لقد كشف ابن تيمية عن عقيدته في أهل البيت وموقفه
منهم بكل صراحة وبوضوح لا غبار عليه ، ويمكن إجمال
ذلك بالنقاط التالية :
أ – الميل إلى جانب أعدائهم على الدوام :
لقد كان ابن تيمية صريحا في ميله إلى جانب أعداء أهل
البيت ، ودفاعه عنهم بكل ما يمتلك من قدرة على الجدل
ولف في القول والتواء في الكلام ، يكافح عنهم ، ويختلق
لهم الأعذار ، ويبرر عداءهم لأهل البيت ، يكذب لأجلهم
أحاديث الرسول وأئمة السلف من الصحابة والتابعين ،
ويكذب لأجلهم حقائق التاريخ التي تواتر نقلها وأجمع
عليها أهل العلم قاطبة ، ويزور لأجلهم حقائق أخرى
بأسلوب يتنزه عنه العلماء ، بل حتى العوام والبسطاء . .
وله في هذا كلام كثير لا يتسع له مثل هذا العرض
الموجز ، لذا سنكتفي بذكر القليل من شواهد ذلك وبكل
إيجاز :
صنف كتابا أسماه ( فضائل معاوية وفي يزيد وأنه
لا يسب ) .
هذا مع أن الذي ثبت عن السلف أنه لا يصح في فضائل
معاوية ولا حديث واحد . نقل ذلك الحافظ الذهبي عن
إسماعيل بن راهويه الذي كان يقرن بالإمام أحمد بن حنبل .
( سير أعلام النبلاء 3 : 132 )
وثبت ذلك عن النسائي صاحب السنن ، الذي طلب منه
أهل دمشق أن يكتب في فضائل معاوية فقال : ما أعرف له
فضيلة إلا : ” لا أشبع الله بطنه ” ! ( سير أعلام النبلاء 14 : 125 ،
وفيات الأعيان 1 : 77 )
وثبت عن الحسن البصري أكثر من ذلك ، حيث قال : أربع
خصال كن في معاوية ، لو لم يكن فيه إلا واحدة لكانت
موبقة : انتزاؤه على هذه الأمة بالسيف حتى أخذ الأمر من
غير مشورة ، وفيهم بقايا الصحابة وذوو الفضيلة ،
واستخدامه بعده ابنه – يزيد – سكيرا خميرا يلبس الحرير
ويضرب بالطنابير ، وادعاؤه زيادا وقد قال رسول الله ( ص ) :
” الولد للفراش وللعاهر الحجر ” ، وقتله حجر بن عدي
وأصحاب حجر ، فيا ويلا له من حجر ، ويا ويلا له من
حجر ! ! ( الكامل في التاريخ 3 : 487 ، تهذيب تاريخ دمشق 2 : 384 )
والذي ثبت عن علي بن أبي طالب وسائر أئمة أهل
البيت وابن عباس وأبي ذر وعمار وعبادة بن الصامت
وغيرهم في طعن معاوية أشهر من أن يذكر .
بل الذي ثبت فيه عن صاحبه ورفيقه عمرو بن العاص
وحده يكفي شاهدا عليه بارتكاب الموبقات ومجانبة الدين
وأهل الدين .
أما في يزيد فقد رأينا كيف زور ابن تيمية حديث الإمام
أحمد وبتره لأجل أن يمنع من لعنه ! !
ثم زور كل ما ثبت من حقائق التاريخ وكلام السلف فيه
وافترى عليهم كثيرا لأجلف أن يختلق عذرا ليزيد .
فقال : إن يزيد لم يظهر الرضى بقتل الحسين ، وإنه
أظهر الألم لقتله ! ( رأس الحسين : 207 )
فهل أتى بهذا الكلام من إجماع السلف ، أم هو من
محض الهوى ؟
لقد نقل التفتازاني إجماع السلف في هذه المسألة ، فقال
في كتابه ( شرح العقائد النسفية ) ما نصه : ” اتفقوا على جواز
اللعن على من قتل الحسين ، أو أمر به ، أو أجازه ، أو رضي
به . والحق أن رضا يزيد بقتل الحسين واستبشاره بذلك
وإهانته أهل بيت رسول الله ( ص ) مما تواتر معناه وإن كان
تفصيله آحادا ، فنحن لا نتوقف في شأنه ، بل في كفره
وإيمانه ، لعنة الله عليه وعلى أنصاره وأعوانه ” . ( شذرات
الذهب العماد الحنبلي 1 : 68 – 69 ، وانظر الإتحاف بحب الأشراف
للشبراوي : 62 ، 66 )