أكد سماحة الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله، في الحفل التأبيني للشهيد القائد الحاج حسان اللقيس، أن “هذا النوع من الشهداء غير معروفين قبل الاستشهاد، إلا في الدائرة الضيقة، لأن طبيعة العمل الموكلة لهم لا تخولنا تعريفهم للناس، ولذلك هم مجهولون، وعند الشهادة يعرفهم الناس”، مضيفاً أنه “حتى بعد شهادتهم لا نستطيع تعريفهم للناس، لأنهم فنوا أنفسهم في سبيل المقاومة، لأن خارج المقاومة ليس لهم حياة”.
ومن مجمع سيد الشهداء في الضاحية الجنوبية لبيروت، أعلن السيد نصرالله أن “إغتيال حسان اللقيس ليس حادثة عابرة ، هناك حساب قديم، واذا الاسرائيلي يظن ان موضوع التوقيت وأن حزب الله مضغوط، اقول للإسرائيلي انتم مخطؤون، والقتلة سيحاسبون عاجلاً ام آجلاً، ودماء شهدائنا لن تذهب هدراً”، مؤكداً أن “الذين قتلوا إخواننا لن يأمنوا في أي مكان في العالم، والقصاص آت، وعندما يكون هناك إرادة وشجاعة مطلوبة يأتي الزمان الذي نحدده نحن، ونحن أولياء دم نقتص من القتلة الحقيقيين”.
وفي معرض حديثه عن شخص الشهيد اللقيس، أوضح السيد نصرالله “نحن لا نستطيع التحدث عن انجازاتهم، لأننا ما زلنا في قلب المعركة، فهذا يرتبط بحركة المقاومة، وهذا واقع الحال، وهذا جزء من التضحية، لأننا من خلال الشهادة نطلب النصر لشعبنا ووطننا، ونحن نأمل أن يأتي يوم ونتحدث فيه عن دور هؤلاء القادة وأن يتمّ انصافهم في هذه الدنيا”. ولفت الأمين العام لحزب الله إلى ان الشهيد اللقيس “انفق شبابه في المقاومة منذ بداياتها، وهو احد العقول المميزة للمقاومة”.
كل المؤشرات والقرائن تدفع بأصابع الإتهام باتجاه العدو الإسرائيلي
وبالنسبة لعملية الاغتيال التي استهدفت الشهيد اللقيس، قال نصر الله إن “كل المؤشرات والقرائن تدل على اتهامنا الأول الذي وجهناه إلى العدو الاسرائيلي، ولو اضفنا اليها محاولات الاغتيال السابقة للقيس، لكنتم لاحظتم الإعلام الاسرائيلي فهم لامسوا التبني الرسمي لعملية الاغتيال، والتحقيق سيستمر، والاتهام ليس اتهاما سياسيا، انما يعتمد على قرائن، وما حصل بعد الاغتيال أي جهة تستطيع تبني هذه العملية على وسائل التواصل الاجتماعي، وجزء مما قيل هو للتضليل الذي يستعمله الإسرئيلي لإبعاد الشبهة عنه، وكل ما قيل لا قيمة له”.
نحن نعيش منذ سنوات طويلة حالة “دفع الثمن”
من جهة ثانية، أكد السيد نصر الله أنه نحن من خلال هذا الاستشهاد “نعبّر عن وضعية وحالة نعيشها منذ سنوات طويلة اسمها “دفع الثمن”، وعلى جمهور المقاومة أن يعرف اننا في هذه الوضعية منذ سنوات طويلة وستبقى هذه الوضعية حتى انتهاء المعركة، ونحن ندفع ثمن انتصاراتنا على العدو الصهيوني.
كما أعلن السيد نصرالله أن “هناك لبنانيون وسوريون وفلسطينيون كانوا شركاء انتصار عام 2000 الذي اطلق الانتفاضة في فلسطين، وصولاً الى انتصار 2006 الذي اسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد، ومشروع المحافظين الجدد على مستوى المنطقة، وطبيعي جداً أن يأتي العدو لقتالك وللثأر منك، ونحن لا ندّعي أن انتصارات المقاومة لنا وحدنا، وانما كلنا جزء اساسي منها”.
