الوقت– مع حلول شهر محرم الحرام واستشهاد الإمام الحسين المظلوم(ع)، يحيي المسلمون وخاصةً الشيعة في جميع أنحاء العالم ذكرى تضحيات الإمام الحسين (ع) وأصحابه من خلال إقامة مراسم العزاء.
سنلقي في هذا التقرير نظرةً على مراسم العزاء الحسيني في محرم في جميع أنحاء العالم.
هولندا
هولندا هي واحدة من الدول الشمالية الغربية لأوروبا، يبلغ عدد سكانها حوالي 16.5 مليون نسمة، وتحدّها من الشرق ألمانيا، ومن الجنوب بلجيكا، وبريطانيا من الغرب عن طريق البحر، عاصمة هولندا هي مدينة أمستردام، ومعظم الناس في هولندا من المسيحيين البروتستانت.
يبلغ عدد سكان هولندا المسلمين حوالي مليون نسمة، المسلمون في هولندا هم أكبر أقلية دينية، ويقيمون طقوسهم الدينية الخاصة في المساجد باللغات العربية والتركية والكردية والأردية والفارسية والإنجليزية، ويتم استئجار بعض هذه الأماكن من البلدية.
تقام مراسم إحياء العشرة الأولى من محرم في لاهاي بهولندا، من خلال لجنة المناسبات الدينية لمؤسسة “الكوثر” الثقافية ولجنة المرأة في هذه المؤسسة.
لقد أصبحت “مؤسسة الكوثر الثقافية” في لاهاي بهولندا مكاناً لإحياء مراسم العزاء لسيد الشهداء أبي عبد الله الحسين (عليه السلام)، والمئات من الشيعة في لاهاي يحضرون في هذه المؤسسة الإسلامية ويقيمون العزاء الحسيني بشكل مهيب.
بلجيكا
تقع بلجيكا، وهي بلد أوروبي آخر، بين هولندا وألمانيا ولوكسمبورغ وفرنسا وبحر الشمال، ويبلغ عدد سكانها أكثر من عشرة ملايين ونصف المليون، عاصمتها “بروكسل”، ووفقاً لقانون عام 1353 الذي اعتمده ملك بلجيكا، فإن الإسلام هو الديانة الثانية بعد المسيحية في هذا البلد، وقد تم تشكيل المجلس الإسلامي للمسلمين.
بالتعاون مع الحكومة البلجيكية، تم بناء مسجد جامع في ساحة “سانت كانتز” في بروكسل، هذا المسجد، هو أكبر مسجد في بلجيكا الذي لديه وضع قانوني ومعترف به، ويتراوح عدد المساجد المسجلة في بلجيكا من 240 إلى 400.
وفقاً للنظام الأساسي للمجلس الأعلى للمسلمين في بروكسل، يجب أن تكون جميع المساجد والأوساط الدينية للمسلمين في بلجيكا، أعضاءً في المجلس الأعلى، وبعد الحصول على التصويت النسبي في المجلس، يمكنها تقديم طلب إلى الحكومة للتسجيل والترخيص.
الشيعة الذين لديهم هيئات دينية معروفة في بلجيكا، هم من الشيعة الأتراك والباكستانيين والعراقيين، والأفارقة الذين هم من المغاربة والجزائريين والتونسيين بشكل أساسي.
في شهر محرم، يتجمّع بعض الشيعة البلجيكيين في “مسجد الرضا”، ويؤجر آخرون أماكن مختلفة تحت اسم “الحسينية” لمراسم اللطم والنواح على الإمام الحسين(ع).
وبشكل عام، بثّت ثقافة عاشوراء وإحياؤها روحاً جديدةً بين الشيعة البلجيكيين، ولا سيما في السنوات الأخيرة حيث تشبه مراسمهم نمط العزاء والنواح الذي نجده عند العرب الإيرانيين.
الدنمارك
تقع الدنمارك في شمال أوروبا وعاصمتها “كوبنهاغن”، يبلغ عدد سكانها 5.5 ملايين نسمة. 80.4 ٪ من الدنماركيين يتبعون الكنيسة البروتستانتية اللوثرية(اللوثريون(.
بالطبع، بالإضافة إلى الكنيسة البروتستانتية الشعبية، هناك العديد من المجتمعات الدينية في الدنمارك، ويقدر أن حوالي 150 مجتمعاً دينياً كبيراً كان أو صغيراً يوجد في الدنمارك، ويشكّل الكاثوليك والمسلمون واليهود أغلبية سكان الدنمارك.
