الرئيسية / من / الشعر والادب / القصيدة التي لم يشتهر منها غير بيت واحد

القصيدة التي لم يشتهر منها غير بيت واحد

القصيدة التي لم يشتهر منها غير بيت واحد وهو:

يُعطيكَ من طَرَفِ اللِّسانِ حلاوةً ⭐ ويَروغُ منكَ كمـا يـروغُ الثّعلـبُ

ورغم أهمية البيت الذي يليه ولكن الناس لم تعره بالاً:

وَصِلِ الكرامَ وإنْ رموكَ بجفوةٍ ⭐ فالصفحُ عنهمْ بالتَّجاوزِ أصـوَبُ

كل بيت في هذه القصيدة يعادل كتاب أقرأها جيداً فهي من إحدىٰ القصائد الخالدة للشاعر/ صالح بن عبد القدوس -رحمه اللّٰه تعالىٰ- أحد شعراء الدولة العباسية؛ من فضلكم آمل التمعن في كلماتها ومعانيها.
فدَّعِ الصِّبا فلقدْ عداكَ زمانُهُ ⭐ وازهَدْ فعُمرُكَ مرَّ منهُ الأطيَـبُ

ذهبَ الشبابُ فما له منْ عودةٍ ⭐ وأتَىٰ المشيبُ فأينَ منهُ المَهربُ

دَعْ عنكَ ما قد كانَ في زمنِ الصِّبا ⭐ واذكُر ذنوبَكَ وابِكها يـا مُذنـبُ

واذكرْ مناقشةَ الحسابِ فإنه ⭐ لابَـدَّ يُحصي ما جنيتَ ويَكتُبُ

لم ينسَـهُ الملَكـانِ حيـنَ نسيتَـهُ ⭐ بـل أثبتـاهُ وأنـتَ لاهٍ تلعـبُ

والرُّوحُ فيكَ وديعـةٌ أودعتَهـا ⭐ ستَردُّها بالرغمِ منكَ وتُسلَـبُ

وغرورُ دنيـاكَ التي تسعىٰ لها ⭐ دارٌ حقيقتُهـا متـاعٌ يذهـبُ

والليلُ فاعلـمْ والنهـارُ كلاهمـا ⭐ أنفاسُنـا فيهـا تُعـدُّ وتُحسـبُ

وجميعُ مـا خلَّفتَـهُ وجمعتَـهُ ⭐ حقاً يَقيناً بعـدَ موتِـكَ يُنهـبُ

تَبَّـاً لـدارٍ لا يـدومُ نعيمُهـا ⭐ ومَشيدُها عمّا قليـلٍ يَـخـربُ

فاسمعْ هُديـتَ نصيحةً أولاكَها ⭐ بَـرٌّ نَصـوحٌ للأنـامِ مُجـرِّبُ

صَحِبَ الزَّمانَ وأهلَه مُستبصراً ⭐ ورأىٰ الأمورَ بما تؤوبُ وتَعقُبُ

لا تأمَنِ الدَّهـرَ فإنـهُ ⭐ مـا زالَ قِدْمـاً للرِّجـالِ يُـؤدِّبُ

وعواقِبُ الأيامِ في غَصَّاتِهـا ⭐ مَضَضٌ يُـذَلُّ لهُ الأعزُّ الأنْجَـبْ

فعليكَ تقوى اللّٰهِ فالزمْهـا تفـزْ ⭐ إنّّ التَّقـيَّ هـوَ البَهـيُّ الأهيَـبُ

واعملْ بطاعتِهِ تنلْ منـهُ الرِّضـا ⭐ إن المطيـعَ لـهُ؛ لديـهِ مُقـرَّبُ

واقنعْ ففي بعضِ القناعةِ راحةٌ ⭐ واليأسُ ممّا فاتَ فهوَ المَطْلـبُ

فإذا طَمِعتَ كُسيتَ ثوبَ مذلَّةٍ ⭐ فلقدْ كُسيَ ثوبَ المَذلَّةِ أشعبُ

وابـدأْ عَـدوَّكَ بالتحيّـةِ ولتَكُـن ⭐ منـهُ زمانَـكَ خائفـاً تتـرقَّـبُ

واحـذرهُ إن لاقيتَـهُ مُتَبَسِّمـاً ⭐ فالليثُ يبدو نابُـهُ إذْ يغْـضَـبُ