همنا الأول والثاني تأمين الجهوزية الدائمة لمواجهة العدو الإسرائيلي
إلى ذلك، تابع السيد قائلاً “نحن ندفع ثانياً ثمن التزامنا بقضية المقاومة، وعملنا للجهوزية الحقيقية التي تردع العدو، وفي حزب الله هناك عدد كبير من الكوادر والنخبة والشباب يعملون لتكون المقاومة في افضل جهوزية لمواجهة العدو الاسرائيلي، وهذا همهم في الليل والنهار، وواحد منهم كان حسان اللقيس، والعدو يعرف هذا، وهناك افرقاء يعتقدون أن حزب الله همه 14 اذار، ولكن جزء كبير من حزب الله لا يهمه ابدا موضوع 14 اذار، انما اول همه وثاني همه هو هذا العدو”.
اغتيال الشهيد اللقيس يأتي ثأراً للإنتصارات السابقة.. وهناك حملة إعلامية شرسة تحاول استهداف معنويات جمهورنا
وأوضح السيد نصرالله أن اغتيال الشهيد حسان اللقيس يأتي “ثأراً للإنتصارات السابقة، وفي إطار ضرب مفاصل وأركان وأساسيات في قدرة المقاومة الحالية على التطور، وفي هذا السياق كانت شهادة عماد مغنية وغالب عوالي وعلي صالح وأبو حسن ديب، ومشتبه من يعتقد ان هؤلاء قتلوا على هامش المعركة، بل قتلوا في قلب المعركة القائمة بأشكال مختلفة”، مضيفاً أنه “هناك اثمان اخرى يتمّ تدفيعنا اياها، لأن انتصارات المقاومة احرجتهم، ودفع الثمن هو في معنويات جمهور المقاومة من خلال الحملة الإعلامية الشرسة التي يُصرف عليها مليارات الدولارات”.
وتابع السيد “فيلتمان أعلن في السابق عن دفع 500 مليون دولار من أجل تشويه صورة حزب الله، وإبعاد الشباب عن الإنتماء لحزب الله، والأحداث في سورية جزء من هذا التشويش، وهناك كذب على مدار الساعة، واذا كان يسقط لنا 200 شهيد كل يوم، لكان انتهى حزب الله، وهؤلاء يعرفون انهم يكذبون ويتعمدون الكذب، وهذا جزء من الحملة الاعلامية الموكلة اليهم، لأنه المطلوب المس بالكرامات والمعنويات، واذا قتل او استشهد شخص هل يستطيع أحد أن يخفيه في لبنان هذا البلد الصغير؟”
من جهة ثانية، اكد السيد نصرالله أن “مقاومتنا مقاومة الميدان وليس مقاومة الصالونات، والمقاومة جاهزة لتقدم الشهداء، من يحاول التشكيك في إرادة وعزم جمهور المقاومة وعوائل المقاومين أقول لهم نحن ما زلنا نشارك بدائرة متواضعة ومحدودة وميسرة من المجاهدين، وهذا الأمر لم يطلب مني إجتماعا للطلب من المجاهدين الإلتحاق للقتال في سورية او أن أخطب خطابا جماهيريا لتعبئة الشباب للقتال، ويبدو من التحولات في المنطقة اننا لن نحتاج لهذا الموضوع”.
كما أكد سيد المقاومة أن “الحرب على حزب الله لا دخل لها بالحكومة او بسبب خلاف على قانون انتخابات، الموضوع اعمق من ذلك بكثير وهو إسقاط المقاومة”.
نصر الله لفريق 14 اذار: هل نعتبر بيان طرابلس اعلان حرب؟ واتركوا مكاناً للحوار وتشكيل حكومة
وفي تفاصيل الشأن اللبناني، أشار الأمين العام لحزب الله إلى أنه “في الآونة الأخيرة هناك تصعيد غير مسبوق في لهجة فريق 14 آذار، وما أعلن عنه في بيان طرابلس جديد وفيه توجه خطر، ولن أناقش المضمون لأنه فارغ، وفيه إتهامات موجهة لنا ضمن حشد من شخصيات 14 آذار، بأننا تكفيريون ومفجرون وقتلة”.
