آداب عصر الغيبة – الشيخ حسين كوراني 04
25 مايو,2019
صوتي ومرئي متنوع, طرائف الحكم
819 زيارة
الغيبة الكبرى :
أورد المؤرخ الكبير المسعودي رحمه الله أن نبي الله آدم عليه السلام أوصى ابنه النبي شيت فقال :
فإذا حضرت وفاتك وأحسست بذلك من نفسك فأوص إلى خير ولدك فإن الله لا يدع الخلق بغير حجة عالم منا أهل البيت » ( 2 ) .
ومهما قيل في غيبة المهدي فإن من الضروري الانطلاق في محاولة فهمها من هذه الحقيقة التي بلورتها الأحاديث التي يرويها المسلمون سنة وشيعة عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وعن آله الأطهار عليهم السلام .
فرق كبير بين أن يكون المهدي المنتظر يولد في آخر الزمان . . . وبين أن يكون وصي رسول الله المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم .
ولعظيم منزلته هذه ينزل نبي الله عيسى فيقاتل معه ويصلي خلفه في بيت المقدس ونظرة متأنية على كتاب الله تعالى . . . والروايات الشريفة تجعلنا نجزم بأن « لئلا يكون للناس على الله حجة » و « ولا تخلو الأرض من حجة » و « لو خليت لماجت بأهلها كما يموج البحر » تلتقي مع أحاديث « المهدي المنتظر » بل هي جميعاً حقيقة
واحدة هدفها « ليظهره على الدين كله » و « نريد أن نمن على الذين استضعفوا . . . » و « أن الأرض يرثها عبادي الصالحون » .
لا يمكن فهم هذه النصوص وغيرها – وهي كثيرة جداً – إلا في ضوء حقيقة استمرار سلسلة النبوة والوصاية . . . وهذا يعني أن الوصي الإلهي القائم بأعباء الرسالة الخاتمة هو المهدي الذي نص عليه صلى الله عليه وآله وسلم على وصايته .
وقد أجمع علماء المسلمين الشيعة – وشاركهم الرأي عدد كبير من علماء المسلمين السنة على أن المهدي قد ولد وسيظهر في آخر الزمان . . .
فهو الآن إذن غائب عنا . . . وهذا معنى الغيبة الكبرى . . .
* العمر الطويل . . .
كيف يمكن لإنسان أن يعيش كل هذا العمر الطويل ؟ . . .
وهو سؤال طبيعي . . . وإجابته طريفة يشار هنا إلى بعضها باختصار :
1 – إن النصارى واليهود مجمعون على طول عمر نبي الله آدم عليه السلام مثلاً وأنه عاش 930 سنة . ( وهو
جواب لهم ) ( 3 ) .
2 – في تاريخ مختلف الأمم والشعوب حديث عن معمرين يذكر أن بعضهم عاش آلاف السنين . . .
3 – المسلمون مجمعون على طول عمر النبي نوح والخضر وغيرهما .
4 – يجمع المسلمون أيضاً على أن نبي الله عيسى ينزل ويصلي خلف المهدي . . . فأيهما أطول عمراً يا ترى . . .
5 – وعلى من يقول إن طول عمر النبي عيسى والأنبياء الآخرين إنما هو باعتبارهم أنبياء . . . أن يتذكر ما أجاب به على هذا الاعتراض بعض العلماء السنة والشيعة فقالوا :
هذا خطأ . . . بدليل طول عمر إبليس والدجال لعنهما الله . . .
6 – إن يكون طول العمر غريباً . . . فأكثر منه غرابة أن ينكره مسلم يؤمن بالخلود في الجنة أو النار . . .
فائدة وجود الإمام في غيبته :
وهو أيضاً سؤال من الطبيعي أن يطرح . .
والجواب :
كما أن الحياة مستحيلة دون حرارة الشمس ونورها . . .
ودون الهواء وليس ذلك شركاً لأن الله تعالى خلق الشمس والهواء وسخرهما لذلك . . كذلك تستحيل الحياة بدون وجود مصدر للحرارة المعنوية الروحية ونور الإيمان وأريج النبوة . . .
والحجة الإلهية هي مصدر ذلك ولا شرك في هذا على الإطلاق لأن الوصي الحجة خلقه الله تعالى وهو عبده الذي أمره بالقيام بهذه المهمة .
أما كيف ينتفع الناس بوجود حجة الله رغم غيابه فهو ما بينه لنا المهدي عليه السلام حين قال :
« وأما انتفاع الناس بي في غيبتي فكالشمس غيبها عن الأنظار السحاب » .
وهو يدل على أن للإمام مهاماً يقوم بها ليس هنا مجال الحديث عنها . . . إلا أن من المفيد أن نتذكر المهام التي قام بها العبد الصالح « الخضر » حين كان معه نبي الله موسى ( عليهما السلام ) كما نجد ذلك في سورة الكهف في الآيات 60 – 82 .
آداب الغيبة
* معرفة الإمام . . .
* معرفة علامات الظهور . . .
* البيعة . . .
* الانتظار . . .
أ – التقوى
ب – المرابطة
ج – العزم على الجهادين يديه
* الشوق والحنين إليه . . .
* الدعاء . . .
* الزيارة . . .
* طلب التشرف بلقائه . . .
* القيام عند ذكر « القائم » .
* إحياء أمره بين الناس . . .
* التبرؤ من أعدائه . . .
* الاستغاثة به . . .
المراد بآداب الغيبة « الأعمال التي ينبغي القيام بها في عصر غيبة الإمام المهدي عليه السلام من صلاة ودعاء وزيارة وما شابه » . إن اعتقادنا بأن عليه السلام إمامنا الفعلي الحي يفرض علينا آداباً تجاهه . .
ومحور هذه الآداب هو الصلة المستمرة بالإمام عليه السلام كما لو أننا نراه ونتشرف بلقائه . . .
إن هذا الاتصال القلبي منشأ كل خير ومفتاح كل بركة . . . وقد يكون سبباً للتشرف بلقائه حقيقة . . . كما تثبت ذلك قصص اللقاء الكثيرة جداً والمروية بأسانيد صحيحة . . . بل وعالية . . . لا يمكن التشكيك بها على الإطلاق . . .
وكل ما يقال عن عدم إمكان ذلك فسببه عدم الاطلاع على آراء كبار علمائنا الأبرار في مختلف العصور .
ومن الواضح أن العلاقة الباهتة بالإمام عليه السلام
تتساوى نتيجتها في كثير من الأحيان مع إنكار وجوده والعياذ بالله . . .
وينبغي أن يسجل هنا بأسف بالغ أن حاجتنا ماسة جداً إلى علاقة صحيحة وحيوية بحجة الله على العالمين عجل الله تعالى فرجه . . . أرأيت لو أن شخصاً كان في زمن المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم لا يتشوق إلى لقائه ولا يفكر به . . . ولا يشعر بأي علاقة قلبية به . . . فهل كان يعتبر صادق الإيمان . . . أو ليس من واجب المسلم أن يحب رسول الله أكثر مما يحب نفسه وأولاده . . .
ثم أليس من واجب المسلم أن يحب أهل البيت عليهم السلام كذلك عملاً بواجب المودة في القربى وغيره . . .
والإمام المنتظر امتداد رسول الله والمصداق الأوضح للالتزام بواجب المودة في القربى في عصر الغيبة الكبرى وكيف يمكن أن يكون أحدنا دقيقاً في رعاية واجب حب المصطفى وأهل بيته إن لم يعمر قلبه الحنين إلى الإمام المنتظر على غرار ما نجد في سيرة علمائنا رضوان الله عليهم . . .
2019-05-25