من المسلم به أن الله ـ جلت أسماؤه ـ وطبق الفطرة الإلهية جعل المودة والرحمة والحب بين الرجل وامرأته، لكن بني آدم يوجهون أحياناً ضربة قاصمة لهذه المحبة والمودة بما يرتكبونه من أخطاء.
(ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجاً لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون) سورة الروم، الآية: 21.
يثبت الله المحبة في قلوب الناس إذا كانوا مترفعين عن سوء الظن، ورد القول، والتفوه بالكلمات النابية التي لا تليق.
وقد يؤدي الكلام النابي على قلته إلى ارتكاب ما عظم من الأخطاء، ويكون عاملاً مهماً في سحق المحبة التكوينية.
ولهذا أوصى الإسلام الرجال بإظهار المحبة لنسائهم، فقال رسول الإسلام (ص):
“قول الرجل لامرأته إني أحبك لا يذهب من قلبها أبداً”(4).
عليكم أن تضعوا سلوك أئمة الدين (ع) نصب أعينكم وتنتهجوا ما نهجوه من العفو والصفح طوال حياتهم.
فهذا الأمر يسهم بشكل جدي وأساسي في استحكام واستقرار نظام الأسرة وتربية الأبناء.
أنموذج من سلوك العظماء
كان المرحوم كاشف الغطاء ـ رضوان الله تعالى عليه ـ من كبار علماء ومراجع العالم الإسلامي في يوم من الأيام جالساً في محراب العبادة فمر به أحد المتسولين واقترب منه سائلاً إياه مقداراً من النقود، فلم يعطه، لأسباب يعرفها هو؛ فما كان من السائل إلا أن بصق في وجه المرحوم كاشف الغطاء.
وبعد هذا العمل الجريء قام ـ رضوان الله عليه ـ بالسير بين صفوف المصلين ليجمع مبالغ نقدية لهذا المتسول.
هذا هو نموذج للسائرين على نهج الأئمة المعصومين (ع)، لقد كان سلوكهم لا يقبل الشك والشبهة.
كذلك كان الإمام السجاد (ع) مثالاً حياً للعفو والصفح، يغض النظر فيه عن الكثير من اشتباهات وأخطاء وسيئات الناس، بل كان يفعل أحسن من ذلك، فيرد المسيئ بالإحسان إليه.
تذكير
أعزائي، رسخوا العفو في وجودكم ليكون ملكة لكم. تجاوزوا عن الأخطاء، غضوا الأنظار عن اشتباهات الآخرين، وأحسنوا الظن بهم.
ولا تكونوا كالذباب تسعون دوماً وراء نقاط الضعف تلوكونها بألسنتكم، بل عليكم أن تسعوا إلى كشف نقاط القوة واستعراض سلوك الآخرين الحسن، وخصوا بذلك بيوتاتكم.
فإذا صرتم هكذا لم يظهر خلاف، ولم يستعص حل مشكل.
والأهم من ذلك أن المولى ـ جل وعلا ـ يوم القيامة لن يفتح ما طوي من دفاتر أعمالكم وسيشطب بقلم العفو عن ذنوبكم.
أهمية الزواج في الإسلام
المنزل من الأماكن التي تتيح للإنسان حياة طيبة كريمة. وفيه يكتسب الرجل والمرأة كثيراً من الفضائل، ويجتنبا كثيراً من الرذائل. ولا نبالغ إذا قلنا إن المنزل كالجبهة يصنع الإنسان.
الزواج سنة رسول الله (ص)
إن شريعة الإسلام المقدسة أبدت عناية فائقة بالزواج فقال رسول الله فيه:
“ما بني بناء في الإسلام أحب إلى الله ـ عز وجل ـ من التزويج”(5).
وكذلك وصلنا متواتراً قول أمير المؤمنين (ع).
“تزوجوا، فإن التزويج، سنة رسول الله (ص)، فإنه كان يقول: من كان يحب أن يتبع سنتي، فإن من سنتي التزويج”(6).
لقد حث الإسلام الذكر والأنثى على الزواج المبكر وأكد أهميته، فقال الرسول الكريم (ص):
“النكاح سنتي فمن رغب عن سنتي فليس مني(7) وأحسن البيوت تلك التي استقبلت الزوجين”.
يجب ألا يمنع الفقر من الزواج
أكد الإسلام التزويج في كل مناسبة تسنح لهذا التوكيد، فقال تعالى:
(وأنكحوا الأيامى منكم والصالحين من عبادكم وإمائكم إن يكونوا فقراء يغنهم الله من فضله والله واسع عليم) سورة النور، الآية: 32.
يعني أنه يجب ألا يكون الفقر سداً مانعاً لعملية الزواج، فما هذا إلاّ وسوسات شيطانية إذا صدقناها أسأنا الظن بالله تعالى.
وسوء الظن بالله من المحرمات.
لقد وعد المولى سبحانه وتعالى عباده أن يفتح أبواب الرزق لمن أراد الزواج وكان فقيراً. وقد قال أبو عبد الله (ع): “من ترك التزويج مخافة الفقر فقد أساء الظن بالله ـ عز وجل ـ إن الله تعالى يقول: “أن يكونوا فقراء يغنهم الله من فضله”(8).
مباهاة الرسول (ص) بالزواج
إن الزواج وحفظ نسل المسلمين لهو من دواعي فخر ومباهاة رسول الله (ص) وفيه قال:
“تناكحوا وتناسلوا فإني أباهي بكم يوم القيامة ولو بالسقط”.
“تزوجوا فإني مكاثر بكم الأمم يوم غدٍ في القيامة حتى إن السقط يجيء محبنطئاً على باب الجنة، فيقال له: ادخل الجنة، فيقول: لا أدخل حتى يدخل أبواي الجنة قبلي”.
“تعلمون أني نبيكم، أتزوج، وآكل الغذاء اللذيذ وأخالط الناس، فمن رغب عن سنتي فليس مني”(9).
عدم الموانع في طريق الزواج
لقد أزاح الإسلام عن طريق الزواج موانع وسدود مهمة، فأقرّ الإسلام قلّة المهر، والجهاز المنزلي.
وفي الحقيقة أننا من سلوك النبي الأكرم (ص) والأئمة الأطهار (ع) ومسلمي صدر الإسلام نفهم بوضوح كيف أزاحوا العراقيل عن جادة الزواج.
لقد نبذ الإسلام العظيم الأساطير فألمح الرسول (ص) إلى ذلك بما مضمونه:
“سحقت الخرافات تحت أقدام الإسلام”(10)؛ زواج الرسول (ص) وذهاب ابنته فاطمة الزهراء ـ سلام الله عليها ـ إلى بيت الزوجية كلها دلائل تشير إلى أن الإسلام حارب الخرافات والجاهلية معاً.