الرئيسية / من / طرائف الحكم / الكلمات القصار – الإمام السيد عبد الحسين شرف الدين

الكلمات القصار – الإمام السيد عبد الحسين شرف الدين

المرأة ومدرسة الزهراء عليها السلام

* في الظرف العصيب أسدينا إلى البلاد “مدرسة الزهراء” مؤسّسة على هدىً من الله عزّ وجلّ خوفاً على أمّتنا أن تتيه بناتها في صحراء العمه والضلال، وتطغى عليهنّ موجة الجهل المرير، فيغرقن في تلك اللجّة، ولا منقذ ولا متأثّر1.

 

* دع عنك عصراً يقحمهنَّ في مزالق الهاوية بخدعه وأمانيه، وهنَّ – عافاهنّ الله – على شفا جرف منها، يتكيفن بالتربية المعسولة المسمومة كيف شاءت2.

أردنا – بمعونة الله تعالى – أن نغزو تلك العقبات بعزم ثابت يؤيّده الله تعالى بندائنا هذا المدوّي عند افتتاح مدرسة الزهراء لنورد بناتنا المورد الهنيء الّذي أوردناه بنينا, لنخرج الفتاة معدّة لتربية مستقبل،

 

1- الموسوعة، ج 7، بغية الرّاغبين، تسلسل ص 3353.

2- الموسوعة، ج 7، بغية الرّاغبين، تسلسل ص 3353.
* وبناء جيل، كما يخرج الفتى من المدرسة الجعفريّة أهلاً لمثل ذلك. وهنيئاً لهذه الغاية الشريفة كؤوساً مترعةً تكرع من نميرها فتاتنا جرعات تعود عليها بالنفع المأمول3.

 

* وحاق بها جوٌّ عاتم، ثمّ نودي بإقفالها وخنقها في مهدها، ولكنّ ربّك كتب لها الحياة تلك السنة، فاقتحمت العقبات، وسارت حثيثاً تزخر بأسمى معاني الحياة، لا تعبأ بمحاربيها الأشدّاء، ولا بما يُفرش تحت أقدامها من المزالق، كأنّها مؤسّسة قديمة تعتمد على جهاد أمّة ومسعى بلاد4.

 

3- الموسوعة، ج 7، بغية الرّاغبين، تسلسل ص 3354.

4- الموسوعة، ج 7، بغية الرّاغبين، تسلسل ص 3354.

 

 

العلم والعلماء

* جاء في صحيح الأثر عن سيّد البشر صلى الله عليه وآله وسلم، “إنّ العلماء ورثة الأنبياء1. فبخّ بخّ للعلماء ما استنُّوا بسنن الأنبياء، وجروا على سننهم يدعون إلى الخير، ويأمرون بالمعروف، وينهون عن المنكر، ويجتهدون بالمشورة لأنفسهم ولأمّتهم، ويخلصون لله عزّ وجلّ في العبادة، وللعباد في الإرشاد والإفادة، وهذا هو النصح لله تعالى ولنبيّه ولأئمّة المسلمين ولعامّتهم وعليه كانت سيرة السلف من علماء الإماميّة في جميع الأقطار2.

 

* إنّ دولة العلم بالأحكام الإلهيّة ليست غير دولة الله – تعالى سلطانه – تصدع بأحكامه، وتشرح قواعده الّتي عليها المدار في الحياة الدنيا وفي الآخرة3.

1- الكافي، 1: 32، باب صفة العلم وفضله وفضل العلماء، ح 2؛ بحار الأنوار، 1: 164، ح 2، و 2: 92، ح 21.

2- الموسوعة، ج9، الخطب والرسائل، تسلسل ص 4515.

3- الموسوعة، ج 7، بغية الرّاغبين، تسلسل ص 3296.
* كانت العلوم الدينيّة وما إليها من المقدّمات والمبادئ غايةً من أسمى الغايات، يعتزّ بها الطالب في ذاته، ويعتزّ به أهله وسائر من إليه وفي ذلك من التشجيع ما يشتدّ به الإقبال، وتشدّ به الرحال4.

