الرئيسية / بحوث اسلامية / الـمـهـدي الـمـنـتـظـر فـي الـفـكـر الاسـلامـي – نظرة في أحاديث المهدي

الـمـهـدي الـمـنـتـظـر فـي الـفـكـر الاسـلامـي – نظرة في أحاديث المهدي

ثالثاً : طرق أحاديث المهدي في كتب السنة إجمالاً :
لقد أجاد وأفاد الاستاذ الازهري السيد أحمد بن محمد بن الصديق ، أبو الفيض الغماري الحسني الشافعي المغربي (ت|1380 هـ) في كتابه الرائع : (إبراز الوهم المكنون من كلام ابن خلدون) حيث أثبت فيه تواتر أحاديث الاِمام المهدي عليه السلام بما لم يسبقه أحد إليه من قبل ،

وذلك تفنيداً لتضعيفات ابن خلدون التي تذرع بها بعض معاصريه كأحمد أمين المصري ومحمد فريد وجدي وغيرهما. ولابأس هنا بإطلالة قصيرة على ماذكره من طرق أحاديث المهدي في كتب أهل السنّة التي فصّلت في هذا الكتاب تفصيلاً يعبّر عن مقدرة فائقة في تتبع طرق وأسانيد أحاديث الاِمام المهدي ابتداءً من طبقة الصحابة ثمّ التابعين ثمّ تابعي التابعين وصولاً إلى من أخرج هذه الاَحاديث من المحدثين.


قال أبو الفيض : « ولا يخفى أن العادة قاضية باستحالة تواطؤ جماعة يبلغ عددهم ثلاثين نفساً فأزيد في جميع الطبقات، وذلك فيما بلغنا وأمكننا الوقوف عليه في الحال، فقد وجدنا خبر المهدي وارداً من حديث أبي سعيد الخدري، وعبدالله بن مسعود، وعلي بن أبي طالب،


وأُم سلمة، وثوبان، وعبدالله بن الحارث بن جزء الزبيدي، وأبي هريرة ، وأنس بن مالك، وجابر بن عبدالله الانصاري، وقرة بن أياس المزني، وابن عباس، وأُم حبيبة، وأبي اُمامة، وعبدالله بن عمرو بن العاص، وعمار بن ياسر، والعباس بن عبد المطلب، والحسين بن علي، وتميم الداري، وعبد الرحمن بن عوف، وعبدالله بن عمر بن الخطاب، وطلحة، وعلي الهلالي، وعمران بن حصين، وعمرو بن مرة الجهني ومعاذ بن جبل، ومن مرسل شهر بن حوشب، وهذا في المرفوعات دون الموقوفات والمقاطيع التي هي في مثل هذا الباب من قبيل المرفوع.


ولو تتبعنا ذلك لذكرنا منه عدداً وافراً، ولكن في المرفوع منه الكفاية »(1).
أقول : إنما ذكرت هذا لكي يعلم بأن مافات السيد أبا الفيض الغماري من أسماء الصحابة الذين رووا أحاديث الاِمام المهدي هو أكثر مما ذكره، فقد ذكر ستة وعشرين صحابياً مع شهر بن حوشب ، ولم يذكر ثمانية وعشرين صحابياً وهم :
أبو أيوب الانصاري ،

وأبو الجحّاف ، وأبو ذر الغفاري ، وأبو سلمى راعي رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وأبو وائل ، وجابر بن سمرة ، والجارود بن المنذر العبدي ، وحذيفة بن اسيد ، وحذيفة بن اليمان ، والحرث بن الربيع ، والاِمام السبط الحسن عليه السلام ، وزر بن عبدالله ، وزرارة بن عبدالله ، وزيد بن أرقم ، وزيد بن ثابت ، وسعد بن مالك أبو سعيد الخدري ، وسلمان
____________
(1) ابراز الوهم المكنون : 437 .
هذا، ولاَبي الفيض أخ يعدّ من فضلاء علماء المغرب يكنى بأبي الفضل الغماري وهو صاحب كتاب (الاِمام المهدي) وقد زاد فيه ماذكره أخوه في ابراز الوهم ثلاثة من أسماء الصحابة وخمسة من التابعين الذين رووا أحاديث المهدي ، ثمّ أثبت ألفاظ روايات من ذكرهم واحداً بعد آخر حتى شغل بذلك مايزيد على نصف صفحات الكتاب .


