01 ألف سؤال وإشكال – زعمهم أن الله تعالى يرى بالعين !
3 يوليو,2019
صوتي ومرئي متنوع, طرائف الحكم
846 زيارة
ألف سؤال وإشكال للشيخ علي الكوراني العاملي
مقدمة
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين وأفضل الصلاة وأتم السلام على سيدنا ونبينا محمد وآله الطيبين الطاهرين ، واللعنة على أعدائهم أجمعين
وبعد ، فقد طرح المخالفون لمذهب أهل البيت الطاهرين عليهم السلام عدداً من إشكالاتهم وشبهاتهم على مذهب الحق وأتباعه ، وأكثروا تكرارها في خطبهم وكتبهم ، وملؤوا منها الأسواق ، وعبؤوا بها مواقعهم في شبكات النت ، ووزعوا كتيباتها وأشرطتها على الحجاج والزوار ، في بلاد الحرمين ، وغيرها من بلاد المسلمين ، والمهجر !
وقد أجاب عنها فقهاء الشيعة وعلماؤهم من القدماء والمعاصرين ، فجزاهم الله خير الجزاء لدفاعهم عن ظلامة أهل البيت الطاهرين عليهم السلام ومذهبهم الحق .
وهذه أسئلة وإشكالات علمية كتبناها لتكون جواباً على ما يثيرونه علينا ، وتنبيهاً إلى أن الأولى لهم أن يعالجوا المشكلات والتناقضات التي امتلأت بها مصادرهم ، وقامت عليها مؤلفاتهم وأبحاثهم في عقائدهم وفقههم وتفسيرهم ،
فإن إصلاح الدار أوجب من انتقاد الجار !
وقد اعتمدنا فيها على مصادرهم الأساسية في الحديث والتفسير والفقه والعقائد ، وأقوال كبار أئمتهم من القدماء والمتأخرين .
واعتمدنا في ترتيب أبوابها على كتب : الوهابية والتوحيد ، وتدوين القرآن ، والعقائد الإسلامية ، وآيات الغدير ، وغيرها .
أما المنهج الذي اخترناه فهو تحرير المسألة بعبارة مليئة ، موثقة من المصادر ، ثم توجيه الأسئلة حولها أو الإشكالات ، وبذلك يسهل الأمر على القارئ ، والباحث .
والله ولي القصد والتوفيق ، والهادي إلى سواء السبيل .
علي الكوراني العاملي
شوال المكرم 1423
الفصل الأول :
تخبطهم في توحيد الله تعالى وصفاته المقدسة
المسألة : 1
زعمهم أن الله تعالى يرى بالعين !
قال أهل البيت عليهم السلام إن الله تعالى يعرف بالعقل والقلب ، ويستحيل أن تراه العيون ، لأنها لا ترى إلا الشئ المادي الذي يخضع لقوانين الزمان والمكان ، والله تعالى لا تدركه الأبصار ولا الأوهام : ( لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيٌْ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ ) .
ففي الإحتجاج : 2 / 190 : من حديث الإمام الرضا عليه السلام قال : ( يا أبا الصلت إن الله تبارك وتعالى لا يوصف بمكان ، ولا يدرك بالأبصار والأوهام ) . ( والكافي : 1 / 143 ) .
أما المخالفون لمذهب أهل البيت عليهم السلام فقالوا إن الله تعالى يرى بالعين في الآخرة ، وقال بعضهم يرى بالعين حتى في الدنيا !
ففي البخاري : 1 / 195 ، عن أبي هريرة قال : ( إن الناس قالوا يا رسول الله هل نرى ربنا يوم القيامة ؟ قال : هل تمارون في القمر ليلة البدر ليس دونه سحاب ؟ قالوا : لا يا رسول الله . قال : فهل تمارون في الشمس ليس دونها سحاب ؟ قالوا : لا . قال : فإنكم ترونه كذلك ! ! ) .
وفي البخاري : 2 / 141 : عن عبد الله بن عمر قال : ( ذكر النبي ( ص ) يوماً بين ظهري الناس المسيح الدجال فقال : إن الله ليس بأعور إلا أن المسيح الدجال أعور العين ) . انتهى . يعني طمأنهم النبي صلى الله عليه وآله أن عيني الله سالمتان ، والحمد لله !
