الرئيسية / من / الشعر والادب / أحرم الحجاج – للشيخ حسن الدمستاني رحمة الله عليه‏

أحرم الحجاج – للشيخ حسن الدمستاني رحمة الله عليه‏

أحرم الحجاج عن لذاتهم بعض الشهور
وانا المحرم عن لذاته كل الدهور

كيف لا احرم دأباً ناحراً هدي السرور
وانا في مشعر الحزن على رزء الحسين

***
حق للشارب من زمزم حب المصطفى
ان يرى حق بنيه حرماً معتكفا

ويواسيهم والا حاد عن باب الصفا
وهو من اكبر حوبٍ عند رب الحرمين

***
فمن الواجب عيناً لبس سربال الاسى
واتخاذ النوح ورداً كل صبح ومسا

واشتعال القلب احزاناً تذيب الانفسا
وقليل تتلف الارواح في رزء الحسين

***
لست انساه طريداً عن جوار المصطفى
لائذاً بالقبة النوراء يشكوا اسفا

قائلاً ياجد رسم الصبر من قلبي عفى
ببلاء انقض الظهر وأوهى المنكبين

***
صبت الدنيا علينا حاصباً من شرها
لم نذق فيها هنيئاً بلغةً من بُرها

ها أنا مطرود رجس هائم في بَرها
تاركاً بالرغم مني دار سكنى الوالدين

***
ضمني عندك يا جداه في هذا الضريح
علني ياجد من بلوى زماني استريح

ضاق بي ياجد من فرط الاسى كل فسيح
فعسى طود الاسى يندك بين الدكتين

***
جد صفو العيش من بعدك بالاكدار شيب
وأشاب الهم رأسي قبل اُبان المشيب

فعلا من داخل القبر بكاء ونحيب
ونداء بافتجاع يا حبيبي ياحسين

***
انت ياريحانة القلب حقيق بالبلاء
انما الدنيا اعدت لبلاء النبلاء

لكن الماضي قليل في الذي قد أقبلا
فاتخذ ذرعين من صبر وحسم سابغين

***
ستذوق الموت ظلماً ظامياً في كربلا
وستبقى في ثراها عافراً مجندلا

وكأني بلئيم الاصل شمراً قد علا
صدرك الطاهر بالسيف يحز الودجين

***
وكأني بالأيامى من بناتي تستغيث
سغباً تستعطف القوم وقد عزّ المغيث

قد برى اجسامهن الضرب والسير الحثيث
بينها السجاد في الاصفاد مغلول اليدين

***
فبكى قرة عين المصطفى والمرتضى
رحمةً للآل لا سخطاً لمحتوم القضا

بل هو القطب الذي لم يخطو عن سمت الرضا
مقتدى الأمة والي شرقها والمغربين

***
حين نبأ آله الغر بما قال النبي
اظلم الافق عليهم بقتام الكرب

فكأن لم يستبينوا مشرقاً من مغرب
غشيتهم ظلمات الحزن من اجل الحسين

***
وسرى بالأهل والصحب بملحوب الطريق
يقطع البيدا مجداً قاصد البيت العتيق

فأتته كتب الكوفة بالعهد الوثيق
نحن انصارك فاقدم سترى قرة عين

***
بينما السبط باهليه مجداً في المسير
فاذا الهاتف ينعاهم ويدعوا ويشير

ان قدام مطاياهم مناياهم تسير
ساعة اذ وقف المهر الذي تحت الحسين

***
فعلا صهوة ثان فأبى ان يرحلا
فدعى في صحبه يا قوم ما هذي الفلا

قيل هذي كربلاءٌ قال كربٌ وبلا
خيموا ان بهذي الارض ملقى العسكرين

***
ها هنا تُنتزع الارواح من اجسادها
بظبى تعتاض بالاجساد عن اغمادها

وبهذي تُحمل الامجاد في اصفادها
في وثاق الطلقاء الادعياء الوالدين

***
وبهذي تيأم الزوجات من ازواجها
وبهذي تشرب الابطال من اوداجها

وتهاوى انجم الابرار عن ابراجها
غائبات في ثرى البوغاء محجوبات بين