يوجد في مملكة الدنمارك حوالي 40 ألف شيعي، هاجروا إليها بعد عام 1974 من إيران والعراق ولبنان وباكستان وأفغانستان.
على عكس البلدان الأخرى، تشجع الدنمارك مؤسسي المراكز الثقافية، وتدفع 70 ٪ من تكلفة بناء المدارس والمكتبات والمراكز التعليمية والمساجد والحسينيات، ومن بين المراكز الدينية في هذا البلد يمكن الإشارة إلى دار الحسين، مؤسسة دار الحسين، حسينية الإيرانيين، حسينية شهيد الصدر، المركز الثقافي اللبناني، حسينية المركز الجعفري، حسينية مصلى الإيمان، حسينية الشيرازي والحسينية الأفاغنة، يقيم المسلمون في هذه الأماكن الدينية العزاء والتجمعات الدينية.
الشيعة في الدنمارك، الذين هم مهاجرون في الغالب من إيران والعراق ولبنان وباكستان وأفغانستان، يقيمون مراسم العزاء الحسيني في محرم في حسينياتهم.
“دار الحسين” التي كان يديرها “الشهيد حكيم”، هي واحدة من هذه الحسينيات التي تأسست في عام 1990 بمساعدة العراقيين المقيمين في كوبنهاغن، وتقيم دروساً للراغبين.
كذلك حسينية الإيرانيين من المراكز الأخرى التي يتم فيها قراءة دعاء “الكميل” وطقوس اللطم والنواح.
يتخطى عدد الحاضرين في يومي “تاسوعاء” و”عاشوراء” سعة هذا المركز، لكن وجود مثل هذه المراكز، بقدراتها القليلة، يبعث الأمل لدى الإيرانيين الذين يعيشون في الدنمارك.
جمهورية أذربيجان
تعدّ جمهورية أذربيجان ثاني أكبر دولة شيعية في العالم، ولكن للأسف هذا العدد الكبير من السكان الشيعة في أذربيجان، ورغم رغبتهم القلبية، لا يمكنهم إقامة طقوس محرم كما يحلو لهم.
من بين سكان أذربيجان البالغ عددهم عشرة ملايين، 95٪ منهم من المسلمين، و 5٪ من الأقليات اليهودية والأرمنية والمسيحية الأرثوذكسية. 85% من السكان المسلمين في جمهورية أذربيجان هم من الشيعة و 15٪ المتبقية من السنة.
لقد زادت حكومة جمهورية أذربيجان وعشية حلول شهر محرم، القيود الدينية فيما يتعلق بالنشاط الديني للشيعة ومحبي أهل البيت(ع) في هذا البلد، فوفقاً للإشعار الجديد، لن تقام طقوس عاشوراء في شهر محرم إلا في المساجد، وأي طقوس دينية في المنازل وتجمع في الشوارع يعدّ غير قانوني، وسيتم محاكمة المخالفين.
كما يحظر أيضاً عرض الرموز الدينية والعاشورائية في الشوارع والأماكن العامة في جمهورية أذربيجان.
معظم الشيعة في جمهورية أذربيجان لديهم إيمان قلبي خاص بشهر محرم.
في المناطق الشيعية، لا يستمعون عادةً إلى الموسيقى حتى الأربعين الحسيني، ولا تقام حفلات زفاف في شهري محرم وصفر في هذه المناطق، وعادةً لا ترتدي النساء ملابس جديدة ولا تنتقل العائلات إلى أماكن جديدة، حتى نهاية شهر محرم والأربعين الحسيني.
كما لا يرتدي الناس ملابس ملونة، ولا سيما الملابس الحمراء في يومي تاسوعاء وعاشوراء، والأسر الدينية المتمكنة مالياً تستضيف الناس على موائد الإحسان الحسيني، وتحيي في المنازل طقوس الرثاء والنواح.
يعدّ التبرع بالدم من قبل المشاركين في العزاء، أحد البرامج خلال شهر محرم وخاصةً في يومي تاسوعاء وعاشوراء في جمهورية أذربيجان.
في يوم عاشوراء، تتحول قرية “ناردران” بالقرب من مدينة “باكو” إلى مركز لإحياء الطقوس الحسينية، بسبب وجود مرقد “السيدة رحيمة خاتون” أخت الإمام الرضا(عليه السلام).
