الرئيسية / تقاريـــر / المعارضة السورية واغتيال الشهيد القنطار

المعارضة السورية واغتيال الشهيد القنطار

الوقت- لطالما شكّل عميد الأسرى الشهيد سمير القنطار كابوساً للصهاينة، لم يقتصر الأمر على فترة حياته التي قضى أغلبها في سجون الاحتلال، بل استمر لفترات طويلة بعد شهادته من خلال حالتي القلق والذعر التي عاشها سكان المستوطنات الشمالية، فضلاً عن قيادة الاحتلال.

عميد الأسرى وبعد تحريره والتحاقه مجدداً بصفوف المقاومة بات “شبّيحاً” في نظر بعض فصائل المعارضة السوريّة، وخطراً داهماً يجب تصفيته في نظر الكيان الإسرائيلي، ما كان مؤكداً أن الكيان الإسرائيلي يقف وراء اغتياله في مدينة جرمانا السورية، ولكن التفاصيل كانت في الأدراج المغلقة.

القناة العبريّة الثانية أخرجت أحد أسرار هذه الأدراج إلى العلن، بعد أن رفعت الرقابة العسكرية الحظر، فقد ذكرت أن أحد قادة المُعارضة السوريّة هو الذي قدّم لجهاز الاستخبارات الإسرائيليّة “أمان” المعلومات التي أدّت إلى اغتيال الشهيد سمير القنطار في 15 كانون الأول (ديسمبر) عام 2015 جنوب دِمشق في غارةٍ إسرائيليّةٍ، واستهلت القناة تقريرها المطوّل بعنوان “فضح الحقيقة…العلاقة السورية، القصة الحقيقية”، وكتبت أن ثمة قصة خيالية لا يمكن الكشف عنها إلا الآن، وهي عبارة عن عملية إسرائيلية كانت سرية، حتى الآن، تمثّلت في تنكّر أعضاء وحدة سرية إسرائيلية في زيّ فريق طبي لعلاج الجرحى السوريين من المعارضة المسلحة.

المقدّم ماركو مونرو، الذي كشف تفاصيل هذه العمليّة للمحطّة التلفزيونيّة العبريّة المذكورة كان ضابط الاتصال المُكلّف من قبل المُخابرات الإسرائيليّة للتّواصل والتّنسيق مع قوّات المُعارضة السوريّة.

بدا الأمر صادماً بالنسبة للكثيرين، ولكننا لم نعتبره كذلك، نظراً لوجود عشرات المؤشرات على الأرض تؤكّد تواطؤ وخيانة العديد من فصائل المعارضة، لاسيّما في الجنوب السوري، الكثيرون منهم قاموا بالدخول إلى فلسطين المحتلّة، حيث استغل الكيان الإسرائيلي عجزهم لاستثمارهم في مسار التطبيع، وغيرها من المسارات العسكرية والأمنيّة، في حين أن البعض منهم تذرّع بالعلاج وشعارات “إنسانية” خدّاعة.

إن الكشف الإسرائيلي عن بعض أسرار عملية الشهيد سمير القنطار الذي كان مكلّفاً بإعداد جبهة الجولان السوري المُحتل تستدعي الإشارة إلى النقاط التالية:

أوّلاً: إن تقديم معلومات للمخابرات الإسرائيلية أدّت إلى اغتيال الشهيد القنطار يؤكد حقيقة هذه الجهات التي رفعت شعارات الثورة، فهل الرجل الثوري يعمد إلى خيانة وطنه وتقديم معلومات للمحتلّ؟ إن هذا الخيانة ستُكتب في سجل العار الذي ألحقته هذه الفصائل بنفسها عبر التعاون مع دول محتلة.

ثانياً: في الحقيقة، لا يقتصر الأمر على الكيان الإسرائيلي وإن كان هو الأكبر، ففي سوريا يتعاون الأكراد مع الأمريكيين لتقسيم الوطن، في حين تشنّ بعض الفصائل الأخرى عدوناً على الوطن بعملية عسكرية تشنّها دول جارة – محتلّة، ألا تؤكد هذه التصرّفات أن الغاية تبرّر الوسيلة لدى هؤلاء؟ ماذا لو نجحوا في الوصول إلى الحكم في سوريا؟

ثالثاً: لا نعتقد أن عملية الوشاية عن القنطار كانت الأولى، وبالتأكيد لم تكن الأخيرة، فربما تقف المعارضة السورية خلف عشرات الغارات الإسرائيلية على الأراضي السوريّة، ولكن الرقابة العسكرية الإسرائيلية لم تسمح بنشرها بعد، ربما المعارضة نفسها هي المسؤولة عن اغتيال رئيس مركز البحوث العلمية في سوريا “عزيز أسبر” وغيره من السوريين الذين تمّت تصفيتهم بنيران إسرائيلية، والملفت أن بعض التقارير قد تحدّثت إثر اغتيال الشهيد القنطار عن عملية معقّدة، لكنّها في الحقيقة ثبتت اليوم وعلى لسان الضابط في شعبة الاستخبارات العسكرية أنها خيانة بسيطة من “رجل” باع وطنه وأهله لحفنة من المال، لا أكثر.

رابعاً: رغم الجانب المظلم فيما كشفته القناة العبرية، إلا أن هناك جانب مضيئ يتمثّل في فشل رهانها على هؤلاء، فلو أن الكيان الإسرائيلي يرى فائدتهم لهم اليوم، لما عمد إلى رفع السرية عن هذه المعلومات.

هنا ندعو إلى محاكمة كل من تورّط مع الكيان الإسرائيلي في أي تواصل كان، هؤلاء ارتكبوا الخيانة العظمى بحقّ وطنهم وأهلهم، ويجب أن ينالوا جزاءهم.

عوداً على بدء، رفعت المعارضة السورية الكثير من الشعارات الوطنيّة الجذابة، لكن قوامها الأعظم للأسف كان يعلّب ضمن أجندات خارجيّة، تركية وخليجية، أمريكية وإسرائيلية على حساب الوطن والسوريين.

مرّة جديدة تؤكد المعطيات بما لا يدع مجالاً للشك، بأن سوريا تعرّضت لحرب استخبارات إقليمية ودولية لا تعدو المعارضة السورية، في اغلبها، عن كونها أداة خيانة.

كلمات للشهيد سمير القنطار:

الوطن أو الموت… سننتصر ولن يغلق الحساب! المجرمون سيدفعون الثمن وهم يعرفون ذلك جيداً”.

“منذ اختياري لطريقِ النضالِ والجهادِ في سبيلِ رفعِ الظلمِ عن فِلَسطينَ وأهلِها ولدفعِ الظلمِ والموتِ عن أهلِنا وشعبِنا في لبنانَ كنتُ على يقينٍ أنَ هذا الطريقَ الذي اخترتُهُ بقناعةٍ تامةٍ نِهايتُهُ النصرُ أو الشهادة”.

“عاهدتُ كلَ المؤمنينَ بحريةِ فِلَسطينَ واِنَني لن أعودَ مِن فِلسطينَ إلا لكي أعودَ اليها”.

“أقول لكلِ المحبينَ في هذهِ المقاومة إنَ شهادتي وشهادةَ أيِ أخٍ في هذا الخطِ على يدِ العدوِ الصِهيوني تعتبرُ دافعاً إضافياً لهذهِ المسيرةِ إلى الأمام”.

شاهد أيضاً

الزهراء الصديقة الكبرى المثل الأعلى للمرأة المعاصرة / سالم الصباغ‎

أتشرف بأن أقدم لكم نص المحاضرة التي تشرفت بإلقائها يوم 13 / 3 في ندوة ...