***
وأطلتهم جنود كالجراد المنتشر
مع شمر وابن سعد كل كذاب اشر

فاصطلى الجمعان نار الحرب في يوم عسر
واستدارت في رحى الهيجاء انصار الحسين

***
يحسبون البيض اذ تلبس فيض القلل
بيض انس يتمايلن بحمر الحلل

فيذوقون المنايا كمذاق العسل
شاهدوا الجنة كشفاً ورأوها رأي عين

***
بأبي انجم سعد في هبوط وصعود
طلعت في فلك المجد وغابت في اللحود

سعدت بالذبح والذابح من بعض السعود
كيف لا تسعد في حال اقتران بالحسين

***
بأبي أقمار تُمٍ خسفت بين الصفاح
وشموساً من رؤوس في بروج من رماح

ونفوساً منعت ان ترد الماء المباح
جرعت كأسي اُوام وحمام قاتلين

***
عندها ظل حسين مفرداً بين الجموع
ينظر الآل فيذري من اماقيه الدموع

فانتظى للذب عنهم مرهف الحد لموع
غرمه يغريه للضرب نمار الصفحتين

***
فاتحاً من مجلس التوديع للأحباب باب
فاحتسو من ذلك التوديع للأوصاب صاب

موصي الاخت التي كانت لها الآداب دأب
زينب الطهر بأمر وبنهي نافذين

***
أخت يازينب أوصيك وصايا فاسمعي
انني في هذه الأرض ملاقٍ مصرعي

فاصبري فالصبر من خيم كرام المترع
كل حي سينحيه عن الأحياء حين

***
في جليل الخطب يا أخت اصبري الصبر الجميل
ان خير الصبر ما كان على الخطب الجليل

واتركي اللطم على الخد واعلان العويل
ثم لا اكره ان يسقي دمع العين ورد الوجنتين

***
اجمعي شمل اليتامى بعد فقدي وانظمي
اطعمي من جاع منهم ثم أروي من ظمي

واذكري اني في حفظهم طٌل دمي
ليتني بينهم كالانف بين الحاجبين

***
أخت آتيني بطفلي أره قبل الفراق
فأتت بالطفل لا يهدأ والدمع مراق

يتلوى ظمأ والقلب منه في احتراق
غائر العينين طاو البطن ذاو الشفتين

***
فبكى لما رآه يتلظى بالأوام
بدموع هاميات تخجل السحب السجام

ونحا القوم وفي كفيه ذياك الغلام
وهما من ظمإ قلباهما كالجمرتين

***
فدعا في القوم يا لله للخطب الفظيع
نبئوني أأنا المذنب ام هذا الرضيع

لاحظوه فعليه شبه الهادي الشفيع
لا يكن شافعكم خصماً لكم في النشأتين

***
عجلوا نحوي بماء اسقه هذا الغلام
فحشاه من أوام في اضطرام وكُلام

فاكتفى القوم عن القول بتكليم السهام
وإذا بالطفل قد خر صريعاً لليدين

***
فالتقى مما هما من منحر الطفل دما
ورماه صاعداً يشكوا الى رب السما

وينادي يا حكيم انت خير الحكما
فجع القوم بهذا الطفل قلب الوالدين

***
وأغار السبط للجلي بمأمون العثار
اذ اثار الضمر العثير بالركض فثار

يحسب الحرب عروساً ولها الروس نثار
ذكر القوم ببدر وبأحد وحنين

***
بطل فرد من الجمع على الابطال طال
أسد يفترس الاسد على الآجال جال

ماله غير اله العرش في الاهوال وال
ماسطى في فرقة الا تولت فرقتين

***
ماله في حومة الهيجاء في الكر شبيه
غير مولانا علي والفتى سر أبيه

غير ان القوم بالكثرة كانوا متعبيه
وهو ظام شفتاه اضحتا ناشفتين

***
علة الايجاد بالنفس على الامجاد جاد
ما ونى قط ولا عن عصبة الالحاد حاد

كم له فيهم سنان خارق الاكباد باد
وحسام يخسف العين ويبري الاخذ عين