الفارسي ، وسهل بن سعد الساعدي ، وعبد الرحمن بن سمرة ، وعبدالله ابن أبي أوفى ، وعبدالله بن جعفر الطيار ، وعثمان بن عفان ، والعلاء بن شبر المزني، وعلقمة بن قيس بن عبدالله ، وعمر بن الخطاب ، وعوف بن مالك ، ومجمع بن جارية ، ومعاذ بن جبل وهو من أوائل الصحابة الذين رووا أحاديث المهدي عليه السلام فقد مات معاذ سنة 18 هـ(1).


وعلى أية حال ، فقد تتبع أبو الفيض الغماري الشافعي أحاديث المهدي المروية عن أكثر من ثلاثين صحابياً ، مبيناً من رواها عنهم ومن أخرجها من المحدثين بكل دقة وتفصيل .
وسوف نقتصر على ما قاله عن حديث أبي سعيد الخدري وحده ، وهو أول صحابي ذكره أبو الفيض ، وقس عليه أحاديث الصحابة الآخرين.
قال :
« أما حديث أبي سعيد الخدري : فورد عنه من طريق :
أبي نظرة .


وأبي الصدّيق الناجي .
والحسن بن يزيد السعدي .
أما طريق أبي نظرة :
فأخرجه أبو داود والحاكم كلاهما من رواية عمران القطان ، عنه . وأخرجه مسلم في صحيحه من رواية سعيد بن زيد ، ومن رواية داود بن أبي هند كلاهما ، عنه . لكن وقع في صحيح مسلم ذكره بالوصف لا بالاسم كما سيأتي.

____________
(1) في معجم أحاديث الاِمام المهدي (خمس مجلدات) احصاء دقيق لجميع روايات الصحابة في المهدي مع بيان مصادرها عند أهل السنة والشيعة الاِمامية.


وأما طريق أبي الصدّيق الناجي، عن أبي سعيد :
فأخرجه عبد الرزاق والحاكم من رواية معاوية بن قرّه ، عنه . وأخرجه أحمد والترمذي وابن ماجة والحاكم من رواية زيد العمي ، عنه . وأخرجه أحمد والحاكم من رواية عوف بن أبي جميلة الاعرابي ، عنه . وأخرجه الحاكم من رواية سليمان بن عبيد ، عنه . وأخرجه أحمد والحاكم من رواية مطر بن طهمان، وأبي هارون العبدي كلاهما ، عنه . وأخرجه أحمد أيضاً من رواية مطر بن طهمان وحده ، عنه . وأخرجه أيضاً من رواية العلاء بن بشير المزني ، عنه ، وأخرجه أيضاً من رواية مطرف ، عنه .


وأما طريق الحسن بن يزيد :
فأخرجه الطبراني في الاَوسط من رواية أبي واصل عبد بن حميد ، عن أبي الصديق الناجي ، عنه »(1).
أقول : لو رجعت إلى تاريخ ابن خلدون لوجدته لم يعرف أغلب هذه الطرق إذ لم يذكر من طرق حديث أبي سعيد إلاّ القليل، فضلاً عما تركه من أحاديث الصحابة الآخرين .


ولايخفى أنّ القدر المشترك في جميع هذه الطرق إلى حديث أبي سعيد الخدري فقط دون سواه هو ظهور الاِمام المهدي عليه السلام في آخر الزمان، ولاشك أن النظر إلى جميع الطرق التي وردت بها أحاديث المهدي عن جميع الصحابة يقطع بتواتر مابشّر به النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، بل حتى لو افترضنا وجود طريق واحد فقط لكل صحابي ذُكر فهو يكفي للاِذعان بالتواتر ، وقد مرّ أنّ عددهم يزيد على الخمسين صحابياً .

____________
(1) ابراز الوهم المكنون : 438


شاهد أيضاً

مقاطع مهمه من كلام الامام الخامنئي دامت بركاته تم أختيارها بمناسبة شهر رمضان المبارك .

أذكّر أعزائي المضحين من جرحى الحرب المفروضة الحاضرين في هذا المحفل بهذه النقطة وهي: أن ...