ونقل في هامش شرح الترمذي : 6 / 188 عن ابن العربي : ( إن الله لم ينزل هذه الآية ( لا تدركه الأبصار ) لنفي الرؤية لله ولا جاءت بها عائشة ، فإنه سبحانه وتعالى يرى في الدنيا والآخرة جوازاً ووقوعاً ) !
* *
وأول ما ظهرت أحاديث الرؤية بالعين والتشبيه من عمر بن الخطاب قال : ( إن كرسيه وسع السماوات والأرض ، وإن له أطيطاً كأطيط الرحل الجديد إذا رُكِبَ ، من ثقله . رواه البزار ورجاله رجال الصحيح ) . ( مجمع الزوائد : 1 / 83 )
وفي رواية السيوطي في الدر المنثور : 1 / 328 : عن عبد بن حميد ، وابن أبي عاصم في السنة ، والبزار ، وأبي يعلى ، وابن جرير ، وأبي الشيخ ، والطبراني ، وابن مردويه ، والضياء المقدسي في المختارة ، عن عمر . . . وإن له أطيطاً كأطيط الرحل الجديد إذا ركب من ثقله ، ما يفضل منه أربع أصابع ) .
ويبدو أن عمر أخذه من كعب الأحبار ، فقد روى ابن خزيمة في توحيده ص 225 قال : ( اجتمع ابن عباس وكعب فقال ابن عباس : إنا بنو هاشم نزعم أو نقول : إن محمداً رأى ربه مرتين ، قال فكبر كعب حتى جاوبته الجبال ! فقال : إن الله قسم رؤيته وكلامه بين محمد وموسى ) ! انتهى .
وهذا يدل على أن كعباً كان يتبنى الرؤية وكان بنو هاشم ينفونها ، وقد نسبها هذا الأثر إلى بني هاشم زاعماً أنهم قبلوا بها ، وليس بصحيح !
وفي تفسير الطبري : 52 / 12 : عن كعب الأحبار قال لرجل : ( سألت أين ربنا ، وهو على العرش العظيم متكئٌ واضعٌ إحدى رجليه على الأخرى ، ومسافة هذه الأرض التي أنت عليها خمسمائة سنة ، ومن الأرض إلى الأرض مسيرة خمسمائة سنة ، وكثافتها خمسمائة سنة ، حتى أتمَّ سبع أرضين ، ثم من الأرض إلى السماء مسيرة خمسمائة سنة ، وكثافتها خمسمائة سنة ، والله على العرش متكئ ) !
* *
وقد رد عليٌّ عليه السلام على كعب الأحبار في مجلس عمر وكذَّبه ، كما كذَّبت
عائشة حديثهم الذي زعموا فيه أن النبي صلى الله عليه وآله رأى ربه ، وكذلك ابن عباس وابن مسعود ، وجمهور الصحابة .
روى المجلسي في البحار : 36 / 194 : ( عن ابن عباس أنه حضر مجلس عمر بن الخطاب يوماً وعنده كعب الحبر ، إذ قال ( عمر ) : يا كعب أحافظ أنت للتوراة ؟ قال كعب : إني لأحفظ منها كثيراً . فقال رجل من جنبة المجلس : يا أمير المؤمنين سله أين كان الله جل ثناؤه قبل أن يخلق عرشه ، ومِمَّ خلق الماء الذي جعل عليه عرشه ؟
فقال عمر : يا كعب هل عندك من هذا علم ؟
فقال كعب : نعم يا أمير المؤمنين ، نجد في الأصل الحكيم أن الله تبارك وتعالى كان قديماً قبل خلق العرش ، وكان على صخرة بيت المقدس في الهواء ، فلما أراد أن يخلق عرشه تَفَلَ تَفَلَةً كانت منها البحار الغامرة واللجج الدائرة ، فهناك خلق عرشه من بعض الصخرة التي كانت تحته ، وآخر ما بقي منها لمسجد قدسه !
قال ابن عباس : وكان علي بن أبي طالب عليه السلام حاضراً ، فَعَظَّمَ عَلِيٌّ رَبَّهُ وقام على قدميه ونفض ثيابه ! فأقسم عليه عمر لمََّا عاد إلى مجلسه ، ففعله .
