وهذه الردود كانت كلها تصب في اتجاه واحد، وهو الإدانة والرفض والمواجهة الكاسرة إلى درجة أصبحنا لا ندري إن كان ثمة حدود شرعية أو أخلاقية يجدر بهم التقيد بها، والانتهاء إليها، ولو ظاهريا؟ أم أن المحرمات قد سقطت، وأصبح المعروف منكرا والمنكر معروفا راجحا بل بل واجبا، إذا كان يسهم في حفظ الكيان، أو الشخص، أو الجهة؟! وذلك على القاعدة التي هي على خلاف قواعدنا الإسلامية، والتي أطلقها ميكافيلي من قبل: ” إن الغاية تبرر الواسطة ” أو الوسيلة، هذه القاعدة التي طورها البعض إلى درجة أنها أصبحت ليس فقط تبرر، وإنما تنظف الواسطة ربما على ” طريقة التصويب ” الباطل عند الشيعة الإمامية، زادهم الله عزا وسؤددا وشرفا.
ملامح من ردود الفعل:
ونستطيع أن نذكر نماذج من مظاهر ردود الفعل التي ظهرت لدى تلك الجهة المعنية بالكتاب، وهي ما يلي:
1 – قد صدرت عن البعض ردود فعل انفعالية على المنابر، وعبر الإذاعات، وفي المجالس الخاصة والعامة، تحاول النيل من قيمة الكتاب ومن الكاتب، وتعتبره قد ألف بطريقة غير شرعية!؟
2 – تحريم الكتاب بيعا، وتداولا، وقراءة!! وممارسة ضغوط على الناس، هذا مضافا إلى مراجعة بعض دور النشر والمكتبات، لمنع تداول الكتاب.
مع أن نفس ذلك البعض قد أعلن عبر أثير الإذاعة رفضه لمقاطعة كتب الضلال، واعتبر ذلك خطأ لا بد من تجنبه.
3 – إشاعات كاذبة، كثيرة ومتنوعة أطلقوها ويطلقونها في أكثر من اتجاه، دونما وازع من دين، أو رادع من وجدان، وقد جاء قسم منها:
ألف: بصيغة إفتراءات تهدف إلى النيل من كرامة المؤلف، والتشكيك بأدبه وأخلاقه، ودينه واستقامته.
ب: وقسم آخر جاء على شكل سباب وشتائم، وإهانات، تصب في اتجاه النيل من المقام العلمي للكاتب، وموقعه، وتصويره على أنه جاهل، متخلف، ومتسلط في الرأي، غير قادر على الإدراك الصحيح لكلام البعض، إلى غير ذلك.
ج: محاولات التشكيك بقيمة الكتاب العلمية، أو بمنهجيته، أو خلفيته، بل بمصداقيته أحيانا.
د: الحديث عن خلفيات موهومة دفعت المؤلف إلى إصدار هذا الكتاب في هذا الوقت بالذات.
4 – تهديدات مبطنة، واتهامات قاتلة، وممارسة أساليب إرهاب، وتسلط، وهيمنة، واستعانة بقوي أمنية للحد من تأثير
الكتاب، والحد من نشاط من يقرؤه، ومن يتداوله، ومن يتعاطف معه أو يعلن عن رأيه في تلك المقولات التي ناقشها.
5 – محاولة الضغط باتجاه اعطاء الكتاب طابعا سياسيا، وجعله في دائرة التوازنات، وإخضاعه من ثم لأجواء الأخذ والرد في سوق المنافع والمزايدات، وحتى المصالحات السياسية حين تلجؤهم الضرورات إلى ذلك.
6 – التشكيك بأهداف الكاتب ودوافعه، واعتبار الكتاب تارة مجرد مظهر لمطامح شخصية، وأخرى استجابة لأحقاد، وتارة ثالثة نتيجة عقد نفسية أسقطها البعض على المؤلف.
وعلى جميع الحالات فإن النتيجة – بنظرهم – هي أن هدف كتاب ” مأساة الزهراء (ع) ” هو الاغتيال السياسي، والعلمي، والاجتماعي لما يسمونه ب ” الرمز ” أو ب ” القيمين على الحالة الإسلامية “.
وتلك جريمة مرعبة تنتهي حسب تصويراتهم باغتيال الإسلام نفسه باسم الإسلام، فوا إسلاماه!! ووا مصيبتاه!!!.
لا سيما وهم يصورون الأمر للناس على أنه خطة تنتج فصولها، وتدير حركة الصراع فيها، أو تحرك خيوطها بذكاء، دوائر المخابرات الدولية، أو الإقليمية حتى الموساد، أو المحلية، بل والإسلامية، وما إلى ذلك.
