الكرة الأمريكية في أرض البرلمان العراقي.. هل سيلقي بها خارجاً؟
18 فبراير,2019
تقاريـــر
715 زيارة
الوقت– قام “باتريك شاناهان” القائم بأعمال وزير الدفاع الأمريكي يوم الثلاثاء الماضي بزيارة العاصمة العراقية بغداد والتقى برئيس الوزراء العراقي “عادل عبد المهدي” وعلى الرغم من عدم انتشار تقارير تكشف عن الهدف من زيارة “شاناهان” لبغداد، إلا أنه يبدو أن الغرض الرئيسي من هذه الزيارة التي قام بها مسؤول أمريكي كبير لبغداد يتمثل في ممارسة الضغط على حكومة “عادل عبد المهدي” للسماح باستمرار وجود القوات الأمريكية على الأراضي العراقية تحت ذريعة تدريب القوات العراقية واسترضاء القادة العراقيين بخصوص موقف الرئيس الأمريكي “ترامب” الأخير.
حيث تذكر العديد من المصادر الإخبارية بأن الرئيس “ترامب” أُثار غضب بغداد في الشهر الحالي عندما قال إنه من المهم الإبقاء على الوجود العسكري الأمريكي في العراق بحيث يمكن لواشنطن أن تراقب إيران عن قرب.
وأثارت تصريحات “ترامب” انتقادات جميع زعماء العراق تقريباً بما في ذلك الرئيس ورئيس الوزراء وأثارت تساؤلات بشأن الوجود طويل الأمد للقوات الأمريكية بعد 16 عاماً من الغزو الأمريكي الذي أطاح بالرئيس السابق صدام حسين.
ولهذا فلقد قال الرئيس العراقي برهم صالح، بعد تصريحات “ترامب” تلك: “إن القوات الأمريكية موجودة في العراق بموجب اتفاق مع بغداد ولمهمة محددة هي مكافحة الإرهاب وإن على الأمريكيين الالتزام بذلك”.
ووفقاً لعدد من التقارير الإخبارية، فلقد قال “عادل عبد المهدي” للقائم بأعمال وزير الدفاع الأمريكي في لقاء جمعهما: “إن بغداد تعارض بشدة وجود قواعد عسكرية أجنبية على الأرضي العراقية”، وفي مؤتمر صحفي عقب لقائه بالقائم بأعمال وزير الدفاع الأمريكي، أكد “عادل عبد المهدي” على أن الدول الصديقة ساعدتنا في حربنا ضد تنظيم داعش الإرهابي ولفت “عبد المهدي” إلى أنه إذا وافق مجلس النواب على إنهاء العقود والتحالفات مع الدول الصديقة، فإنه لن يكون هنالك خيار أمام الحكومة العراقية سوى تنفيذ تلك القرارات.
إن كل تلك التصريحات التي فنّدها رئيس الوزراء العراقي تشير بصراحة إلى قانون طرد القوات الأمريكية من العراق الذي تم التصويت عليه في البرلمان العراقي، ويبدو أنه ردّ قوي على مزاعم “شاناهان” بأن القوات الأمريكية هي المسؤولة عن قتال تنظيم داعش الإرهابي وتدريب القوات العراقية.
بالطبع، إن المزاعم التي ذكرها “شاناهان” تعدّ مزاعم كاذبة وليس لها أساس من الصحة وذلك لأنه:
أولاً: لقد اعترف الرئيس الأمريكي “دونالد ترامب” قبل عدة أشهر بأنه قد تم القضاء كليّاً على فلول تنظيم داعش الإرهابي في العراق، وأنه لم يعد هناك أي حاجة لوجود القوات الأمريكية في العراق.
ثانياً: إذا كانت مهمة الجيش الأمريكي هي تدريب القوات العراقية، فلماذا لا يوجد هناك إحصاءات حول العدد الدقيق لهذه القوات، فتارة يتحدثون بأنه يوجد حوالي 5000 عسكري وتارة أخرى يقولون بأنه يوجد حوالي 15 ألف عسكري أمريكي، بمن فيهم أفراد عسكريون تابعون لشركة “بلاك ووتر” الخاصة في العراق، وتارة يقولون بأن القوات المتمركزة في سوريا ترتبط ارتباطاً وثيقاً بهذه القوات الأمريكية المنتشرة في عدد من المناطق العراقية.
ولهذا فإنه يمكننا أن نسأل أنفسنا هنا، هل من الضروري وجود الكثير من المعدات العسكرية الثقيلة لتدريب القوات العراقية؟
ثالثاً: إذا كانت كل تلك القوات الأمريكية مكلّفة بتدريب القوات العراقية، فلماذا تتمركز في قواعد عسكرية منفصلة مثل قاعدة الأسد في الأنبار؟
رابعاً: لماذا لم تقم هذه القوات الأمريكية التي تدّعي بأنها تدرّب القوات العراقية، بمساعدة الجيش العراقي خلال حربه مع تنظيم داعش الإرهابي ولماذا لم تقدّم له الأسلحة الضرورية ؟ ولماذا لم تحرّك تلك القوات الأمريكية ساكناً وظلت متفرجة على تنظيم داعش الإرهابي وهو يحكم سيطرته على مدينة أربيل ويتقدّم إلى بغداد؟
وهنا تجدر الاشارة إلى أنه لولا المساعدات التي قدّمتها إيران للجيش العراقي لما تمكّن هذا الأخير من الانتصار في حربه ضد تنظيم داعش الإرهابي، ولولا فتوى “آية الله السيستاني”، لما تشكّلت قوات الحشد الشعبي التي تمكّنت من طرد فلول تنظيم داعش الإرهابي من مدينة الموصل.
خامساً: إذا كانت مهمة هذه القوات الأمريكية بعد القضاء على تنظيم داعش الإرهابي في العراق، تتمثل في تدريب القوات العراقية، فلماذا إذن قال الرئيس “ترامب” متجاهلاً سيادة العراق ووحدة أراضيه، إننا سنظل في العراق لكي نتمكن من مراقبة إيران عن كثب؟، الأمر الذي أجبر “شاناهان” أثناء وصوله إلى العاصمة العراقية بغداد، التأكيد على سيادة العراق ووحدة أراضيه لاسترضاء المسؤولين العراقيين.
على أي حال وكما قال “عادل عبد المهدي” بأن حكومته مطالبة بتنفيذ قرار البرلمان العراقي، فالآن الكرة على أرض ممثلي الشعب العراقي، فهل سيعملون على أساس مصلحة العراق والمنطقة وسيصوّتون على قانون طرد القوات الأمريكية من أراضيهم، أم إنهم سيقبلون بنتائج هذه الزيارة المشؤومة وبهيمنة أمريكا على نفط وغاز العراق وأراضيه؟.
2019-02-18