ويشهد هذا المكان المقدس وصول الآلاف ومعظمهم من الشباب المرتدين للملابس السوداء، ويحيون طقوس اللطم والنواح على سيد الشهداء الإمام الحسين(عليه السلام) عند مرقد أخت الإمام الرضا(عليه السلام(.
“كنجة” واحدة من مدن جمهورية أذربيجان التي تقام فيها مراسم العزاء الحسيني في محرم بشكل خاص.
في “كنجة” مثل إيران، تبدأ طقوس محرم من اليوم الأول، حيث يتجمع الرجال والنساء في هيئة مواكب العزاء عند المرقد الشريف للسيد “إبراهيم بن محمد” بن الإمام الباقر (عليه السلام).
في يوم عاشوراء، تمتلئ المنطقة التي تضم هذا المرقد الشريف بالناس، وهم يؤدّون نذورهم.
بالإضافة إلى مدن جمهورية أذربيجان المختلفة مثل باكو وکنجة، تعدّ جمهورية “ناخيشيفان” المتمتعة بالحكم الذاتي واحدة من المناطق التي يحيي فيها الأهالي طقوس محرم حسب إمكاناتهم وقدراتهم.
ومن بين هذه الطقوس الحسينية يمكن الإشارة إلى النواح وقراءة أشعار الرثاء الحسيني، اللطم على الصدور والضرب بالسلاسل، تقديم الأضاحي، موائد الإحسان الحسيني، توزيع التمر والنذورات الأخرى، البكاء على مصائب وأحزان أهل البيت(عليهم السلام)، إغلاق أماكن العمل والأسواق وما إلى ذلك.
البرتغال
تقع البرتغال جنوب غرب أوروبا، ويبلغ عدد سكانها حوالي عشرة ملايين ونصف المليون، وعاصمتها لشبونة.
مع انتشار الإسلام في جنوب أوروبا، وخاصةً إسبانيا، يعود تاريخ وجود المسلمين في البرتغال إلى أكثر من عشرة قرون، وخلال هذه الفترة، اعتنق الشعب البرتغالي الإسلام دون أي إكراه أو ضغط.
تم بناء العديد من المساجد في جميع أنحاء البرتغال خلال هذه الفترة، والتي أصبحت معظمها كنائس بعد انتشار المسيحية في هذا البلد.
في البرتغال، المسلمون أحرار في ممارسة طقوسهم الدينية، ويحيي الشيعة طقوس تاسوعاء وعاشوراء في كل عام في مكان اجتماع شيعة الإمام المهدي(عج) في مدينة “ألمادا” في لشبونة، وفي هذه المراسم، تقام طقوس اللطم والنواح والمحاضرات وصلاة الجماعة.
يذكر أن عدد المسلمين البرتغاليين يبلغ حوالي خمسة عشر ألفاً، معظمهم من المسلمين المهاجرين من الهند وموزمبيق وغينيا بيساو وأنغولا وباكستان.
لبنان
منذ الماضي السحيق، يحيي اللبنانيون المسلمون العزاء الحسيني تحت تأثير إيران والعراق، رغم حكم المسيحيين ومراقبة هذه الطقوس من قبل الحكام، وتسبب استمرار هذه الطقوس في إعلان الحكومة اللبنانية المسيحية رسمياً يوم عاشوراء عطلةً لأول مرة في جميع أنحاء لبنان والهيئات الحكومية والمؤسسات الوطنية والأسواق، في سنة 1393 هـ التي تعادل عام 1973م.
لقد منح العزاء الحسيني قوةً للشيعة اللبنانيين في السنوات الأخيرة، بحيث استطاعوا مقاومة الجيش الإسرائيلي ببسالة في صيف عام 1385، وإلحاق الهزيمة بمحتلي القدس، كما استعاد هذا العزاء حقوق الشيعة في البرلمان والحكومة اللبنانيين.
الأردن
في الأردن أيضاً، يقوم الشيعة في اليوم العاشر من شهر محرم وفقاً للتقليد القديم، وإحياءً لذكرى استشهاد الإمام الحسين (ع) وأصحابه، بإطعام الفقراء والمحتاجين.
في هذا اليوم، يتوقّف معظم المسلمين الشيعة والسنة عن أنشطتهم اليومية، ويتجنّبون القيام بمثل هذه الأمور اتباعاً لـ “أم سلمة” التي توقفت عن كل أعمالها بعد سماع نبأ استشهاد الإمام علي(ع(.
