الرئيسية / صوتي ومرئي متنوع / 01 ألف سؤال وإشكال – زعمهم أن الله تعالى يرى بالعين !

01 ألف سؤال وإشكال – زعمهم أن الله تعالى يرى بالعين !

ألف سؤال وإشكال للشيخ علي الكوراني العاملي

مقدمة
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين وأفضل الصلاة وأتم السلام على سيدنا ونبينا محمد وآله الطيبين الطاهرين ، واللعنة على أعدائهم أجمعين

وبعد ، فقد طرح المخالفون لمذهب أهل البيت الطاهرين عليهم السلام عدداً من إشكالاتهم وشبهاتهم على مذهب الحق وأتباعه ، وأكثروا تكرارها في خطبهم وكتبهم ، وملؤوا منها الأسواق ، وعبؤوا بها مواقعهم في شبكات النت ، ووزعوا كتيباتها وأشرطتها على الحجاج والزوار ، في بلاد الحرمين ، وغيرها من بلاد المسلمين ، والمهجر !
وقد أجاب عنها فقهاء الشيعة وعلماؤهم من القدماء والمعاصرين ، فجزاهم الله خير الجزاء لدفاعهم عن ظلامة أهل البيت الطاهرين عليهم السلام ومذهبهم الحق .

وهذه أسئلة وإشكالات علمية كتبناها لتكون جواباً على ما يثيرونه علينا ، وتنبيهاً إلى أن الأولى لهم أن يعالجوا المشكلات والتناقضات التي امتلأت بها مصادرهم ، وقامت عليها مؤلفاتهم وأبحاثهم في عقائدهم وفقههم وتفسيرهم ،
فإن إصلاح الدار أوجب من انتقاد الجار !
وقد اعتمدنا فيها على مصادرهم الأساسية في الحديث والتفسير والفقه والعقائد ، وأقوال كبار أئمتهم من القدماء والمتأخرين .

واعتمدنا في ترتيب أبوابها على كتب : الوهابية والتوحيد ، وتدوين القرآن ، والعقائد الإسلامية ، وآيات الغدير ، وغيرها .
أما المنهج الذي اخترناه فهو تحرير المسألة بعبارة مليئة ، موثقة من المصادر ، ثم توجيه الأسئلة حولها أو الإشكالات ، وبذلك يسهل الأمر على القارئ ، والباحث .

والله ولي القصد والتوفيق ، والهادي إلى سواء السبيل .
علي الكوراني العاملي
شوال المكرم 1423

الفصل الأول :
تخبطهم في توحيد الله تعالى وصفاته المقدسة

المسألة : 1
زعمهم أن الله تعالى يرى بالعين !

قال أهل البيت عليهم السلام إن الله تعالى يعرف بالعقل والقلب ، ويستحيل أن تراه العيون ، لأنها لا ترى إلا الشئ المادي الذي يخضع لقوانين الزمان والمكان ، والله تعالى لا تدركه الأبصار ولا الأوهام : ( لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيٌْ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ ) .

ففي الإحتجاج : 2 / 190 : من حديث الإمام الرضا عليه السلام قال : ( يا أبا الصلت إن الله تبارك وتعالى لا يوصف بمكان ، ولا يدرك بالأبصار والأوهام ) . ( والكافي : 1 / 143 ) .

أما المخالفون لمذهب أهل البيت عليهم السلام فقالوا إن الله تعالى يرى بالعين في الآخرة ، وقال بعضهم يرى بالعين حتى في الدنيا !

ففي البخاري : 1 / 195 ، عن أبي هريرة قال : ( إن الناس قالوا يا رسول الله هل نرى ربنا يوم القيامة ؟ قال : هل تمارون في القمر ليلة البدر ليس دونه سحاب ؟ قالوا : لا يا رسول الله . قال : فهل تمارون في الشمس ليس دونها سحاب ؟ قالوا : لا . قال : فإنكم ترونه كذلك ! ! ) .

وفي البخاري : 2 / 141 : عن عبد الله بن عمر قال : ( ذكر النبي ( ص ) يوماً بين ظهري الناس المسيح الدجال فقال : إن الله ليس بأعور إلا أن المسيح الدجال أعور العين ) . انتهى . يعني طمأنهم النبي صلى الله عليه وآله أن عيني الله سالمتان ، والحمد لله !

