قصيدة كتبها الشاعر السوري الراحل عمر بهاء الدين الأميري ويعبر عن الحنين إلى أولاده حينما سافروا وتركوه وحيدا في بيته …
وقد قال عباس محمود العقاد عن هذه القصيدة : ( لو كان للأدب العالمي ديوان لكانت هذه القصيدة في طليعته ) :-
أين الضجيج العذب والشغب * أين التدارس شابه اللعب ؟
أين الطفولة في توقدها * أين الدمى في الأرض والكتب ؟
أين التشاكس دونمـا غرض * أيـن التشاكي ما له سبب ؟
أين التباكي والتضاحك في * وقت معاً والحزن والطرب ؟
أين التسابق في مجاورتي * شغفا إذا أكلوا وإن شربوا ؟
يتزاحمــون على مجالستي * والقـرب مني حيثما انقلبـوا
يتوجهون بسوق فطرتهم * نحـوي إذا رهبوا وإن رغبوا
فنشيدهم : بابا إذا فرحوا * ووعيدهم : بابا إذا غضبـوا
وهتافهم : بابا إذا ابتعــدوا * ونجيهم : بابا إذا اقتربـوا
بالأمس كانوا ملء منزلنا * واليوم ويح اليوم قد ذهبـوا
وكأنما الصمت الذي هبطت * أثقاله في الدار إذ غربـوا
إغفاءة المحمــوم هدأتها * فيــها يشيــع الهــم والتعــبُ
ذهبوا أجل ذهبوا ومسكنهم * في القلب ما شطوا وما قربوا
إني أراهم أينمــا التفتت * نفسي وقـد سكنوا وقد وثبوا
وأحس في خلدي تلاعبهم * في الدار ليس ينالهم نصبُ
وبريق أعينهم إذا ظفروا * ودمـوع حرقتهم إذا غلبـوا
في كل ركـن منهــم أثــر * وبكل زاويــة لــهم صخـب ُ
في النافذات زجاجها حطموا * في الحائط المدهون قد ثقبوا
في الباب قد كسروا مزالجه * وعليه قد رسموا وقد كتبوا
في الصحن فيه بعض ما أكلوا * في علبة الحلوى التي نهبوا
في الشطر من تفاحة قضموا * في فضلة الماء التي سكبوا
إني أراهم حيثما اتجهت * عيني كأسراب القطا سربـوا
دمعي الذي كتمتــه جلــدا * لما تباكــوا عندمــا ركبــوا
حتى إذا ساروا وقد نزعوا * من أضلعي قلبا بهم يجبُ
ألفيتني كالطـفــل عاطفــة * فإذا بــه كالـغـيــث ينسكبُ
قد يعجب العذال من رجل * يبكي ولو لم أبك فالعجـبُ
هيهات ما كل البكا خور * إني وبي عزم الرجــال أبُ
استمتعوا بأولادكم وأحبابكم * قبل أن يرحلوا أو ترحلوا
الولاية الاخبارية