الرئيسية / الاسلام والحياة / الحياة الآخرة – دروس في المعاد والآخرة 12

الحياة الآخرة – دروس في المعاد والآخرة 12

الدرس الثاني عشر: جهنّم وأهلها

 

أهداف الدرس:

1- يبيّن أهم خصوصيات جهنّم ودرجاتها.

2- يذكر أنواع العذاب في جهنّم.

3- يذكر صفات أهل جهنّم وأنواعهم وما يجري عليهم.

 

تمهيد

جهنم هي دارٌ أعدّها الله لمن كفر به، ولمن آمن به وعصاه، وهم الذين ألبسوا إيمانهم بظلم، وفيها ألوان من العذاب لا يطيقها هذا الإنسان الضعيف، وهو عذاب وصفه أمير المؤمنين عليه السلام قائلاً: “ليس هو جَرْحاً بالمُدَى ولا ضرباً بالسياط ولكنّه ما يُستصغر ذلك معه. فإيّاكم والتلوّن في دين الله”[1].

 

خصوصيّات جهنّم

لقد ذكرت الآيات القرآنية والروايات بعض خصوصيّات نار جهنّم، قال تعالى: ﴿إِذَا رَأَتْهُم مِّن مَّكَانٍ بَعِيدٍ سَمِعُوا لَهَا تَغَيُّظًا وَزَفِيرًا﴾[2]. وقال تعالى: ﴿وَإِذَا أُلْقُوا مِنْهَا مَكَانًا ضَيِّقًا مُقَرَّنِينَ دَعَوْا هُنَالِكَ ثُبُورًا﴾[3].

 

وفي رواية عن الإمام الصادق عليه السلام: “إنّ جبرائيل جاء إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقال له: يا محمد قد وُضعت منافخ النار. قال صلى الله عليه وآله وسلم: وما منافخ النار يا جبرائيل؟

 

قال: يا محمد إنّ الله عزّ وجلّ أمر بالنار فنُفخ عليها ألف عام حتى ابيضّت ثم نفخ عليها ألف عام حتى احمرّت، ثم نفخ عليها ألف عام حتى اسودّت فهي سوداء مظلمة لو أنّ قطرةً من الضريع قطرت في شراب أهل الدنيا لمات أهلها من نتنها ولو أنّ حلقةً واحدةً من السلسلة التي طولها سبعون ذراعاً وضعت على الدنيا لذابت الدنيا من حرّها…”[4].

 

أبواب جهنّم ودركاتها

ذكرت بعض الآيات أنّ لجهنّم أبواباً كما للجنّة أبواباً. ولكن هناك آية وحيدة ذكرت عدد أبواب جهنّم دون ذكر لعددها في الجنّة، وهي قوله تعالى:﴿وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمَوْعِدُهُمْ أَجْمَعِينَ * لَهَا سَبْعَةُ أَبْوَابٍ لِّكُلِّ بَابٍ مِّنْهُمْ جُزْءٌ مَّقْسُومٌ﴾[5].

 

فما المراد من الأبواب؟ هل هي طرق دخول الناس إلى جـهنّم؟ أم أنّ المقصود هو طبقاتها ودركاتها التي ذكرها الكثير من الروايات؟

 

لدى المفسرين في هذا قولان:

القول الأول: إنّها سبع طبقات: بعضها فوق بعض، وتسمى تلك الطبقات بالدركات، ويدل على كونها كذلك قوله تعالى: ﴿إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الأَسْفَلِ مِنَ النَّار﴾[6].

 

ويطلق في اللغة العربية على الخطوات الصاعدة نحو الأعلى اسم (الدرجة) وعلى النازلة إلى الأسفل اسم (الدركة).

 

وهناك روايات عديدة وردت عن أهل البيت عليهم السلام تشهد على هذا التفسير، منها ما رواه في المجمع عن الإمام أمير المؤمنين عليه السلام: “أنّ جهنّم لها سبعة أبوابٍ أطباق بعضها فوق بعض، ووضع إحدى يديه على الأخرى، فقال عليه السلام: هكذا، وإنّ الله وضع الجنان على العرض، ووضع النّيران بعضها فوق بعض، فأسفلها جهنّم وفوقها لظى وفوقها الحطمة وفوقها سقر وفوقها الجحيم وفوقها السعير وفوقها الهاوية، قال وفي رواية أسفلها الهاوية وأعلاها جهنّم”[7].