ونقل في هامش شرح الترمذي : 6 / 188 عن ابن العربي : ( إن الله لم ينزل هذه الآية ( لا تدركه الأبصار ) لنفي الرؤية لله ولا جاءت بها عائشة ، فإنه سبحانه وتعالى يرى في الدنيا والآخرة جوازاً ووقوعاً ) !

* *
وأول ما ظهرت أحاديث الرؤية بالعين والتشبيه من عمر بن الخطاب قال : ( إن كرسيه وسع السماوات والأرض ، وإن له أطيطاً كأطيط الرحل الجديد إذا رُكِبَ ، من ثقله . رواه البزار ورجاله رجال الصحيح ) . ( مجمع الزوائد : 1 / 83 )
وفي رواية السيوطي في الدر المنثور : 1 / 328 : عن عبد بن حميد ، وابن أبي عاصم في السنة ، والبزار ، وأبي يعلى ، وابن جرير ، وأبي الشيخ ، والطبراني ، وابن مردويه ، والضياء المقدسي في المختارة ، عن عمر . . . وإن له أطيطاً كأطيط الرحل الجديد إذا ركب من ثقله ، ما يفضل منه أربع أصابع ) .

ويبدو أن عمر أخذه من كعب الأحبار ، فقد روى ابن خزيمة في توحيده ص 225 قال : ( اجتمع ابن عباس وكعب فقال ابن عباس : إنا بنو هاشم نزعم أو نقول : إن محمداً رأى ربه مرتين ، قال فكبر كعب حتى جاوبته الجبال ! فقال : إن الله قسم رؤيته وكلامه بين محمد وموسى ) ! انتهى .

وهذا يدل على أن كعباً كان يتبنى الرؤية وكان بنو هاشم ينفونها ، وقد نسبها هذا الأثر إلى بني هاشم زاعماً أنهم قبلوا بها ، وليس بصحيح !

وفي تفسير الطبري : 52 / 12 : عن كعب الأحبار قال لرجل : ( سألت أين ربنا ، وهو على العرش العظيم متكئٌ واضعٌ إحدى رجليه على الأخرى ، ومسافة هذه الأرض التي أنت عليها خمسمائة سنة ، ومن الأرض إلى الأرض مسيرة خمسمائة سنة ، وكثافتها خمسمائة سنة ، حتى أتمَّ سبع أرضين ، ثم من الأرض إلى السماء مسيرة خمسمائة سنة ، وكثافتها خمسمائة سنة ، والله على العرش متكئ ) !

* *
وقد رد عليٌّ عليه السلام على كعب الأحبار في مجلس عمر وكذَّبه ، كما كذَّبت
عائشة حديثهم الذي زعموا فيه أن النبي صلى الله عليه وآله رأى ربه ، وكذلك ابن عباس وابن مسعود ، وجمهور الصحابة .

روى المجلسي في البحار : 36 / 194 : ( عن ابن عباس أنه حضر مجلس عمر بن الخطاب يوماً وعنده كعب الحبر ، إذ قال ( عمر ) : يا كعب أحافظ أنت للتوراة ؟ قال كعب : إني لأحفظ منها كثيراً . فقال رجل من جنبة المجلس : يا أمير المؤمنين سله أين كان الله جل ثناؤه قبل أن يخلق عرشه ، ومِمَّ خلق الماء الذي جعل عليه عرشه ؟
فقال عمر : يا كعب هل عندك من هذا علم ؟

فقال كعب : نعم يا أمير المؤمنين ، نجد في الأصل الحكيم أن الله تبارك وتعالى كان قديماً قبل خلق العرش ، وكان على صخرة بيت المقدس في الهواء ، فلما أراد أن يخلق عرشه تَفَلَ تَفَلَةً كانت منها البحار الغامرة واللجج الدائرة ، فهناك خلق عرشه من بعض الصخرة التي كانت تحته ، وآخر ما بقي منها لمسجد قدسه !
قال ابن عباس : وكان علي بن أبي طالب عليه السلام حاضراً ، فَعَظَّمَ عَلِيٌّ رَبَّهُ وقام على قدميه ونفض ثيابه ! فأقسم عليه عمر لمََّا عاد إلى مجلسه ، ففعله .

