الرئيسية / القرآن الكريم / التبيان في تفسير القرآن

التبيان في تفسير القرآن

الاعراب :
وقوله تعالى ” بسم الله ” يقتضي فعلا تتعلق به الباء ، ويجوز أن يكون
ذلك الفعل قوله أبدأ أو أقرأ بسم الله أو شبهه أو قولوا بسم الله ، ولم يذكر
لدلالة الكلام عليه وحذفت الألف في اللفظ لأنه ألف الوصل تسقط في الدرج
وحذفت ههنا وحدها في الخط لكثرة الاستعمال ولا تحذف في قوله تعالى ” إقرأ
باسم ربك ” ( 1 ) وقوله ” فسبح باسم ربك ” وما أشبه ذلك لقلة استعمالها هناك
وذكر أبو عبيدة ان ” اسم ” صلة والمراد هو الله الرحمن الرحيم واعتقد قوم
لأجل ذلك ان الاسم هو المسمى واستدلوا بقول لبيد
إلى الحول ثم اسم السلام عليكما * ومن يبك حولا كاملا فقد اعتذر
قال ومعناه السلام عليكما فاسم السلام هو السلام وهذا خطأ عظيم ذكرناه
في شرح الجمل في الأصول ومعنى قول الشاعر ثم اسم السلام انه أراد به اسم الله
تعالى لان السلام من أسماء في قوله ” السلام المؤمن المهيمن ” وهذا كما قال
عليه السلام ” لا تسبوا الدهر فان الله هو الدهر ” اي ان الله هو الفاعل لما تضيفونه
إلى الدهر وتسبونه لأجله ونظير ذلك أيضا قول القائل إذا سمع غيره يشتم زيدا
وهو يريد عمروا ( 2 ) ( زيد في هذا المكان هو عمرو ) اي هو المراد بالشتم دون
زيد ويحتمل أن يكون أراد اسم الله عليكما اي ألزماه وإنما رفع لأنه اخر
( عليكما كما قال الشاعر :
يا أيها المانح ( 1 ) دلوي دونكا * اني رأيت الناس يحمدونكا
والمراد دونك دلوي فكيف يكون الاسم هو المسمى وقد يعرف الاسم
من لا يعرف المسمى والاسم يكون مدركا وان لم يدرك المسمى والاسم يكتب
في مواضع كثيرة والمسمى لا يكون إلا في موضوع واحد ولو كان الاسم هو
المسمى لكان إذا قال القائل ” نار ” احترق لسانه وإذا قال ” عسل ” وجد
الحلاوة في فمه ، وذلك تجاهل ، ومن قال : ” إن ذلك تسمية وليس ذلك باسم ”
قوله باطل ، لان القائل لو قال : اكلت اسم العسل ، لكان جاهلا . وقال يقوم :
إن ( اسم ) ليس بصلة ، والمراد ابتدئ بتسمية الله ، فوضع الاسم موضع المصدر
ويكون موضع ( بسم ) نصبا . قالوا لان العرب تجري المصادر المبهمة على أسماء
مختلفة ، كقولهم : أكرمت فلانا كرامة ، وأهنت فلانا هوانا ، وكلمته كلاما
وكان يجب أن يكون : أكرمته إكراما وأهنته إهانة وكلمته تكليما ومنه قول الشاعر :
أكفرا بعد رد الموت عني * وبعد عطائك المئة الرتاعا ( 2 )
وقال آخر :
فإن كان هذا البخل منك سجية * لقد كنت في طول رجائك اشعبا ( 3 )
أراد في إطالتي رجاك فيكون على هذا تقدير الكلام : أقرأ مبتدئا بتسمية
الله ، وابتدئ قراءتي بسم الله . فجعل الاسم مكان التسمية ، وهذا أولى ، لان
المأموران يفتتح العباد أمورهم بتسمية الله ، لا بالخبر عن عظمته وصفاته ، كما
أمروا بالتسمية على الذبائح والصيد ، والاكل ، والشرب . وكذلك أمروا بالتسمية
عند افتتاح تلاوة تنزيل الله تعالى ، ولا خلاف أن القائل لو قال عند الذباحة : بالله
ولم يقل : باسم الله لكان مخالفا للمأمور .
اللغة :
والاسم مشتق من السمو وهو الرفعة والأصل فيه سمو بالواو ، وجمعه أسماء
مثل قنو واقناء ، وحنو واحناء . وإذا صغرته قلت سمي ، قال الراجز :
باسم الذي في كل سورة سمه
والسمة أيضا – ذكره أبو زيد وغيره وقيل إنه مشتق من وسمت وذلك غلط
لان ما حذفت واو الفعل منه لا يدخله الف الوصل : نحو عدة ووعد ، وزنه
ووزن . لما حذفت الفاء لم تدخل عليه الألف وأيضا كان يجب إذا صغران
يرد الواو فيقال : وسيم ، كما يقال وعيدة ووزينة ووصيلة في تصغير عدة وزنه
وصلة . والامر بخلافه وحكي عن ابن كيسان أنه قال : انه لقب فلذلك ابتدئ به
واتبع بالرحمن لأنه يختصه ثم بالرحيم لأنه يشاركه فيه غيره والصحيح انه
ليس بلقب لان اللقب إنما يجوز على من تجوز عليه الغيبة والحضور وهما لا يجوزان
عليه ولأنه يمكن وصفه بصفة لا يشاركه فيها غيره ولا معنى للقب لأنه عيب
والصحيح انه اسم مقيد لكنه لا يطلق إلا عليه تعالى وقيل في معناها قولان :
أحدهما – ان أصله لاه كما قال الشاعر :
كحلقة من أبي رياح * يسمعها لاهه الكبار
فادخل عليه الألف واللام

شاهد أيضاً

آداب الأسرة في الإسلام

رابعاً : حقوق الأبناء : للأبناء حقوق علىٰ الوالدين ، وقد لخّصها الإمام علي بن ...