكر وارتفاع ضغط الدم وشحوم الدم . وهذه بدورها تؤدي إلى أمراض القلب والدماغ والكلى ، كما وجد الباحثون علاقة بين البدانة وبعض أنواع الأورام الخبيثة كسرطانات الأمعاء الغليظة والمستقيم والمرارة والمعثكلة( البنكرياس) والثدي وجسم الرحم وعنق الرحم والمبيض والموثة( البروستات) .
كما أن السمنة تؤدي إلى حدوث الدوالي والفتوق وحصى المرارة وأمراض المفاصل وداء النقرس ، بالإضافة إلى مضاعفات كثيرة أثناء الحمل والولادة والعمليات الجراحية .
وبشكل عام فإن البدانة تؤثر تأثيراً سيئاً على الجدارة البدنية وعلى رشاقة الجسم وقابلية الشخص على العبادة والعمل . فالنحافة قوة والبدانة ضعف ، والمؤمن القوي خير من المؤمن الضعيف .
https://t.me/wilayahinfo