 

والقول الثاني: إنّ قرار جهنّم مقسوم سبعة أقسام، ولكلِّ قسمٍ باب، أولها: جهنّم، ثم لظى، ثم الحطمة، ثم السّعير، ثم سقر، ثم الجحيم، ثم الهاوية.

 

 

وقوله تعالى: ﴿لِّكُلِّ بَابٍ مِّنْهُمْ جُزْءٌ مَّقْسُومٌ﴾[8]، معناه: أنّه تعالى يجزّىء أتباع إبليس أجزاء، بمعنى أنّه يجعلهم أقساماً وفرقاً، ويدخل في كلِّ قسم من أقسام جهنّم طائفة من هؤلاء الطوائف.

 

والخلاصة إنّ أعمال الإنسان مختلفة، وأصناف المجرمين والكفار متباينة، لهذا فإنّ عقوباتهم في العالم الآخر غير متساوية، وتختلف فيما بينها اختلافاً شاسعاً.

 

أهل جهنّم

إنَّ أهل جهنّم فريقان:

1- فريقٌ يمكث في عذاب جهنّم لمدّة من الزمن ثم يخرجه الله منها.

2- فريقٌ مصيره جهنّم إلى أبد الآبدين، ويعبّر عنهم القرآن بأنهم خالدون فيها أبداً. وهؤلاء هم الذين لا أمل لهم بالنَّجاة والذين أحاط بهم الكفر من كلّ جانب، قال تعالى: ﴿بَلَى مَن كَسَبَ سَيِّئَةً وَأَحَاطَتْ بِهِ خَطِيئَتُهُ فَأُوْلَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ﴾[9].

 

﴿إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ لَن تُغْنِيَ عَنْهُمْ أَمْوَالُهُمْ وَلاَ أَوْلاَدُهُم مِّنَ اللّهِ شَيْئًا وَأُوْلَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ﴾[10].

 

وفي رواية ابن أبي حمير عن الإمام موسى بن جعفر عليه السلام: قال: “لا يخلّد الله في النار إلا أهل الكفر والجحود وأهل الضلال والشرك”[11].

 

وفي رواية أبي بصير عن الإمام الباقر عليه السلام: “يا أبا بصير! إنّ أعداء علي هم الخالدون في النار لا تدركهم الشفاعة”[12].

 

وما ينبغي الإشارة إليه في المقام، أنّ الشيعي لا ينبغي أن يصيبه الغرور من أنّه لا يدخل إلى جهنّم أو لا يخلد فيها فيقدم على ارتكاب الذنوب ويتجرّأ على المعاصي لأنّه لا يعلم الإنسان ماذا تكون عاقبة أمره. بالإضافة إلى أنّ القليل من عذاب جهنّم ليس سهلاً بل قد يطول آلاف السنين من سنين هذه الدنيا!

 

إنَّ مسألة الشفاعة وإن كانت من الأصول المسلّمة ولكن لا يُعلم من تشمل. والشفاعة تعطي الأمل ولكن لا ينبغي أن يصاب الإنسان بالغرور لأنّه قد يكون شيعيّاً ولكن قد لا يجيز الله تعالى له الشفاعة.

 

أنواع العذاب في جهنّم

كما أنّ الـثـواب الإلهي والنعم الموجودة في الجنّة تقسم يوم القيامة إلى قسمين، (روحية) و(مادية)، فكذلك عذاب جهنّم أيضاً، يقسم هو الآخر إلى نوعين: روحي، ومادي.

 

من ألوان العذاب الماديّ:

1- إنضاج الجلود:

إنّ نار الجبّار سبحانه وتعالى تحرق جلود أهل النّار. والجلد موضع الإحساس بألم الاحتراق، ولذلك فإنّ الله يبدِّل لهم جلوداً أخرى غيرها، ﴿إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ بِآيَاتِنَا سَوْفَ نُصْلِيهِمْ نَارًا كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودًا غَيْرَهَا لِيَذُوقُواْ الْعَذَابَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَزِيزًا حَكِيمًا﴾[13].

 

2- صبّ الحميم والصهر:

من ألوان العذاب صبّ الحميم فوق رؤوسهم. والحميم هو ذلك الماء الذي لا يُتصوّر مقدار حرارته، فلشدة حرارته تذوب أمعاؤهم وما حوته بطونهم: ﴿هَذَانِ خَصْمَانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ فَالَّذِينَ كَفَرُوا قُطِّعَتْ لَهُمْ ثِيَابٌ مِّن نَّارٍ يُصَبُّ مِن فَوْقِ رُؤُوسِهِمُ الْحَمِيمُ * يُصْهَرُ بِهِ مَا فِي بُطُونِهِمْ وَالْجُلُودُ﴾[14].

