الرئيسية / من / الشعر والادب / كمال الدين الشافعي

كمال الدين الشافعي

(59)
كمال الدين الشافعي
المتوفى: 652

أضح واستمع آيات وحي تنزلت * بمدح إمام بالهدى خصه الله
ففي آل عمران المباهلة التي * بإنزالها أولاه بعض مزاياه
وأحزاب حاميم وتحريم هل أتى * شهود بها أثنى عليه فزكاه
وإحسانه لما تصدق راكعا * بخاتمه يكفيه في نيل حسناه
وفي آية النجوى التي لم يفز بها * سواه سنا رشد به تم معناه 5
وأزلفه حتى تبوأ منزلا * من الشرف الأعلى وآتاه تقواه
وأكنفه لطفا به من رسوله * بوارق أشفاق عليه فرباه
وأرضعه أخلاف أخلاقه التي * هداه بها نهج الهدى فتوخاه
وأنكحه الطهر البتول وزاده * بأنك مني يا علي وآخاه
وشرفه يوم ” الغدير ” فخصه * بأنك مولى كل من كنت مولاه 10
ولو لم يكن إلا قضية خيبر * كفت شرفا في مأثرات سجاياه (1)
* (الشاعر) *
أبو سالم كمال الدين محمد بن طلحة بن محمد بن الحسن القرشي العدوي النصيبيني الشافعي المفتي الرحال، أحد الصدور والرؤساء المعظمين، كان إماما في الفقه الشافعي، بارعا في الحديث والأصول والخلاف، مقدما في القضاء والخطابة، متضلعا في الأدب والكتابة، موصوفا بالزهد.
سمع الحديث بنيسابور عن أبي الحسن المؤيد بن علي الطوسي، وزينب الشعرية (2)
____________
(1) مطالب السؤول لناظمها – الصراط المستقيم للبياضي. التهاب مثير الأحزان (2) بنت عبد الرحمن بن الحسن الجرجاني أم المؤيد توفيت سنة 615 فقيهة اشتغلت بالحديث وأخذت عن جماعة من كبار العلماء رواية وإجازة، مولدها ووفاتها بنيسابور.
الصفحة 19
وحدث بحلب ودمشق وبلاد كثيرة. وروى عنه الحافظ الدمياطي (1) ومجد الدين ابن العديم (2) وفقيه الحرمين الكنجي (3) في ” كفاية الطالب ” قال في الكتاب ص 108: فمن ذلك ما أخبرنا شيخنا حجة الاسلام شافعي الزمان أبو سالم محمد بن طلحة القاضي بمدينة حلب.
أقام بدمشق في المدرسة الأمينية وترسل عن الملوك وساد وتقدم، وفي سنة 648 كتب الملك الناصر – المتوفى 655 – صاحب دمشق تقليده بالوزارة فاعتذر وتنصل فلم يقبل منه، فتولاها بدمشق يومين كما في طبقات السبكي 5: 26، وتركها وانسل خفية وترك الأموال والموجود وخرج عما يملك من ملبوس ومملوك وغيره، ولبس ثوبا قطنيا وذهب فلم يعرف موضعه، وقد نسب إلى الاشتغال بعلم الحروف والأوفاق وإنه يستخرج أشياء من المغيبات. وقيل: إنه رجع ويؤيد ذلك قوله في المنجم:
إذا حكم المنجم في القضايا * بحكم حازم فاردد عليه
فليس بعالم ما الله قاض * فقلدني ولا تركن إليه
وقال فيه:
ولا تركنن إلى مقال منجم * وكل الأمور إلى الإله وسلم
واعلم بأنك إن جعلت لكوكب * تدبير حادثة، فلست بمسلم
وتولى في ابتداء أمره القضاء بنصيبين، ثم قضاء مدينة حلب، ثم ولي خطابة دمشق، ثم لما زهد حج فلما رجع أقام بدمشق قليلا، ثم سار إلى حلب فتوفي بها.
تآليفه
1 – العقد الفريد للملك السعيد. ألفه لنجم الدين غازي بن أرتق من ملوك ماردين طبع بمصر.
