الرئيسية / صوتي ومرئي متنوع / لمحة فقهية تمهيدية عن مشروع دستور الجمهورية الإسلامية في إيران

لمحة فقهية تمهيدية عن مشروع دستور الجمهورية الإسلامية في إيران

القسم الخامس

لتالية في الفقه الإسلامي:

1 ـ لا ولاية بالأصل إلا لله تعالى.

2 ـ النيابة العامة للمجتهد المطلق العادل الكفؤ عن الإمام، وفقاً لقول إمام العصر عليه السلام “وأما الحوادث الواقعة فارجعوا فيها إلى رواة أحاديثنا فإنهم حجتي عليكم وأنا حجة الله”، فإن هذا النص يدل على أنهم المرجع في كل الحوادث الواقعية بالقدر الذي يتصل بضمان تطبيق الشريعة على الحياة، لأن الرجوع إليهم بما هو رواة أحاديثهم وحملة الشريعة يعطيهم الولاية بمعنى القيمومة على تطبيق الشريعة وحق الاشراف الكامل من هذه الزاوية.

3 ـ الخلافة العامة للأمة على أساس قاعدة الشورى التي تمنحها حق ممارسة أمورها بنفسها، ضمن إطار الاشراف والرقابة الدستورية من نائب الإمام.

4 ـ فكرة أهل الحل والعقد التي طبقت في الحياة الإسلامية والتي تؤدي بتطويرها على النحو الذي ينسجم مع قاعدة الشورى وقاعدة الإشراف الدستوري من نائب الإمام، إلى افتراض مجلس يمثل الأمة وينبثق عنها بالانتخاب.

ويتاح لكم من خلال هذه الخطوط الموجزة أن تقارنوا في المجال الفقهي للقانون الدستوري بين المواقف الآنفة الذكر ومواقف المذاهب الاجتماعية الأخرى في أهم النقاط التي درسها القانون الدستوري الحديث.

فمن ناحية تكون الدولة ونشوئها تاريخياً، نرفض إسلامياً نظرية القوة والتغلب ونظرية التفويض الإلهي الإجباري ونظرية العقد الاجتماعي ونظرية تطور الدولة على العائلة، ونؤمن بأن الدولة ظاهرة نبوية وهي تصعيد للعمل النبوي، بدأت في مرحلة معينة من حياة البشرية.

ومن ناحية وظيفة الدولة: نرفض إسلامياً المذهب الفردي أو مذهب عدم التدخل المطلق (أصالة الفرد) والمذهب الاشتراكي أو أصالة المجتمع، ونؤمن بأن وظيفتها تطبيق شريعة السماء التي وازنت بين الفرد والمجتمع وحمت المجتمع، لا بوصفه وجوداً هيغليا [نسبة إلى الفيلسوف الديالكتيكي هيغل] مقابلاً للفرد، بل بقدر ما يعبر عن أفراد وما يضم من جماهير تتطلب الحماية والرعاية.

ومن ناحية شكل الحكومة تعتبر الحكومة قانونية، أي تتقيد بالقانون على أروع وجه، لأن الشريعة تسيطر على الحاكم والمحكومين على السواء.

كما أن النظرية الإسلامية ترفض الملكية، أي النظام الملكي، وترفض الحكومة الفردية بكل أشكالها، وترفض الحكومة الارستقراطية، وتطرح شكلاً للحكم يحتوي على كل النقاط الايجابية في النظام الديمقراطي مع فوارق تزيد الشكل موضوعية وضماناً لعدم الانحراف، فالأمة هي مصدر السيادة في النظام الديمقراطي، وهي محط الخلافة ومحط المسؤولية أمام الله تعالى في النظام الإسلامي، والدستور كله من صنع الإنسان في النظام الديمقراطي ويمثل على أفضل تقدير وفي لحظات مثالية تحكم الأكثرية في الأقلية، بينما تمثل الأجزاء الثابتة من الدستور شريعة الله تعالى وعدالته التي تضمن موضوعية الدستور وعدم تحيزه.

فالشريعة الإسلامية التي وضعت مثلاً مبدأ الملكية العامة وملكية الدولة إلى جانب الملكية الخاصة، لم تعبر بذلك عن نتاج صراع طبقي أو تقديم مصالح هذا الجزء من المجتمع على ذلك الجزء، وإنما عبرت عن موازين العدل والحق، ولهذا سبقت بذلك تاريخياً كل المبررات المادية أو الطبقية لظهور هذا اللون من التشريع.

ومن ناحية تحديد العلاقات بين السلطات تقترب الدولة الإسلامية من النظام الرئاسي، ولكن مع فوارق كبيرة عن الأنظمة الرئاسية في الدول الرأسمالية الديمقراطية التي تقوم على أساس الفصل بين السلطة التنفيذية والسلطات التشريعية.

وكان التطبيق العملي للحياة الإسلامية دائماً يفترض الدولة ممثلة في رئيس يستمد شرعية تمثيله من الدستور ـ النص الشرعي ـ أو من الأمة مباشرة ـ الانتخاب المباشر ـ أو منهما معاً.
ولا مجال في هذه العجالة للدخول في تفاصيل الفرق بين تنظيم السلطات وتحديد علاقاتها في الصورة الإسلامية المقترحة وتنظيمها وتحديد علاقاتها في النظريات والتطبيقات الأخرى.

هذه فكرة فقهية موجزة، أيها العلماء الأعلام، قد تفي باختصار في الجواب على سؤالكم الكريم وتكون نظرة إجمالية عن فكرة الجمهورية الإسلامية التي طرحها الشعب الإيراني المسلم بقيادة الإمام الخميني (دام ظله). ونحن نقدمها بوصفها مجرد اقتراحات نظرية قابلة للدرس والتطبيق وتلقي ضوءاً إسلامياً على الموقف.

نسأل المولى سبحانه أن يحفظكم ويوفقكم لخدمة الإسلام ورفع رايته، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
النجف الأشرف/ 6 ربيع الأول 1399

شاهد أيضاً

الزهراء الصديقة الكبرى المثل الأعلى للمرأة المعاصرة / سالم الصباغ‎

أتشرف بأن أقدم لكم نص المحاضرة التي تشرفت بإلقائها يوم 13 / 3 في ندوة ...