الحمد للَّه الذي استخلص الحمد لنفسه، واستوجبه على جميع خلقه، الذي ناصية كلّ شي ء بيده، ومصير كلّ شي ء اليه، القويّ في سلطانه، اللطيف في جبروته، لا مانع لما أعطى ولا معطي لما منع، خالق الخلائق بقدرته، ومسخّرهم بمشيئته، وفيّ العهد، صادق الوعد، شديد العقاب، جزيل الثواب، أحمده وأستعينه على ما أنعم به، مما لا يعرف كنهه غيره، وأتوكل عليه توكل المستسلم لقدرته، المتبري من الحول والقوة الا إليه. وأشهد شهادة لا يشوبها شك انّه لا اله الّا هو وحده لا شريك له، إلهاً واحداً صمداً، لم يتخذ صاحبةً ولا ولداً، ولم يكن له شريك في الملك ولم يكن له ولي من الذل وكبّره تكبيراً وهو على كل شي ء قدير، قطع ادّعاء المدعى بقوله عزّوجل: «وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ» «1».
وأشهد ان محمّداً صلّى اللَّه عليه وآله وسلم صفوته من خلقه، وأمينه على وحيه، أرسله بالمعروف آمراً، وعن المنكر ناهياً، والى الحق داعياً، على حين فترة من الرسل، وضلالة من الناس، واختلاف من الأمور، وتنازع من الانس، حتى تمم به الوحي، وأنذر به أهل الأَرض.
صلّى اللَّه عليه وآله أئمة الهدى ومصابيح الدجى وسادة الورى، لا سيّما
وبعد، فكل مسافر في الدنيا يعدّ لنفسه زاداً يبلغه المقصود، فكيف بسفر الآخرة الذي ينبغي أن يهتم بشأنه، حيث قال أميرالمؤمنين ومولى الموحدين علي عليه السّلام: «آه من قلة الزاد وبعد السفر».
واني لعلى يقين من أنه لا عمل ينجيني من أهوال الآخرة، لذا، فقد اعتصمت بأذيال أهل البيت سلام اللَّه عليهم اجمعين، وجمعت هذه الفضائل- الا ما شذ وندر- من كتب علماء العامة، لأثبت أن من رضي بهم الشيعة الإمامية أئمةً وقادةً هم المرضيون عند الجميع بنص القرآن والاحاديث المتواترة .. وأن على غيرهم أن يثبتوا دعواهم وانّى لهم ذلك!.
وحتى خطبة الكتاب اخترتها من بين خطب الإمام المؤمنين علي بن أبي طالب صلوات اللَّه عليه، على رواية ابن عبدربه، لتتم الحجة على المنصف، ويعلم ان الأئمة الأثني عشر هم الهداة المهديون، وخلفاء خاتم النبيين محمّد بن عبداللَّه صلّى اللَّه عليه وآله وسلّم.
إن الحديث عن فضائل أميرالمؤمنين ومولى الموحدين علي بن أبي طالب عليه السّلام أوفى من أن يحصر في كتاب واحد، لكن ما لا يدرك كلّه لا يترك كلّه.
فقد روى أبو عبداللَّه محمّد بن يوسف الكنجي الشافعي باسناده عن جعفر بن محمّد عن أبيه عن علي بن الحسين عن أبيه عن أميرالمؤمنين علي بن أبي طالب عليه السّلام قال: «قال رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وآله وسلّم: ان اللَّه تعالى جعل لأخي علي فضائل لا تحصى كثرة، فمن ذكر فضيلة من فضائله مقرّاً بها غفر اللَّه ما تقدم من ذنبه، ومن كتب فضيلة من فضائله لم تزل الملائكة تستغفر له ما بقي لتلك الكتابة رسم، ومن استمع إلى فضيلة من فضائله غفر له الذنوب التي اكتسبها
ثم قال: النظر إلى علي عبادة، وذكره عبادة، ولا يقبل اللَّه ايمان عبد الا بولايته والبراءة من اعدائه».
اللهم اني لو وجدت شفعاء أقرب اليك من محمّد وآل محمّد لجعلتهم شفعائي فبهم اتقرب وبهم أتوسل.
محمّد هادي بن جعفر
الحسيني الميلاني
قصيدة للمؤلف في الاستنجاد بالإمام الحجة
ابن الحسن المهدي عجل اللَّه فرجه
إلى مَ انتظارك يا ابن الحسن |
وقد اظلم الكون داجي الفتن |
|
إلى م نحير وحتى متى |
يطول النوى ونداري الشجن |
|
فديناك من غائب يرتجى |
ومن حاضر في القلوب استكن |
|
فلا سلو عنكم وفي قربكم |
نرى السلو عن كل ما في الزمن |
|
ولا يهنأ العيش طول النوى |
ولا تألف العين طيب الوسن |
|
أما آن يا ابن الاطائب ان |
تقر العيون وتجلى المحن |
|
أغثنا أيا غوثنا وارعنا |
فأنت رجا المبتلى الممتحن |
|
أغث يا حمى الدين شرع الهدى |
فأنت حماه اذا ما ائتمن |
|
فليس من الدين الا اسمه |
وليس من الربع الا الدمن |
|
ألا قاتل اللَّه سهم النوى |
فقد اورث القلب نار الشجن |
|
أيا ابن النبي ونفس الوصي |
وصنو البتول وشبه الحسن |
|
فأنت الحسين وزين العباد |
وباقر علم حوى كلّ فن |
|
ويا صادقاً قوله كاظماً غيظه |
اذا ما دنى الوعد والخطب جن |
|
وأنت الرضا والتقي النقي |
بخلق زكي وزي الحسن |
|
الى م وحتى م ليل النوى |
يطول وبالصبح لا يقترن |
|
متى الصبح يبدو وجبريله |
يؤذن باسم امام الزمن |