2 – الدر المنظم في اسم الله الأعظم. توجد منه نسخة في مكتبة حسين باشا
____________
(1) أبو محمد عبد المؤمن بن خلف بن أبي الحسن الدمياطي شيخ المحدثين المولود في آخر سنة 613 والمتوفى 705 كان كثير المشايخ يزيدون على ألف وثلثمائة شيخ، ألف كتابا في تراجمهم في مجلدين.
(2) قاضي القضاة عبد الرحمن بن عمر بن أحمد بن العديم الحلي ثم الدمشقي الحنفي توفي سنة 677.
(3) أبو عبد الله محمد بن يوسف القرشي الشافعي المتوفى 658.
الصفحة 20
بآستانة رقمها: 346. وذكر شطرا منه الشيخ سليمان القندوزي الحنفي في ينابيع المودة ص 403، 471.
3 – مفتاح الفلاح في اعتقاد أهل الصلاح.
4 – كتاب دائرة الحروف.
5 – مطالب السؤول في مناقب آل الرسول. طبع غير مرة. قال معاصره الأربلي في ” كشف الغمة ” ص 17: مطالب السؤول في مناقب آل الرسول تصنيف الشيخ العالم كمال الدين محمد بن طلحة، وكان شيخا مشهورا وفاضلا مذكورا أظنه مات سنة أربع وخمسين وستمائة، وحاله في ترفعه وزهده وتركه وزارة الشام وانقطاعه ورفضه الدنيا حال معلومة قرب العهد بها، وفي انقطاعه عمل هذا الكتاب وكتاب الدائرة، وكان شافعي المذهب من أعيانهم ورؤسائهم. ا هـ.
وينقل عنه السيد هبة الدين أبي محمد الحسن الموسوي مصرحا بنسبة الكتاب إليه في كتابه [ المجموع الرائق ] الذي ألفه سنة 703.
ونسبه إليه ابن الصباغ المالكي المتوفى 855 وينقل عنه كثيرا في ” الفصول المهمة ” وتوجد منه نسخة مخطوطة مؤرخة بسنة 896 منقولة عن نسخة بخط المؤلف سنة 650 في نحو 25 كراسة في مكتبة المدرسة الأحمدية بحلب.
وينقل عنه السيد الشبلنجي في ” نور الأبصار ” في مناقب آل النبي المختار.
ولد المترجم سنة 582 كما في طبقات السبكي، وشذرات الذهب، وتوفي بحلب في 17 رجب سنة 652 كما في الكتابين: الطبقات والشذرات، وفي الوافي بالوفيات للصفدي والتاريخ له، والبداية والنهاية لابن كثير، ومرآة الجنان لليافعي، والأعلام للزركلي، وغيرها وقد سمعت ظن الأربلي بأنه توفي سنة 654.
توجد جملة من شعره في أهل البيت عليهم السلام في كتابه ” مطلب السؤول ” منها قوله ختم به الكتاب:
رويدك إن أحببت نيل المطالب؟ * فلا تعد عن ترتيل آي المناقب
مناقب آل المصطفى المهتدى بهم * إلى نعم التقوى ورغبى الرغائب
مناقب آل المصطفى قدوة الورى * بهم يبتغي مطلوبه كل طالب
الصفحة 21
مناقب تجلى سافرات وجوهها * ويجلو سناها مدلهم الغياهب
عليك بها سرا وجهرا فإنها * يحلك عند الله أعلى المراتب
وخذ عند ما يتلو لسانك آيها * بدعوة قلب حاضر غير غائب
لمن قام في تأليفها واعتنى به * ليقضي من مفروضها كل واجب
عسى دعوة يزكو بها حسناته * فيحظى من الحسنى بأسنى المواهب
فمن سأل الله الكريم أجابه * وجاوره الاقبال من كل جانب
ومنها قوله في ص 8:
هم العروة الوثقى لمعتصم بها * مناقبهم جاءت بوحي وإنزال
مناقب في الشورى وسورة هل أتى * وفي سورة الأحزاب يعرفها التالي
وهم أهل بيت المصطفى فودادهم * على الناس مفروض بحكم وإسجال