وتابع السيد نصرالله أن المقصود من ذلك فرضيتان: “الأولى تصوركم أنكم لن تشاركونا أي حكومة أو أي طاولة حوار بعد الآن، وهي صيغة الغائية، والمقصود من هذا الخطاب اعلان حرب، وأنا اتواضع بالشخصي ولكن لا اتواضع عن المقاومة وجمهور المقاومة، وإن كان القرار اقساءهم وتحليل دمهم بإعتبارهم قتلة وغلاة وتفجيريين دعونا نفهم الموضوع، دعونا نفهم إن كانت وثيقة طرابلس اعلان حرب، ونحن ليس لدينا الوقت لكم، وعدونا اسرائيل”.
وأضاف نصرالله “أما الفرضية الثانية، فهي الهجوم على حزب الله لإضعافه، وأخذ منه ما يريد، ولكن يجب أن يحترموا جمهورهم إن اتهمونا بالقتل وغيره لماذا يجلسوا معنا ويحاورونا، ويجب ترك مكان للصلحة الا اذا وصلنا الى مكان لا يوجد فيه صلح، وهنا نصنع بأنفسنا ما يحدث في بعض الدول العربية، اما اذا كان هناك مكان للعودة وتشكيل الحكومة وغيرها فلنترك خط العودة احتراما لكراماتنا”.
وفي ما يخص الإعتداءات الإرهابية التي تعرّض لها الجيش اللبناني مؤخراً، لفت السيد نصرالله إلى أنه “نحن لم نصدر بيان حول هذه الأحداث أول يومين كي لا يستغلها أحد، ونحن حريصون أن لا نرش الملح على أي جرح من الجروح، ومن مصلحة الجميع ضبط الوضع، إلا أن احداً لا يستطيع تقليل خطورة ما حصل، لأنه في البعد الفكري والمعنوي والروحي خطير جداً، وهذا اخطر من تفجير السفارة الايرانية او سيارة مفخخة او قصف صواريخ على الهرمل”.
ودعا السيد الى “لحظة تأمل، لأن حادثة الاعتداء على الجيش خطرة، ونحن ندعو الى حماية المؤسسة العسكرية، لأنها المؤسسة الوحيدة التي تحظى بالإجماع الوطني بنسبة كبيرة، وهي بقية الدولة، واذا انهارت مؤسسات وبقي الجيش يمكن أن نستند على هذا الجبل ونعيد البناء، ولكن إن تم اسقاط هذه المؤسسة سيضيع جميع الناس، والمطلوب حماية المؤسسة وابعادها عن الخطر، وعدم التشكيك بها”.
لا ننصح احداً بتشكيل حكومة أمر واقع.. ولنشكل حكومة جامعة ونضع حداً للسعودية
أما بالنسبة لموضوع تشكيل الحكومة، فقد أكد السيد نصرالله على ضرورة تشكيل حكومة وطنية جامعة، “لأن حكومة الحياد هي حكومة خداع، ونحن وصلنا الى مكان في البلد ممنوع ان يحب شخص أي شخص اخر”، لافتاً إلى “أننا لا ننصح احداً بتشكيل حكومة امر واقع، وبديل الفراغ هو تشكيل حكومة المصلحة الوطنية، الحكومة الجامعة التي لا تقصي احداً، والشجاع من يشكل حكومة جامعة ويتحدى الدول الاقليمية ويضع السعودية عند حدها، وهذه هي الرجولة وليس الهروب الى حكومة حيادية”.
نرفض الفراغ الرئاسي ولدينا مرشحنا القوي والمناسب لهذه المرحلة
في ما يخص استحقاق الرئاسة، أعلن السيد نصرالله أنه “نحن في حزب الله نرفض الفراغ بشكل قاطع، وبديله الوحيد انتخاب رئيس في الموقع المحدد، ومن الطبيعي أن يكون لفريقنا مرشح قوي ومناسب وملائم لهذه الفترة التي نمر بها”. وأعرب السيد نصر الله عن أسفه “لبدء الاتهمات المتبادلة بالفراغ”، قائلاً “لا اعتقد أن احداً يريد الفراغ في الرئاسة حتى في المتشددين في قوى 14 اذار وجميع الأفرقاء في 8 اذار، وللجميع مصلحة بانتخاب الرئيس”.