 

* إنّ للعلم سلطاناً امتدّت دولته على طول الزمان، محكمة الأصول، نافذة القول، تشرق على الأرض متلألئة الأضواء، مضمّخة الأرجاء بعصارات العقول، وخلاصات القلوب، فتضيء بسناها النفوس، وتضوع بشذاها الرؤوس، ويذكو برهافتها الحسّ، ويتخرّج من معاقلها أبطال الفضيلة ورجال الإصلاح من حملة الألوية الخفّاقة، وقادة الرأي الحصيف، يريشون الجناح المهيض5، ويرفعون المستوى الخفيض، قُدماً في مدارج الكمال، وتوقّلاً 6في معارج الرقي إلى حياة منعّمة ﴿لَّا لَغْوٌ فِيهَا وَلَا تَأْثِيمٌ7.8

 

* فالعلم نواة الحضارات، وهو حظّها في القوّة والظفر والحياة، وهو نفسه قياسها في التقدّم والتأخّر، والحكم والسيطرة، والسعادة والبؤس9.

4- الموسوعة، ج 7، بغية الرّاغبين، تسلسل ص 3287.

5- المهيض، من هاض العظم – يهيضه هيضاً: كسره بعد الجبور، تاج العروس، 180:10.

6- التوقّل: الإسراع في الصعود، لسان العرب 733:11.

7- سورة الطور، الآية: 23.

8- الموسوعة، ج 7، بغية الرّاغبين، تسلسل ص 3341.

9- الموسوعة، ج 7، بغية الرّاغبين، تسلسل ص 3341.
* ولئن اختلفت مظاهر الحياة، وظواهر الاجتماعات باختلاف العصور وتباين البيئات، فإنّ العلم بجوهره واحد في وجوبه وضرورته، يسعى إليه أُولو الألباب، ويؤثرونه في كلّ عصر، وتحت كلّ أُفق10.

 

* وأنتم لن تجدوا ديناً يفهم من أسرار العلم ما يفهمه الإسلام الحنيف، ولا تعاليم تأخذ بالأعناق إليه كتعاليم الكتاب والسنّة11.

 

* وإذا كنّا على عذرنا في عدم النشاط والنشر في زمن من الأزمان فإنّنا اليوم مقصّرون في الخلود إلى الراحة، وهو تقصير يعين القوم على الجهل، ويساعدهم على استمرار هذا الشقّة الّتي لا يليق استمرارها بين الإخوان12.

 

* أعظم ما يجب على طلبة العلم تطهير النيّة، وتصحيح القصد، وابتغاء وجه الله تعالى في الطلب، ومجالسة الروحانيّين الّذين يذكرون الله قياماً وقعوداً وعلى جنوبهم ويحذرون بطشه13.

10- الموسوعة، ج 7، بغية الرّاغبين، تسلسل ص 3341.

11- الموسوعة، ج 7، بغية الرّاغبين، تسلسل ص 3341- 3342.

12- الموسوعة، ج 7، بغية الرّاغبين، تسلسل ص 3435.

13- الموسوعة، ج9، الخطب والرسائل، تسلسل ص 4116.
عليكم برسالة شيخنا الشهيد الثاني أعلى الله مقامه في آداب المفيد والمستفيد، فإنّ فيها الشفاء من الأدواء كلّها14.

 

* أي بنيّ، اجعل أنت وإخوتك كلمة جدّكم أمير المؤمنين عليه السلام يقول: “قيمة كلّ امرئٍ ما يحسن”، هذه نصب أعينكم، واصغوا إليها بجميع جوارحكم، فإنّه ليس كلمة أحضّ على طلب العلم منها، كما اعترف به المخالفون، وشهدوا بأنّه سلام الله عليه لم يُسبق بها، وهي من الكلام العجيب الخطير، وقد طار الناس لها كلّ مطير، ونظمها جماعة من الشعراء إعجاباً وتكلّفاً بحسنها15.

 

* تعلّموا العلم لله ولا تبتغوا فيه سواه. فعن جابر، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: “لا تعلّموا العلم لتباهوا به العلماء، ولا لتماروا به السفهاء، ولا لتحتازوا به المجالس، فمن فعل ذلك فالنّار للنّار”16.

 

* أوصيكم بأن لا يكون غرضكم من المحاضرة والمناظرة والدرس والتدريس والكلام في مسائل العلم إلّا الاستفادة أو الإفادة مع الإخلاص لله في هذه العبادة17.

14- الموسوعة، ج9، الخطب والرسائل، تسلسل ص 4116.

15- الموسوعة، ج9، الخطب والرسائل، تسلسل ص 4118.

16- الموسوعة، ج9، الخطب والرسائل، تسلسل ص 4119.