فضايلهم تعلو طريقة متنها * رواة علوا فيها بشد وترحال
أشار بهذه الأبيات إلى عدة من فضايل العترة الطاهرة مما نزل به القرآن الكريم في سورة الشورى وهل أتى والأحزاب. أما الشورى ففيها قوله تعالى: قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى. ومن يقترف حسنة نزد له فيها حسنا – 23 – وقد أسلفنا في الجزء الثاني ص 306 – 310، والجزء الثالث ص 171 ما ورد في الآية الكريمة من أنها نزلت في العترة الطاهرة صلوات الله عليهم.
وأما هل أتى ففيها قوله النازل فيهم: يوفون بالنذر ويخافون يوما كان شره مستطيرا – 7 – ويطعمون الطعام على حبه مسكينا ويتيما وأسيرا – 8 -، وقد بسطنا القول في أنها نزلت فيهم صلوات الله عليهم في الجزء الثالث ص 107 – 111.
وأما الأحزاب ففيها قوله تعالى: من المؤمنين رجال صدقوا. ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلها – 23 -، وقوله تعالى: إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا – 33 – وقد مر في الجزء الثاني ص 51 نزول الآية الأولى في علي أمير المؤمنين وعمه حمزة وابن عمه عبيدة.
وقد تسالمت الأمة الإسلامية على نزول آية التطهير في صاحب الرسالة الخاتمة ووصيه الطاهر وابنيهما الإمامين وأمهما الصديقة الكبرى، وأخرج الحفاظ وأئمة
الصفحة 22
الحديث فيها أحاديث صحيحة متواترة في الصحاح والمسانيد لعلنا نوقف القارئ عليها في بقية أجزاء كتابنا. وما توفيقي إلا بالله.
ومن شعره في العترة الطاهرة قوله:
يا رب بالخمسة أهل العبا * ذوي الهدى والعمل الصالح
ومن هم سفن نجاة ومن * وإليهم ذو متجر رابح
ومن لهم مقعد صدق إذا * قام الورى في الموقف الفاضح
لا تخزني واغفر ذنوبي عسى * أسلم من حر لظى اللافح
فإنني أرجو بحبي لهم * تجاوزا عن ذنبي الفادح
فهم لمن والاهم جنة * تنجيه من طائرة البارح
وقد توسلت بهم راجيا * نجح سؤال المذنب الطالح
لعله يحظى بتوفيقه * فيهتدي بالمنهج الواضح
ومن شعره في قتلة الإمام السبط عليه السلام قوله:
ألا أيها العادون إن أمامكم * مقام سؤال والرسول سؤول
وموقف حكم والخصوم محمد * وفاطمة الزهراء وهي ثكول
وإن عليا في الخصام مؤيد * له الحق فيما يدعي ويقول
فماذا تردون الجواب عليهم؟ * وليس إلى ترك الجواب سبيل
وقد سؤتموهم في بنيهم بقتلهم * ووزر الذي أحدثتموه ثقيل
ولا يرتجى في ذلك اليوم شافع * سوى خصمكم والشرح فيه يطول
ومن كان في الحشر الرسول خصيمه * فإن له نار الجحيم مقيل
وكان عليكم واجبا في اعتمادكم * رعايتهم أن تحسنوا وتنيلوا
فإنهم آل النبي وأهله * ونهج هداهم بالنجاة كفيل
مناقبهم بين الورى مستنيرة * لها غرر مجلوة وحجول
مناقب جلت أن تحاط بحصرها * فمنها فروع قد زكت وأصول
مناقب من خلق النبي وخلقه * ظهرن فما يغتالهن أفول

شاهد أيضاً

الحجاب النوراني والحجاب الظلماني

لكن أنواع ذلك الجلال هو اشراقاتي وهو لفرط العظمة والنورانية واللانهائية، يبعد عنها العاشق بعتاب ...