الرئيسية / صوتي ومرئي متنوع / حكم الاِنسان في مرحلة التفكير والبحث

حكم الاِنسان في مرحلة التفكير والبحث

حكم الاِنسان في مرحلة التفكير والبحث

ـ رسائل الشهيد الثاني ج 2 ص 133
المبحث الثالث في أن الاِنسان في زمان مهلة النظر . . . . هل هو كافر أو مؤمن ؟
( 177 )
جزم السيد الشريف المرتضى رضي الله عنه بكفره ، واستشكل بعضهم . والظاهر أن محل النزاع في من لم يسبق منه اعتقاد ما يوجب الكفر ، فإنه في زمان طلب الحق بالنظر فيه مع بقاء ذلك الاِعتقاد لا ريب في كفره . بل النزاع في من هو في أول مراتب التكليف إذا وجه نفسه للنظر في تحقيق الحق ليعتقده ولم يكن معتقداً لما يوجب الكفر بل هو متردد حتى يرجح عنده شيء فيعتقده . وكذا من سبق له اعتقاد ما يوجب الكفر رجع عنه إلى الشك بسبب نظره في تحقيق الحق ولما يترجح عنده الحق ، فهذان هل هما كافران في مدة النظر أم لا ؟
أقول : ما تقدم من تعريف الكفر بأنه عدم الاِيمان مما من شأنه أن يكون مؤمناً يقتضي الحكم بكفرهما حالة النظر ، لصدق عدم الاِيمان عليهما في تلك الحالة ، وهذا مشكل جداً ، لاَنه يقتضي الحكم بكفر كل أحد أول كمال عقله الذي هو أول وقت التكليف بالمعرفة ، لاَنه أول وقت إمكان النظر ، إذ النظر قبله لا عبرة به ، ويقتضي أن يكون من أدركه الموت في تلك الحالة مخلداً في جهنم . ولا يخفى بعد ذلك عن حكمة الله تعالى وعدله ، ولزوم : إما تكليف ما لا يطاق إن عذبه على ترك الاِيمان ، حيث لم يمض له وقت يمكن تحصيله فيه قبل الموت كما هو المفروض ، أو الظلم الصرف إن لم يقدر على ذلك ، تعالى الله عن ذلك ، إذ لم يسبق له إعتقاد ما يوجب الكفر كما هو المفروض أيضاً ، ليكون التعذيب عليه .
ويلزم من ذلك القدح في صحة تعريف الكفر بذلك . اللهم إلا أن يقال : إن مثل هذا النوع من الكفر لا يعذب صاحبه ، لكن لا يلزم منه القدح في الاِجماع على أن كل كافر مخلد في النار ، وليس بعيداً التزام ذلك ، وأن يكون المراد من الكافر المخلد من كان كفره عن اعتقاد ، فيكون الاِجماع مخصوصاً بمن عدا الاَول .
إن قلت : إن لم يكن هذا الشخص من أهل النار ، يلزم أن يكون من أهل الجنة ، إذ لا واسطة بينهما في الآخرة على المذهب الحق ، فيلزم أن يخلد في الجنة من لا إيمان له أصلاً كما هو المفروض ، وهو مخالف لما انعقد عليه الاِجماع من أن غير المؤمن لا يدخل الجنة .
( 178 )
قلت : يجوز أن يكون إدخاله الجنة تفضلاً من الله تعالى كالاَطفال ، ويكون الاِجماع مخصوصاً بمن كلف الاِيمان ومضت عليه مدة كان يمكنه تحصيله فيها فقصر .
وأقول أيضاً : الذي يقتضيه النظر إن هذا الشخص لا يحكم عليه بكفر ولا بإيمان في زمان النظر حقيقة بل تبعاً كالاَطفال ، فإنه لم يتحقق له التكليف التام ليخرج عن حكم الاَطفال ، فهو باق على ذلك إلى أن يمضي عليه زمان يمكن فيه النظر الموصل إلى الاِيمان ، لكن هذا لا يتم في من لم يسبق له كفر ، كمن هو في أول بلوغه . أما من سبق له اعتقاد الكفر ثم رجع عنه إلى الشك ، فيتم فيه .

 

26462157-e1c9-4ee2-891b-9d5787c42dd3 - Copy

شاهد أيضاً

الأمان الرقمي للأسرة: كيفية إنشاء خطة عائلية للتعامل مع حوادث أمن المعلومات

تكنولوجيا وأمن معلومات  27/03/2024 الأمان الرقمي للأسرة: كيفية إنشاء خطة عائلية للتعامل مع حوادث أمن ...