البدعة مفهومها وحدودها
19 ديسمبر,2017
بحوث اسلامية, صوتي ومرئي متنوع
885 زيارة
ثانياً: القياس والرأي
من المقولات الحادثة ما اعتمد أصلاً في فهم الشريعة واستنباط الاَحكام الشرعية، كالقياس والرأي، فما هو موقف أهل البيت عليهم السلام من هذا الاَمر ؟
1 ـ عن أبي عبدالله الصادق عليه السلام قال: «إنّ أصحاب المقائيس طلبوا
____________
(1) التوحيد، للصدوق: 360 ـ 361 | 5 باب 59.
(2) التوحيد، للصدوق: 361 | 6 باب 59.
(3) التوحيد، للصدوق: 361 | 7 باب 59.
العلم بالمقائيس، فلم تزدهم المقائيس من الحق إلاّ بعداً، وإنَّ دين الله لايُصاب بالمقائيس»(1).
2 ـ وعن أبي جعفر الباقر عليه السلام أنّه قال: إنَّ السُنّة لا تُقاس، وكيف تُقاس السُنّة، والحائض تقضي الصيام ولا تقضي الصلاة(2).
3 ـ عن سعيد الاَعرج قال: قلتُ لاَبي عبدالله عليه السلام: إنَّ من عندنا من يتفقّه يقولون: يرد علينا ما لا نعرفه في كتاب الله، ولا في السُنّة، نقول فيه برأينا؟ فقال أبو عبدالله عليه السلام: «كذبوا، ليس شيء إلاّ وقد جاءَ في الكتاب، وجاءت فيه السُنّة»(3).
4 ـ وعن عثمان بن عيسى قال: سألت أبا الحسن موسى عليه السلام عن القياس، فقال: «مالكم والقياس، إنَّ الله لا يُسأل كيف أحلَّ وكيف حرّم»(4).
5 ـ عن أمير المؤمنين علي عليه السلام قال: «من نصب نفسه للقياس لم يزل دهره في التباس، ومن دان الله بالرأي لم يزل دهره في ارتماس»(5).
6 ـ وعن أبي جعفر الباقر عليه السلام أنّه قال: «من أفتى الناس برأيه، فقد دانَ اللهَ بما لا يعلم، ومَنْ دانَ اللهَ بما لا يعلم، فقد ضادَّ الله حيثُ أحلَّ وحرَّم فيما لايعلم»(6).
____________
(1) اصول الكافي، للكليني 1: 56 | 7 باب البدع والرأي والمقائيس.
(2) المحاسن، لابي جعفر البرقي 1: 338 | 95.
(3) بحار الانوار، للمجلسي 2: 304 | 47 باب 34.
(4) اُصول الكافي، للكليني 1: 57 | 16 باب البدع والرأي والمقائيس.
(5) اُصول الكافي، للكليني 1: 57 ـ 58 | 17 باب البدع والرأي والمقائيس.
(6) اُصول الكافي، للكليني 1: 58 | 17 باب البدع والرأي والمقائيس.
ثالثاً: التشبيه والتجسيم
من أخطر ما وقعت به بعض طوائف المسلمين عقيدتا التشبيه والتجسيم الصادرتان عن قصور في الفهم وجمود في الفكر، فنسبت إلى الله تعالى صفات الاَجسام المحدودة والاَحياء المخلوقة، فكان لاَئمة أهل البيت عليهم السلام دورهم المناسب في كشف خطأ هاتين المقولتين، وإرشاد المسلمين إلى الفهم الصحيح المنسجم مع عظمة الله تعالى وقدسيته:
1 ـ عن أمير المؤمنين علي عليه السلام أنّه قال في صفته سبحانه وتعالى: «… ومن قال: أين، فقد أخلى منه، ومن قال: إلى مَ فقد وقتَّه»(1).
2 ـ وعن علي بن موسى الرضا عليه السلام أنّه قال في وصفه جلّ شأنه: «من شبّه الله بخلقه فهو مشرك، ومن وصفه بالمكان فهو كافر..»(2).
