الرئيسية / بحوث اسلامية / الـمـهـدي الـمـنـتـظـر فـي الـفـكـر الاسـلامـي – أحاديث في نسب الاِمام المهدي

الـمـهـدي الـمـنـتـظـر فـي الـفـكـر الاسـلامـي – أحاديث في نسب الاِمام المهدي

وأخرجه الكليني عن محمد بن يحيى ، وأحمد بن محمد ، عن محمد بن الحسين، عن أبي طالب ، عن عثمان بن عيسى ، عن سماعة بن مهران بتمام ألفاظه(1) .
وهو كما ترى ليس في سنده من يُتأمل في وثاقته فجميعهم من ثقات الرواة وإنْ وُجد في سند الصدوق ممدوح فقد كان إلى جنبه الثقة المأمون، وفيه كفاية على بيان المراد من حديث : (الخلفاء اثنا عشر).

 
7 ـ وفي الكافي بسند صحيح جداً : عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد البرقي ، عن أبي هاشم داود بن القاسم الجعفري ، عن أبي جعفر الثاني عليه السلام قال : « أقبل أمير المؤمنين عليه السلام ومعه الحسن بن علي عليه السلام وهو متكئ على يد سلمان …» وفيه ذكر الاَئمة الاثني عشر جميعاً عليهم السلام ابتداءً بعلي عليه السلام وانتهاءً بالمهدي بن الحسن العسكري عليهما السلام (2).

 
قال الكليني : «وحدثني محمد بن يحيى ، عن محمد بن الحسن الصفار، عن أحمد بن أبي عبدالله ، عن أبي هاشم مثله سواء . قال محمد بن يحيى : فقلتُ لمحمد بن الحسن : يا أبا جعفر ، وددتُ ان هذا الخبر جاء من غير جهة أحمد بن أبي عبدالله ! قال ، فقال : لقد حدثني قبل الحيرة بعشر سنين»(3).
والمراد بالحيرة هنا : غيبة الاِمام المهدي عليه السلام في سنة 260 هـ ، وهي
____________
(1) أُصول الكافي 1 : 534 ـ 535 | 20 باب 126. وقد عدّه المجلسي في مرآة العقول 6 : 235 حديثاً مجهولاً !
وهو اشتباه قطعاً، لتوفر النص على وثاقة رجال سند الكافي جميعاً من قبل الشيخ والنجاشي وجميع من تأخر عنهما. والظاهر انه اشتبه بمحمد بن عمران مولى أبي جعفرعليه السلام الذي لم يرد نص في توثيقه ، وهو لايضر وجوده لوجود الثقة معه واحراز سماع الحديث عن أبي جعفر الباقر عليه السلام من جهة أبي بصير فأي ضير في ان يُسمع الحديث من الصادق عليه السلام أيضاً .
(2) أُصول الكافي 1 : 525 | 1 باب 126 .
(3) أُصول الكافي 1 : 526 | 2 باب 126 .

 
السنة التي توفي فيها الاِمام العسكري ، وما قاله محمد بن يحيى لايوجب طعناً على أحمد بن أبي عبدالله البرقي ؛ لثقته بالاتفاق ، فكأن محمد بن يحيى تمنى أن يكون من حدّث شيخه الصفار بهذا الحديث قد مات في حياة الاِمام العسكري أو الاِمام الهادي عليهما السلام وليس البرقي الذي عاش إلى سنة 274هـ ، أو 280 هـ ، على قول آخر ؛ لاَن الاِخبار عن شيء قبل وقوعه، وتحقق ذلك الشيء على طبق الخبر يعد من الاعجاز الذي لايحتاج في قوة ثبوته إلى شهرة الخبر بتعدد رواته، اذ لامجال لتكذيبه بأي حال من الاحوال وان لم يروَ إلاّ بسند واحد .
فجاء الجواب من الصفار بأنّ ما رواه الثقة الجليل البرقي كان قبل وقوع الغيبة بعشر سنين .

 

 
ولا يخفى على أحد بان المخبر ـ الذي لم يوثق ـ عن شيء قبل وقوعه، لايشترط في قبول قوله أكثر من موافقته للشروط المنصوص عليها في قبول الخبر الضعيف ، أو تحققه على طبق خبره ؛ لاَنه كاشف عن صدقه ، حتى وان لم توثقه كتب الرجال (1).
ومثال هذا ما رواه الكليني والصدوق بسند صحيح ، عن أبان بن عياش، عن سليم بن قيس الهلالي ، عن عبدالله بن جعفر الطيار ، عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم في حديث جاء فيه النص على الاِمام عليٍّ وبعده ابنه الحسن، ثم ابنه الحسين ، ثم علي بن الحسين ، ثمّ محمد الباقر عليهم السلام ثمّ ، قال : «ثم تكملة اثني عشر إماماً تسعة من ولد الحسين»(2).

