الطُرُقُ المؤدية إلى إخماد غريزة حُبِّ الآخرين
ومن خلال سلوك الوالدين والاستفادة من بعض القضايا والحوادث التي يَمُرُّ بها الطفل وأخرى غيرها ، يمكن إنماء غريزة حُبِّ الناس الوليدة في كل طفل.
كما نُحذِّر في الوقت نفسه من وَأدِ هذه الغريزة التي تؤدي بالطفل مستقبلاً إلى الشَّقَاءِ ، فلا يمكن العيش براحة واستقرار والقلب لا يمتلك حُبَّاً للآخرين .
أما السُبُل المؤدية إلى إماتَةِ هذه الغريزة عند أطفالنا فتكون بالشكل الآتي :
أولاً ـ التعلُّم من الوالدين :
سلوك الوالدين مرةً أخرى يفرض وجوده في التعليم ، ولكنه في هذه المرة ذو بُعدٍ سلبي ، حيث يقتل الغريزة الإنسانية بَدَلَ أن يرعاها .
فالأم مثلاً حين ترفض من طفلها الذي يصرُّ على ارتداء سروال الصوف في فصل الصيف بقولها له : إن الناس تضحك عليك حين يشاهدونك وأنت بهذا الشكل .
وحين تخشى عليه من الذهاب وحده لشراء حاجة ، فتقول له : إن ذهبت وحدك فسوف يختطفونك ويسرقون ما عندك.
فإن هذه الأقاويل وغيرها مع فرض صحتها تُميتُ علاقته مع الناس وتُثبِتُ في نفسه حقداً عليهم لأنهم يقفون حائلاً دون تحقيق رغباته ، والأجدر بالآباء أن يمنعوا أبناءهم بأعذار أخرى ليس لها آثار سلبية على الطفل وبالخصوص في المرحلة الأولى من عمره .
كذلك حين تُبدي الأمُّ ضَجَرَهَا من الضيوف الزائرين ، أو تُجهِدَ نفسها وأفراد عائلتها بترتيب وتنظيم البيت لاستقبال الضيوفِ اتِّقَاءاً لكلام الناس مع أحاديثها المتواصلة عن الشرور التي تتلقاها من الناس ، وصمتها عن كثير من المعروف الذي أُسدِي إليها ، كلُّ هذه التصرفات تعكسُ للطفل أن الناسَ مصدرٌ للشرِّ والأذى دوماً .
ثانياً ـ أثر القصص الهَدَّامة :
إن للقصة أثراً بالغاً على نفسية الطفل في مرحلة حياته الأولى ، فحينما يستمع الطفل إلى القصة تكون مثل البذر الذي يستقر في التربة ليثمر بعد حين .
وينبغي على الوالدين التفكر بهدف القصة قبل سردها للطفل ، وقراءة بسيطة لقصة ( ليلى والذئب ) التي يعرفها أكثر أطفالنا مثلما يعرفون أسماءهم .
فتجد أنها تصور الناس بأنهم يظهرون لك الحُبَّ والولاء ويضمرون لك الشرَّ والعِداء ، وهذا من خلال شخصية الذئب ، الذي يمثل بصورة الجدَّة المُحبَّة للأطفال .
كذلك قصة ( جُحا والحِمار ) التي تصور الناس بأنهم يتصيدون حركات الأفراد للحديث عنهم بسوء ، ولا بُدّ من اتقاء شرورهم التي تلاحقُكَ في كل حركةٍ صحيحةٍ أو خاطئةٍ .
وقصة ( قَطر النَّدَى ) التي يتمركز محورها حول شخصية ( زوجة الأب ) المؤذية الحقودة ، التي تجعل الطفل قلقاً من أمثال هذه الشخصيات التي قد يُبتَلى بها .
والأجدرُ بالأدبِ القَصَصِي أن يَعكسَ صورة زوجة الأب بالمربية الحنونة التي تحب الأطفال وترعاهم .
ثالثاً : الإكراه في الكرم :
كثير من الآباء يفرضون حالة الكرم على أطفالهم الصغار ، فالصغير حين يحمل قطعاً من الحلوى أو يلهو بلعبته المفضلة ، تُبادرُ الأم حين مرورها بصديقة مع طفلِها أو تزورَها إحدى الصديقات ، بأن يعطيَ الطفلُ جزءاً من قطعة الحلوى أو يشاركه في اللَّعِب ، ويرفضُ طِفلُها فتُلِحُّ عليه كثيراً حتى يخشى غضبها فيعطيه الحلوى أو يشاركه في اللَّعِب .
فَفَرضُ الكرمِ على الطفل لا يخلقُ عنده خُلُق الكَرَم كما يتصور الوالدان ، بل تبعث في نفسه كراهية وحقداً للناس .