***
دأبه الذب الى ان شب في القلب الأوام
وحكى جثمانه القنفذ من رشق السهام

وتوالى الضرب والطعن على الليث الهمام
وعراه من نزيف الدم ضعف الساعدين

***
فتدنى الغادر الباغي سنان بالسنان
طاعنا صدر امامي فهوى واهي الجنان

اشرقت تبكي عليه اسفاً حور الجنان
وبكى الكرسي والعرش عليه آسفين

***
ما دروا اذ خر عن ظهر الجواد الرامح
أ حسين خر ام برج السماك السابح

ام هو البدر وقد حل بسعد الذابح
ام هو الشمس وأين الشمس من نور الحسين

***
اي عينين بقان الدمع لا تنهرقان
وحبيب المصطفى بالترب مخضوباً بقان

دمه والطين في منحره مختلطان
وله قدر تعالى فوق هام الشرطين

***
لهف نفسي اذ نحا اهل الفساطيط الحصان
ذاهلاً منفجعاً يصهل مذعور الجنان

مائل السرج عثور الخطو في فضل العنان
خاضب المفرق والخدين من نحر الحسين

***
ايها المهر توقف لا تحم حول الخيام
واترك الاعوال كي لا يسمع الآل الكرام

كيف تستقبلهم تعثر في فضل اللجام
وهم ينتظرون الآن اقبال الحسين

***
مرق المهر وجيعاً عالياً منه العويل
يخبر النسوان ان السبط في البوغا جديل

ودم المنحر جار خاضب الجسم يسيل
نابعاً من ثغرة النحر كما تنبع عين

***
خرجت مذ سمعت زينب اعوال الجواد
تحسب السبط اتاها بالذي يهوى الفؤاد

ما درت ان اخاها عافراً في بطن واد
ودم الاوداج منه خاضباً للمنكبين

***
مذ وعت ما لاح من حال الجواد الصاهل
صرخت مازقة الجيب بلب ذاهل

وبدت من داخل الخيمات آل الفاضل
محرقات بسواد الحزن من فقد الحسين

***
وغدت كلٌ من الدهشة تهوي وتقوم
انجم تهوي ولكن ما تهاوت لرجوم

وحقيق بعد كسف الشمس ان تبدوا النجوم
يتسابقن الى موضع ما خر الحسين

***
وإذا بالشمر جاث فوق صدر الطاهر
يهبر الاوداج منه بالحسام الباتر

فتساقطن عليه بفؤاد طائر
بافتجاع قائلات خل ياشمر حسين

***
رأس من تقطع ياشمر بهذا الصارم
ليس من تفري وريديه بكبش جاثم

ان ذا سبط النبي القرشي الهاشمي
ابواه خير الله فذا ابن الخيرتين

***
ارفع الصارم عن نحر الامام الواهب
عصمة الراهب في الدهر وملفى الهارب

كيف تفري نحر سبط المصطفى بالقاضب
وهو دأباً يكثر التقبيل في نحر الحسين

***
كان يؤذيه بكاه وهو في المهد رضيع
بابنه قدماً فداه وهو ذو الشأن الرفيع

ليته الآن يراه وهو في الترب صريع
يتلظى بظماه حافصاً بالقدمين

***
كم به من مَلك في الملأ الاعلى عتيق
وبيمناه يسار لدم العسر يريق

وعلى الناس له عهداً من الله وثيق
انه الحجة في الارض ومولى الملوين

***
ما افاد الوعظ والتحذير في الرجز الرجيم
وانحنى يفري وريدي ذلك النحر الكريم

وبرى الرأس وعلاه على رمح قويم
زاهراً يشرق نوراً كاسفاً للقمرين

***
شمس أفق الدين اضحت في كسوف بالسيوف
وتوارت عن عيون الناس في ارض الطفوف

فأصاب الشمس والبدر كسوف وخسوف
لكن الافق مضيء بسنا راس الحسين

***
ذبح الشمر حسينا ليتني كنت وقاه
وغدا الاملاك تبكيه خصوصاً عتقاه

ما درى الملعون شمرٌ أي صدر قد رقاه