كما يذهب المسلمون في الأردن إلى بلدة “مؤتة” ويحيون الطقوس الحسينية بشكل رسمي عند مرقد “الشهيد جعفر الطيار“.
تركمانستان
يعود تاريخ العزاء الحسيني في منطقة تركمانستان إلى القرن الثالث الهجري، حيث هاجر عدد من الناس من خراسان إلى هذه المنطقة، واستقروا في “بخارى” و”خيوه” في أوائل القرن الثالث.
خلال الحكم الشيوعي، كانت الطقوس الحسينية تقام في البيوت بشكل سري، ولكنها تقام بحرية بعد انهيار الاتحاد السوفيتي السابق.
كذلك، تقام الطقوس الحسينية في تركمانستان وكازاخستان وأذربيجان والقوقاز بشكل كبير، كما يحضرها أهل السنة على نطاق واسع.
شبه القارة الهندية
يحيي مسلمو شبه القارة الهندية أيضاً عزاء الإمام الحسين(ع) وأصحابه في محرم، حيث يجري الشعب الباكستاني الطقوس الحسينية على مدار الاثني عشر قرناً الماضية، وعلى الرغم من أنه في عام 1288 هـ تم حظر مراسم عاشوراء والأربعين من قبل المستعمرين البريطانيين، وفي عام 1361 أعلنت الشرطة الباكستانية أن استخدام مكبرات الصوت في الحسينيات والتكايا غير قانوني، ولكنهم لم يتمكنوا قط من وقف هذه الطقوس.
وفي هذا الصدد، يحاول الوهابيون في هذا البلد أيضاً منع إحياء هذه المراسم كل عام عن طريق استهداف المشاركين، ولكن بمرور الوقت أغنت هذه الطقوس الثقافة الشيعية، وظهر ببركة هذه المراسم الكثير من الخطباء والكتاب والشعراء.
محرم في جنوب شرق آسيا
في أجزاء من جنوب شرق آسيا، يحيي المسلمون في كل عام الطقوس الحسينية، وإحدى هذه الدول هي إندونيسيا، التي يتجنّب شعبها الاحتفال بحفلات الزفاف والزواج في محرم وصفر، ويعتقدون أن الزواج في هذين الشهرين ضار ونحس.
في جزيرة سومطرة الإندونيسية، يُطلق على العزاء الحسيني “التابوت”، وفي “جاوة” يقال لشهر محرم “سورا=عاشورا”، وفي “أتشيه” يسمى “شهر الحسن والحسين”، وفي غرب سومطرة يسميه سكان “بادانج” شهر “تابوئيك“.
في “باليمبانج”، في اليوم السابع من محرم، يوضع رمزٌ للإمام الحسين (ع) في أصيص ويدار به في الشوارع والساحات، ويبكي الناس حزناً على أحداث كربلاء الموجعة، وفي صباح اليوم التاسع من محرم يُوتى بعمامة بيضاء تسمى “توربان” رمزاً لعمامة الإمام الحسين(ع)، وتلقى كلمات حول تضحيات سيد الشهداء(ع).
السنغال
تقام الطقوس الحسينية في السنغال بشكل تقليدي، على سبيل المثال، في ليلة عاشوراء يتناول الناس في السنغال وجبةً خاصةً مع لحم البقر، ويعتقد بعض الناس أنه يجب وضع الصحون على الرؤوس بعد وجبة الطعام، ثم يجرون مراسم مثل ضرب المعالق التي كانت موجودةً في العصور القديمة في إيران.
كما ترتدي النساء ملابس الرجال، والأطفال يرشون على وجوههم بودرة، وفي يوم عاشوراء الذي يعرف باللغة المحلية باسم “تنخريب” يرقصون ويغنون، ويطلبون من الناس في الشوارع “العيدية”، لأنهم يسمون هذا اليوم أول يوم في السنة وعيداً.
الرثاء الحسيني أيضاً منتشر إلى حد ما بين التيجانية والقادرية، حيث يشرحون واقعة عاشوراء من خلال أشرطة صوتية للناس، وهناك خطباء مشهورون يسجلون العزاء الحسيني في شكل أشرطة صوتية.
يوم عاشوراء هو عطلة رسمية في السنغال، وفي هذا البلد لا توجد حسينية أو موكب أو فاطمية، والمحاضرات تلقى في يوم عاشوراء في المساجد.
