تجويد – القرآن الكريم
20 سبتمبر,2022
القرآن الكريم
448 زيارة
الدرس الخامس: أحكام النون الساكنة والتنوين-1-
*تعريف النون الساكنة:
هي نون ساكنة من أصل وبنية الكلمة والتي لا حركة لها ، وتثبت لفظاً وخطاً ، وصلاً ووقفاً، كنون ” أنْ ” و ” منْ ” وتكون في الاسم والفعل والحرف، وقد ترد في منتصف الكلمة وفي طرفها، نحو: الإنْسان ، لنْ تنالوا …
*تعريف التنوين:
هو نون ساكنة زائدة تلحق آخر الاسم فقط، لفظاً ووصلاً، وتفارقه كتابةً ووقفاً ، وتكتب على صورة فتحتين أو ضمتين أو كسرتين ( ـً، ـٌ، ـ ٍ )، نحو: كتاباً، كتابٌ، كتابٍ، والتنوين يلحق آخر الاسم في حالة الوصل فقط، والسبب في ذلك يعود إلى القاعدة: ” بأنّ العرب لا تقف على متحرّك ولا تبدأ بساكن، كما إنّها حالة الوصل تصل بحركة “.
وللنون الساكنة والتنوين أربعة أحكام مقسّمة على جميع الحروف الهجائية وهي:
1- الإدغام: وعدد حروفه ستة مجموعة في قول ” يرملون “.
2- الإظهار: وعدد حروفه ستة مجموعة في أوائل الكلمات التالية: ( أخي هاك علماً حازه غير خاسر ).
3- الإخفاء: وعدد حروفه خمسة عشر مجموعة في أوائل كلم هذا البيت:
صف ذا ثنا كم جاء شخص قد سما دم طيباً زد في تقى ضع ظالما
4- الإقلاب: وله حرف واحد وهو الباء.
1- الإدغام:
لغةً: الإدخال والمزج.
واصطلاحاً: التقاء، حرف ساكن بحرف متحرّك، أو هو دمج حرفين بعضهم ببعض بحيث يصبحان حرفاً واحداً مشدّداً من جنس الثاني، على أن يكون الأوّل ساكنا والثاني
متحركا. وحروفه ستة مجموعة في لفظ ” يرملون ” ويقسم إلى قسمين: إدغام بغنّة وآخر بلا غنّة.
أ- الإدغام بغنّة
حروفه أربعة مجموعة في لفظ ” ينمو ” أو ” يومن ” ، ويكون الإدغام بغنّة إذا جاءت النّون الساكنة أو التنوين وجاء بعدهما حرف من حروف كلمة ” ينمو “، تدغم النون الساكنة أو التنوين مع أحد هؤلاء الحروف وتغنّ مقدار حركتين.
والغنّة: هي صوت يخرج من الخيشوم 1 أي الطرف الأعلى للأنف دون أن يكون للّسان دخل به.
والإدغام بغنة لا يكون إلا في كلمتين، نحو:﴿مَن يَقُولُ﴾، ﴿مِن نِّعْمَةٍ﴾ ، ﴿مِّن مَّلْجَأٍ﴾ ، ﴿مِن وَلِيٍّ﴾ ، ﴿وَبَرْقٌ يَجْعَلُونَ﴾ ، ﴿ يَوْمَئِذٍ نَّاعِمَةٌ﴾ ، ﴿عَذَابٌ مُّقِيمٌ﴾ ، ﴿يَوْمَئِذٍ وَاهِيَةٌ﴾…
فإذا جاء في كلمة ، أي إذا جاء المدغم والمدغم فيه في كلمة واحدة فانّه يجب الإظهار ويسمى إظهاراً شاذاً ( أو إظهارا مطلقاً ). ولا يوجد في القرآن الكريم سوى أربع كلمات فقط جاءت فيها النّون ساكنة وجاء بعدها أحد حروف كلمة ينمو ، وقد تتكرّر الكلمة أكثر من مرّة وهي:
﴿دنيا﴾ (وردت 115 مرة في القرآن الكريم في العديد من السور)، ﴿قِنْوَانٌ ﴾ (وردت مرة واحدة) الأنعام: 99، ﴿صِنْوَانٌ﴾ ( وردت مرتين) الرعد: 4، ﴿بُنيَانٌ﴾ الصف: 4 ﴿بُنْيَانًا﴾ الكهف: 21كذلك الصافات: 97، ﴿بُنْيَانَهُ﴾ ( وردت مرتين التوبة: 109), ﴿بُنْيَانَهُم ﴾ ( وردت مرتين) التوبة: 110,والنحل: 26
ولم يدغم هذا النوع لئلّا يلتبس بالمضاعف وهو ما تكرّر أحد أصوله، كصوّان، ودُيّا… فلو أدغم لم يظهر الفرق بين ما أصله النّون وما أصله التضعيف.