قال عمر : غُصْ عليها يا غواص ما تقول يا أبا الحسن ، فما علمتك إلا مفرجاً للغم . فالتفت علي عليه السلام إلى كعب فقال :
( غلط أصحابك وحرفوا كتب الله وفتحوا الفرية عليه !
يا كعب ويحك ! إن الصخرة التي زعمت لا تحوي جلاله ولا تسع عظمته ، والهواء الذي ذكرت لا يحوز أقطاره ، ولو كانت الصخرة والهواء قديمين معه لكان لهما قِدْمته ، وعزّ الله وجل أن يقال له مكان يومى إليه ، والله ليس كما يقول الملحدون
ولا كما يظن الجاهلون ، ولكن كان ولا مكان بحيث لا تبلغه الأذهان ، وقولي ( كان ) عجز عن كونه وهو مما عَلَّمَ من البيان يقول الله عز وجل ( خَلَقَ الإنْسَانَ عَلَّمَهُ الْبَيَانَ ) فقولي له ( كان ) مما علمني من البيان لأنطق بحججه وعظمته ، وكان ولم يزل ربنا مقتدراً على ما يشاء محيطاً بكل الأشياء ، ثم كَوَّنَ ما أراد بلا فكرة حادثة له أصاب ، ولا شبهة دخلت عليه فيما أراد ، وإنه عز وجل خلق نوراً ابتدعه من غير شئ ، ثم خلق منه ظلمة ، وكان قديراً أن يخلق الظلمة لامن شئ كما خلق النور من غير شئ ، ثم خلق من الظلمة نوراً وخلق من النور ياقوتة غلظها كغلظ سبع سماوات وسبعٍ أرضين ، ثم زجر الياقوتة فماعت لهيبته فصارت ماءً مرتعداً ، ولا يزال مرتعداً إلى يوم القيامة ، ثم خلق عرشه من نوره وجعله على الماء ، وللعرش عشرة آلاف لسان يسبح الله كل لسان منها بعشرة آلاف لغة ليس فيها لغة تشبه الأخرى ، وكان العرش على الماء من دونه حجب الضباب وذلك قوله : ( وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ لِيَبْلُوَكُمْ ) .
يا كعب ويحك ! إن من كانت البحار تفلته على قولك ، كان أعظم من أن تحويه صخرة بيت المقدس أو يحويه الهواء الذي أشرت إليه أنه حل فيه !
فضحك عمر بن الخطاب وقال : هذا هو الأمر ، وهكذا يكون العلم ، لا كعلمك يا كعب . لا عشت إلى زمان لا أرى فيه أبا حسن ) . انتهى .
الأسئلة
1 – بماذا تفسرون تبني عمر لتجسيم كعب الأحبار ومقولة أطيط العرش من ثقل الله تعالى ، رغم وضوح قوله تعالى : ( لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيٌْ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ ) ( سورة الشورى : 11 ) ، ورغم نفي أهل البيت عليهم السلام والصحابة لأفكار كعب ؟
2 – ألا ترون أن أحاديث التجسيم لم تكن معروفة في عهد النبي صلى الله عليه وآله ولا
في عهد أبي بكر ، ولم تُرْوَ إلا في زمن عمر عن كعب الأحبار وجماعته ، ثم تبناها رواة بني أمية ونشروها بين المسلمين ، وأدخلوها في صحاحهم ؟ !
3 – كيف تجعلون ذات الله تعالى خاضعة لقوانين الزمان والمكان ، مع أنه سبحانه وتعالى كان ( قبلهما ) ، أي كان ولا زمان ولا مكان ، ثم خلقهما ؟ !
4 – ما معنى تحريم العمل بالمتشابه ، ووجوب رد المتشابه من القرآن والسنة إلى المحكم منهما ، فما بالكم تأخذون بالمتشابه من آيات الصفات ، ولا تردونها إلى الآيات المحكمة ؟ !
* *
https://t.me/wilayahinfo
https://chat.whatsapp.com/JG7F4QaZ1oBCy3y9yhSxpC
https://chat.whatsapp.com/CMr8BZG9ohjIz6fkYqZrmh
2019-07-03