يعود تاريخ العزاء الحسيني في تايلاند إلى أكثر من 400 عام
تعد تايلاند أيضاً واحدة من البلدان التي يرجع تاريخ العزاء الحسيني فيها إلى الماضي البعيد، أي منذ حوالي 400 عام.
يبلغ عدد الشيعة في بانكوك حوالي ألفي شخص، الذين يحيون العشرة الأولى من محرم؛ وقد اتخذت الطقوس الحسينية في هذا البلد طابعاً رسمياً منذ عام 1908 وذلك على يد “السيد مازندراني”.
الجزائر
الجزائر واحدة من أهم وأكبر الدول الإسلامية في إفريقيا، واليوم العاشر من محرم هو عطلة رسمية في هذا البلد.
يعد استقلال الجزائر عن الاستعمار الفرنسي في عام 1346، وانتفاضة “الشيخ عبد القادر” مع والده “محيي الدين الحسني” أمثلة على تأثيرات ثقافة عاشوراء على هذا البلد.
تونس
تونس هي واحدة من البلدان الإفريقية الأخرى التي تكتسب فيها مراسم محرم قيمةً خاصةً.
منذ سيطرة الفاطميين على هذا البلد، أصبحت الديانة الشيعية وتقاليدها بما في ذلك مراسم عاشوراء، من بين الطقوس الاجتماعية للشعب.
كانت عاشوراء جزءاً من العطلة الرسمية في هذا البلد حتى وقت قريب، لكنها الآن ليست كذلك.
التونسيون يتجنّبون تناول الأطعمة الملونة في العزاء الحسيني، وفي صباح عاشوراء يتجهون إلى المقبرة لزيارة الموتى.
الصين
الصين هي واحدة من البلدان التي يشارك فيها الشيعة المحليون والإيرانيون والباكستانيون بنشاط في طقوس شهر محرم، ومعظمها تقام في بكين.
شرق افريقيا
يبدأ إحياء ذكرى محرم في شرق إفريقيا وفي جزر زنجبار ومومباسا وأرخبيل جزر القمر كل عام، بمجموعة متنوعة من الطقوس التي يقوم بها الشيعة مع بداية السنة الهجرية القمرية.
يحيي الشيعة في شرق إفريقيا طقوس شهر محرم عن طريق إلباس الأماكن والمساجد والمنازل الأقمشة السوداء، وعقد اجتماعات دينية من خلال دعوة المبلغين الإسلاميين المشهورين والخطباء البارزين لإلقاء المحاضرات في المساجد الرئيسة.
من جملة طقوس شهر محرم في هذه المنطقة، يمكن الإشارة إلى مراسم النواح واللطم، إغلاق المحال التجارية في أيام تاسوعاء وعاشوراء والأربعين، إقامة مراسم زيارة عاشوراء في الحسينيات والمساجد، إقامة معارض رمزية لمشهد كربلاء وأحداث تاريخية عن التاريخ الإسلامي وقراءة الرثاء، مسيرات في دار السلام وزنجبار وإطعام المشاركين والفقراء الذي يعرف باسم “نياز” أي الحاجة.
تختلف هذه الطقوس من مدينة إلى أخرى ومن بلد إلى آخر، والشيعة المحليون الذين اعتجنت تعاليمهم الدينية بثقافتهم، يقيمون مراسم خاصة لإحياء هذه الأيام.
وفي الوقت الحاضر، يعتبر الأفارقة إحياء ذكرى عاشوراء رمزاً لوجود الشيعة وعشاق أهل البيت في القارة الإفريقية.
لا يوجد تاريخ مكتوب حول طريقة دخول طقوس عاشوراء والأربعين إلى إفريقيا، لكن الأبحاث في تنزانيا ومدغشقر وجزر القمر وزنجبار، تظهر أن المبلغين والعلماء الإيرانيين قد لعبوا دوراً مهماً في تنظيم الشيعة وإقامة طقوس محرم.
وبتوجيهاتهم تم بناء العديد من المساجد والحسينيات في هذه البلدان وخاصةً جزيرة زنجبار، وهناك أماكن مثل بيوت التعزية والمآتم في هذه المدن والمساجد والحسينيات.
لقد قام المبلغون الشيعة من زنجبار بالترويج للتشيع جنوب إفريقيا ومدغشقر وأرخبيل جزر القمر، ومن ناحية أخرى في شرق إفريقيا وتنزانيا وكينيا وجزيرة مومباسا في المحيط الهندي.