 

3- اللّفح:

إنّ النّار تلفح وجوههم وتغشاها أبداً لا يجدون حائلاً يحول بينهم وبينها ﴿لَوْ يَعْلَمُ الَّذِينَ كَفَرُوا حِينَ لَا يَكُفُّونَ عَن وُجُوهِهِمُ النَّارَ وَلَا عَن ظُهُورِهِمْ وَلَا هُمْ يُنصَرُونَ﴾[15].

 

وقال ﴿تَلْفَحُ وُجُوهَهُمُ النَّارُ وَهُمْ فِيهَا كَالِحُونَ﴾[16].

 

4- السّحب:

ومن أنواع العذاب الأليم سحب الكفار على وجوههم في النّار، يقول تعالى واصفاً هذه الحالة: ﴿إِنَّ الْمُجْرِمِينَ فِي ضَلَالٍ وَسُعُرٍ * يَوْمَ يُسْحَبُونَ فِي النَّارِ عَلَى وُجُوهِهِمْ ذُوقُوا مَسَّ سَقَرَ﴾[17].

 

لباس أهل النّار

وكما في النّار طعام وشراب ففيها أيضاً اللباس، وليس اللباس لوقايتهم من الحرِّ، وإنّما هو زيادة في العذاب، قال تعالى: ﴿فَالَّذِينَ كَفَرُوا قُطِّعَتْ لَهُمْ ثِيَابٌ مِّن نَّارٍ يُصَبُّ مِن فَوْقِ رُؤُوسِهِمُ الْحَمِيمُ﴾[18]، فهي ثياب من نار.

 

وقال تعالى: ﴿وَتَرَى الْمُجْرِمِينَ يَوْمَئِذٍ مُّقَرَّنِينَ فِي الأَصْفَاد ِ* سَرَابِيلُهُم مِّن قَطِرَانٍ وَتَغْشَى وُجُوهَهُمْ النَّارُ﴾[19]، والقطران هو النحاس.

 

طعام أهل النّار وشرابهم

إنّ أهل النار يأكلون ويشربون، ولهم ألوان خاصة من الأطعمة والأشربة، ولكنّها كلّها لا تغني من جوعٍ، ولا تروي من ظمأ.

 

وأحد تلك الأطعمة (الزقوم)، وهي شجرة عظيمة مهيبة تنبت في قعر جهنّم ولها

 

ثمر، قال تعالى ﴿إِنَّ شَجَرَةَ الزَّقُّومِ * طَعَامُ الْأَثِيمِ * كَالْمُهْلِ يَغْلِي فِي الْبُطُونِ *  كَغَلْيِ الْحَمِيمِ﴾[20]. وهي كما وصفها المولى عزّ وجلّ في كتابه ﴿طَلْعُهَا كَأَنَّهُ رُؤُوسُ الشَّيَاطِينِ﴾[21].

 

وهي اسم لعشب مرٍّ كريهِ الرائحة له أوراقٌ صغيرة، وهو عشب عصارته شديدة المرارة وحادة الطعم إذا لامس الجسم تورم.

 

أما الضريع فهو كالزقّوم، يقطع الأحشاء من شدة حرارته، ولا يتجرّعه المجرمون من فرط مرارته.

 

وأما الغسّاق كما في قوله تعالى: ﴿هَذَا فَلْيَذُوقُوهُ حَمِيمٌ وَغَسَّاقٌ﴾[22]، فقد قيل: إنه القيح الغليظ المنتن.

 

وأما الأشربة الوارد ذكرها في القرآن الكريم، فمنها (الحميم)، ومعنى كلمة (الحميم) هو الماء المغلي، أمّا كلمة (آن) فهي تعني (بالغ) وهي صفة للحميم، فماء جهنّم يصل إلى أقصى درجات السخونة والغليان بحيث إنّ حرارته تقطع لحم وجه الإنسان، يقول تعالى: ﴿وَإِن يَسْتَغِيثُوا يُغَاثُوا بِمَاء كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ بِئْسَ الشَّرَابُ وَسَاءتْ مُرْتَفَقًا﴾[23].