قال عمر : غُصْ عليها يا غواص ما تقول يا أبا الحسن ، فما علمتك إلا مفرجاً للغم . فالتفت علي عليه السلام إلى كعب فقال :

( غلط أصحابك وحرفوا كتب الله وفتحوا الفرية عليه !
يا كعب ويحك ! إن الصخرة التي زعمت لا تحوي جلاله ولا تسع عظمته ، والهواء الذي ذكرت لا يحوز أقطاره ، ولو كانت الصخرة والهواء قديمين معه لكان لهما قِدْمته ، وعزّ الله وجل أن يقال له مكان يومى إليه ، والله ليس كما يقول الملحدون

ولا كما يظن الجاهلون ، ولكن كان ولا مكان بحيث لا تبلغه الأذهان ، وقولي ( كان ) عجز عن كونه وهو مما عَلَّمَ من البيان يقول الله عز وجل ( خَلَقَ الإنْسَانَ عَلَّمَهُ الْبَيَانَ ) فقولي له ( كان ) مما علمني من البيان لأنطق بحججه وعظمته ، وكان ولم يزل ربنا مقتدراً على ما يشاء محيطاً بكل الأشياء ، ثم كَوَّنَ ما أراد بلا فكرة حادثة له أصاب ، ولا شبهة دخلت عليه فيما أراد ، وإنه عز وجل خلق نوراً ابتدعه من غير شئ ، ثم خلق منه ظلمة ، وكان قديراً أن يخلق الظلمة لامن شئ كما خلق النور من غير شئ ، ثم خلق من الظلمة نوراً وخلق من النور ياقوتة غلظها كغلظ سبع سماوات وسبعٍ أرضين ، ثم زجر الياقوتة فماعت لهيبته فصارت ماءً مرتعداً ، ولا يزال مرتعداً إلى يوم القيامة ، ثم خلق عرشه من نوره وجعله على الماء ، وللعرش عشرة آلاف لسان يسبح الله كل لسان منها بعشرة آلاف لغة ليس فيها لغة تشبه الأخرى ، وكان العرش على الماء من دونه حجب الضباب وذلك قوله : ( وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ لِيَبْلُوَكُمْ ) .

يا كعب ويحك ! إن من كانت البحار تفلته على قولك ، كان أعظم من أن تحويه صخرة بيت المقدس أو يحويه الهواء الذي أشرت إليه أنه حل فيه !

فضحك عمر بن الخطاب وقال : هذا هو الأمر ، وهكذا يكون العلم ، لا كعلمك يا كعب . لا عشت إلى زمان لا أرى فيه أبا حسن ) . انتهى .

 الأسئلة
1 – بماذا تفسرون تبني عمر لتجسيم كعب الأحبار ومقولة أطيط العرش من ثقل الله تعالى ، رغم وضوح قوله تعالى : ( لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيٌْ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ ) ( سورة الشورى : 11 ) ، ورغم نفي أهل البيت عليهم السلام والصحابة لأفكار كعب ؟
2 – ألا ترون أن أحاديث التجسيم لم تكن معروفة في عهد النبي صلى الله عليه وآله ولا
في عهد أبي بكر ، ولم تُرْوَ إلا في زمن عمر عن كعب الأحبار وجماعته ، ثم تبناها رواة بني أمية ونشروها بين المسلمين ، وأدخلوها في صحاحهم ؟ !
3 – كيف تجعلون ذات الله تعالى خاضعة لقوانين الزمان والمكان ، مع أنه سبحانه وتعالى كان ( قبلهما ) ، أي كان ولا زمان ولا مكان ، ثم خلقهما ؟ !
4 – ما معنى تحريم العمل بالمتشابه ، ووجوب رد المتشابه من القرآن والسنة إلى المحكم منهما ، فما بالكم تأخذون بالمتشابه من آيات الصفات ، ولا تردونها إلى الآيات المحكمة ؟ !
* *

https://t.me/wilayahinfo

https://chat.whatsapp.com/JG7F4QaZ1oBCy3y9yhSxpC

https://chat.whatsapp.com/CMr8BZG9ohjIz6fkYqZrmh

شاهد أيضاً

الزهراء الصديقة الكبرى المثل الأعلى للمرأة المعاصرة / سالم الصباغ‎

أتشرف بأن أقدم لكم نص المحاضرة التي تشرفت بإلقائها يوم 13 / 3 في ندوة ...