الرئيسية / تقاريـــر / ماذا تريد تركيا من وراء الهجوم على عفرين؟

ماذا تريد تركيا من وراء الهجوم على عفرين؟

الوقت – تحدثت تقارير خبرية كثيرة عن استعداد القوات التركية لشنّ هجوم واسع على منطقة عفرين شمال غرب سوريا. ويعتقد المراقبون أن هذا الهجوم سيكون له تأثير كبير على سير المعادلات الميدانية في سوريا باعتباره يرتبط مباشرة بأهداف أنقرة السياسية حيال الأزمة السورية.

وعفرين هي إحدى المناطق الرئيسية الثلاث التي يسعى أكراد سوريا لإقامة نظام فيدرالي “حكم ذاتي” فيها إلى جانب منطقتي كوباني “عين العرب” والجزيرة. وتحظى هذه المناطق بأهمية إستراتيجية من الناحيتين الميدانية والسياسية، وكانت في مراحل سابقة تحت سيطرة تنظيم “داعش” الإرهابي أو جماعات مسلحة أخرى معارضة للحكومة السورية.

وطيلة السنوات الأربع الماضية شهدت مقاطعات عفرين وكوباني والجزيرة أوضاعاً صعبة جداً بسبب النزاعات المسلحة التي اجتاحتها والتي تركت آثاراً مدمرة على مجمل الأوضاع في هذه المناطق القريبة من الحدود التركية. ومن المقرر أن تتولى الجماعات السورية الموالية لأنقرة تنفيذ الهجوم على عفرين بدعم من القوات التركية في إطار عملية تحمل اسم “سيف الفرات” حسبما ذكرت العديد من وسائل الإعلام التركية.

ورغم أن عفرين معزولة جغرافياً عن باقي الكانتونات الكردية في سوريا (أي كوباني والجزيرة)، فإنها تحتل أهمية إستراتيجية كبيرة في المشروع الكردي، لأنها تشكل الجسر الجغرافي لوصل هذا المشروع بالبحر المتوسط إذا ما أتيحت له ظروف ذلك، كما صرّح بذلك العديد من المسؤولين الأكراد.

والسؤال المطروح: ما هي أهداف أنقرة من وراء الهجوم على عفرين التي تدار حالياً من قبل القوات الكردية السورية؟

يمكن تلخيص الإجابة عن هذا التساؤل بمحورين أساسيين:

الأول: إيجاد ممرات اتصال آمنة بين القوات السورية الموالية لتركيا قرب حدود (حلب – إدلب). وتنتشر هذه القوات التي يطلق عليها اصطلاحاً اسم “المعارضة المعتدلة” في محافظة إدلب والجزء الشمالي من محافظة حلب، وتحديداً في المساحة المحصورة بين منطقتي “إعزاز” و”جرابلس”. وليس بين هذه القوات أي اتصال مباشر تقريباً في الوقت الحاضر.

ومن أجل تحقيق هذا الهدف تسعى تركيا لتحريض المعارضة السورية الموالية لها في إدلب والتي تتشكل في معظمها من عناصر إرهابية تابعة لما يسمى “جبهة النصرة” لشنّ هجوم على جنوب عفرين.

وفي الحقيقة تسعى تركيا من خلال دعم القوات السورية المعارضة للسيطرة على ثلاث مناطق تقع في جنوب وشرق عفرين والتي تمتد من “تل رفعت” ومطار “منغ” وحتى منطقة “دير جمال” وقرية “دار عزة”.

– إضعاف موقف الأكراد السوريين

الهدف الثاني من الهجوم التركي المرتقب على عفرين يكمن بإضعاف موقف أكراد سوريا المنضوين تحت ما يعرف بـ”قوات سوريا الديمقراطية” التي يشار إليها باختصار “قسد” و”حزب الاتحاد الديمقراطي” المعروف اختصاراً باسم “PYD” الذي تتهمه أنقرة بالإرهاب والتعاون مع حزب العمال الكردستاني الـ “PKK” المحظور في تركيا.

ومنذ اندلاع الأزمة السورية في عام 2011 سعت أنقرة لمنع أكراد سوريا من إقامة منطقة حكم ذاتي في شمال وشمال شرق سوريا خشية من تمددها إلى مناطق جنوب وجنوب شرق تركيا بالتنسيق والتعاون مع حزب العمال الكردستاني.

وهناك أهداف أخرى تسعى تركيا لتحقيقها أيضاً من خلال هجومها على عفرين أبرزها ما يلي:

– إن القوات التركية التي سيطرت على مدينة الباب عبر عملية درع الفرات، ترى أن هدفها الأساسي من هذه العملية لم يتحقق بعد، إذ إن إمكانية وصل عفرين بشرقي الفرات لا تزال قائمة، طالما أن منطقة منبج – ومعها مثلث الشيخ عيسى وتل رفعت – تقع تحت سيطرة قوات سوريا الديمقراطية التي تتطلع لربط الكانتونات الكردية مع بعضها البعض.

– إن تركيا التي أُبعِدت بقرار أمريكي من عمليات استعادة الرقّة من تنظيم “داعش” ترى أن استعادة هذه المدينة ستؤدي لاحقاً إلى توجيه الثقل الكردي نحو عفرين، وعليه فإن عملية عسكرية للسيطرة على هذه المنطقة ستكون خطوة استباقية إستراتيجية لمنع تمدد المشروع الكردي وقطع الطريق أمامه نهائيا.

– إن السيطرة على عفرين ستتيح لتركيا مكاسب إستراتيجية على الأرض لجهة ربط مناطق ريفيْ حلب الشمالي والشرقي مع محافظة إدلب، وهو ما سيعزز نفوذ تركيا ودورها في مجمل الأزمة السورية، بل ربما ترى في ذلك تعويضاً عن خسارتها لمعركة حلب لصالح سوريا وحلفائها وفي مقدمتهم روسيا وإيران ومحور المقاومة.

– تركيا التي تستشعر خطر “وحدات حماية الشعب” الكردية وتصنفها كمنظمة إرهابية تريد تقليص نفوذ هذه القوة ومنعها من التقدم جنوب بلدة “مارع” وصولاً إلى أبواب مدينة “الباب” شرقاً، وهي المنطقة التي تقدمت إليها الوحدات الكردية خلال العمليات التي خاضتها ضد تنظيم “داعش”.

– في المقابل فإنّ التفاهم بين تركيا وروسيا حول مصير البلدات المذكورة لم يكتمل بعد. فالأخيرة -كما يبدو- لا تمانع تقدم قوات “درع الفرات” إلى جوارها، بل على العكس، لأن ذلك قد يسهل عملية ضم حلفاء آخرين لمحاربة الإرهاب في شمال سوريا.

 

 

الولاية الاخبارية

 

https://t.me/wilayahinfo

 

[email protected]

شاهد أيضاً

الزهراء الصديقة الكبرى المثل الأعلى للمرأة المعاصرة / سالم الصباغ‎

أتشرف بأن أقدم لكم نص المحاضرة التي تشرفت بإلقائها يوم 13 / 3 في ندوة ...