1- الخيشوم: تفصيلاً هو الثقب الواصل من الأنف إلى الفم
وفي القرآن الكريم موضعان تظهر فيهما النون السّاكنة ولا تدغم ، رغم أنّها في كلمتين:
الأوّل: ﴿ يس وَالْقُرْآنِ الْحَكِيمِ﴾، وتقرأ: ” ياسين والقرآن الحكيم “.
الثاني: ﴿ن وَالْقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَ﴾، وتقرأ:” نون والقلم وما يسطرون “.
ب- الإدغام بلا غنّة:
هو إدغام النّون الساكنة أو التنوين بحرف من حروف ” لر ” ( اللام والراء ) دون غنّها، نحو:
﴿غَفُورٌ رَّحِيمٌ﴾، ﴿مّنِْ رَّبِّ﴾ ، ﴿فَسُحْقًا لِّأَصْحَابِ السَّعِيرِ﴾ ، ﴿منِْ لَّدُنْهُ﴾..
والإدغام بلا غنّة كالإدغام بغنّة لا يأتي إلا في كلمتين ، وإن أتى في كلمة واحدة يسمّى إظهاراً شاذّاً، إلّا أنّه لا يوجد في القرآن الكريم مثال جاءت فيه النّون الساكنة وبعدها اللام أو الرّاء في كلمة واحدة.
وهناك حالة استثنائية جاءت النون الساكنة وبعدها الراء في كلمتين ومع ذلك فإنّه لا إدغام فيها وذلك بسبب السكت، ﴿وَقِيلَ مَنْ رَاقٍ﴾ 2.
والسكت: كما سيأتي تعريفه لاحقاً هو قطع الصوت مقدار حركتين بنية إكمال القراءة دون أخذ نفس جديد ، وإنّما تتم القراءة بنفس النّفس الذي يحتوي في الصدر.
ومن جهة ثانية الإدغام قسمان أيضا: إدغام كامل وإدغام ناقص. فالإدغام الكامل هو الذي تتم فيه الغنّة وتأتي كاملة من الخيشوم، كالنون والميم من (ينمو)، بينما الإدغام النّاقص هو الذي تتم فيه الغنّة غير أنّها لا تأتي كاملة من الخيشوم بل يتسرّب قسماً منها من الفم كالياء والواو.
فنقول: منْ نعمة ، منْ ماء… إدغام بغنّة كامل، و: منْ يعمل ، منْ وال… إدغام بغنّة ناقص.