والآن تستضيف هذه المساجد والحسينيات عشاق الحسين(ع) في أيام محرم وصفر.
وفي القرن المعاصر، كان وجود المبلغين الإيرانيين وزيارات العلماء الإيرانيين إلى شرق إفريقيا وإقامتهم في جزيرة زنجبار، من العوامل التي لا جدال فيها في تعزيز المذهب الشيعي وثقافة عاشوراء.
في تنزانيا وزنجبار وبلدان مثل مدغشقر وجزر القمر، هناك أشخاص يقومون بالنواح والرثاء بالفارسية في محرم.
وفي زنجبار، تقام طقوس اللطم والنواح في كل عام بشكل تقليدي في محرم والأربعين.
وواحدة من هذه الاحتفالات هي “اللطم البوشهري”، الذي تقرأ فيه أشعار مثل “علي أصغر زينب، نور عيني زينب”.
في هذا الطقس، يشكل الناس حلقات ويضعون أيديهم حول رقبة بعضهم البعض ويدورون، والشيعة المحليون مدينون للإيرانيين بتعلم هذا النوع من اللطم.
بالإضافة إلى حضور الإيرانيين والمبلغين الإيرانيين في زنجبار، الذين كانوا على صلة وثيقة بالشيعة “الخوجة” الاثني عشريين وأئمة الجماعة، وكانوا ملجأ الشيعة الهنود، فإن لبعض الشيعة الآخرين تشكيلات وحسينيات في البلدان الإفريقية، ويتواجدون في دول غرب إفريقيا مثل ساحل العاج والسنغال وبنين، بمن فيهم السكان اللبنانيين الذين لهم حضور دائم في الترويج للشيعة وإقامة العزاء في أيام محرم.
كما في تنزانيا وجزيرة زنجبار، يوجد أيضاً مكان يُدعى حسينية البحارنة، حيث يقيم فيها الشيعة البحرينيون والعُمانيون العزاء على السيد الشهداء(ع(.
وفي الأربعين، تحيي مجموعات العزاء الشيعي طقوس محرم في هذا المكان الذي يعتبر مكاناً لاجتماع شيعة زنجبار المحليين.
في هذا الحفل، يدور حصان يرمز إلى “ذو الجنان” في الشوارع، وشيعة الحسين(ع) يذكرون الأفارقة بالظلم الذي لحق بحفيد رسول الله(ص)، كما يذكر هذا الحصان الدموي بالظلم الذي مارسه الأمويون على المسلمين الآخرين.
في أيام محرم، يقيم الشيعة “الخوجة” في المسجد الشيعي المركزي في “دار السلام”، احتفالاً يعرف بـ “يوم الحسين”، ويحضر ممثلو الطوائف الإسلامية والسنية والشيعية الحفل، ويقدمون محاضرات للجمهور باللغة المحلية والسواحلية، لتعريف ونشر المدرسة الشيعية.
في أيام محرم وصفر في كل عام، ترتدي الشوارع والمراكز الرئيسة في العاصمة “دار الإسلام” والمسجد الشيعي المركزي السواد، ومنذ الليلة الأولى لمحرم، يحتفل الشيعة الخوجة الهندوس بهذه الأيام من خلال نصب تذكاري لواقعة الطف، وعرض التقويم اليومي للعشرة الأولى من محرم، وإذاعة اللطميات والمراثي في الممرات والمساجد والأماكن الخاصة بهم.
يعدّ الحضور القوي في صلوات الجماعة اليومية والعزاء الليلي وخطب الدعاة المشهورين في ليالي محرم، وخاصةً في يومي تاسوعاء وعاشوراء، أحد أكثر الاحتفالات الشيعية الرائعة في دار السلام.
ومع اقتراب يوم عاشوراء، يقوم الشيعة المقيمون في دار السلام برفقة السكان الأصليين، في ليلة عاشوراء من كل عام، بطقوس اللطم والنواح عبر مسيرات ليلة عاشوراء التي تنطلق من مسجد الشيعة القديم نحو مسجد الشيعة المركزي، ويشارك في هذه الطقوس بعض الهندوس وغير الشيعة أيضاً ويقدمون النذور.
العزاء الحسيني في كولومبيا
الشيعة في كولومبيا هم أقلية بالمقارنة مع المجتمع السني، لكن أنشطتهم الدينية تتم بالمشاركة الفعالة في الاحتفالات الدينية، كما يتم إحياء طقوس محرم بشكل تقليدي.