صدر من داس فخاراً فوق فرق الفرقدين

***
فتك العصفور بالصقر فيا للعجب
ذبح الشمر حسيناً غيرة الله اغضبي

حيدرٌ آجرك الله بعالي الرتب
ادرك الاعداء فيه ثأر بدر وحنين

***
أعين لم تجر في أيام عاشورا بما
كُحلت وحياً اماقيها بأميال العما

لأصبن اذا ما أعوز الدمع دما
لأجودن بدمع العين جود الاجودين

***
عجباً ممن رسا في قلبه حب الامام
كيف عاشوا يوم عاشورا وما ذاقوا الحِمام

بل ارى نوحهم يقصر عن نوح الحَمام
أ سواءٌ فقد فرخين وفقدان الحسين

***
كيف لا يبكي بشجو لابن بنت المصطفى
انه كان سراجاً للبرايا وانطفا

حق لو في فيض دمع العين انساني طفا
واغتدى الجاري من العين عقيق لا لجين

***
أ يزيدٌ فوق فرش من حرير في سرير
ثمل نشوان من خمر له الساقي يدير

وحسين في صخور وسعير من هجير
ساغباً ضمآن يسقى من نجيع الودجين

***
حطم الحزن فؤادي لحطيم بالصفا
ولهيف القلب صاد وذبيح من قفا

ولعار في وهاد فوقه السافي سفا
صدره والظهر منه اصبحا منخسفين

***
ولرأس ناضر الوجه برأس الذابل
ولقاني فيض نحر غاسل للعاسل

ولعان هالك الناصر واهي الكاهل
وبنات المصطفى لهفي على عجف سرين

***
بينما زينب قرحى الجفن ولهاء ثكول
تذرف الدمع وفي احشائها الحزن يجول

تندب الندب بقلب واجف وهي تقول
قد أصابتني بنور العين حسادي بعين

***
واذبيحا من قفاه بالحسام الباتر
واصريعا بعراه ما له من ساتر

واكسيرا صلواه بصليب الحافر
وارضيضا قدماه والقرى والمنكبين

***
واخطيباه جمالي وجمال المنبر
واقتيلاه ولكن ذنبه لم يُخبر

واطريحاه ثلاثا بالعرا لم يُقبر
واشهيداه ومن للمصطفى قرة عين

***
يا أخي قد كنت تاجا للمعالي والرؤوس
مقريا للضيف والسيف نفيسا ونفوس

كيف اضحى جسمك السامي له الخيل تدوس
بعدما دست على اوج السهى بالقدمين

***
يا أخي يا تاج عزي لاحظ البيض الحداد
بقيت بعدك شعثاً في كِلال وحداد

قطنت اجفانها فالقلب كالقالب صاد
اشبه الاشياء بالقرآن بين الدفتين

***
حزب حرب اين انتم من سجايا هاشم
اذ عفو عنكم وقد كنتم حصيد الصارم

ان في هذا لسر بين للفاهم
ان آثار القبيلين عصير العنصرين

***
جدنا عاملكم في الفتح بالصفح الجميل
مالكم صيرتمونا بين عان وجديل

وعلى جيل قفوتم اثرهم لعن الجليل
وعذاب مستطيل لن يزولا خالدين

***
سادتي حزني كحبي لكم باق مقيم
هبة من عند ربي وهو ذو الفضل العظيم

قد صفا الحب بقلبي فاجعلوا ذنبي حطيم
واكشفوا في الحشر كربي واشفعوا للوالدين

***
حسن ما حسن منه سوى حفظ الوداد
وولاء في براء وصفاء الاعتقاد

وهو كاف في اماني من مخاويف المعاد
انما الخوف لمن لم يعتقد فضل الحسين

***
والتحيات الوحيات وتسليم السلام
لسراة الخلق في الدنيا وفي دار السلام

ذائبات ابد الآباد ما تم كلام
او محا الله ظلاما بضياء النيرين

شاهد أيضاً

نهج البلاغة – خطب الإمام علي (عليه السلام)

(باب المختار من حكم أمير المؤمنين عليه السلام)  (ومواعظه ويدخل في ذلك المختار من أجوبة مسائله) ...