من أهدافهم الحكومة الإسلامية
إن كثيراً من الناس يظن ظنّاً خاطئاً، أن الأئمة عليهم السلام هم ممَّن تركوا الدنيا وزهدوا بها وبمشاكلها، بحيث يلجأون إلى صومعتهم ليتعبّدوا للَّه تعالى، ويدعوه، غير آبهين بالمجتمع وما يحصل فيه؛ ولا يهمُّهم إلا إلقاء العلم الإسلامي؛ أما تطبيق هذا العلم في الواقع؛ بحيث يؤدي إلى تشكيل حكومة إسلامية؛ فهذا لم يسعوا إليه.
السيد القائد دام ظله يتحدَّث عن هذا الموضوع ويؤكِّد أن أهداف الأئمة أبعد من هذا النظر الضيِّق، يقول سماحته:
“… ماذا نقصد عندما ننسب المواجهة السياسية أو النضال السياسي للأئمة عليهم السلام؟
إن المقصود من هذا الكلام أن جهاد الأئمة لم يكن جهاداً علمياً من قبيل النزاعات التي تدور بين الكلاميين والتي نشاهدها عبر التاريخ، مثل النزاع بين المعتزلة والأشاعرة وغيرهم. فلم يكن هدف الأئمة عليهم السلام من اجتماعاتهم العلمية وحلقات دروسهم وأحاديثهم نقل المعارف الإسلامية والأحكام فقط حتى يثبتوا مدرستهم الكلامية الفقيهة، بل كان هدفهم يفوق هذا.
… إن مواجهة الأئمة عليهم السلام كانت مواجهة ذات هدف سياسي؛ فما هو هذا الهدف إذن؟
الهدف هو عبارة عن تشكيل حكومة إسلامية، وبحسب تعبيرنا حكومة علوية. فكان سعي الأئمة عليهم السلام ومنذ وفاة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم وحتى عام 260ه هو إيجاد وتأسيس حكومة إلهية في المجتمع. ولا نستطيع أن نقول إن كل إمام كان بصدد تأسيس حكومة في زمانه وعصره،
ولكن هدف كل إمام كان يتضمن تأسيس حكومة إسلامية مستقبلية، وقد يكون المستقبل البعيد أو القريب…
إذن هدف تأسيس الحكومة كان دائماً نصب أعين الأئمة عليهم السلام. لكن الزمن المنشود لتأسيسها وقيامها يختلف من إمام إلى آخر.
إن كل الأعمال التي كان يقوم بها الأئمة عليهم السلام، بغض النظر عن الأمور المعنوية والروحية التي تهدف إلى تكامل ورقي النفس الإنسانية وقربها إلى اللَّه تعالى، كانت أعمالاً تهدف إلى تأسيس هذه الحكومة الإسلامية، فنشاطاتهم في نشر العلم والمناظرات التي كانوا يقومون بها ضد خصومهم في العلم والسياسة ومواقفهم إلى جانب جماعة ووقوفهم في وجه أخرى كلها في هذا المجال، وهو تأسيس الحكومة الإسلامية”.