من ناحية أخرى، فإن الشيعة في هذا البلد يفتقرون إلى الحسينيات أو الفاطميات، لكنهم يحيون العزاء الحسيني بشكل رائع رغم الإمكانات المحدودة، بالطبع، مكان التجمع الوحيد للمسلمين هو مسجد مدينة “مايكاو“.
كندا
يوجد في كندا حوالي 300 ألف مسلم، ثلثهم من الشيعة، تعدّ مراسم عاشوراء ومحرم من بين المظاهر الثقافية للشيعة، والسمة الأبرز لطقوس العزاء الحسيني بين المجتمعات الشيعية الكندية، هي إلقاء الخطب والمحاضرات.
إنهم يدعون رجال الدين من العراق ولبنان والهند وباكستان وإيران، ويركز الخطباء في هذه المجالس على الجوانب التاريخية والعلمية لعاشوراء ومحرم ونهضة كربلاء.
كما أن إحياء طقوس العزاء الحسيني في الأماكن المستأجرة المسقوفة تحت عنون الحسينية، مصحوب باللطم وضرب السلاسل.
في عام 1993، سار بعض الشيعة في مدينة “تورنتو” في مواكب العزاء لتصوير الشيعة على أنهم عدد كبير من السكان، وهو ما انعكس أيضاً في الصحافة الكندية.
هذه المجموعة من الشيعة يحيون طقوس محرم بشكل تقليدي تماماً، وفي نهاية المراسم، يرفعون علماً أمام بلدية مدينة “تورونتو” تخليداً لذكرى الإمام الحسين (ع(.
ومن الأعمال الأخرى للشيعة في كندا، إعداد ولصق ملصقات للتعريف بالإمام الحسين (ع) وثورة عاشوراء في المركبات العامة.
كذلك يقيم الشيعة الباكستانيون في “أوتاوا” في مسجد السنة في هذه المدينة، حفلاً يدعى “يوم الحسين”، ويدعون أساتذة من الجامعات الكندية والأمريكية لدراسة ثورة عاشوراء.
العزاء الحسيني في اليونان
في شمال اليونان، هناك 130 ألف مسلم، أغلبيتهم من أصل تركي. في هذه المملكة، لا يُسمح ببناء مساجد أو حسينيات جديدة، لذلك، تتم إقامة طقوس عاشوراء من قبل الشيعة الباكستانيين في منازلهم، والسفارة الإيرانية في مبنى السفارة.
محرم في رومانيا
رومانيا هي إحدى الدول الأوروبية التي كانت خاضعةً للحكم العثماني لبعض الوقت، ومنذ ذلك الحين يعيش فيها عدد من المسلمين.
ومن بينهم الشيعة الإيرانيون واللبنانيون والباكستانيون والعراقيون، ومنذ السادس من محرم يعقدون المحاضرات والاحتفالات في مدرسة ما كل عام، ويدعون المبلغين والرواديد الإيرانيين لإقامة البرامج الدينية.
عاشوراء في ألمانيا
مع نهاية الحرب العالمية الأولى، بقيت مجموعة من الجنود والضباط المسلمين في الجيوش المعنية في ألمانيا، كذلك بعد الحرب العالمية الثانية، هاجر حوالي 5 آلاف مسلم من المناطق التي يسكنها المسلمون في روسيا إلى هذا البلد، ووفقاً للمصادر الإحصائية في ألمانيا، يعيش معظم المسلمين حالياً في مدن فرانكفورت وميونيخ وآخن وهانوفر وهامبورغ.
هناك حوالي 15 ألف إيراني يعيشون في هامبورغ، ومكان عبادتهم هو مسجد بالقرب من بحيرة “الأستر”.
بدأ بناء هذا المسجد في عام 1332 الهجري بناءً على طلب من عدد من الشيعة الإيرانيين الذين يعيشون في هامبورغ، وبأمر من “آية الله بروجردي”، وانتهى بناؤه في عام 1338 وأصبح يعرف لاحقاً باسم مركز هامبورغ الإسلامي.
تبدأ برامج العزاء الحسيني في مساجد هامبورغ في أيام وليالي محرم، وخاصةً تاسوعاء وعاشوراء، بتلاوة القرآن ثم بالمحاضرات وتنتهي باللطم، ويشكّل الشيعة الإيرانيون والباكستانيون والأفغان أكثر المشاركين.