وفي السياق، أعلن سيد المقاومة أن “اللبنانيين اليوم امام فرصة تاريخية، إما أنهم قادرون بالكامل على انتخاب رئيسهم، ولديهم هامش من الحرية الداخلي لم يمتلكوه في الماضي بسبب الأحداث الاقليمية، وعن قول السفير الفرنسي إنه يفضل التمديد للرئيس على الفراغ لرئيس الجمهورية، ما دخل فرنسا في الموضوع، واين السياديون من هذا التصريح، فإذا استطعنا ان يكون لنا قرارنا الذاتي من دون أن نتعرض لأي ضغط، يكون هذا تأسيس حقيقي لحياة سياسية جديدة، واستطيع أن اقول إن فعلنا ذلك في 25 ايار، سيكون 25 ايار ليس عيداً للمقاومة والتحرير بل عيداً للسيادة والاستقلال”.
هناك في المنطقة من يريد اخذ البلد إلى التفجير
يبدو أن هناك في مكان ما من الإقليم من وصل الى مرحلة نتيجة غضبه وحقده وفشله وانسداد الآفاق في وجهه، أن يأخذ البلد الى التفجير، ويؤسفني أن اقول هذا، وهناك طرف في المنطقة لا يستطيع أن يرى امامه، هناك شيء جديد يتطلب الدقة منا جميعاً في التعاطي مع المرحلة، وأن لا نماشي خطط التفجير وأن نتحمل جميعاً المسؤولية”.
وجودنا في سورية هو معركة وجود للبنان وسورية وفلسطين ولن نتراجع عنه
وتوجه السيد إلى من “يعتبرون أن كل ما يحصل في لبنان ، من تعطيل تشكيل الحكومة ومن غرق نفق طريق المطار وكل المشاكل في البلد سببه قتال حزب الله في سورية”، قائلاً “هذا دجل، ومن يقول إن كل شيء يحلّ عند عودة حزب الله من سورية، الواضح أن الهدف من هذا الموضوع ايجاد حالة لدى حزب الله، ولكن اقول إن هذا هدف خائب لأنه لا فائدة منه، وانتم تصرفون اموالاً بدون نتيجة”. وتابع السيد “عندما قاتلنا اسرائيل اتهمونا بالإرهاب وضغطوا علينا ولم يهمنا، والآن لا أحد يستطيع التأثير علينا في موضوع سورية، لأن المعركة في سورية هي معركة وجود ليس فقط لحزب الله أو للبنان، بل لسورية ولبنان وفلسطين”.
إضافة إلى ذلك، لفت سيد المقاومة إلى أن “هذا التكفير لا يستهدف فقط الأقليات، الم تسمعوا بقتال جبهة النصرة وداعش؟ وهم ينتمون الى جبهة واحدة، وهم ينهبون بعضهم البعض ويسبون بعضهم البعض ويقتلون بعضهم البعض، وانا اتحدث عن من ينتمي الى فكر واحد ومشروع واحد، ونحن لسنا بحاجة الى دليل فكل شيء مصور على التلفزيونات”. وأوضح السيد، قائلاً “في عدرا قتلوا علويين ومسيحيين لكنهم قتلوا سنة، وجزء كبير من الجيش السوري الذي يقاتل هو من الطائفة السنية، والمعركة ليست طائفية، بل معركة تكفيرية ضد كل من يختلف معهم”.
وفي السياق نفسه قال السيد “حين يتعلق الموضوع بقضية امة ومقدسات لا ننظر الى المواضيع الصغيرة تشكيل حكومة وغيرها، ونحن جاهزون لمناقشة الموضوع، ونحن نقبل طرح الرئيس نبيه بري في مناقشة تدخلنا في سورية”. هذا واشار سيد المقاومة إلى أن “الحديث عن 1000 شهيد غير دقيق، ونحن لسنا مضطرين للتوضيح لأحد، وهذا شيء مسيء جداً، الحديث عن العرض ليس مسموحاً لأن من يسيء الى الشهداء يسيء الى عرضنا، لأن الشهداء هم عرضنا”.