17- الموسوعة، ج9، الخطب والرسائل، تسلسل ص 4124.
* إذا هجمت عليكم معضلة أو هجمتم على مشكلة، فاصبروا لحلّها صبر الأحرار، ولا يهولنّكم أمرها فتبلسوا، ولا تستصغروا فيها نفوسكم فتيأسوا، ولا تستخفّوا بها فيفوتكم العلم، بل أمعنوا النظر فيها، ومحّصوها بالبحث عن مكنونها، والتنقيب عن مخزونها حتّى تسبروا غورها، وتقفوا على كنهها18.

 

* اطلبوا العلم لله، ولا تقصدوا فيه إلّا إيّاه، وذلّلوا في طلبه العقاب، وروّضوا فيه الصعاب، وشمّروا له، وقوموا فيه على سابق، وأعيذكم بالله من الخيبة والفشل19.

 

* أقبل على الفقه بانبساطك، واسترسل إليه بأنسك، وتلقّاه – كما أوصيتك – بنفس طيّبة وأذن واعية20.

 

* اخفض لأستاذك جناح الصغار، وانظر فيما يلقيه عليك نظر اعتبار، شأن أهل البصائر الّذين لا يتّبعون غيرهم اتّباع الأعمى21.

 

* وحقّ على من ناطت الأمّة بهم ثقتها، وألقت إليهم مقاليد دينها أن يكونوا نقييّ الصدور، مأموني

18- الموسوعة، ج9، الخطب والرسائل، تسلسل ص 4124.

19- الموسوعة، ج9، الخطب والرسائل، تسلسل ص 4139.

20- الموسوعة، ج9، الخطب والرسائل، تسلسل ص 4139.

21- الموسوعة، ج9، الخطب والرسائل، تسلسل ص 4142.

 

الضمائر، ناصحي الدخائل، تتواطأ على الخير قلوبهم وألسنتهم، ويستوي في الإخلاص لله ولعباده غائبهم وشاهدهم، فلا يستوحش بعد ذلك أحد من ناحيتهم، ولا تحلّ الوساوس منهم في صدر أحد22.

 

* أي بنيّ, قد ترى بعض أترابك أو من هو دونك مبرّزين عليك, فائزين برهان السبق بالنسبة إليك, وما ذاك إلّا لأنّهم تعلّموا فيما مضى من أيّامهم دونك فلا تبتئس ولا تضجر, فإنّ المرء لا يولد عالماً, وإنّما العلم بالتعلّم كما قيل:

قد قيل قبلي في الكلام الأقدم        إنّي وجدت العلم بالتعلّم 23

 

* (أي بنيّ) إذا حضرتم لتلقّي الدرس عن أساتذتكم, أو إلقائه على تلامذتكم, أو البحث والتنقيب عن غامضة من غوامض المسائل مع قرنائكم, أو مع من هو دونكم, أو أعلى منكم فلا تكونوا في ذلك كالمستغني بما عنده, المعجب بنفسه, الطالب لعثرة يشبعها, أو هفوة يشنعها, فإنّ ذلك من فعل الأراذل الّذين تزدري بهم الناس إذا حضروا أندية العلم, وتُسقطهم من أعينها بمجرّد نطقهم, ويمقتهم الله لسوء مقاصدهم,

 

22- الموسوعة، ج9، الخطب والرسائل، تسلسل ص 4517 – 4518.

23- الموسوعة،ج9، الخطب والرسائل، تسلسل ص 4119.

 

ولا يفلحون أبداً, فجلوس هؤلاء في منازلهم أروح لأبدانهم, وأكرم لأخلاقهم, وأسلم لدينهم, وأقرب إلى رضا الخالق والمخلوق24.

 

* التزموا- أي أفلاذ كبدي- بأحد ثلاثة أوجه:

الأوّل: أن تصغوا إلى من يتكلّم في العلم بمجامع قلوبكم لتفقهوا ما يقول وأنتم ساكتون سكوت الجهّال, فتنالوا ثواب النيّة من الله تعالى والثناء عليكم بعد الفضول, وتحصلوا على كرم المجالسة ومودّة من تجالسون.

الثاني: أن تسألوا سؤال المستفيد أو المفيد أو الناشد ضالّته, فتحصلوا على ما ذكرناه وزيادة.