بعض المشاركين يأتون من بعض مدن ألمانيا التي تبعد حوالي 400 كيلومتر من المركز الإسلامي في هامبورغ، ويقيمون الطقوس حتى الصباح، ويقدم هذا المركز الطعام لحوالي ألفي شخص بعد قراءة زيارة عاشوراء وإقامة العزاء.
محرم في البحرين.. كابوس آل خليفة
في البحرين كدولة ذات أغلبية شيعية، يخضع العزاء للإمام حسين(ع) للعديد من القيود والضغوط، وتمارس حكومة آل خليفة ضغطاً كبيراً على الشيعة خلال شهر محرم.
في البحرين، يستخدم مصطلح “حاتم” للتكايا، ويعقد شيعة البحرين جميع التجمعات الاجتماعية والاحتفالات الدينية وحتى حفلات زفاف أبنائهم في الحواتم.
هنالك أجواء خاصة تخيم على طقوس عاشوراء واستشهاد أبي عبد الله الحسين(ع) وأصحابه في البحرين، حيث ترتدي الحسينيات في البحرين السواد منذ بداية شهر محرم، كما تتم كتابة شعارات عاشوراء ورفع الأعلام السوداء خارج الحسينيات.
في معظم الحسينيات، وخاصةً حسينيات الشيعة البحرينيين العرب، يلقي الخطباء محاضراتهم الدينية في الصباح وفي الليل، وتقام طقوس اللطم وضرب السلاسل في الأيام والليالي السابعة والثامنة والتاسعة والعاشرة من محرم، وتسير مواكب العزاء في الأزقة والشوارع بانتظام.
لا تزال طقوس التعزية منتشرةً في مناطق من البحرين، أيضاً، تسير الأعلام السوداء وشعارات عاشوراء وأحياناً الخيول المرتدية للسواد في هيئة “ذو الجناح”.
كما أنه في بعض مواكب العزاء يضربون على الطبول والصنوج، ويتم توزيع الأغذية والعصائر على نطاق واسع في هذه الأيام.
أبواب الحسينيات في البحرين مفتوحة خلال كل شهري محرم والصفر، وتقام فيها طقوس العزاء والرثاء.
ومع ذلك، خلال السنوات التي تلت بداية الحركة الثورية للشعب البحريني، مع حلول شهر محرم في كل عام، تخشى حكومة آل خليفة تكثيف الاحتجاجات الشعبية تأسياً بثورة عاشوراء، ولهذا تقدم على تكثيف الإجراءات الأمنية وخلق جو من الاحتقان.
منذ بداية محرم، هاجمت قوات الأمن البحرينية مراراً وتكراراً مواكب العزاء، وجمعوا الرموز الدينية في مناطق مختلفة من البحرين.
كما استدعى نظام آل خليفة 31 مواطناً بحرينياً، بمن فيهم 17خطيباً، فيما يتعلق بإقامة العزاء للإمام الحسين (ع)، واعتقل 11 شخصاً منهم.
كذلك يهاجم مرتزقة نظام آل خليفة “البلاد القديم”، ويدمرون رموز عاشوراء ويمزقون أعلام الحداد، ويتم تنفيذ هذه الإجراءات كل عام.
وفي هذه الهجمات، التي تدعمها المركبات العسكرية، تم تدمير العديد من رموز عاشوراء في أجزاء مختلفة من البلاد القديم.
هذا في حين أن المصادر البحرينية تفيد هذه الأيام بتشديد الحصار على منطقة الدراز، ومهاجمة رموز عاشوراء الحسينية في عاصمة هذا البلد، منذ الأيام الأولى من شهر محرم.
مع ذلك، وعلى الرغم من الحصار الشديد لسكان الدراز، فقد قاموا بتركيب ملصقات حسينية وصور مراجع الدين، بمن فيهم “آية الله الشيخ عيسى قاسم” زعيم شيعة البحرين.
كانت البحرين مسرحاً لثورة شعبية ضد نظام آل خليفة منذ 14 فبراير 2011، حيث يطالب الشعب البحريني بالحرية والعدالة والقضاء على التمييز وحكومة منتخبة والإفراج عن السجناء السياسيين.
لقد تسبّبت اضطرابات البحرين في مقتل العشرات وجرح الآلاف حتى الآن.
كما جرد نظام آل خليفة المئات من جنسيتهم، وقد أدانت جماعات حقوق الإنسان مراراً وتكراراً نظام آل خليفة لقمعه المعارضة، ودعت لإصلاحات في النظام السياسي لهذا البلد.