 

كما أنّه يقطع الأمعاء ﴿كَمَنْ هُوَ خَالِدٌ فِي النَّارِ وَسُقُوا مَاء حَمِيمًا فَقَطَّعَ أَمْعَاءهُمْ﴾[24].

 

أمّا (الغسلين) الذي ذكرته الآية الشريفة: ﴿فَلَيْسَ لَهُ الْيَوْمَ هَاهُنَا حَمِيمٌ * وَلَا طَعَامٌ إِلَّا مِنْ غِسْلِينٍ * لَا يَأْكُلُهُ إِلَّا الْخَاطِؤُونَ﴾[25]، فإنّ الـمـعروف بين المفسِّرين وأصحاب اللغة أنّه دم يشبه الماء يخرج من أبدان أصحاب النّار، وبما أنّه يـشبه الماء الذي يغسل به الإنسان، سُمّي بـ (الغسلين).

 

وشرابهم فيها ماء صديد، قال تعالى ﴿وَاسْتَفْتَحُواْ وَخَابَ كُلُّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ * مِّن وَرَآئِهِ جَهَنَّمُ وَيُسْقَى مِن مَّاء صَدِيدٍ﴾[26]، (دم و قيح) يتجرّعه (يشربه غصباً) ولا يكاد يسيغه.

 

من ألوان العذاب الروحيِّ

يتعرض أهل النّار لعذاب من نوع آخر، غير العذاب الجسديّ، وهو العذاب الروحيّ. وقد ذكر القرآن الكريم بعض الأمثلة لهذا العذاب منها:

1- المهانة:

﴿وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا فَأُوْلَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُّهِينٌ﴾[27].

 

تـدل هذه الآية وغيرها أنّ عذاب الجحيم مـقـرون بأنواع الإهانة والتحقير والاستهانة والغم والحزن الذي يعاني منه أصحاب جهنّم وهو ما يعكس آلامهم النفسية: ﴿كُلَّمَا أَرَادُوا أَن يَخْرُجُوا مِنْهَا مِنْ غَمٍّ أُعِيدُوا فِيهَا وَذُوقُوا عَذَابَ الْحَرِيقِ﴾[28]، فيقوم خزنتها بإرجاعهم إليها ليذوقوا العذاب.

 

2- كثرة اللوم والتقريع:

وتقول الآية المباركة: ﴿رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْهَا فَإِنْ عُدْنَا فَإِنَّا ظَالِمُونَ﴾[29]، فيقال لهم من قبل الله تعالى: ﴿قَالَ اخْسَؤُوا فِيهَا وَلَا تُكَلِّمُونِ﴾[30].

 

وقـد صـرّح أصحاب اللغة والمفسِّرون بأنّ كلمة (إخسأ) تعبير يستخدم لطرد الكلب، وأنّ استخدامه هنا فيه دلالة على احتقار هؤلاء الظلمة والمستكبرين.

 

3- الحسرة:

قال تعالى ﴿َوَأَسَرُّوا النَّدَامَةَ لَمَّا رَأَوُا الْعَذَابَ وَجَعَلْنَا الْأَغْلَالَ فِي أَعْنَاقِ الَّذِينَ كَفَرُوا هَلْ يُجْزَوْنَ إِلَّا مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾[31].

 

وقال عزّ من قائل ﴿وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا * يَا وَيْلَتَى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلَانًا خَلِيلًا * لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءنِي وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلْإِنسَانِ خَذُولًا﴾[32].

 

المفاهيم الرئيسة

1- تحضر جهنّم يوم القيامة ولها تغيُّظٌ وزفير ولها الكثير من الخصوصيات الأخرى.

 

2- يُغلّ الكافرون في جهنّم. وقد ذكر القرآن الكريم لجهنّم سبع دركات وقد وردت أسماؤها في الروايات “جحيم، لظى، سقر، حاطمة، هاوية، سعير، جهنم”.

 

3- ذكر بعض الآيات أنّ لجهنّم أبواباً كما للجنة أبواباً، ولكن هناك آية وحيدة ذكرت عدد أبواب جهنّم وهي قوله تعالى ﴿وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمَوْعِدُهُمْ أَجْمَعِينَ * لَهَا سَبْعَةُ أَبْوَابٍ لِّكُلِّ بَابٍ مِّنْهُمْ جُزْءٌ مَّقْسُومٌ﴾.