إنَّ العدوُّ وإنْ تقادَمَ عهـدُهُ ⭐ فالحقدُ باقٍ في الصُّدورِ مُغَّيبُ

وإذا الصَّديـقٌ لقيتَـهُ مُتملِّقـاً ⭐ فهـوَ العـدوُّ وحـقُّـهُ يُتجـنَّـبُ

لا خيرَ في ودِّ امـريءٍ مُتملِّـقٍ ⭐ حُلـوِ اللسـانِ وقلبـهُ يتلهَّـبُ

يلقاكَ يحلفُ أنـه بـكَ واثـقٌ ⭐ وإذا تـوارَىٰ عنكَ فهوَ العقرَبُ

يُعطيكَ من طَرَفِ اللِّسانِ حلاوةً ⭐ ويَروغُ منكَ كمـا يـروغُ الثّعلـبُ

وَصِلِ الكرامَ وإنْ رموكَ بجفوةٍ ⭐ فالصفحُ عنهمْ بالتَّجاوزِ أصـوَبُ

واخترْ قرينَكَ واصطنعهُ تفاخراً ⭐ إنَّ القريـنَ إلى المُقارنِ يُنسبُ

واخفضْ جناحَكَ للأقاربِ كُلِّهـمْ ⭐ بتذلُّـلٍ واسمـحْ لهـمْ إن أذنبوا

ودعِ الكَذوبَ فلا يكُنْ لكَ صاحباً ⭐ إنَّ الكذوبَ يشيـنُ حُـراً يَصحبُ

وزنِ الكلامَ إذا نطقـتَ ولا تكـنْ ⭐ ثرثـارةً فـي كـلِّ نـادٍ تخطُـبُ

واحفظْ لسانَكَ واحترزْ من لفظِهِ ⭐ فالمرءُ يَسلَـمُ باللسانِ ويُعطَبُ

والسِّرُّ فاكتمهُ ولا تنطُـقْ بـهِ ⭐ إنَّ الزجاجةَ كسرُها لا يُشعَبُ

وكذاكَ سرُّ المرءِ إنْ لـمْ يُطوهِ ⭐ نشرتْـهُ ألسنـةٌ تزيـدُ وتكـذِبُ

لا تحرِصَنْ فالحِرصُ ليسَ بزائدٍ ⭐ في الرِّزقِ بل يشقىٰ الحريصُ ويتعبُ

ويظلُّ ملهوفـاً يـرومُ تحيّـلاً ⭐ والـرِّزقُ ليسَ بحيلةٍ يُستجلَبُ

كم عاجزٍ في الناسِ يأتي رزقُهُ ⭐ رغَـداً ويُحـرَمُ كَيِّـسٌ ويُخيَّـبُ

وارعَ الأمانةَ؛ والخيانةَ فاجتنبْ ⭐ واعدِلْ ولا تظلمْ يَطبْ لكَ مكسبُ

وإذا أصابكَ نكبةٌ فاصبـرْ لهـا ⭐ مـن ذا رأيـتَ مسلَّماً لا يُنْكبُ

وإذا رُميتَ من الزمانِ بريبـةٍ ⭐ أو نالكَ الأمـرُ الأشقُّ الأصعبُ

فاضرعْ لربّك إنه أدنىٰ لمنْ ⭐ يدعوهُ من حبلِ الوريدِ وأقربُ

كُنْ ما استطعتَ عن الأنامِ بمعزِلٍ ⭐ إنَّ الكثيرَ من الوَرَىٰ لا يُصحبُ

واحذرْ مُصاحبةَ اللئيم فإنّهُ ⭐ يُعدي كما يُعدي الصحيحَ الأجربُ

واحذرْ من المظلومِ سَهماً صائباً ⭐ واعلـمْ بـإنَّ دعـاءَهُ لا يُحجَـبُ

وإذا رأيتَ الرِّزقَ عَزَّ ببلـدةٍ ⭐ وخشيتَ فيها أن يضيقَ المذهبُ

فارحلْ فأرضُ اللّٰهِ واسعةَ الفَضَا ⭐ طولاً وعَرضاً شرقُهـا والمغرِبُ

فلقدْ نصحتُكَ إنْ قبلتَ نصيحتي ⭐ فالنُّصحُ أغلىٰ ما يُباعُ ويُوهَـبُ
.

شاهد أيضاً

الزهراء الصديقة الكبرى المثل الأعلى للمرأة المعاصرة / سالم الصباغ‎

أتشرف بأن أقدم لكم نص المحاضرة التي تشرفت بإلقائها يوم 13 / 3 في ندوة ...