7 – محاولتهم حصر الموضوع في قضية تاريخية، وتاريخية فقط. لصرف الأنظار عن المقولات الكثيرة التي ترتبط
بالنواحي العقيدية والإيمانية، وقضايا الدين التي تعرضنا لها في نفس الكتاب.
8 – محاولتهم إثارة علامات استفهام حول جدوى موضوعات كهذه – رغم أنهم هم الذين ما فتئوا يصرون على طرحها – وذلك بعد أن صوروا للناس أن الأمر لا يتعدى الناحية التاريخية الخاصة جدا، وهي خصوص قضية كسر ضلع الزهراء (ع) دون سائر ظلاماتها عليها السلام.
9 – محاولة ربط الموضوع برمته – من أجل الدعاية والإعلام طبعا! – بجهات تخطط لإسقاط مرجعية فلان من الناس، لأنها ترى نفسها متضررة من ظهور مرجعية عربية، وفية لعروبتها، مقابل المرجعيات الفارسية ولعلها بنظرهم وفية لفارسيتها أيضا..؟ (1) أو ما إلى ذلك، متهمين مرجعية دينية كبرى لبعض الدول الإسلامية بأنها الجهة التي تدير حركة الصراع ضدهم، وتصويرها على أنها مجرد منافسة لهم في المرجعية.
(1) ومن شواهد ذلك: أنه في المقابلة التلفزيونية في هذا الصيف التي شاركه فيها سركيس نعوم قد بدا راضيا عن أقوال نعوم الذي ركز على موضوع المرجعية الفارسية والعربية ولذلك لم يعترض عليه ولا سجل أي تحفظ على أقواله.
الردود المكتوبة:
وعدا عن هذا، وذاك، وذلك، فقد ظهرت ردود مكتوبة من جهة ذلك البعض الذي أثار كل هذه الأجواء، ولم يزل يبذل جهودا حثيثة لتركيز مقولاته – على اختلافها وتنوعها – في عقول ونفوس الناس، عبر وسائل الإعلام المتنوعة، ومن خلال الإمكانات الكبيرة المتوفرة لديه، حتى إنه يصدر في فترات متقاربة جدا، وبصورة متلاحقة كتابا أو أكثر يضمنه نفس الأفكار، بل نفس الخطابات والمقابلات أحيانا، ولكن كل كتاب يأتي بشكل، وبحجم وباسم، وتنسيق يختلف عن سوابقه.
ولكنك إذا فتحت أي كتاب منها فستقرأ تلك الأفكار المعهودة التي يراد تركيزها بهذه الطريقة في أذهان الناس..
وما ظهر من جهته من ردود على كتابنا ” مأساة الزهراء (ع) ” لكتاب، أو مستكتبين، أو في مقابلات إذاعية مع الابن والأخ، وسواهما فإنما كانت تحاول رد الاعتبار، أو إثارة الشبهات والتشكيك بالكتاب وبالكاتب.
هذا وقد روجت أجهزة إعلامهم لهذه الردود بقوة، حتى إن مقابلة إذاعية أجرتها إذاعة محلية يملكها ذلك البعض مع أحد أولئك المستكتبين قد بثتها تلك الإذاعة أربع مرات خلال أقل من أسبوع واحد، وقد ترافق ذلك مع ألقاب ونعوت فضفاضة منحت لذلك الكاتب، لم يكن ليحلم بها لولا أنه أول من رمى بسهم.
ثم وزعوا تلك المقابلة بالذات على الناشئة بعد أن قامت تلك الإذاعة في إعلانات متتابعة خلال أيام بدعوة الناشئة إلى الحصول على الشريط المسجل لتلك المقابلة، في محاولة منهم لبث روح العداء والشحناء والبغضاء في تلك النفوس البريئة.
وذلك يكفي للتدليل على فشلهم الذريع في المواجهة العلمية والمنطقية، وعلى مدى الإسفاف في التعامل مع من ينتقد فكرة من يسمونه ب ” الرمز ” على حد تعبيرهم.
ولا نريد أن نتوقف كثيرا عند توزيع إداراتهم ومؤسساتهم لآلاف النسخ بالمجان على مختلف العباد في مختلف البلاد، فصرف تلك المبالغ الكبيرة ربما كانت له مبرراته!! التي لعلهم يعذرون لأجلها، حسب موازينهم!! التي أشرنا إلى بعضها، والتي ينطلقون منها في هذه الأمور!!
قيمة تلك الردود علميا:
ولا نبالغ إذا قلنا: إننا حين اطلعنا على مضامين تلك الردود قد أصبنا بالدهشة، حين لم نجد فيها ما ينبغي أن يلتفت إليه من حيث القيمة العلمية.