الرئيسية / صوتي ومرئي متنوع / أساليب الغزو الفكري للعالم الاسلامي 06

أساليب الغزو الفكري للعالم الاسلامي 06

آثار الاستشراق
1 – كان الاستشراق وراء كل شبهة أو دعوة خطيرة أحدثت تحولا
في المجتمع الاسلامي في العصر الحديث ، فقد كان المستشرقون يلقون
الشبهة أو الدعوة ثم يتبعهم الكتاب و ( المفكرون ) الذين يكتبون باللغة
العربية أهل التبعية والتغريب والشعوبية وهذا واضح في الدعوة
إلى العامية التي بدأها ولكوكس وويلمور وغيرهما ثم تابعهما سلامة
موسى وأحمد لطفي السيد ، في الدعوة إلى الاقليميات والقوميات
الضيقة كالفينيقية والفرعونية ، بدأها فمبري وكرومر وتابعهما طه حسين
ولطفي السيد وغيرهما .
2 – يعمل المستشرقون على إخضاع النصوص التي
يفرضونها حسب أهوائهم ، والتحكم فيما يرفضونه أو يقبلونه من
النصوص ، وكثيرا ما يحرفون النص تحريفا مقصودا ، ويقعون في
سوء الفهم – وعن عمد أحيانا – في معنى النص حين لا يجدون
مجالا للتحريف .
3 – يتحكم المستشرقون في المصادر التي يختارونها ، فهم ينقلون
من كتب الأدب ما يحكمون به في تاريخ الحديث النبوي ، ومن كتب
التاريخ ما يحكمون به في تاريخ الفقه ، ويصححون ما ينقله الدميري
في كتابه ( الحيوان ) ويكذبون ما يرويه الإمام مالك في ( الموطأ )
4 – يجمع المستشرقون الشبهات المختلفة ويؤلفون بينها لإعطائها
صورة كاملة ، مثال ما قام به المستشرق الألماني ولهلم هور نباخ
( الأستاذ في جامعة بون بألمانيا ) من جمع قطع ونتف وشذرات من كتاب
( الإصابة ) للحافظ ابن حجر ، ثم ينشرها على أنها كتاب ( الردة )
لابن حجر الذي ألفه أبو زيد ابن الفرات المتوفي عام 237 ه‍ وهو فارسي
الأصل ، وقد ضاع هذا الكتاب فأشار ابن حجر إليه في بعض المواضع ،
فما كان من المستشرق ولهلم إلا أن جمع هذه القطع على أنها تراجم
لأشخاص ارتدوا عن الاسلام ، ولا يقوم بمثل هذا العمل إلا مغرض
صاحب هوى ، لأنه يخالف البحث العلمي السليم .
وشبيه هذا ما أورده المستشرقون من الزعم بأن العرب كانوا
قبل البعثة النبوية على حضارة ونهضة ، وأن دور النبي صلى الله
عليه و ( آله ) وسلم لم يزد على أنه نهض بهم فنهضوا مع أن الحقيقة
الواضحة أن العرب في جاهليتهم كانوا قبائل متفرقة متصارعة ، وأن
الاسلام هو الذي وحدهم في أمة واحدة ، ودفعهم إلى آفاق النهوض
والتوسع : ( لو أنفقت ما في الأرض جميعا ما ألفت بين قلوبهم ولكن
الله ألف بينهم ( 1 ) ، ( واذكروا إذ كنتم أعداء فألف بين قلوبكم
فأصبحتم بتعمته إخوانا وكنتم على شفا حفرة من النار فأنقذكم
منها ( 3 ) .
5 – وقد حرص المستشرقون على التنويه بشأن ” القرامطة ”
وإظهارهم بمظهر طلاب العدل والاصلاح ، وهم الذين عجزوا عن أن
يحققوا أي منهج يمكن أن يوصفوا به على أنهم دعاة حق حين امتلكوا
زمام الحكم في القرن الرابع الهجري ، بل انكشف باطلهم وزيفهم ،
وظهرت حقيقتهم صنائع لليهود انقضوا على الدولة الاسلامية بالتآمر
والتعاون مع أعداء المسلمين وخصومهم .
6 – وعمل المستشرقون على إحياء التراث الباطني المجوسي
والغنوصي القديم مستهدفين تحطيم أصالة الفكر الاسلامي ، ويبدو
هذا واضحا في تركيزهم على إحياء كل المخطوطات التي تحمل هذه
السموم ، وخاصة ما يتصل بالإلحاد والإباحية ، وما يتصل بوحدة الوجود
والحلول والاتحاد ، والمجون أمثال شعر بشار بن برد ، وأبي نواس ،
وكتب الحلاج وابن عربي ، وابن سبعين ، وكتب غلاة الرافضة والإسماعيلية
والفاطميين .
7 – ولا ريب أن أخطر آثار المستشرقين هو اعتبار كتب المستشرقين
وبحوثهم مراجع أساسية في التاريخ واللغة والسيرة والفقه والعقائد
وغير ذلك ، وخاصة في الجامعات والمعاهد العالية أو في دراسات المبعوثين
إلى الجامعات الغربية في أوروبا وأمريكا ، الذين يقعون دائما تحت
سيطرة الاستشراق والأساتذة اليهود والنصارى المتعصبين ، ثم يعودون
إلى بلادهم فيحتلون مناصب التوجيه الثقافي والتعليمي ويرفضون
ما تلقوه من الغرب من سموم باسم التجديد وحرية البحث .
وقد عملوا على نشر الموسوعات ( دوائر المعارف ) والقواميس
لتكون مراجع سهلة للباحثين ، وملؤوها بالسموم والشبهات مثل :
دائرة المعارف الاسلامية .
المنجد في اللغة والعلوم والأدب .
الموسوعة العربية الميسرة .
لهذا ينبغي على من يود الرجوع إلى هذه المصادر أن يكون على
حذر تام ، وأن يتنبه لما بين سطورها من مغالطات أو تشويه أو تحريف
في النقل ، على أن روح مؤلفيها في الحقد على الاسلام لا تخفى على
المطالع الحصيف .

شاهد أيضاً

اليوم النوعي للمقاومة الإسلامية.. إما يذعن العدو الآن أو الآتي اعظم

عبد الحسين شبيب حتى تاريخه؛ يمكن القول إن الرابع والعشرين من تشرين الثاني/ نوفمبر 2024 ...