وميّز بعض علماء التجويد الكامل والنّاقص على أساس أنّ الإدغام الكامل هو الذي يتم بذهاب الحرف والصّفة معاً، كإدغام التماثل والتجانس والتقارب… باستثناء النون والميم في التماثل وفي الإدغام بغنّة ، والميم في الإدغام الشفوي، فالصفة ملازمة لهم وهي الغنّة ، ومع هذا يعتبروا إدغاماً كاملاً. بينما الإدغام الناقص هو الذي يتم بذهاب
2- القيامة: 27
الحرف وبقاء الصّفة ، وهي الغنّة كما أشرنا كالياء ، والواو من الإدغام بغنّة ، والطاء في التاء من التجانس ، والإخفاء الشفوي أو الحقيقي…
وقد سهّل علينا علماء التجويد الكثير في هذا المجال إذ اصدروا عدّة طبعات من القرآن الكريم تشمل كافة أحكام التجويد الموضوعة على الحروف، ومن جملتها: تعرية الحرف من علامة السكون مع تشديد الحرف التالي يدل على الإدغام الأوّل في الثاني إدغاماً كاملاً ، نحو: أجيبت دّعوتكما ، يلهث ذّلك ، وقالت طّائفة ، ومن يكرههّن ، من رّب ، وان لم يعطوا ، من مّاء ، من نّعمة…
وتتابع الحركتين ( ضمتين أو فتحتين أو كسرتين ) هكذا ( ـٌ، ـً، ـٍ ) مع تشديد الحرف التالي يدل أيضا على الإدغام الكامل، نحو: خشبٌ مّسندة ، غفوراً رّحيماً ، حطةٌ نغفر…
بينما تعريه الحرف مع عدم تشديد التالي يدل على إدغام الأول في الثاني إدغاما ناقصاً، نحو: من يقول ، من وال ، فرَّطتم ، بسطت… أو إخفائه عنده ، فلا هو مظهر حتى يقرعه اللسان ولا هو مدغم حتى ينقلب من جنس تاليه، نحو: من تحتها ، من ثمره ، إنَّ ربهم بهم…
وتتابع الحركتين كالسابق مع عدم التشديد يدل على الإدغام الناقص أيضاً ، نحو: وجوهٌ يومئذٍ ، رحيمٌ ودود ، أو الإخفاء نحو: شهابٌ ثاقب ، سراعاً ذلك ، بأيدي سفرةٍ كرام…
بينما إذا وجدنا تركيب التنوين هكذا: (ـ ٌ، ـً، ـٍ ) يدل على الإظهار كما سيأتي تعريفه ، نحو: سميعٌ عليم ، ولا شراباً إلا ، ولكل قومٍ هاد…
2– الإظهار:
لغة: البيان والكشف.
واصطلاحاً: إخراج كل حرف من مخرجه من غير غنّة ولا وقف ولا سكن ولا تشديد في الحرف المظهر ، وحروفه ستة مجموعة في أوائل الكلمات التالية:
” أخي هاك علماً حازه غير خاسر “
أو من البيت: همزٌ فهاءٌ ثم عينٌ حاءٌ مهملتان ثم غينٌ خاءٌ
وبما إن هذه الحروف مخرجها من الحلق سمّي بالإظهار الحلقي موزعة على ثلاث مراتب: أعلاها الهمزة والهاء ، وأوسطها العين والحاء ، وأدناها الغين والخاء.
والعلة في إظهار النون والتنوين عند هذه الأحرف بعد المخارج بينهما ، فالنّون والتنوين مخرجها من طرف اللسان بينما الحروف الستّة من الحلق.
والإظهار الحلقي يكون في إبانة النون الساكنة أو التنوين إذا جاء بعدها أحد حروف الإظهار ، ويرد في كلمة وفي كلمتين، نحو:
حروف الحلق
|
مع النون الساكنة في كلمة
|
في كلمتين
|
مع التنوين
|
أ
|
ينْأون
|
منْ أحد
|
رسولٌ أمين
|
هـ
|
فأنْهار
|
منْ هاد
|
جرفٍ هار
|
ع
|
أنْعمت
|
منْ علم
|
سميعٌ عليم
|
ح
|
ينْحتون
|
منْ حسنة
|
عليمٌ حكيم
|
غ
|
فسينْغِصون
|
منْ غلّ
|
عزيزٌ غفور
|
خ
|
والمنْخنقة
|
منْ خير
|
قومٌ خصمون
|
حروف الحلق مع النون الساكنة في كلمة في كلمتين مع التنوين
أ ينْأون منْ أحد رسولٌ أمين
هـ فأنْهار منْ هاد جرفٍ هار
ع أنْعمت منْ علم سميعٌ عليم
ح ينْحتون منْ حسنة عليمٌ حكيم
غ فسينْغِصون منْ غلّ عزيزٌ غفور
خ والمنْخنقة منْ خير قومٌ خصمون
أسئلة حول الدرس
1- عرّف: الإدغام، الغنّة، التّنوين
2- كم حكماً للنون السّاكنة والتنوين ؟ تحدّث عن واحدٍ منها
3- ما هو الإظهار الشّاذ ؟
4- عرّف الإظهار الحلقي مع مثال توضيحي
للمطالعة
في معنى الترتيل3
ومن آداب قراءة القرآن الكريم التي تبعث على التأثير في النفس، ويجدر بالقارئ أن يراعيها، هو الترتيل في التلاوة، وهو كما في الحديث عبارة عن الحد الوسط بين السرعة والعجلة من جهة، والتأني والفتور المفرطين الموجبين لتفرّق الكلمات وانتشارها من جهة أخرى.