3 ـ جاء يهودي إلى أمير المؤمنين علي عليه السلام فقال: يا أمير المؤمنين متى كان ربُّنا ؟ فقال له عليه السلام: «إنما يقال: متى كان لشيء لم يكن فكان، وربُّنا تبارك وتعالى هو كائن بلا كينونة كائنٍ، كان بلا كيف يكون، كائن لم يزل بلا لم يزل، وبلا كيف يكون، كان لم يزل ليس له قبل، هو قبل القبل بلاقبل وبلا غايةٍ ولا منتهى، غايةٌ ولا غاية إليها، غايةٌ انقطعت الغايات عنه، فهو غاية كلِّ غاية»(3).
4 ـ روي عن العباسي أنّه قال لاَبي الحسن عليه السلام: جعلتُ فداك أمرَني بعض مواليك أن أسألك عن مسألةٍ، قال عليه السلام: «ومن هو ؟ قلتُ: الحسن
____________
(1) التوحيد، للصدوق: 57 | 14 باب 2.
(2) التوحيد، للصدوق: 69 | 25 باب 2.
(3) التوحيد، للصدوق: 77 | 33 باب 2.
بن سهل، قال عليه السلام: في أيِّ شيءٍ المسألة ؟ قلتُ: في التوحيد، قال عليه السلام: وأيُّ شيء من التوحيد ؟ قلتُ: يسألك عن الله جسم أو لا جسم، فقال لي عليه السلام: إنَّ للناس في التوحيد ثلاثة مذاهب، مذهب إثبات بتشبيه، ومذهب النفي، ومذهب إثبات بلا تشبيه، فمذهب الاثبات بتشبيه لا يجوز، ومذهب النفي لا يجوز، والطريق في المذهب الثالث إثبات بلا تشبيه»(1).
5 ـ وروي عن علي بن محمد وعن أبي جعفر الجواد عليهما السلام إنّهما قالا: «من قال بالجسم فلا تعطوه من الزكاة، ولا تصلّوا وراءه»(2).
تأويل ظواهر الآيات والاَحاديث الدالة على التشبيه والتجسيم
1 ـ الوجه:
عن أبي حمزة قال قلتُ لاَبي جعفر عليه السلام قول الله عزَّ وجل:(كُلُّ شَيءٍ هَالِكٌ إلاَّ وَجْهَهُ)؟ فقال عليه السلام: «فيهلك كل شيء ويبقى الوجه ؟ إنَّ الله عزَّ وجلَّ أعظم من أنْ يوصف بالوجه ولكن معناه: كلّ شيء هالك إلاّ دينه، والوجه الذي يؤتى منه»(3).
2 ـ اليدان:
عن محمد بن مسلم قال: سألتُ أبا جعفر عليه السلام فقلتُ: قوله عزَّ وجلَّ:(يَاإبلِيسُ مَا مَنَعَكَ أن تَسْجُدَ لِما خَلَقْتُ بِيَدَي)(4)، فقال عليه السلام: «اليدُ في
____________
(1) التوحيد، للصدوق: 100 ـ 101 | 10 باب 6.
(2) التوحيد، للصدوق: 101 | 11 باب 6.
(3) التوحيد: 149 | 1 باب 12.
(4) ص 38: 75.
كلام العرب القوة والنعمة، قال:(واذكُر عَبْدَنَا دَاوودَ ذَا الاَيْدِ)(1)وقال:(والسَّماءَ بَنَيْنَاهَا بِأيدٍ)(2)، أي بقوة، وقال:(وَأيَّدَهُم بِرُوحٍ مِّنه)(3)، أي: قوّة، ويُقال: لفلان عندي أيادي كثيرة، أي فواضل وإحسان، وله عندي يد بيضاء، أي: نعمة»(4).