____________
(1) وأما مع توفر وثاقة المخبر فلا يشترط ذلك بالاتفاق؛ إذ المفروض صدقه، وليس بعد الصدق إلاّ مطابقة الخبر للواقع كمسألة نزول عيسى وظهور المهدي وفتنة الدجال ونحوها، وان لم يتحقق شيء منها بعد.
(2) أُصول الكافي 1 : 529 | 4 باب 126 ، وكمال الدين 1: 270 | 15 باب 24، والخصال 2 : 477 | 41 من أبواب الاثني عشر .

 
فضعف أبان بن أبي عياش لايضر هنا لاِخباره عن واقع قد تحقق على طبق ما أخبر بعد سنين من وفاته ، وفي كمال الدين للصدوق روايات كثيرة من هذا الطراز ، ولكن من لاخبرة له قد جعلها ساقطة عن الاعتبار لضعفها سنداً في زعمه!! على الرغم من انحصار الضعف بالرواة الذين ماتوا قبل اكتمال التسلسل التاريخي للاَئمة الاثني عشر بأزمان بعيدة .

 
وينطبق هذا الاعجاز على غالبية أخبار غيبة الاِمام الثاني عشر عليه السلام كما شهد بذلك الصدوق ، فقال : «إنَّ الاَئمة عليهم السلام قد اخبروا بغيبته عليه السلام ووصفوا كونها لشيعتهم فيما نقل عنهم، واستحفظ في الصحف ودوّن في الكتب المؤلفة من قبل ان تقع الغيبة بمائتي سنة أو أقل أو أكثر ، فليس أحد من أتباع الاَئمة عليهم السلام إلاّ وقد ذكر ذلك في كثير من كتبه ورواياته ودوّنه في مصنفاته، وهي الكتب التي تعرف بالاُصول مدونة مستحفظة عند شيعة آل محمد عليهم السلام من قبل الغيبة بما ذكرنا من السنين ، وقد اخرجت ما حضرني من الاخبار المسندة في الغيبة في هذا الكتاب في مواضعها .

 
فلا يخلو حال هؤلاء الاتباع المؤلفين للكتب أن يكونوا علموا الغيب بما وقع الآن من الغيبة ، فألفوا ذلك في كتبهم ودونوه في مصنفاتهم من قبل كونها ، وهذا محال عند أهل اللُّب والتحصيل . أو أن يكونوا أسسوا في كتبهم الكذب فاتفق لهم الاَمر كما ذكروا ، وتحقق كما وضعوا من كذبهم ! على بعد ديارهم ، واختلاف آرائهم، وتباين أقطارهم ومحالهم. وهذا أيضاً محال كسبيل الوجه الاَوّل ، فلم يبقَ في ذلك إلاّ أنهم حفظوا عن أئمتهم المستحفظين للوصية عليهم السلام عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من ذكر الغيبة وصفة كونها في مقام بعد مقام إلى آخر المقامات ما دونوه في كتبهم وألّفوه في أُصولهم وبذلك وشبهه فلج الحقّ وزهق الباطل ، إن الباطل كان

 
زهوقا»(1) انتهى.
ولايخفى أنّ الاُصول التي أشار لها الصدوق متواترة النسبة إلى اصحابها عنده، كتواتر نسبة كمال الدين إلى الصدوق عندنا، وهذا يعني أنّ اخبار الغيبة حتى مع فرض انحصار الضعف بسندها ابتداءً فهو لايقدح بصحتها بعد نقلها من تلك الكتب مباشرة، وعلى الرغم من ذلك فسوف لن نحتج باخبار الشيعة الامامية إلاّ بما صح سنده مطلقاً إلى الاِمام عليه السلام ، أو إلى من أخبر بالواقع الاِمامي قبل اكتمال تسلسله التاريخي وإنْ لم تعرف وثاقته.

شاهد أيضاً

مقاطع مهمه من كلام الامام الخامنئي دامت بركاته تم أختيارها بمناسبة شهر رمضان المبارك .

أذكّر أعزائي المضحين من جرحى الحرب المفروضة الحاضرين في هذا المحفل بهذه النقطة وهي: أن ...