عن محمّد بن يعقوب بإسناده عن عبد الله بن سليمان قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن قول الله تعالى:
﴿وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا﴾.
قال عليه السلام:
“قال أمير المؤمنين عليه السلام: تبينه تبياناً (تبييناً. خ ل) ولا تهذه هذَّ الشعر ولا تنثره نثر الرمل ولكن أفرغوا قلوبكم القاسية ولا يكن هم أحدكم آخر السورة”4.
(أي لا يكن هدفكم ختم القرآن في أيام معدودة أو الإسراع في قراءة السورة والبلوغ إلى آخرها).
فالإنسان الذي يريد أن يتلو كلام الله، ويداوي قلبه القاسي، ويشفي أمراضه القلبية من خلال قراءته للكلام الجامع الإلهي، ويطوي مع نور هداية هذا المصباح الغيبي المنير، وهذا النور على النور السماوي، طريق الوصول إلى المقامات الأخروية والمدارج الكمالية، لا بد لهذا الإنسان من توفير الأسباب الظاهرية والباطنية والآداب الصورية والمعنوية. أما أمثالنا عندما نقرأ القرآن بعض الأحيان، فمضافاً إلى أننا نغفل نهائياً عن معاني الآيات الكريمة، وأهدافها السامية وأوامرها ونواهيها ووعظها وزجرها، وكأن آيات
3- من كتاب الأربعون حديثاً للإمام الخميني قدس سره ص560
4- أصول الكافي، المجلد الثاني كتاب فضل القرآن، باب ترتيل القرآن بالصوت الحسن، ح1، ص614
الجنّة ونعيمها، وآيات جهنم والعذاب الأليم، لا تعنينا، بل – نعوذ بالله – يكون انتباهنا وتوجّه قلوبنا عند قراءة الكتب القصصية أكثر من توجهنا حين تلاوتنا للآيات المجيدة، مضافاً إلى ذلك فإننا في غفلة حتى عن الآداب الظاهرية لقراءة القرآن الكريم.
وقد ورد في الأحاديث الشريفة، الأمر بقراءة القرآن بصوت حزين وجميل وعن أبي الحسن عليه السلام قال:
“ذكرت الصوت عنده فقال إن علي بن الحسين عليهما السلام كان يقرأ فربما مر به المار فصعق من حسن صوته، وإن الإمام لو أظهر من ذلك شيئاً لما احتمله الناس من حسنه”5.
ونحن عندما نريد أن نُري الناس صوتنا الحسن وأنغامه الجميلة، نلتجئ إلى قراءة القرآن أو الآذان، من دون تلاوة القرآن والعمل بهذا الاستحباب. وعلى كل حال إن مكائد الشيطان وأضاليل النفس الأمارة كثيرة، وغالباً ما يلتبس الحق بالباطل، والحسن بالقبيح، فيجب أن نلوذ بالله سبحانه ونعوذ به من هذه الأشراك والأفخاخ.
5- أصول الكافي، المجلد الثاني، باب ترتيل القرآن، ح4
2022-09-20