الرئيسية / تقاريـــر / “منافقي خلق” والسعودية دعم مطلق ونتائج غير مضمونة

“منافقي خلق” والسعودية دعم مطلق ونتائج غير مضمونة

عندما قررت السعودية ان تعلن معاداتها للجمهورية الاسلامية في ايران والعمل على تحريض الاعلام ومختلف الاطر الدبلوماسية للضغط في هذا الاطار ،كان واضحا انها تخطط لمشروع اخطر من مجرد الاعلان والدليل انها بدأت تسعى للعمل ميدانيا محاولة المس بأمن ايران واستقرارها. البداية كانت عندما القى الامير تركي الفيصل رئيس الاستخبارات السعودي الاسبق كلمة في مؤتمر لمنظمة منافقي خلق الارهابية الذي انعقد في باريس في 2016، حيث قدم دعما غير محدود لهذه المجموعة الإرهابية واتهم نظام الامام الخميني “بأنه لم يجلب سوى الدمار والطائفية وسفك الدماء ليس لإيران فقط، وإنما في جميع دول الشرق الأوسط وأعلن انه مع اسقاط هذا النظام ايضا.

تجدر الاشارة الى أن الامير تركي الفيصل  يعتبر رجل المهمات الصعبة، وأحد ابرز هذه المهمات، هو اجراء اتصالات وعقد لقاءات مع المسؤولين الصهاينة، وفتح قنوات سرية وعلنية معهم، وبحضوره مؤتمر منظمة منافقي خلق  الارهابية بزعامة مريم رجوي ، يكون قد وسع دائرة نشاطاته، بتولي ملف هذه المجموعة ودعمها ماليا وعسكريا في الايام المقبلة. وهذا دليل اضافي واضح يثبت دعم السعودية للإرهاب والإرهابيين.  مع الاشارة ايضا الى أنّ الامير تركي الفيصل الذي تولى المنصبين الاهم في الخارجية السعودية، اي رئاسة سفارتي بلاده في لندن وواشنطن، لحوالي عشر سنوات بعد مغادرته لمنصبه على قمة جهاز المخابرات، لا يمكن ان يكون رجلا عاديا، مثلما لا يمكن ان يقدم على مثل هذه “المهمات” دون تكليف من المؤسسة الحاكمة، والملك شخصيا.

كان لافتا حينها، ان محطة الإخبارية السعودية الرسمية بثت خطاب الامير الفيصل، ووضعته الصحف شبه الرسمية على صدر صفحاتها الأولى مما يوحي ان هناك “رسالة” تريد القيادة السعودية توجيهها الى الجمهورية الاسلامية الإيرانية ابرز عناوينها ان المرحلة المقبلة ستكون مرحلة كسر جميع الخطوط الحمراء والتدخل مباشرة في الشأن الداخلي الايراني في الميادين كافة. في بداية انطلاق “عاصفة الحزم” السعودية، ظهر معلقون ومسؤولون سعوديون وخليجيون على شاشات قنوات تلفزيونية عديدة، يتحدثون بتفاؤل عن “عقيدة سلمان”، وانتقال القيادة السعودية الى مرحلة مختلفة، عنوانها المواجهة العسكرية مع ايران كرد على تدخلاتها في الشؤون السعودية خاصة في فنائها اليمني كما يزعمون، وهدد بعض هؤلاء بدعم المعارضات السنية والأقليات العرقية وتمويلها وتسليحها لزعزعة استقرار ايران ونظامها الحاكم. بالقول”لن ننتظر حتى تصبح المعركة في السعودية بل سنعمل لكي تكون المعركة لديهم في إيران”. بهذه الكلمات عبّر الأمير محمد بن سلمان ولي العهد السعودي ووزير الدفاع، في 3 مايو 2017، عن تبني بلاده لتوجه جديد في صراعها مع إيران.

فهل تمتلك الرياض القدرة على ذلك ؟ وهل لديها “أوراق” تسمح لها بضرب النظام الإيراني من الداخل؟ وكيف يمكنها أن تستخدم تلك الأوراق؟

صدرت اتهامات عديدة للسعودية أعلن عن البعض منها وزير الاستخبارات الإيراني واتهم فيها السعودية بدفع 500 ألف دولار لكل عملية إرهابية تُنفّذ في إيران، وبدفع 3 آلاف دولار كمرتب لكل عنصر إرهابي يعمل لصالحها في إيران.كما قال إن إحدى المجموعات الإرهابية التي تديرها المخابرات السعودية تتألف من 120 فرداً، مؤكداً أن السلطات الإيرانية ترصد تحركات كل الإرهابيين داخل إيران وخارجها. واتهم السعودية بالسعي لزعزعة استقرار جنوب شرق إيران عبر دعم الإرهابيين. طبعا هذا يؤكد مرة اخرى حجم التدخل السعودي ومحاولاته لتجاوز كل الخطوط الحمر دون رادع.

بإعلان دعمها للمجموعات الارهابية وعلى رأسها منافقي خلق المعروفة بتاريخها الدموي في إيران تكون السعوديى قد كسرت كل الحواجز وسمحت لنفسها بالتعاطي بالشأن الداخلي الايراني بإصرار.ان المعركة التي قصدها محمد بن سلمان  في تصريحاته حول الملف الايراني ليست الحرب التقليدية التي تستخدم فيها الجيوش وإنما حرب إشغال إيران بنفسها.

هذا الخطاب “الصقوري” السعودي تراجع واختفى تقريبا بعد فشل “عاصفة الحزم”، وطائراتها وقواتها في فرض الاستسلام  على الحوثيين، واستعادة صنعاء ومدن أخرى وتسليم الاسلحة الثقيلة، وعودة النظام الشرعي، ولا نعرف لماذا  تذهب القيادة السعودية الى هذه الدرجة من التصعيد ضد ايران وتوحي بتبني “معارضتها” المسلحة علنا وفي وضح النهار؟

لا شك ان دعم السعودية لحركة “منافقي خلق الإرهابية” المدعومة امريكيا وأوروبيا، سياسيا وماليا وعسكريا، أصبحت أكثر وضوحا اليوم، بعد ان تراجعت هذه الحركة وقوتها وأنشطتها بعد الغزو العسكري الامريكي الذي اسقط نظام صدام حسين الذي كان الداعم الرئيسي لها.

لا نعرف ما اذا كانت القيادة السعودية حسبت حساباتها بشكل جدي قبل الاقدام على هذه الخطوة التصعيدية ام لا، ودرست كل الاحتمالات وردود الفعل المتوقعة، ولكن ما نعرفه ان فتح جبهة جديدة، دون الحسم في الجبهتين اليمنية والسورية، ليس خطوة حكيمة في العلوم السياسية والعسكرية، والاكيد أن السعودية لن تجني من هكذا خطوات الا المزيد من الهزائم والانحطاط.

 يمن برس

د.سهام محمد

شاهد أيضاً

آداب الأسرة في الإسلام

رابعاً : حقوق الأبناء : للأبناء حقوق علىٰ الوالدين ، وقد لخّصها الإمام علي بن ...