من الواضح اليوم ان هناك طرفين يعلنان مساعدة العراق في حربه التي يخوضها ضد الإرهاب الدولي، الطرف الأول هو التحالف الدولي بقيادة أميركا وهو الطرف الذي خاطبه السيد العبادي بكل صراحة بقوله “ان كلامكم كثير ولكن أفعالكم قليلة” لأن هذا التحالف لم يكن جادا او حاسما في تنفيذ القرارات الدولية القاضية بتجفيف منابع الإرهاب المالية والفكرية والإعلامية كما لم يكن تدخله مؤثرا في المعركة لاسيما مع تردد أميركا في تنفيذ الاتفاقية الستراتيجية القاضية بتسليح الجيش العراقي والدفاع عن العراق في حالة تعرضه للخطر الخارجي.
اما الطرف الثاني الذي يساعد العراق فهي روسيا وبعض الدول ومساعيها الجادة في تسليح الجيش العراقي إضافة الى ايران التي تلعب دورا مؤثرا في تنفيذ القرارات الدولية في دعم العراق ضد الإرهاب الداعشي.
ما يميز التحالف الدولي – الأميركي انه يتعامل مع العراق على انه مجموعة مكونات ولطالما سمعنا ربط مسألة التسليح بالمصالحة الوطنية ولا ندري عن اية مصالحة وطنية يتحدثون، فالحكومة العراقية اليوم حكومة وحدة وطنية تشمل الجميع والبرلمان العراقي يمثل جميع مكونات الشعب العراقي والسلطات الثلاث على اعلى درجة من التنسيق والتعاون إضافة الى وحدة مجتمعية تمثلت بمقاتلة الإرهاب صفا واحدا من قبل ابناء الحشد الشعبي وأبناء العشائر في الكثير من المناطق السنية كالضلوعية والعلم والبغدادي.
اما الطرف الآخر من المعادلة فيقف الى جانب العراق دون اية شروط ويمده بالسلاح والعتاد لأنه يدرك فعلا بأن خطر “داعش” يهدد الجميع وان القضاء عليه مسؤولية المجتمع الدولي. وهناك حقيقة يجب ان نعترف بها وهي ان الحكومة العراقية تحاول الحصول على الدعم من جميع الأطراف ولكن قد يرى البعض بأن التحالف الدولي – الأميركي غير جاد بل غير صادق في قضية مكافحة الإرهاب وان نهاية “داعش” اليوم ليست من ضمن أولويات هذا التحالف وهناك الكثير من الأدلة التي تجعلنا نقول ذلك أهمها استبعاد روسيا وايران من التحالف وضم دول معروفة بدعمها للإرهاب بالمال والفكر والإعلام الى هذا التحالف ومنح الحرية لطائراتها بالتحليق في السماء العراقية بما يؤثر على تسريب المعلومات السرية عن مواقع القوات الأمنية والجيش العراقي.
وأخيرا فان كل من يراقب تنفيذ القرارات الدولية الأخيرة بتجفيف منابع الإرهاب يجد انها أكذوبة كبيرة فالحدود التركية مازالت مفتوحة للمقاتلين الأجانب وتنظيم “داعش” لا يزال يستخرج ويبيع النفط والارتال العسكرية الداعشية لا تزال تسير بحرية كبيرة من سوريا الى العراق تحت مرأى القوات الأميركية وطيران التحالف. كل هذا قد يجعل العراق امام خيار الاعتماد على الذات وعلى الدعم الدولي الصادق من روسيا وإيران ودول أخرى صديقة لتحقيق النصر كما حدث في جرف النصر وآمرلي وديالى وتكريت، فبالرغم من ان اميركا هي القوة الدولية الاولى في العالم الا انها تمتلك اجندة في العراق تريد من خلالها ان يبقى العراق في معركة استنزاف طويلة لثلاث سنوات كما قال اوباما.