الثالث: أن تراجعوا مراجعة العلماء بأن تعارضوا المخاطب بما ينقض كلامه نقضاً يحكم به الإنصاف, فإن لم يكن عندكم غير الدعوى دليلاً وتكرارها سلاحاً فأمسكوا عن الكلام, فإنّكم لا تحصلون بكلامكم حينئذٍ على تعليم ولا تعلّم, بل على الغيظ لكم ولمناظركم, والعداوة الّتي لا يأمن العاقل منها على دينه ومجده25.

 

* إيّاكم وسؤال المعنت, ومراجعة المكابر الّذي يطلب

24- الموسوعة،ج9، الخطب والرسائل، تسلسل ص 4119.

25- الموسوعة،ج9، الخطب والرسائل، تسلسل ص 4123.

 

الغلبة بغير علم, فهما خلقا سوء, ودليلان على الوقاحة والفضول وضعف الدّين والعقول26.

26- الموسوعة،ج9، الخطب والرسائل، تسلسل ص4124.

 

العلم والدِّين

* ممّا نأسف له جدّ الأسف ضعف العناية بهذه الناحية – الناحية الدينيّة – في جميع الأوساط المدرسيّة, حتّى أوشكت أن تنصرف عنها جاهلة بما لها من حيويّة, وفضل ذلك أنّهم لا يعلمون أنّ الدّين منظّم للحياة على أكمل وجوهها, وهم يظنّون أنّ الدّين عبادات فقط, وذلك وهم باطل, فإنّما الدّين شريعة قانونيّة وعصمة للنفس وللمجتمع وللحياة كلّها من كلّ عيب أو فشل1.

 

* ونحن العرب والمسلمين لم نمنَ بهذا التأخّر إلّا حين تراجعنا عن الاستمساك بعرى الإسلام الوثيقة2.

 

* والمدرسة الجعفريّة إيماناً بفضل الدّين خصّته ببرنامج واسع يفهم طلّابها روحه, ويشربهم حبّه, ويقيمهم على أوزانه فيصقل نفوسهم, ويهذّب أرواحهم,

1- الموسوعة،ج9، الخطب والرسائل، تسلسل ص 4639.

2- الموسوعة،ج9، الخطب والرسائل، تسلسل ص 4639.

 

* ويحمّلهم رسالته السعيدة. والمسجد شعار هذه الروح, وصلاة الجماعة رمز اجتماع القلوب, وتأليف الأفئدة على خير المستقبل إن شاء الله تعالى3.

 

* هذا عصر العلم, عصر الإنصاف, عصر النور, عصر التأمّل في حقائق الأمور, عصر الإعراض عن كلّ تعصّب ذميم, والأخذ بكتاب الله العظيم, وسنّة نبيّه الكريم4.

 

3- الموسوعة،ج9، الخطب والرسائل، تسلسل ص 4639.

4- الموسوعة، ج3، الفصول المهمّة، تسلسل ص 978.
علماء السوء

* نبذ أولئك الدجّالون حكم الله وراء ظهورهم طمعاً في الوظائف، وحكموا بما تقتضيه سياسة ملوكهم رغبةً في المناصب، وأرجفوا في – المؤمنين، وفرّقوا كلمة المسلمين1.

 

* ولولاهم لتعارفت الأرواح، وائتلفت القلوب، وامتزجت النفوس، واتّحدت العزائم، فلم يطمع بالمسلمين طامع، ولم يرمقهم من النواظر إلّا بصر خاشع2.

 

* وا أسفاه استحوذ عليهم أولئك المفسدون الّذين ينحرون دين الله في سبيل الوظائف، ويضحّون عباده في طلب القضاء والإفتاء, فتناكرت بفتاويهم وجوه المسلمين، وتباينت بأراجيفهم رغائب الموحّدين، حتّى كان من

1- الموسوعة، ج3، الفصول المهمّة، تسلسل ص 1144.

2- الموسوعة، ج3، الفصول المهمّة، تسلسل ص 1144.

 

تفرّق آرائهم وتضارب أهوائهم ما تصاعدت به الزفرات، وفاضت منه العبرات. ولا حول ولا قوّة إلّا بالله العليّ العظيم3.

 

3- الموسوعة، ج3، الفصول المهمّة، تسلسل ص 1144.

 

شاهد أيضاً

في رحاب الولي الخامنئي – الإمام علي عليه السلام 04 \ 17

الفصل الرابع:   الحكم عند أمير المؤمنين عليه السلام مزايا الإمام أمير المؤمنين عليه السلام ...