وعن محمد بن عبيدة قال: سألت الرضا عليه السلام عن قول الله عزَّ وجلَّ لابليس:(ما مَنَعَكَ أنْ تَسجُدَ لِما خَلَقْتُ بِيَدَي)، فقال عليه السلام: «يعني بقدرتي وقوتي»(5).
عن سليمان بن مهران قال: سألتُ أبا عبدالله عليه السلام عن قوله عزَّ وجلَّ:(والاَرضُ جَمِيعاً قَبضَتُهُ يَومَ القِيَامَةِ)(6)، فقال عليه السلام: «يعني ملكه، لايملكها معه أحد، والقبضُ من الله تبارك وتعالى في موضع آخر: المنع، والبسط منه: الاعطاء والتوسيع، كما قال عزَّ وجل:(واللهُ يَقْبِضُ وَيَبسُطُ وإليهِ تُرْجَعُونَ)(7)، يعني: يعطي ويوّسع، ويمنع ويضيِّق، والقبض منه عزَّ وجلَّ في وجه آخر: الاَخذُ، والاَخذُ في وجهٍ: القبول منه كما قال:(ويَأخُذُ الصَّدَقَاتِ)(8)، أي: يقبلها من أهلها ويثيب عليها، قال: قلتُ: فقوله عزَّ وجلَّ:(والسَّمَواتُ مَطوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ)؟ فقال عليه السلام اليمين اليد،
____________
(1) صَ 38: 17.
(2) الذاريات 51: 47.
(3) المجادلة 58: 22.
(4) التوحيد: 153 | 1 باب 13.
(5) التوحيد: 153 ـ 154 | 2 باب 13.
(6) الزمر 39: 67.
(7) البقرة 2: 245.
(8) التوبة 9: 104.
واليد: القدرة والقوة: يقول الله عزَّ وجلَّ: والسموات مطويات بقدرته وبقوته، سبحانه وتعالى عما يُشركون»(1).
3 ـ الاستواء:
عن عبدالرحمن الحجاج، قال: سألتُ أبا عبدالله عليه السلام عن قول الله تعالى:(الرَّحَمنُ عَلَى العَرشِ استَوَى)، فقال عليه السلام: «استوى في كلِّ شيء، فليس شيء أقرب إليه من شيء، لم يبعد منه بعيد، ولم يقرب منه قريب، استوى في كلِّ شيء…»(2).
4 ـ الغضب والرضا:
من الحوار الذي دار بين أبي قرّة المحدّث صاحب شبرمة وبين الامام الرضا عليه السلام. قال أبو قرّة للاِمام عليه السلام:.. أفتكذّب بالرواية: (إنَّ الله إذا غضب إنَّما يعرف غضبه الملائكة الذين يحملون العرش، يجدون ثقله على كواهلهم، فيخرّون سجداً، فإذا ذهب الغضب، خفَّ فرجعوا إلى مواقفهم) ؟ فقال أبو الحسن عليه السلام: «أخبرني عن الله تبارك وتعالى منذ لعن ابليس إلى يومك هذا وإلى يوم القيامة غضبان هو على ابليس وأوليائه، أو راضٍ عنهم ؟ فقال: نعم هو غضبان. قال عليه السلام: فمتى رضي فخفَّ، وهو في صفتك لم يزل غضباناً عليه وعلى أتباعه ؟ ـ ثم قال عليه السلام ـ ويحك ! كيف تجتريءُ أن تصفَ رَّبكَ بالتغيّر من حالٍ إلى حال، وإنّه يجري عليه مايجري على المخلوقين ؟! سبحانه لم يزل مع الزائلين، ولم يتغير مع المتغيّرين». قال صفوان: فتحيّر أبو قرّة ولم يحر جواباً حتى قام
____________
(1) التوحيد: 161 ـ 162 | 2 باب 17.
(2) اُصول الكافي 1: 128 | 8 باب الحركة والانتقال.
https://t.me/wilayahinfo
[email protected]
الولاية الاخبارية
2017-12-19