 

4- كـمـا أنّ الـثـواب الإلهي والنعم الموجودة في الجنّة تقسّم يوم القيامة إلى قسمين (روحيّة) و(ماديّة) فكذلك عذاب جهنّم أيضاً يقسّم هو الآخر إلى نوعين: روحيّ، وماديّ.

 

 

للمطالعة

المفاسد من الإنسان[33]

إن جميع المفاسد من الإنسان ومن نفسه، فهي لا تأتينا من مكان آخر إنّما هي أعمالكم تردّ إليكم. إنّ المفاسد الكبيرة التي يشهدها البشر كلها من فساد الإنسان نفسه ومن فساد الحكومات والنفوس الخبيثة. فكل ما يأتينا في الآخرة فهو منّا. إنّنا الآن نجتاز الصراط الذي أحد جانبيه في الدنيا وجانب آخر في الآخرة، ونحن نسير في الصراط الآن. فإذا رفع الستار سنشاهد صراط جهنم الذي هو النار يحيط بكم، عليكم باجتياز هذا الفساد سالمين. إنّ الأنبياء يجتازونه قائلين: (جزناها وهي خامدة). إنّ النيران مطفأة لهم. كما كانت برداً وسلاماً على إبراهيم فيجتازها المؤمنون بسلام، فهي ليست خامدة ولكنها لا تضرّهم. إنّها صدى لهذا العالم، فليست شيئاً مستقلاً، فهي ما نراه في الدنيا، فكل ما يحصل في الآخرة صدى لما نشاهده في هذا العالم. إننا الآن نعبر الصراط وإن الصراط في جهنم وهي للأنبياء العظام والأولياء الكبار خامدة. فجهنم خامدة للمؤمنين وهي محيطة بالكافرين ﴿وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمُحِيطَةٌ بِالْكَافِرِينَ﴾ ولم يرد (ستحيط) بل هي محيطة الآن ولكننا لا ندرك ذلك. إن العين مغمضة هنا وعليها حجاب فإذا رفع الحجاب فمن كان من جهنم رأى نفسه فيها، ومن كان من الجنة رأى نفسه فيها، فالبرزخ جنة له. كما أنّ البرزخ جهنّم للثاني “القبر إمّا حفرة من حفر النيران أو روضة من رياض الجنة”. فإذا نظرت العين إلى هناك ستظهر أشياء جديدة وهذه الأشياء الجديدة لا يمكن تداركها هناك بل يجب أن نفكِّر فيها اليوم.

 

الإمام الخميني قدس سره

 

[1] نهج البلاغة، خطبة، 17.

[2] سورة الفرقان، الآية 12.

[3] سورة الفرقان، الآية 13.

[4] بحار الأنوار، ج 8، ص 280.

[5] سورة الحجر، الآيتان 43 – 44.

[6] سورة النساء، الآية 145.

[7] بحار الأنوار، ج 8، ص 246.

[8] سورة الحجر، الآية 44.

[9] سورة البقرة، الآية 81.

[10] سورة آل عمران، الآية 116.

[11] بحار الأنوار, ج 8، ص 351.

[12]  م. ن, ج 8، ص 361.

[13] سورة النساء، الآية 56.

[14] سورة الحج، الآيتان 19 – 20.

[15] سورة الأنبياء، الآية 39.

[16] سورة المؤمنون، الآية 104.

[17] سورة القمر، الآيتان 47 – 48.

[18] سورة الحج، الآية 19.

[19] سورة إبراهيم، الآيتان 49 –50.

[20] سورة الدخان، الآيات 43 – 46.

[21] سورة الصافات، الآية 65.

[22] سورة ص، الآية 57.

[23] سورة الكهف، الآية 29.

[24] سورة محمد، الآية 15

[25] سورة الحاقة، الآيات 35 – 37.

[26] سورة إبراهيم، الآيتان 15 – 16.

[27] سورة الحج، الآية 57.

[28] سورة الحج، الآية 22.

[29] سورة المؤمنون، الآية 107.

[30] سورة المؤمنون، الآية 108.

[31] سورة سبأ، الآية 33.

[32] سورة الفرقان، الآيات 27 ـ 29.

[33] صحيفة الإمام الخميني قدس سره، ج 18، ص 397.

شاهد أيضاً

الزهراء الصديقة الكبرى المثل الأعلى للمرأة المعاصرة / سالم الصباغ‎

أتشرف بأن أقدم لكم نص المحاضرة التي تشرفت بإلقائها يوم 13 / 3 في ندوة ...